2009/01/24

سيرة حياة مار شربل

سيرة حياة مار شربل
ولد يوسف انطون مخلوف سنة في بقاع كفرا (لبنان الشمالي ) . وتربى تربية مسيحية جعلته مُولِعَا بالصلاة منذ طفولته . مال إلى الحياة الرهبانية والنسكية متأثرًا بحياة الحبساء في وادي قاديشا .
وفي عام 1851 ، غادر أهله وقريته وتوجه إلى دير سيدة ميفوق لتمضية سنته الأولى من فترة الترهب ثمّ إلى دير مار مارون عنايا حيث انخرط في سلك الرهبانية المارونية ، مُتَّخَذَا اسم شربل ، أحد شهداء الكنيسة الأنطاكية في القرن الثاني . وفي أول تشرين الثاني سنة 1853 أبرز نذوره الاحتفالية في دير مار مارون عنايا ثم
اكمل دراسته اللاهوتية في دير مار- قبريانوس يوستينا كفيفان - البترون .سيم كَاهِنَا في بكركي، الصرح البطريركي الماروني ، في 23 تموز سنة 1859 .
عاش الأب شربل في دير مار مارون عنايا مدة ست عشرة سنة وانتقل بعدها نهائياً إلى محبسة مار بطرس و بولس التابعة للدير . كان مثال القديس والناسك ،
يمضي وقته في الصلاة والعبادة وَنَادِرَا ما كان يغادر المحبسة وفيها نهج منهج الأباء الحبساء القديسين صلاة وحياة وممارسات .
عاش الأب شربل في المحبسة ثلاثاً وعشرين سنة وتوفاه اللّه وهو يحتفل بالذبيحة الإلهية في 24 كانون الأول سنة 1898حيث دفن في مدافن دير مار مارون عنايا.
غداة وفاته ، ظهرت حول القبر أنوار ساطعة فبعد أشهر قليلة نقل جثمانه الذي كان يرشح عرقاً ودماً إلى تابوت خاص . وهناك بدأت الجموع من الحجاج تتقاطر تلتمس شفاعته . وبشفاعته هذه انعم اللّه على الكثير في بالشفاء وبالنعم الروحية .
وفي عام 1925 رفعت دعوى تطويبه واعلان قداسته إلى البابا بيوس الحادي عشر. وفى عام 1950 فتح قبر الأب شربل بحضور اللجنة الرسمية مع الأطباء فتحققوا من سلامة الجثمان . وبعد أن تمّ فتح القبر تزايدت حوادث الشفاء المختلفة بصورة مفاجئة ومذهلة وتقاطرت عندها جموع الحجاج على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم الى دير عنايا تلتمس شفاعة القديس .
وتخطت المعجزات حدود لبنان . وما مجموعة الرسائل والتقارير المحفوظة في سجلات دير عنايا سوى دليل واضح على انتشار قداسة شربل . ولقد احدث هذه الظاهرة الفريدة انقلاباً في الأخلاق ورجوعاً إلى الأيمان واحياء للتضاؤل في النفوس . واصبح الضريح الحقير الذي يضم جثمان الأب شربل القطب الذي يجذب إليه الناس على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم ، وقد تساوى الجميع أمامه بالخشوع والابتهال دون تفريق في الدين أو المذهب أو الطائفة كلهم هناك أبناء الله يدعون . .
في عام 1954وقّع البابا بيوس الثاني عشر قرار قبول تطويب الحبيس شربل مخلوف. وفي 5كانون الأول سنة 1965، رأس البابا بولس السادس حفلة تطويب الأب شربل أبان اختتام المجمع الفاتيكاني الثاني .
وفي عام1977 وقّع البابا بولس السادس قرار إعلان قداسة الطوباوي شربل ، ثمّ كرست هذه القداسة في احتفال عالمي في 9 تشرين الأول سنة 1977.
ومن بين العديد من العجائب المنسوبة إلى شفاعة رجل اللّه ، انتقت الكنيسة أعجوبتين لاعلان التطويب وثالثة لاعلان قداسته .
- شفاء الأخت ماري ابل قمري من راهبات القلبين الاقدسين . كانت قد أصيبت بداء القرحة وعانت من الآلام اشدها طيلة أربعة عشر عاماً أجريت لها عمليتان جراحيتان . شفاها اللّه بشفاعة الأب شربل في 12 تموز 1950 في عنايا .
- شفاء اسكندر نعيم عبيد من بعبدات . وكان قد فقدت إحدى عينيه البصر سنة 1937 فنصحه الأطباء بقلعها حرصاً على العين السليمة . وبشفاعة الأب شربل استعاد بصره سنة 1950 .


مار شربل
1828-1898

8 أيار 1828 ولد يوسف أنطون زعرور في بقاعكفرا
16 أيار 1828 تعمّد في كنيسة السيدة
8 آب 1831 توفي والده انطوان زعرور مخلوف
1851 دخوله إلى الرهبانية في دير سيدة ميفوق
1852 انتقاله إلى دير مار مارون عنايا
1/10/1853 نذره النذور الرهبانية في عنايا
1853 انتقاله إلى دير كفيفان لمتابعة دروسه اللاهوتية
32/7/1859 سيامته كاهنا في سيدة بكركي
1859 إقامته في دير مار يعقوب دوما مدّة ستة أشهر
1859 إقامته في دير عنايا 16 سنة
15/2/1875 دخوله المحبسة 24 سنة
2/6/1875 وفاة والدته بريجيتا الشدياق
16/12/1898 مرضه بداء الفالج في المحبسة
24/12/1898 وفاته في المحبسة ودفنه في دير عنايا
23/12/1925 تقديم دعوى تطويبهمع رفقا والحرديني
8/5/1950 ظهوره في صورة عجائبية في ذكرى مولده
5/12/1965 إعلانه طوباويّا
9/10/1977 إعلان قداسته


بلدة بقاعكفرا
أجمل قرى لبنان جارة الأرز ووادي القديسين وأعلى قرية مأهولة في لبنان والشرق(1750مترا عن سطح البحر)
من هذه المنطقة المتواضعة التي احتضنت تاريخ مجد لبنان وعظام وذخائر القديسين والحبساء والنساك والرهبان أطلّ مار شربل من بلدته بقاعكفرا قديسا للبنان وللعالم فأصبحت بلدته مسقط رأسه مزارا دينيا يؤمّه المؤمنون من كل حدب وصوب ومن كل دين وطائفة ومن كل مذهب وعقيدة
وتحوّل بيته إلى دير من أديار الرهبانية اللبنانية المارونية وكنيسة عماده إلى مزار ومدرسته في دير مار حوشب إلى مكان خلوة وعبادة ومغارة محبسته الأولى إلى دير للراهبات اللبنانيات المارونيات
في بلدته بقاعكفرا عاش مار شربل 23 عاما أمضاها بالعبادة والصلاة مثل أبناء بلدته
بقاعكفرا البلدة المنسيّة أصبحت مع القديس شربل محطّ الأنظار ومحور اهتمام طالبي شفاعة مار شربل والدول الأوروبية لجعل بلدة مار شربل بلدة عالمية نموذجية
وحيث يذكر اسم القديس شربل تذكر بلدة بقاعكفرا.

بيت مار شربل
البيت الذي ولد فيه مار شربل بتاريخ 8 أيار 1828 وقد اشترته الرهبانية سنة 1953 على يد الأب جبرايل سكّر من ورثة القديس شربل ويعود بناء هذا البيت إلى أكثر من 300 سنة فحافظت عليه الرهبانية على ما كان عليه مع إضافة بعض الترميمات لحفظه
ويحتوي بيت مار شربل على:
- متحف فيه تماثيل للمسيح ورسله الأثني عشر ولعائلة القديس شربل
- معرض طابق سفلي فيه أدوات زراعية من أيام مار شربل
- معرض طابق أول فيه حياة مار شربل بالصور للفنان وأدوات حرفية من نجارة وسكافة وبناء وأدوات منزلية يعود معظمها إلى الجيل اثتامن والتاسع عشر

كنيسة عماد مار شربل
إن كنيسة السيدة القديمة هي كنيسة عماد مار بل ولا يزال جرن العماد الذي اعتمد فيه بتاريخ 16 أيار1828 محفوظا فيها وهي الكنيسة التي قبل فيها مار شربل سرّ التثبيت وقربانته الأولى وكان يمارس فيها واجباته الدينية
أما كنيسة السيدة الحالية فقد بنيت فوق الكنيسة القديمة سنة 1925 .

مدرسة مار شربل
لا يعرف بالتأكيد زمن بناء دير مار حوشب لكن من المؤكد أن بناءه تزامن مع وجود الموارنة في الوادي المقدس وإن أقدم تايخ مكتوب عن هذا الدير يعود بحسب الدويهي في كتابه تاريخ الأزمة
فما أن تدرّج مار شربل على السير مع أمّه بريجيتا إلى كنيسة السيدة حتى فقد والده أنطون زعرور بتاريخ 8آب 1831 وكان الطفل يوسف في الثالثة من عمره فكفله عمّه مطانيوس وأرسله إلى مدرسة مار حوشب حين بلغ سن المعرفة حيث تدرّج على تعلّم القراءة والكتابة وعلم الحساب واللغة السريانية والصلوات فبرع في دروسه
ويقيم في الدير اليوم شابين ناسكين من بلدة بقاعكفرا يعيشان على مثال مار شربل ويجمعان الشبيبة ليقيموا الصلوات حتى بات دير مار حوشب مكان خلوة وصلاة.


محبسة مار شربل
إن مغارة مار شربل التي جعلها طيلة 23 سنة مدّة إقامته في بقاعكفرا كانت بمثابة محبسته الأولى قبل محبسة عنايا حيث كان يمضي ليرعى بقرته وخرافه.
وقد اشترت راهبات مار سمعان التابعات للرهبانية اللبنانية المارونية المغارة من المونسنيور أنطون مخلوف ليجعلن منها مزارا دينيّا ومكان تأمّل وعبادة.

2009/01/15

طفل مقابل طفل

طفل مقابل طفل

على يد هيرودس عام 2000
والطفولة دائما هي ضحيّة المجرمين
طفل مقابل طفل … تهديد ليفي اليهودي بتاريخ 23 شباط 2000 ليس بغريب عن أحداث جرت منذ ألفي عام حين مولد المسيح …وراحيل لا زالت تبكي على بنيها وتأبى التعزية.
وإحراق الأرض وقتل من يسكنها حتى الأطفال والنساء والبهائم هي من أسس تعاليم التوراة ومن صميم أخلاقية شعب يهوه.
طفل مقابل طفل…
شريعة موسويّة جديدة كما السنّ بالسنّ والعين بالعين…
وثارت ثائرة اليهود في مجالسهم على هذه المعادلة اللايفيّة (نسبة إلى ليفي) لأن بها يفنى اليهود من العالم ويبقى من العرب تسعة أضعاف مضاعفة ويكون ليفي خدم بذلك لا هتلر والشعب الألماني وحسب بل والعرب أيضا وخاصة الفلسطينيين.
والغريب في البيبليين والتوراتيين أنه حين التكلّم عن أن المسيح أبطل العهد القديم كما يبشر بولس الرسول تثور الثائرة بحجّة الوحي السياسي والعسكري! ويريدون أن يبقى الناس مربوطين إلى معلف توراة موسى ومرتبطين بالرب الذي يظهر وكأنه جندي في معسكر يشوع بن نون وبالإله الذي يبيح قتل الأطفال وسبي النساء وإبادة الشعوب والحيوان والمزروعات والشجر.
وقد نقض المسيح شريعة السن بالسن والعين بالعين هذه بوصية المحبّة والمسامحة والغفران. وبقوله: من ضربك على خدّك الأيمن أدر له الأيسر… وبترداده الدائم: قيل لكم… أمّا أنا فأقول…
وما قول المسيح : جئت لأكمل الكتب والأنبياء. إلا لأنه بمجيئه في تمام الزمن كان كمال هذه الكتب وبكمالها انتهاء دورها وليكمّل مشيئة أبيه السماوي لا شريعة موسى.
وليبدأ بالمسيح نفسه عهد المصالحة مع الله وما بين الناس والسلام على الأرض.
وها هو دايفيد لايفي حفيد قتلة الأنبياء بمناداته طفل بطفل ونفس بنفس ودم بدم يعيد إلى الأذهان المنطق الموسوي من عن منبر الكنيس اليهودي وعلى شاشات الإعلام العالمي وعلى رمية قذيفة منه يصلي بابا روما في مصر من أجل السلام في العالم وفي الشرق وخاصة في مدينة السلام القدس ملتقى الأديان السماوية.
ألم يقتل موسى أبكار المصريين ويسرق ذهب وحليّ نسائهم ؟
وبعده يشوع بن بون يبيد شعوب بلاد كنعان ليرث الأرض التي مسحها الله للشعب اليهودي وكأن الله موظف في الدوائر العقارية حتى يوزع على أسباط إسرائيل الأرض التي أباح لهم قتل ملوكها وإفناء شعوبها بحد السيف بحسب قول الرب: فالرب إلهك يعبر أمامك وهو يبيد تلك الأمم من أمامك فترثها. إن الرب رجل حرب!
الرب يحارب عنكم وأنتم هادئون.
الرب إلهكم هو المقاتل عنكم.
و يأمر الرب اليهود ليقتلوا كل ذكر في أرض مدين وليسبوا أطفالها ونساءها وليغنموا جميع بهائمها ومواشيها وأموالها وليحرقوا بالنار جميع مدنها… فقتلوا كل ذكر من الأطفال وقتلوا كل امرأة عرفت مضاجعة… وأما إناث الأطفال فاستبقوهنّ لهم.
وقال الرب: ومدن الشعوب التي يعطيك الرب إلهك فلا تستبقِِ منها نسمة بل أبدهم إبادة.
هؤلاء الذين ذبحوا أولاد المصريين وسرقوهم وأبادوا شعوب أرض كنعان وقتلوا أبناء كفربرعم وكفرياسين وقصفوا أطفال قانا لبنان بطائراتهم ينادون من على منابر الإعلام طفل بطفل ودم بدم .
نيرون جديد يستهويه حرق لبنان الذي حرّمه الله على موسى...
وهيرودس المعاصر، مغرم بقتل الأطفال، مع إطلالة الألف الثالث كما أحرق نيرون روما ونحر هيرودس أطفال بيت لحم.
هذا الشعب الذي قتل الأنبياء والرسل وصلب المسيح مردّدا دمه علينا وعلى أولادنا لن يعفّ عن قتل الأطفال والنساء والشيوخ والعزّل ولم تتبدّل طبائعه.
منذ نشأته وحتى اليوم لا يزال يستهويه الدم والدمار والخراب … متباهيا بأنه شعب قتلة الأنبياء وراجم رسل السلام والمحبّة.
طفل مقابل طفل…
شعار جديد لمنظمات الأمم المتّحدة تضيفه على شعارات الطفولة صدر عن مهووس استبدل أضاحيه التي لا يمكنها أن تغسل خطاياه بالطفولة البريئة التي تزبد في تأنيب ضميره.
هؤلاء هم النازيون الجدد والعنصريون المعاصرون الذين يستبيحون كل وسيلة قتل وغدر حتى لأصدقائهم الذين تنتهي، في لعبة الحرب، أدوارهم.
هذا الشعب الذي صلب المسيح وحارب النبي و يقتلكم كل يوم ويقاتلكم في ما بينكم كيف تمدون له يد السلام وتتسابقون لتمريغ كرامة شعوبكم بمعاهدات إذلال على حساب الطفولة البريئة وتعطونه شهادة حسن سلوك في مدرسة الأمم.
لا بل ويطل علينا اكبر حاخامات اليهود" ميرلاو" مع أول آذار مطالبا بكل قحة إدانة البابا بيوس الثاني عشر، طالبا من البابا يوحنا بولس الثاني الاعتذار عن مجزرة هتلر لليهود الوهمية، وكأن البابا الذي برأ اليهود من صلب المسيح هو محرّك مجازر"الهولوكوست" وقائدها.
لقد قلب اليهود مفاهيم المنطق وأظهروا للعالم بأنهم الضحية وبأنهم مغبونون محرومون مظلومون في حين أنهم هم الجزارون. وبأن العرب يريدون إغراقهم في البحر في حين أنهم يغرقون الشرق بالدماء والدمار والظلم والظلمة… ويتباكون بدموع التماسيح ويضحكون بأنياب الذئاب ويبقى الحمل الرضيع الضحية.
انزعوا عن عيوننا برقع موسى حتى لا نبقى نجرّ خلفنا تاريخا مكتوبا بدماء الأبرياء وحتى لا تبقى الطفولة مهدّدة من شعب بدون إله.
مجلة الأميرة عدد 2 نيسان- أيار 2000.
الأب جورج صغبيني

2009/01/08

25 أيار التحرير

ذكرى 25 أيار التحرير

إن تحرير تراب الوطن من الاحتلال
يسبقه تحرير النفوس من الخوف
وتحرير القلوب من القهر
وتحرير الأفكار من الدونيّة
وتحرير التاريخ من الذلّ
وتحرير الجغرافية من الغرباء…

إن الداخلين إلى الوطن بدون إذن ظالمون
والخارجين منه بدون موعد أذلاّء.

التحرير
هو عودة ما سلخ عن الوطن إلى حضن الوطن
هو عودة التائه والضائع إلى أهله وبيته
هو عودة المغرّر به إلى رشده ووعيه
عيدٌ ؟
بأي حال عدت يا عيد
وأي عيد أن يعود التراب بدون الشعب
وأي عيد أن يبقى شعب بدون وطن
وأي عيد أن يبقى الوطن بدون شعبه
وأي عيد أن يُستبدل الوطن بوطن
أوأن يُستبدل الشعب بشعب.

25 أيار ‍‍
عيد من ؟
هل هو عيد الجنوب
أم عيد الوطن كلّ الوطن
وعيد تحرير الأسرى
وعيد فكّ القيود
وعيد تحطيم الأغلال.
أم هو أيضا
عيد رفع راية الأرز
علم الأعلام
وراية الرايات.

عيد بسط سلطة الدولة والقانون
حتى لا يقهر ضعيف
ولا يُظلم مظلوم
ولا يُغبن ذو حقّ.

هل التحرير
هو نزع سلطة لقيام سلطة
على أرض
كانت خارجة عن قانون الشرعية
لتصير خارجة عن شرعية القانون؟

هل التحرير
هو تكفير الآخرين
أو التهديد بذبحهم في أسرّتهم
أو سبيهم
أو أسرهم في معتقل الوطن
بعد أن كانوا أسرى في معتقل الأعداء.

هل التحرير هو تحرّر الوطن من شعبه ؟
أو تحرّر الشعب من وطنه؟
لا
بل التحرير هو
أن تعلن سنّة الرب
وشريعته الرحمة
وتبشّر المسبيين بالإطلاق
والأسرى بالحريّة
والمساكين بالإنعتاق…

25 أيار يوم التحرير
فمتى يتمّ هذا التحرير
ومتى يصير هذا العيد عيداً؟
أليس في تحرير الجولان
وفي تحرير فلسطين
وفي تحرير القدس
وفي تحرير العرب.

متى يكون 25 أيار الجولان
و25 أيار فلسطين
و25 أيار القدس
و25 أيار العرب؟

وإن تأخر الزمن عندكم
فخذوا المقاومة من لبنان
لتحرّر لكم
ما أنتم عنه عاجزون
فتستعاد إلى كل وطن
سيادته وحريته واستقلاله
وقبلته.

مجلة الأميرة عدد 8 – حزيران 2001

الأب جورج صغبيني

يوميات سجين في وطن بلا حدود

يوميات سجين في وطن بلا حدود

ليست هذه يوميات سجين
من خلف القضبان الفاصلة
بين ثمرة معرفة الخير والشرّ .
وبين شجرة الحياة
وأرض الشوك والقطرب .
وعرق جبين الكفاف
وألم مخاض الولادة.

سجين في خلايا الجسد
قابع في زنزانة الإنفراد
قضبان عظمية تسجنه
بانتظار يوم الدينونة
ليجد نصيبه
مع خراف آل اليمين الخيّرين
أو مع جداء آل اليسار الأشرار.

سجين حامل في رأس خابية جسده
سراج زيت أعماله
مستعدّ ومتأهب
بانتظار وصول العريس
الحامل بيديه المذرى
ليفصل القمح إلى الأهراء
والتبن يلقيه مع الزؤان في النار...

ليست هذه يوميات أديب
ما بعد الممات
راقد في ظلمة المقابر
وورثته يأكلون ثمار تعبه.

ولا هي يوميات سياسي
يبرّر أخطاء أيام ولاية حكمه
بخطاب اعتذار
ممّن كان سببا بموتهم
ذبحا على الهوية
أو أشلاء بسبب انفجار
أو قنصا
أو تهجيرا...

ولا هي يوميات مهاجر عن الوطن
ومهجّر في الغربة
لأنه أصبح غريبا في أرضه ووطنه.

ولا هي بشارة أو لعنة
من السماء لأهل الأرض.
فقد ورثها البشر عن جدّهم آدم

بل هي كلام
من القلوب الطيّبة
إلى القلوب القاسية
ومن الحملان الوديعة
إلى أنياب الذئاب
ومن شريعة الحبّ
إلى الشرائع الظالمة
وإلى القوانين الخارجة على القانون
التي تعمل على جعل أهل الأرض أكثر ظلما
وتزيد من ألم الشوك في الجراح
وتزيد من وجع مخاض ولادة الكلمة
بسجنها في رحم الفكر
وتزيد من مذاق مرارة عرق الجبين
وتبقى الأرض
سجن الذين لا رجاء لهم فيها...

من خلف قضبان حدود الحلم
ينتظر الذين عندهم رجاء بالغد
من أجل وطن أفضل
يستحقـّه شعب هذا الوطن،

لا هو مدينة فاضلة
ولا هو روما نيرون،

لا هو أورفليس جبران
ولا هو ظلامة الأتراك،

لا هو جنّة أنهار لبن وعسل،
ولا هو جهنّم النار والكبريت.

بل هو أمل بغد أفضل
للأطفال
بأن لا يُجهَضوا أجنّة
ولا يشيخون في عمر الطفولة
ولا تكون الأمراض رفيقة عمرهم
ولا يموتون جوعا
ولا تسحقهم آلات الحروب
ولا تتحول دماؤهم خمرة
في عرس قانا فلسطين والعراق وباكستان ولبنان...

بل هو أيضاً أمل للشباب بالحياة
فلا تفرزهم الشعارات إلى حظائر بشرية
وحظائز الزعامات والعائلية
وحظائر الأحزاب والطائفية
وحظائر السحنة واللغة
وحظائر الأديان والأوطان
حيث يقتل الأخ أخاه
ويبغض الأب إبنه
وتثور الإبنة في وجه أمها
وتصبح الأرض لا عبورا...
بل غاية الذين لا رجاء لهم،

أرض غابة
يقتل فيها القوي الضعيف
ويذبح فيها الجزار الجمل
ويبيع فيها التاجر امرأته
وتسود في الأرض،
شرائع وقوانين الغاب
ويصبح البشر عبيدا للعبيد...

وحده الإنسان يجمع المتناقضات في ذاته
فلا يكون ملاكا بلا رحمة
ولا يكون شيطانا بلا توبة.

فالأرض ليست سماء
والأرض ليست جحيما.

فالإنسان يمكنه تدجين ما فيها
ويمكنه جمع تناقضاتها...

فالطبيعة تسير في توازنها
في ليلها ونهارها
في فصولها وأيامها
في دفئها وصقيعها
لإعطاء الإنسان كفافه وحاجته
دون إفناء أو إبادة...

وحده الإنسان
غريب الطبع
يحصد من دون أن يزرع
ودون أن يكفي جشعه
رغم أن جوفه لا يتّسع لكلّ طيبات الأرض
يتفنّن بأنواع الإبادة
شعوبا وحضارات
أجناسا وأنواعا
ويحسب أنه باستنساخها
يعوّض توازنها
فإذا بها تلد له التوائم من الفشل...
...
هذا الإنسان
الذي يتحوّل إلى مجموعات معلـّبة
في تفكيره وسلوكه
في مأكله ومشربه
يسير نحو تغليف فساد أخلاقه
بثياب وحلى وعمليات تجميل
لا تستر عيوب قبحه
ويغلـّف بالعطور والطيوب
نتانة قلبه...

فهل تكفي الكلمة
لتبدّل ما في الناس؟
فحتى ولو شاء ربّك... إذا هم لم يبدّلوا ما في نفوسهم...!

9/1/2009
الأب جورج صغبيني

الكلام المباح



الكلام المباح
إلى شعب لبنان الصامت
إلى شعب لبنان الذي لا يُسمع صوته
إلى الذين لجمت أفواههم عن التعبير
والذين لا طائفة لهم ولا حزب يطالب بحقوقهم
إلى رؤساء أحزاب وزعماء طوائف وطني
الذين لهم آذان ولا يسمعون
ولهم أعين ولا يبصرون
ولهم قلوب ولا يحبّون ولا يرحمون
لا وطني
ولا شعب وطني
هم زعماء مزارع طائفية
ومزارع حزبية
يقودون شعب وطني إلى مسالخ الحروب
يجعلونهم يتقاتلون
ويتذابحون
من أجل شعارات فارغة
من أجل ألوان باهتة
من أجل أن يبقوا هم في مراكزهم وعلى كراسيهم
يحرقون وطني
يفقدونه شبابه
ويزيدون عدد أيتامه وأرامله
...
وما شأنهم بما يحدث في الشوارع
فالشوارع بمظاهراتها تحميهم
إنها خط الدفاع الأول عنهم
وشباب وطني سواتر بشرية
يحتمي خلفها زعماء هذا الوطن
...
فمتى يتكلم شباب الوطن
ويصبح كلامهم مباحا
في صناديق الإقتراع
وعلى مقاعد الجامعات
وفي كلّ الشوارع
...
ليبدّلوا واقعهم
ويغيّروا مستقبلهم
فيختارون زعماء يعملون من أجل هذا الوطن
ومن أجل مستقبل شباب هذا الوطن
فتكفّ حينها شهرزاد عن الكلام المباح.

9-1-2009
الأب جورج صغبيني