2014/12/12

جبران تويني ذكرى وقسم الأب جورج صغبيني

جبران تويني ذكرى وقسم

في ذكرى اغتيالِ الشهيد جبران تويني، احتفالٌ بالوكالة في كنيسة مار متر في الأشرفية، للذي أحب وطنَهُ ومن أجِله انضمّ إلى قافلة الشهداء، لأنه عرف أن شعلة شهداء الوطن يلزمها دم لا ماء، وحبر أحمر لا حبر حداد على الراية البيضاء التي كنّا نقرأ قسمه ويمنه عليها.

جبران تويني باق إلى أبد الآبدين لا في قلوبنا فقط،
بل وستبقى كتاباتك محفورة في ذاكرة الوطن.

الوفاء لقسم جبران الصوت الصارخ،
الذي تحدى الموت بالكلمة،
فبقي وبقيت الكلمة رغما من الإغتيال.

الثاني عشر من كانون الأول من كل عام بات ذكرى،
ولكن الذكرى أقوى من الزمن،
لأن كلّ مرّة نسمع إسمك، أو نقرأ لك، أو تمرّ صورتك في البال، تكون حاضراً.

تسع سنوات مرّت كحلمٍ،
وستمرّ سنوات،
وسيبقى الديك يصيح ليُطلع النهار.

سَكَتَتْ الأصوات،
ولكنّ صوتك لا يزال يصدح صداه بالحق، بالقسم الذي بات صلاة:
نقسم بالله العظيم مسلمين ومسيحيين أن نبقى موحدين دفاعا عن لبنان العظيم.

في ذكراك التاسعة،
وفي كلّ ذكرى،
تحيّة للذي غلب الموت بالكلمة.

تحيّة لكَ جبران،
وسنبقى نحبّك إلى أبد الآبدين...

 

2014/11/22

الإستقلال من دون رئيس الأب جورج صغبيني

الإستقلال من دون رئيس

ان الاستقلال هذا العام يأتي في ظل اوضاع متأزمة بين الطوائف والمذاهب والأحزاب والتمديد للمجلس النيابي قد عصفت بلبنان وأطاحت بمفهوم الاستقلال والسيادة وتكاد ان تحول لبنان الى دولة فارغة من مفهوم الدولة وخارجة عن العمل القانوني والأنتماء الوطني الذي يتغنى به كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومعتقداتهم اذ لكل منهم علمه وشعاره ومبادئه ومفهومه للإستقلال. فأي عيد استقلال هو هذا العيد...
93 عاما على إعلان دولة لبنان سنة 1920
و88 سنة على انتخاب أول رئيس للجمهورية اللبنانية عام 1926
و71 عاما على نيل لبنان استقلاله في 22 تشرين الثاني 1943
ولا يزال مهمشا مسروقا يرزح تحت الاحتلال والهيمنة الداخلية التابعة للخارج بفعل ابنائه الذين اوصلوه الى هذه الأوضاع الصعبة والمذرية.
ولبنان لا يزال من دون إستقلال
…بل هو في استغلال دائم من حكم الطوائف والأحزاب التي يتألف منها
وفي استغلال دائم من الدول المجاورة له والبعيدة جغرافيا عنه
لأن شعبه لا يزال بولائه مرتهن للغرباء ولم يصبح يوما شعب هذا الوطن.
22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014
يعيّد لبنان ولأول مرّة من دون رئيس للجمهورية
يعيّد لبنان في فراغ قصر رئاسة الجمهورية في بعبدا من دون رئيس للجمهورية
يعيّد لبنان عيد الإستقلال بوكالة، مجلس الوزراء مجتمعا، بديلا عن رئيس الجمهورية
ماذا نقول لأطفالنا في يوم عيد إستقلال لبنان من دون رئيس للجمهورية
ماذا نقول لهم عن كذبة تحقيق الإستقلال وإجبار الفرنسيين على مغادرة البلاد، القصة الرسمية التي ترد في كتب التاريخ والتربية الوطنية في لبنان.
وماذا نقول لهم عن البطولات والتضامن الوطني وتوحّد النجادة والكتائب وابطال بشامون وغيرهم... من الأبطال المقدسين.
أية قصائد وخطابات ومقالات نتسابق بتمجيد لبنان بها.
الإستقلال “يا طفل لبنان” هو ان تكون حراً في بلدك، وان يكون بلدك سيد قراره، بعيد عن الأحلاف بإختلافها، وان تكون الطبقة السياسية قد وصلت الى الحكم بطرق غير ديمقراطية بل بفعل الدم وبفعل المال وتكريساً لمحاصصة طائفية وسياسية...
الإستقلال ان تعيش عيشة كريمة، لا يتحكّم بك ولا يضربك زعيم لأنه يمتلك حصانة منك أنت الشعب اللبناني...
الإستقلال هو ان يكون لك حدود واضحة.
الإستقلال هو ان ترفع صوتك وتطالب بحقك بعيشة كريمة في لبنان، قبل ان تناضل من أجل فلسطين والعراق...
الإستقلال هو ان لا يبيع وطنك التاجر، ولا يأكل تعب جبينك الفاجر.
الإستقلال هو ان تعيش في وطن خالِ من طوائف وميليشيات جعلت من وطنك أوطانا طائفية وحزبية.
الإستقلال اللبناني ليس تحريراً جغرافياً فحسب، بل هو التحرر من قيود الجهل والطائفية والفساد والتبعية وتصوير أشخاص على هيئة رموز تماثيل ممنوع مسّها وضربها بالبيض الفاسد والبندورة المهترئة... وحتى بالكلام المباح.
ختاماً، الإستقلال اليوم هو يوم عيد الإستغلال من قبل السياسيين تجار هيكل البرلمان.
دستور الجمهورية اللبنانية
مقدمة الدستور
أ- لبنان وطن حر مستقل، وطن نهائي لجميع أبنائه، واحد أرضا وشعبا ومؤسسات في حدوده المنصوص عنها في هذا الدستور والمعترف بها دوليا.
د- الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية.
الفصل الرابع السلطة الإجرائية
أولا: رئيس الجمهورية
المادة 49 رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقا لأحكام الدستور.
ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الأولى، ويكتفي بالغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التي تلي. وتدوم رئاسته ست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته ولا يجوز انتخاب أحد لرئاسة الجمهورية ما لم يكن حائزا على الشروط التي تؤهله للنيابة وغير المانعة لأهلية الترشيح.
المادة 50 عندما يقبض رئيس الجمهورية على أزمة الحكم عليه أن يحلف أمام البرلمان يمين الإخلاص للأمة والدستور بالنص التالي:
" احلف بالله العظيم إني احترم دستور الأمة اللبنانية وقوانينها واحفظ استقلال الوطن اللبناني وسلامة أراضيه".
المادة 62 في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء.

خطاب الفراغ في عيد إستقلال لبنان 22 تشرين الثاني 2014 الأب جورج صغبيني

خطاب الفراغ في عيد إستقلال لبنان 22 تشرين الثاني 2014

أيها اللبنانيون
........................................................................................................................................................
........................................................................................................................................................
........................................................................................................................................................
...................
متم وعاش لبنان

2014/11/03

عاشوراء الإمام الحسين الشهيد في كربلاء الأب جورج صعبيني



عاشوراء الإمام الحسين الشهيد في كربلاء

هو اليوم العاشر من شهر محرم في التقويم الهجري ويسمى عند المسلمين بيوم عاشوراء ويصادف اليوم الذي قتل فيه الإمام الحسين(ع) بن علي حفيد النبي محمد (ص) في معركة كربلاء لذلك يعتبره الشيعة يوم عزاء وحزن.
وعلى الرغم من أن بعض علماء المسلمين لديهم عرض مختلف لسبب تسمية هذا اليوم بعاشوراء إلا انهم يتفقون في أهمية هذا اليوم الذي كانت واقعته الأليمة في يوم الجمعة العاشر من شهر محرم من سنة 61 هجرية، الموافق لـ 12/ 10/ 680 ميلادية. وهذا العام تتوافق ذكرى عاشوراء 10 محرّم سنة 1436-1435= الأحد 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014، في يوم عيد جميع القديسين. جعل الله هذا اليوم خيرا وبركة.
هذا اليوم له أهمية كبيرة عند المسلمين، ففي هذا اليوم حصلت ذكرى حزينة وأليمة لمقتل الإمام الحسين(ع) بن علي بن أبي طالب وأهل بيته ظلما، حين مُنِعَ هو واهل بيته من الماء، من قبل جيش يزيد بن معاوية.
فالحدث المأساوي العظيم هو شبيه بيوم الجمعة الحزينة عند المسيحيين يوم صلب اليهود المسيح عيسى.
ومن الشعائر التي يقوم بها المسلمون في جميع أنحاء العالم وخاصة في كربلاء، هي زيارة ضريح الإمام الحسين(ع) وإضاءة الشموع وقراءة قصة الإمام الحسين(ع) والبكاء عند سماعها واللطم تعبيراً عن حزنهم على الواقعة. والاستماع إلى قصائد عن المأساة والمواعظ عن كيفية استشهاد الإمام الحسين(ع) وأهل بيته.
ويتذكّر المسلمون في هذا اليوم معاناة الإمام الحسين(ع) والشهادة، والتضحيات التي قدمها للحفاظ على الإسلام.
فإن كانت حكومة الإسلام عند معاوية وإبنه يزيد، فإن دين الإسلام هو عند الإمام عليّ وأبنه الإمام الحسين.
واستشهاد الإمام الحسين(ع) عند الشيعة يُعتبر رمزا للنضال ضد الظلم والطغيان والاضطهاد. وفيه يتمّ توزيع الماء للتذكير بعطش الإمام الحسين(ع) في صحراء كربلاء، واشعال النار للدلالة على حرارة الصحراء. ويقوم البعض بتمثيل حادثة استشهاد الإمام الحسين(ع) فيما يعرف بموكب الإمام الحسين (ع). ويقوم البعض بإسالة الدم مواساة للحسين. كما يقوم البعض بضرب انفسهم بالسلاسل.

احداث حصلت في مثل العاشر من محرم
تحدث بعض المؤرخين، عن العديد من الآحداث التي حصلت في العاشر من محرم مثل:
إن الكعبة كانت تُكسى قبل الإسلام في يوم عاشوراء.
ويوم عاشوراء هو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم.
وهو اليوم الذي نجى الله فيه نوحا وأنزله من السفينة.
وفيه أنقذ الله نبيه إبراهيم من نمرود.
وفيه رد الله يوسف إلى يعقوب.
وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده ونجى موسى وبني إسرائيل.
وفيه غفر الله لنبيه داود، وفيه وهب سليمان ملكه.
وفيه أخرج نبي الله يونس(يونان) من بطن الحوت.
وفيه رفع الله عن أيوب البلاء، وغيرها من الأحداث...
وهو اليوم الذي قتل فيه حفيد النبي، ثالث أئمة آهل البيت الامام حسين بن علي في كربلاء ظلما.

معركة كربلاء
كانت المعركة في 10 محرم سنة 61 هـ، الموافق 12 أكتوبر 680 م، في منطقة كربلاء.
وكانت الحرب بين الإمام الحسين(ع) بن علي بن أبي طالب(ع) ابن بنت نبي ورسول الإسلام محمد بن عبد الله(ص)، وجيش يزيد بن معاوية.
تعتبر واقعة الطف من أكثر المعارك رمزاً من قبل الشيعة "لثورة المظلوم على الظالم ويوم انتصار الدم على السيف". وأصبح المسلمون يطلقون على الإمام حسين لقب "سيد الشهداء" ومعه أهل بيته وأصحابه.
هذه المعركة من الناحية العسكرية سينتصر بها يزيد بجيشه المؤلف من ثلاثين ألفا من جنوده على أنصار الإمام الحسين(ع) البالغ عددهم إثنان وسبعون شخصا. ومعركة كربلاء ثورة دينية على سياسية الظلم.
وأصبح مدفن الإمام الحسين(ع) في كربلاء مكاناً مقدساً يزوره المؤمنون، مع ما يرافق ذلك من ترديد لأدعية خاصة أثناء كل زيارة لقبره. وأدى استشهاد الإمام الحسين(ع) إلى نشوء المؤلفات الدينية والخطب والمواعظ والأدعية التي لها علاقة بحادثة استشهاده وألفت مئات المؤلفات لوصف حادثة الغدر به.

فبعد وفاة النبي محمد (ص) سنة 632م في المدينة المنورة حدث الكثير من المناقشات حول تحديد الطريقة الواجب اتباعها في اختيار خليفة له. وحيث كانت هناك نصوص واضحة حول ما اعتبروه أحقية علي بن أبي طالب(ع) بخلافة الرسول محمد (ص)، وتوزعت الآراء ووقع الاختيار في النهاية على أبي بكر ليتولى الخلافة، ربما لأن أبا بكر كان ضمن جيش أسامة ورجع عندما أرسلت له ابنته السيدة عائشة مبلغة اياه بسوء الحالة المرضية للنبي فرجع وتقدم للصلاة بناء على طلب إبنته زوجة الرسول. فلما علم النبي في تقدم أبي بكر جاء واستأنف الصلاة من بدايتها ولم يبن على صلاة أبي بكر.
واعتبرت العملية التي تمت تحت تلك السقيفة في نظر السنة شرعيّة، واعتبر الشيعة غياب الهاشميين ينقص من اكتمال اجتماع السقيفة حيث غاب عنها الإمام علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وباقي أبناء عبد المطلب حيث كانوا مشغولين بغسل الرسول(ص) وتكفينه واعترض على نتائجها بعض الصحابة أمثال أبو ذر الغفاري وعمار بن ياسر والمقداد بن عمرو وأسامة بن زيد وغيرهم.
ومن جهة أخرى فإن حادثة "غدير خم" وحادثة "الكساء" وائتمان الرسول لعلي على شؤون المدينة أثناء غزوة تبوك وبعض النصوص في القرآن والأحاديث النبوية فيها إشارة واضحة إلى حق علي بن أبي طالب بخلافة النبي محمد (ص)، على الرغم من مبايعة الإمام علي(ع) لأبي بكر ليكون الخليفة رغبة منه في تفادي حدوث صدع في صفوف المسلمين.
وبعد مقتل عثمان بن عفان الذي كان من بني أمية، أخذ معاوية بن أبي سفيان الذي كان من بني أمية أيضا بإتهام الإمام علي من أجل إبعاده عن خلافة المسلمين، وأخذ معاوية مهمة الثأر لعثمان بسبب ما اعتبره معاوية عدم جدية علي بن أبي طالب في معاقبة قتلة عثمان واعتبر معاوية الإمام عليّ بصورة غير مباشرة مسؤولا عن حوادث الاضطراب الداخلي التي أدت إلى مقتل عثمان.
وتفاقم الخلاف بين الإمام عليّ ومعاوية مفضيا إلى صراع بينهما في معركة صفين ولكن دهاء معاوية في المعركة أدى إلى حدوث انشقاقات في صفوف جماعة الإمام عليّ بن أبي طالب. وأطلقت تسمية الخوارج على الطائفة التي كانت من شيعة الإمام عليّ بن أبي طالب ثم فارقته وخرجت عليه وقاتلته. واستغل معاوية ضعف القيادة المركزية لخلافة الإمام عليّ وقام ببسط نفوذه على سوريا ومصر.
وبعد اغتيال الإمام عليّ في عام 661م كان معاوية في موضع قوة أفضل عسكريّا من الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب الذي فضل أن يعيش في المدينة المنورة. وبحسب السنة قام الحسن بمبايعة معاوية وأما بحسب الشيعة فإن المبايعة تمت بسبب تقديرات الحسن لموقف أهل البيت الذي كان في وضع لا يحسد عليه بعد اغتيال الإمام علي بن أبي طالب ويعتبر البعض إن الحسن بن الإمام علي "تنازل" عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان على شرط أن تعود طريقة الخلافة بعد موته إلى نظام الشورى بين المسلمين ويعتبر البعض أن تعين يزيد بالوراثة خليفة على المسلمين بعد وفاة معاوية بن أبي سفيان كان نقطة تحول في التاريخ الإسلامي حيث شكل بداية لسلسلة طويلة من الحكام الذين يستولون على السلطة بالقوة ليورثونها فيما بعد لأبنائهم وأحفادهم ولا يتنازلون عنها إلا تحت ضغط ثورات شعبية أو انقلابات عسكرية أو حركات تمرد مسلحة.

إن الخلافة استقرت لمعاوية بن أبي سفيان بعد توقيع معاهدة الصلح مع الإمام الحسن بن الإمام علي بن أبي طالب وذلك في محاولة الإمام الحسن حقن دماء المسلمين وتوحيد كلمتهم بعد سلسلة من الصراعات ابتداء من فتنة معاوية وعائشة وثوب عثمان وأصابع نائلة إلى معركة الجمل ومعركة صفين... حتى كان الوصول إلى صلح "عام الجماعة".
فمبادرة الصلح والتنازل كانت مشروطة بعودة طريقة الخلافة إلى الإمام الحسين(ع) إبن الإمام علي بن ابي طالب بعد موت معاوية.
وبعد استشهاد الحسن والغدر به قام معاوية بترشيح ابنه "يزيد" للخلافة من بعده. وقوبل قرار معاوية بردود فعل بين الاندهاش والاستغراب إلى الشجب والاستنكار فقد كان هذا القرار نقطة تحول في التاريخ الإسلامي من خلال توريث الحكم وعدم الالتزام بنظام الشورى الذي كان متبعا في اختيار الخلفاء الراشدين وكان العديد من كبار الصحابة لايزالون على قيد الحياة. وبدأت بوادر تيارات معارضة لقرار معاوية بتوريث الحكم للإمام الحسين (ع).
وبعد وفاة معاوية بن أبي سفيان أصبح ابنه يزيد خليفة ولكن تنصيبه جوبه بمعارضة من قبل بعض المسلمين. وكانت خلافة يزيد التي دامت ثلاث سنوات من الحروب متصلة، فكانت ثورة كربلاء شرارة الثورات ثم حدثت ثورة في المدينة انتهت بوقعة الحرة ونهبت المدينة. كما سار مسلم بن عقبة المري إلى مكة لقتال عبد الله بن الزبير وأصيبت الكعبة بالمنجنيقات.
حاول يزيد إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة المنورة يطلب فيها أخذ البيعة من الإمام الحسين(ع) الذي كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الإمام الحسين(ع) رفض أن يبايع "يزيد". ووصلت إلى الكوفة أنباء رفض الإمام الحسين(ع) مبايعة يزيد واعتصامه في مكة، وكانت الكوفة أحد معاقل القوة لشيعة الإمام عليّ بن أبي طالب وبرزت تيارات في الكوفة تؤمن أن الفرصة قد حانت لأن يتولى الإمام الحسين(ع) بن الإمام عليّ الخلافة واتفقوا على أن يكتبوا للحسين يحثونه على القدوم إليهم، ليسلموا له الأمر، ويبايعوه بالخلافة. وبعد تلقيه العديد من الرسائل من أهل الكوفة قام الإمام الحسين(ع) بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليكشف له حقيقة الأمر. وعندما وصل مسلم إلى الكوفة شعر بجو من التأييد لفكرة خلافة الإمام الحسين(ع) بن الإمام عليّ، ومعارضة لخلافة يزيد بن معاوية وقام مسلم بإرسال رسالة إلى الإمام الحسين(ع) يعجل فيها قدومه.
لكن هذا الخبر وصل بسرعة إلى يزيد الذي قام على الفور بعزل والي الكوفة النعمان بن بشير بتهمة تساهله مع الاضطرابات التي تهدد الدولة الأموية وقام يزيد بتنصيب عبيد الله بن زياد الذي قام بتهديد رؤساء العشائر والقبائل في منطقة الكوفة بإعطائهم خيارين إما بسحب دعمهم للحسين أو انتظار قدوم جيش الدولة الأموية ليبيدهم على بكرة أبيهم. وكان تهديد الوالي فعالاً فبدأ الناس يتفرّقون عن مبعوث الإمام الحسين (ع)، مسلم بن عقيل شيئاً فشيئاً لينتهى الأمر بقتله...
واستمر الإمام الحسين(ع) بالمسير إلى أن اعترضهم الجيش الأموي في صحراء الطف واتجه نحو الإمام الحسين(ع) جيش قوامه 30000 مقاتل يقوده عمر بن سعد بن أبي وقاص ووصل جيش يزيد الأموي بالقرب من خيام الإمام الحسين(ع) وأتباعه في يوم الخميس التاسع من شهر محرم. وفي اليوم التالي عبأ عمر بن سعد رجاله وفرسانه فوضع على ميمنة الجيش عمر بن الحجاج وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن وعلى الخيل عروة بن قيس.
وكان رجال الإمام الحسين(ع) يتألفون من 32 فارسا و 40 راجلا من المشاة وأعطى الإمام الحسين رايته لأخيه العباس بن الإمام عليّ وقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش ابن زياد إلى منع الماء عن الإمام الحسين(ع) وصحبه، فلبثوا يعانون العطش.
بدأ رماة جيش يزيد يمطرون الإمام الحسين(ع) وأصحابه بوابل من السهام واستمر الهجوم والزحف نحو من بقي مع الإمام الحسين(ع) وأحاطوا بهم وتم حرق الخيام فراح من بقي من أصحاب الإمام الحسين(ع) وأهل بيته ينازلون جيش عمر بن سعد ويتساقطون الواحد تلو الآخر، ومنهم: ولده علي الأكبر، أخوته، عبد الله، عثمان، جعفر، محمد، أبناء أخيه الحسن أبو بكر، والقاسم، والحسن المثنى، ابن أخته زينب، عون بن عبد الله بن جعفر الطيار، آل عقيل: عبد الله بن مسلم، عبد الرحمن بن عقيل، جعفر بن عقيل، محمد بن مسلم بن عقيل، عبد الله بن عقيل.
وأصيب الإمام الحسين(ع) بسهم فاستقر السهم في نحره، وراحت ضربات الرماح والسيوف تمطر جسده، وإن شمر بن ذي جوشن قام بفصل رأس الإمام الحسين(ع) عن جسده بضربة سيف كما وانهم جعلوا خيلاً تسمى بخيل الاعوجي تمشي وتسير فوق جسد الإمام الحسين(ع) بن الإمام عليّ وكان ذلك في يوم الجمعة من عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة وله من العمر 56 سنة. ولم ينج من القتل إلا علي إبن الإمام الحسين (ع)، فحفظ نسل أبيه من بعده.
وبعد المعركة تم إرسال رأس الإمام الحسين(ع) مع نساء أهل بيت الإمام الحسين(ع) إلى الشام إلى بلاط يزيد بن معاوية فأهان نساء آل بيت نبي الإسلام محمد بن عبد الله(ص) وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأُهِنّ.
ويؤمن الشيعة أن عددا من المعجزات حصلت بعد مقتل الإمام الحسين(ع) بن الإمام عليّ.
ويحيي الشيعة ذكرى كربلاء في كل سنة هجرية ابتدءً من الأول من محرم حتى العاشر منه، ويتضمن الإحياء إقامة المجالس، وزيارة ضريح الإمام الحسين (ع)، وغيرها.

الإمام الحسين بن الإمام عليّ(عليهما السلام)
كانت ولادة الإمام الحسين(ع) في 3 شعبان 4 هـ، الموافق 8 كانون الثاني 626م، في المدينة المنورة، وكان استشهاده في 10 محرم 61 هـ، الموافق 10 تشرين الأول 680م، في كربلاء في العراق.

أبوه: الخليفة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع)
أمه: فاطمة الزهراء(ع) بنت رسول الله (ص)

إخوته وأخواته:
الحسن
زينب بنت
عمر بن التغلبية
ابو بكر
محمد بن الحنفية
عثمان
العباس

زوجاته:
شاه زنان بنت يزدجرد
ليلى بنت عروة بن مسعود الثقفي
الرباب بنت أمرئ القيس بن عدي
أم إِسْحَاق بنت طَلْحَة بن عبيد الله

أولاده وإبنتيه:
علي الأكبر
علي السجاد
علي الأصغر
جعفر
فاطمة
سكينة

الإمام الحسين(ع) في عهد النبي محمد (ص)
هو من سبط النبي محمد رسول الإسلام وحفيده ويلقّب بسيد شباب أهل الجنة، خامس أصحاب الكساء، كنيته أبو عبد الله، وهو الإمام الثالث لدى الشيعة.
عند مولد الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) في المدينة المنورة بتاريخ 8 يناير سنة 626م، الموافق فيه 3 شعبان سنة 4 هـ. سماه جده محمد بن عبد الله، بـ"الحسين"، ودعا له، وذبح عنه يوم سابعه شاة، وتصدق بوزن شعره فضة. وكان يقول عنه جده: حسين مني وأنا منه أحبَّ اللَّه من أحب حسينا، حسين سبط من الأسباط.
نشأ الإمام الحسين(ع) في بيت النبوة بالمدينة ست سنوات وأشهراً، حيث كان فيها موضع الحب والحنان من جده النبي (ص)، فكان كثيراً ما يداعبه ويضمه ويقبله، وكان يشبه جده النبي (ص) خلقاً وخُلقا، فهو مثال للتدين في التقى والورع، وكان كثير الصوم والصلاة يطلق يده بالكرم والصدقة، ويجالس المساكين، حجَّ خمساً وعشرين حجة ماشياً.
ذكر عن النبي محمد (ص) أنه قال: «الحسن والحسين ابناي من أحبّهما أحبّني، ومن أحبّني أحبّه الله، ومن أحبّه الله أدخله الجنة، ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار». وسارع النبي (ص) يقطع خطبته ليلقف ابنه القادم نحوه متعثّراً فيرفعه معه على منبره. كلّ ذلك ليدلّ على منزلته ودوره في مستقبل الاُمّة. ووصّى النبي (ص) عليّاً(ع) برعاية سبطيه، وكان ذلك قبل موته بثلاثة أيام، فقد قال له: أبا الريحانتين، اُوصيك بريحانتيَّ من الدنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك، والله خليفتي عليك.
كان رسول الله جالسا ذات يوم في بيتي قال: " لا يدخل علي أحد "، فانتظرت فدخل الإمام الحسين(ع) فسمعت رسول الله يبكي، فاطلعت فإذا حسين في حجره والنبي يمسح جبينه وهو يبكي فقلت: " والله ما علمت حين دخل "، فقال: " إن جبريل كان معنا في البيت، قال: أفتحبه؟ قلت: أما في الدنيا فنعم، قال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء "، فتناول جبريل من تربتها فأراها النبي فلما أحيط بحسين حين قتل قال: " ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء. فقال: " صدق الله ورسوله كرب وبلاء "، وفي رواية: " صدق رسول الله أرض كرب وبلاء ".
عن أم حكيم قالت: "يوم مقتل الإمام الحسين(ع) مكثت السماء أياما مثل العلقة".
عن سلمی: قالت دخلت على أم سلمة وهي تبكي قلت: ما يبكيك؟ قالت: " رأيت رسول الله، في المنام، وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الإمام الحسين(ع) آنفا ".
أتى عبيد الله بن زياد برأس الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي (ع)، فجعله في طست، وجعل ينكث، وقال في حسنه شيئا، فقال أنس: " كان أشبههم برسول الله، وكان مخصوبا بالوسمة ".
عن ابن عباس قال: " رأيت رسول الله في المنام، نصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه ويتتبعه فيها. قال: قلت: يا رسول الله ما هذا؟ قال: دم الإمام الحسين(ع) وأصحابه لم أزل أتبعه منذ اليوم ".
عن أم سلمة أنها سمعت الجن تنوح على الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي (ع).
كان جسد الإمام الحسين(ع) شبه جسد رسول الله.
لا تسبوا علياً ولا أحداً من أهل بيته فإن جاراً لنا قال: ألم تروا إلى هذا الفاسق قتله الله يعني الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي (ع)، فرماه الله بكوكبين في عينيه فطمس الله بصره.
ما رفع بالشام حجر يوم قتل الإمام الحسين(ع) إلا وتحته دم.
عن أبو قبيل: لما قتل الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنها هي.
قال لي عبد الملك: أي واحد أنت إن أعلمتني أي علامة كانت يوم قتل الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي (ع)؟ فقال، قلت: لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم. فقال لي عبد الملك: إني وإياك في هذا الحديث لقرينان.
لما قتل الإمام الحسين(ع) انتهبت جزور من عسكره فلما طبخت إذا هي دم.
كنا عند خالد بن عرفطة يوم قتل الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) فقال لنا خالد: هذا ما سمعت من رسول الله " إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي ". " إن ابني هذا، يعني الحسين يُقتل بأرض من أرض العراق يقال لها كربلاء فمن شهد ذلك منكم فلينصره ".
كنت مع الإمام علي(ع) بنهر كربلاء فمر بشجرة تحتها بعر غزلان فأخذ منه قبضة فشمها ثم قال: يحشر من هذا الظهر سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب.
استأذن ملك القطر أن يسلم على النبي في بيت أم سلمة فقال: " لا يدخل علينا أحد "، فجاء الحسين بن الإمام علي(ع) فدخل فقالت أم سلمة: هو الحسين، فقال النبي: " دعيه ". فجعل يعلو رقبة النبي ويعبث به والملك ينظر فقال الملك: أتحبه يا محمد؟ قال: " أي والله، إني لأحبه " قال: أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان. فقال بيده فتناول كفا من تراب فأخذت أم سلمة التراب فصرته في خمارها فكانوا يرون أن ذلك التراب من كربلاء.

وعن أبي سعيد قال: قال النبي محمد (ص): " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "
وقال أيضاً: " إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا "
وقال: " حسين مني وأنا منه أحب الله من أحب حسينا، الحسن والحسين من الأسباط "
وقال: " من أحب الحسن والحسين فقد أحبني "
وكان الرسول يدخل في صلاته حتى إذا سجد جاء الحسين فركب ظهره وكان يطيل السجدة فيسأله بعض أصحابه: إنك يا رسول الله سجدت سجدة بين ظهراني صلاتك أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك فيقول النبي: " كل ذلك لم يكن ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته ".

لقد خصّ الرسول الأعظم حفيديه الحسن والحسين بأوصاف تنبئ عن عظم منزلتهما لديه، فهما:
1 ـ ريحانتاه من الدنيا وريحانتاه من هذه الأمّة
2 ـ وهما خير أهل الأرض
3 ـ وهما سيّدا شباب أهل الجنّة
4 ـ وهما إمامان قاما أو قعدا
5 ـ وهما من العترة (أهل البيت) التي لا تفترق عن القرآن إلى يوم القيامة، ولن تضلّ اُمّة تمسّكت بهما
6 ـ كما أنّهما من أهل البيت الذين يضمنون لراكبي سفينتهم النجاة من الغرق
7 ـ وهما ممّن قال عنهم جدّهم: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأهل الأرض من الاختلاف»
8 ـ وقد استفاض الحديث عن مجموعة من أصحاب الرسول (ص) أنّهم قد سمعوا مقالته فيما يخصّ الحسنين: «اللهمّ إنّك تعلم أنّي اُحبُّهما وأحب من يحبهما.

مكانة الإمام الحسين(ع)
قال عمر بن الخطاب للحسين: " فإنّما أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم ".
قال عثمان بن عفان في الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر: " فطموا العلم فطماً وحازوا الخير والحكمة ".
قال أبو هريرة: " دخل الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) وهو معتم، فظننت أنّ النبيّ قد بعث ". وكان في جنازة فأعيا، وقعد في الطريق، فجعل أبو هريرة ينفض التراب عن قدميه بطرف ثوبه، فقال له: " يا أبا هريرة وأنت تفعل هذا! "، فقال له: " دعني، فوالله لو يعلم الناس منك ما أعلم لحملوك على رقابهم ".
أخذ عبد الله بن عباس بركاب الحسن والحسين، فعوتب في ذلك، وقيل له: " أنت أسنّ منهما! " فقال: " إنّ هذين ابنا رسول الله، أفليس من سعادتي أن آخذ بركابهما؟ " وقال له معاوية بعد استشهاد الحسن: " يا ابن عباس أصبحت سيّد قومك "، فقال: " أمّا ما أبقى الله أبا عبد الله الحسين فلا ".

من أقوال الإمام الحسين (ع)
خط الموت على ولد آدم كخط القلادة على جيد الفتاة.
لا أرى الموت الا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برما وسأما.
صاحب الحاجة لم يكرم وجهه عن سؤالك، فاكرم وجهك عن رده.
إن أجود الناس من أعطى من لا يرجو، وإن أعفى الناس من عفا عن قدرة، وإن أوصل الناس من وصل من قطعه.
إذا جادت الدنيا عليك فجُد بها ... على الناس طرّاً قبل أن تتفلت.
الحلم زينة، والوفاء مروءة، والصلة نعمة، والاستكبار صلف، والعجلة سفه، والسفه ضعف، والغلو ورطة، ومجالسة أهل الدناءة شر، ومجالسة أهل الفسق ريبة.
شرّ خصال الملوك: الجبن من الأعداء، والقسوة على الضعفاء، والبخل عند الإعطاء.
إني لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي رسول اللّه.

إن الإمام الحسين(ع) بين المسلمين كالمسيح عيسى بين اليهود
تركت واقعة كربلاء تأثيرا بليغا على أفكار من سمع بها أو قرأ عنها حتى من غير المسلمين. وإن بعض غير المسلمين دوّنوا كتباً عن هذه الواقعة.
قال غاندي:«تعلمت من الإمام الحسين(ع) أن أكون مظلوما فأنتصر». وقال:«لقد قرأت بدقّة حياة الإمام الحسين(ع) الشهيد العظيم، واهتممتُ اهتماماً كافياً بتأريخ واقعة كربلاء، واتّضح لي أنّ الهند إذا أرادت أن تنتصر فعليها أن تقتدي بالإمام الحسين(ع)».
وقيل:«إن كان الإمام الحسين(ع) قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام».
وقيل:«أسمى درس نتعلمه من مأساة كربلاء هو أن الإمام الحسين(ع) وأنصاره كان لهم إيمان راسخ بالله، وقد أثبتوا بعملهم ذاك أن التفوق العددي لا أهمية له حين المواجهة بين الحقّ والباطل والذي أثار دهشتي هو انتصار الإمام الحسين(ع) رغم قلّة الفئة التي كانت معه».
وقيل:«وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتّى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلّها».
وقيل:«كان بميسور الإمام الحسين(ع) النجاة بنفسه عبر الاستسلام لإرادة يزيد، إلاّ أنّ رسالة القائد الذي كان سبباً لانبثاق الثورات في الإسلام لم تكن تسمح له الاعتراف بيزيد خليفة، بل وطّن نفسه لتحمّل كل الضغوط والمآسي لأجل إنقاذ الإسلام من مخالب بني أُميّة. وبقيت روح الإمام الحسين(ع) خالدة.
وقيل:«يقال في مجالس العزاء أن الإمام الحسين(ع) ضحى بنفسه لصيانة شرف وأعراض الناس، ولحفظ حرمة الإسلام، ولم يرضخ لتسلط ونزوات يزيد. إذن تعالوا نتخذه لنا قدوة، لنتخلص من نير الاستعمار، وأن نفضل الموت الكريم على الحياة الذليلة».
وقيل: «قدّم الإمام الحسين(ع) للعالم درساً في التضحية والفداء، الظلم والجور لا دوام له. وأنّ صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً في الظاهر إلاّ أنّه لا يعدو أن يكون أمام الحقّ والحقيقة إلاّ كريشة في مهب الريح».
وقالت بنت الشاطئ :«أفسدت زينب أخت الإمام الحسين(ع) على ابن زياد والأمويين نشوة النصر وأفرغت قطرات من السم في كأس انتصارهم. وكان لزينب بطلة كربلاء دور المحفّـز في جميع الأحداث السياسية التي أعقبت عاشوراء مثل قيام المختار، وعبدالله بن الزبير وسقوط الدولة الأموية وتأسيس الدولة العباسية وانتشار المذهب الشيعي».
وقال جورج جرداق:«حينما جنّد يزيد الناس لقتل الإمام الحسين(ع) وإراقة الدماء، كانوا يقولون: كم تدفع لنا من المال؟ أما أنصار الإمام الحسين(ع) فكانوا يقولون لو أننا نقتل سبعين مرّة، فإننا على استعداد لأن نقاتل بين يديك ونقتل مرة أُخرى أيضاً.».
وقيل:«ثورة الإمام الحسين (ع)، واحدة من الثورات الفريدة في التاريخ لم يظهر نظير لها حتى الآن في مجال الدعوات الدينية أو الثورات السياسية. فلم تدم الدولة الأموية بعدها حتى بقدر عمر الإنسان الطبيعي، وبقيت ثورة الإمام الحسين(ع) إلى ما يشاء الله».
وقيل:«لو كان الإمام الحسين(ع) مسيحيّا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الإمام الحسين (ع).».
وقيل:«كان بنو أُميّة طغاة مستبدين، تجاهلوا أحكام الإسلام واستهانوا بالمسلمين، ولو درسنا التاريخ لوجدنا أن الدين قام ضد الطغيان والتسلّط، وأن الدولة الدينية قد واجهت النظم الإمبراطورية. وعلى هذا فالتاريخ يقضي بالإنصاف في أن دم الإمام الحسين(ع) في رقبة بني أُمية.».
وقيل:«هذه التضحيات الكبرى من قبيل شهادة الإمام الحسين(ع) رفعت مستوى الفكر البشري، وخليق بهذه الذكرى أن تبقى إلى الأبد، وتذكر على الدوام.».
وقيل:«االإمام الحسين(ع) شهيد طريق الدين والحريّة، ولا يجب أن يفتخر الشيعة وحدهم باسم الإمام الحسين (ع)، بل أن يفتخر جميع أحرار العالم بهذا الاسم الشريف.».
وقيل:«لم يكن بوسع الإمام الحسين(ع) أن يبايع ليزيد ويرضخ لحكمه، لأن مثل هذا العمل يعني تسويغ الفسق والفجور وتعزيز أركان الظلم والطغيان وإعانة الحكومة الباطلة. لم يكن الإمام الحسين(ع) راضياً على هذه الأعمال حتى وأن سبي أهله وعياله وقتل هو وأنصاره.».
وقيل:«على مسافة غير بعيدة من كربلاء الإمام الحسين(ع) إلى جهة البادية، هناك نصب خيمه... بينما أحاط به أعداؤه ومنعوا موارد الماء عنه. إن مأساة الإمام الحسين(ع) هي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء.»
وقال جبران خليل جبران:«لم أجد إنساناً كالإمام الحسين(ع) سجل مجد البشرية بدمائه».
وقيل:«الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) قد عجلت في التطور الديني لحزب الإمام علي (ع)، وجعلت من ضريح الإمام الحسين(ع) في كربلاء أقدس محجة.»
وقال أحمد محمود صبحي:«وإن كان الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) قد هزم على الصعيد السياسي أو العسكري، إلاّ أن التاريخ لم يشهد قط هزيمة انتهت لصالح المهزومين مثل دم الإمام الحسين (ع). فدم الإمام الحسين(ع) تبعته ثورات إلى أن سقطت الدولة الأموية، وتحول صوت المطالبة بدم الإمام الحسين(ع) إلى نداء هزّ تلك العروش والحكومات.».
وقيل:«فاجعة كربلاء في تاريخ البشرية نادرة كما أن صانعوها ندرة، فقد رأى الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) من واجبه التمسك بسنّة الدفاع عن حق المظلوم ومصالح العامة استناداً إلى حكم الله في القرآن، وما جاء على لسان الرسول الكريم، ولم يتوان عن الإقدام عليه؛ فضحى بنفسه في تلك الصحراء العظيمة، وصار عند ربّه "سيد الشهداء"، وصار في تاريخ الأيام "قائداً للمصلحين".
وقيل:«قام بين الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) والغاصب الأموي نزاع دام، وكانت ساحة كربلاء كتاب لتاريخ الإسلام بدم الشهداء.
وقيل:«دلَّت صفوف الزوار التي تدخل إلى مشهد الإمام الحسين(ع) في كربلاء والعواطف التي ما تزال تؤججها في العاشر من محرم في العالم الإسلامي بأسره، كل هذه المظاهر استمرت لتدل على أن موت القديسين ينفع أكثر من أيام حياتهم».

الإمام الحسين(ع) في عهد أبي بكر وعمر
عاصر الإمام الحسين(ع) الحقبة المدينة الأولى، وكان صغير السن عندما توفى جده النبي محمد (ص)، وانتقال الخلافة إلى أبي بكر وعمر.

الإمام الحسين(ع) في عهد عثمان
شارك الإمام الحسين(ع) في الفتوحات التي كانت في عصر عثمان ومنها فتوحات أفريقيا في الفسطاط و طرابلس، وكذلك شارك في فتح طبرستان.

الإمام الحسين(ع) في عهد أبيه الإمام علي(ع)
دخل ميدان الحياة السياسية بعد انتخاب والده خليفةً للمسلمين، شارك وشقيقه في معركة الجمل وصفين والنهروان، إلا أن والده لم يأذن لهما بمباشرة القتال. غَسّل والده وكَفّنه بعد مقتله على يد عبد الرحمن بن ملجم.

الإمام الحسين(ع) في عهد أخيه الحسن بن الإمام علي(ع)
كان الإمام الحسين(ع) عوناً لأخيه الحسن في بيعته بعد استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي (ع). وبايع الناس الحسن خليفةً للمسلمين سنة 40هـ/660م عقب يومين من وفاة والده، وأرسل الحسن إلى معاوية بن أبي سفيان للمبايعة والدخول في الجماعة، لكنه رفض ذلك.
فقصده معاوية بجيشه، وتقارب الجيشان في موضع بناحية من الأنبار. هال الحسن أن يقتتل المسلمون، فكتب إلى معاوية يشترط شروطا للصلح، أبرزها أن ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده، وأن يكون الأمر من بعده شورى، ورضي معاوية، فخلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الأمر لمعاوية في بيت المقدس سنة 41 ه‍. ولم ير الإمام الحسين(ع) رأي أخيه، وظل معترضاً على النزول عن الخلافة، وإن سكت فدرءاً لفتنة قد تنشب بين المسلمين. وأطلق على ذلك العام عام الجماعة.

الإمام الحسين(ع) في عهد معاوية
بعد وفاة الحسن سنة 50هـ،أستمر في الحفاظ على عهد أخيه مع معاوية ولم يخرج إلا بعد استلام يزيد الحكم.
أخذ معاوية يمهد لبيعة ابنه يزيد، ولكن زياد ابن أبيه واليه على العراق نصحه بالتمهل وعدم الاستعجال، وقد قبل معاوية نصيحة زياد ولم يعلن عن بيعة يزيد إلا بعد وفاة الحسن، وبدأ جهوده في سبيل توطئة الأمر لابنه في المدينة المنورة، لأنها كانت العاصمة الأولى التي كان يبايع فيها الخلفاء. وكان رجالات الإسلام فيها، وعليهم المعول في إقرار البيعة وقبولها. وحين عرض معاوية ما عزم عليه على أهل المدينة عن طريق عامله عليها مروان بن الحكم. وافقه الكثيرون على ضرورة تدبير أمر الخلافة والمسلمين، ولكن حين عرض عليهم اسم يزيد اختلفوا فيه، وأعلن الكثيرون أنهم لا يرضون به، وكان أكبر المعارضين، الإمام الحسين(ع) بن الإمام علي(ع) وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر.
وما إن توفي معاوية وبويع يزيد بالخلافة في رجب سنة 60هـ/679م. حتى كتب يزيد إلى عامله على المدينة الوليد بن عقبة أن «يأخذ الإمام الحسين(ع) وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذاً شديداً حتى يبايعاه».

خروج الإمام الحسين(ع) عن يزيد
لم يقبل الإمام الحسين(ع) أن تتحول الخلافة الإسلامية إلى إرث، وأبى أن يكون على رأس الإسلام يزيد بن معاوية، فرفض أن يبايعه ولم يعترف به. وقد التقى الوليد بالإمام الحسين(ع) وطلب منه البيعة ليزيد فرفض الإمام الحسين (ع)، بينما ذهب عبد الله بن الزبير إلى مكة لاجئاً إلي بيت الله الحرام.
حاول يزيد بطريقة أو بأخرى إضفاء الشرعية على تنصيبه كخليفة فقام بإرسال رسالة إلى والي المدينة يطلب فيها أخذ البيعة من الإمام الحسين(ع) الذي كان من المعارضين لخلافة يزيد إلا أن الإمام الحسين(ع) رفض أن يبايع "يزيد" وغادر المدينة إلى مكة واعتصم بها، منتظرًا ما تسفر عنه الأحداث. ووصلت أنباء رفض الإمام الحسين(ع) مبايعة يزيد واعتصامه في مكة ثم ذهابه إلى الكوفة وفي الطريق اعترضهم الجيش الأموي يقوده عمر بن سعد وقبل أن تبدأ المعركة لجأ جيش ابن زياد إلى منع الماء عن الإمام الحسين(ع) وأهل بيته وصحبه.

استشهاد الإمام الحسين(ع) في معركة كربلاء
بدأ رماة الجيش الأموي يمطرون الإمام الحسين(ع) وأصحابه الذين لا يزيدون عن 73 رجلا بوابل من السهام وأصيب الكثير من أصحاب الإمام الحسين(ع) ثم اشتد القتال ودارت رحى الحرب واستمر القتال في ميدان كربلاء وأصحاب الإمام الحسين(ع) يستشهدون الواحد تلو الآخر واستمر الهجوم والزحف نحو من بقي مع الإمام الحسين(ع) وأحاطوا بهم من جهات متعددة. وأحرق جيش يزيد خيام أصحاب الإمام الحسين(ع)، فراح من بقي من أصحاب الإمام الحسين(ع) وأهل بيته ينازلون جيش يزيد بقيادة عمر بن سعد...
ولم يبقى سوى الإمام الحسين(ع) الذي أصيب بسهم استقر في قلبه، وراحت ضربات الرماح والسيوف تمطر جسد الإمام الحسين (ع). وإن شمر بن ذي جوشن قام بفصل رأس الإمام الحسين(ع) عن جسده وكان ذلك في يوم الجمعة من عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة وله من العمر 56 سنة. ولم ينج من القتل إلا علي بن الإمام الحسين (السجاد) وذلك بسبب اشتداد مرضه وعدم قدرته على القتال، فحفظ نسل أبيه من بعده.

جعل الله شهادة ودماء الإمام الحسين خيرا وبركة على المظلومين والمحرومين في العالم ومن أجل وحدة المسلمين.

2014/09/26

جمهورية الجسد الواحد وديموقراطية الأعضاء الكثيرين (من إنجيل لبنان دعيبس صغبيني) الأب جورج صغبيني

جمهورية الجسد الواحد وديموقراطية الأعضاء الكثيرين (من إنجيل لبنان)

من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل لبنان مسؤولين ومواطنين.

وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَوَاهِبِ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا.
أَنَّكُمْ كُنْتُمْ أُمَمًا مُنْقَادِينَ إِلَى الأَوْثَانِ الْبُكْمِ، كَمَا كُنْتُمْ تُسَاقُونَ.
لِذلِكَ أُعَرِّفُكُمْ أَنْ لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِرُوحِ اللهِ إلا ويَقُولُ: «لبنان وطني».
فَأَنْوَاعُ المَوَاهِبَ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الرُّوحَ وَاحِدٌ.
وَأَنْوَاعُ خِدَمٍ مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ الوطن وَاحِدٌ.
وَأَنْوَاعُ أَعْمَال مَوْجُودَةٌ، وَلكِنَّ لبنان وَاحِدٌ، الَّذِي يَعْمَلُ له الْكُلَّ.
وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ.
فَإِنَّهُ لِوَاحِدٍ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَمُ حِكْمَةٍ، وَلآخَرَ كَلاَمُ عِلْمٍ بِحَسَبِ الرُّوحِ الْوَاحِدِ،
وَلآخَرَ إِيمَانٌ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ، وَلآخَرَ مَوَاهِبُ شِفَاءٍ بِالرُّوحِ الْوَاحِدِ.
وَلآخَرَ عَمَلُ قُوَّاتٍ، وَلآخَرَ نُبُوَّةٌ، وَلآخَرَ تَمْيِيزُ الأَرْوَاحِ، وَلآخَرَ أَنْوَاعُ أَلْسِنَةٍ، وَلآخَرَ تَرْجَمَةُ أَلْسِنَةٍ.
وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا يَعْمَلُهَا الرُّوحُ الْوَاحِدُ بِعَيْنِهِ، قَاسِمًا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ، كَمَا يَشَاءُ.
لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ هُوَ وَاحِدٌ وَلَهُ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَكُلُّ أَعْضَاءِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً هِيَ جَسَدٌ وَاحِدٌ، كَذلِكَ لبنان أَيْضًا.
لأَنَّنَا جَمِيعَنَا بِرُوحٍ وَاحِدٍ أَيْضًا انتمينا إِلَى جَسَدٍ وَاحِدٍ، مسلمين كُنَّا أَمْ مسيحيين، مقيمين أَمْ مغتربين، وَجَمِيعُنَا سُقِينَا رُوحًا وَاحِدًا.
فَإِنَّ الْجَسَدَ أَيْضًا لَيْسَ عُضْوًا وَاحِدًا بَلْ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ.
إِنْ قَالَتِ الرِّجْلُ: «لأَنِّي لَسْتُ يَدًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟
وَإِنْ قَالَتِ الأُذُنُ: «لأِنِّي لَسْتُ عَيْنًا، لَسْتُ مِنَ الْجَسَدِ». أَفَلَمْ تَكُنْ لِذلِكَ مِنَ الْجَسَدِ؟
لَوْ كَانَ كُلُّ الْجَسَدِ عَيْنًا، فَأَيْنَ السَّمْعُ؟ لَوْ كَانَ الْكُلُّ سَمْعًا، فَأَيْنَ الشَّمُّ؟
وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ وَضَعَ اللهُ الأَعْضَاءَ، كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا فِي الْجَسَدِ، كَمَا أَرَادَ.
وَلكِنْ لَوْ كَانَ جَمِيعُهَا عُضْوًا وَاحِدًا، أَيْنَ الْجَسَدُ؟ وأين الوطن؟
فَالآنَ أَعْضَاءٌ كَثِيرَةٌ، وَلكِنْ جَسَدٌ وَاحِدٌ. ووطن واحد
لاَ تَقْدِرُ الْعَيْنُ أَن تَقُولَ لِلْيَدِ: «لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكِ!». أَوِ الرَّأْسُ أَيْضًا لِلرِّجْلَيْنِ: «لاَ حَاجَةَ لِي إِلَيْكُمَا!».
بَلْ بِالأَوْلَى أَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي تَظْهَرُ أَضْعَفَ هِيَ ضَرُورِيَّةٌ.
وَأَعْضَاءُ الْجَسَدِ الَّتِي نَحْسِبُ أَنَّهَا بِلاَ كَرَامَةٍ نُعْطِيهَا كَرَامَةً أَفْضَلَ. وَالأَعْضَاءُ الْقَبِيحَةُ فِينَا لَهَا جَمَالٌ أَفْضَلُ.
وَأَمَّا الْجَمِيلَةُ فِينَا فَلَيْسَ لَهَا احْتِيَاجٌ. لكِنَّ اللهَ مَزَجَ الْجَسَدَ، مُعْطِيًا النَّاقِصَ كَرَامَةً أَفْضَلَ،
لِكَيْ لاَ يَكُونَ انْشِقَاقٌ فِي الْجَسَدِ، بَلْ تَهْتَمُّ الأَعْضَاءُ اهْتِمَامًا وَاحِدًا بَعْضُهَا لِبَعْضٍ.
فَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يَتَأَلَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَتَأَلَّمُ مَعَهُ. وَإِنْ كَانَ عُضْوٌ وَاحِدٌ يُكَرَّمُ، فَجَمِيعُ الأَعْضَاءِ تَفْرَحُ مَعَهُ.
وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجَسَدُ الْوطن، وَأَعْضَاؤُهُ أَفْرَادًا.

فاتّعظوا أيها اللبنانيون وليقم كلّ واحد وكلّ حزب بالدور والوظيفة التي أُعطيت له بحسب قدرته، ولا تمزّقوا حسد الوطن بسياساتكم وتحزّباتكم. (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 12/ 1- 31).

أعجبنيأع

تذكار القديسة تقلا أولى الشهيدات التي لم يُسفك دمها وثاني الرسولات النساء بعد المجلية اليوم الرابع والعشرون من شهر أيلول الأب جورج صغبيني

القديسة تقلا

اليوم الرابع والعشرون من شهر أيلول تذكار القديسة تقلا أولى الشهيدات التي لم يُسفك دمها وثاني الرسولات النساء بعد المجلية.

وُلِدت نحو سنة العشرين، في مدينة ايقونية من والدين وثنيين وغنيين. كانت جميلة وذكية ومثقفة كثيراً. خُطِبَت لشاب وثني لا يقل عنها شرفاً وجاها. ولما مرّ بولس الرسول في مدينة أيقونية نحو سنة 45، سمعته تقلا فأعجبت بتعاليمه واستنار عقلها بنعمة الله. وبعد أن تفهمت التعاليم الإنجيلية إعتمدت ونذرت بتوليتها لله، وعكفت على الصلاة والتأمل. فسألتها والدتها عن هذا التبدل في حياتها، فأجابتها: إنه ثمن اصطباغها بماء العماد المقدس وإيمانها بالمسيح الذي نذرت له بتوليتها. فثارت الأم وغضب خطيبها وأهلها وأخذوا يقنعونها بالكفر، فلم تسمع لهم. فشكتها أمها إلى حاكم المدينة. فأخذ يتملقها الحاكم فلم تعبأ بتهديداته. فأمر بإضرام النار. فرمت تقلا ذاتها في النار مسرورة الا أن الله حفظها، فنزل المطر وأطفأ النار وسلِمت تقلا فتركت بيت أبيها ولحقت القديس بولس ورافقته في أسفاره حتى أنطاكية حيث بقيت تبشر بإنجيل المسيح. فعلم بها والي أنطاكية فأمر بطرحها للوحوش عريانة. فستر الله عريها ولم تؤذها الوحوش أبداً. فأعادها الوالي إلى السجن. وفي اليوم التالي ربطوها إلى زوج من الثيران الثائرة فكادت تقلا تموت ألماً. فخلصها الله بأن أفلتها الثوران.
فحار الحاكم بأمرها، وألقاها في هوة عميقة مملوءة حيات سامة، فلم تؤذها.
دُهش الجميع وذُهل الملك فطلبها وسألها كيف تنجو من هذه المخاطر؟ فأجابته: "أنا عبدة يسوع المسيح إبن الله الحي، هو وحده الطريق والحق والحياة وخلاص من يرجونه". فأطلقها الوالي أمام الجميع حرة سالمة.
فخرجت وأعلمت القديس بولس بكل ما جرى لها فمجد الله معها. ثم أخذت تبشّر في مدينتها وفي القلمون ومعلولا وصيدنايا في سورية.
ثم ماتت بعمر تسعين سنة ودُفِنت في سلوقية، وأضحى قبرها نبع نِعَمٍ وبركات. صلاتها معنا. آمين!

صلاة أفراميات القديسة تقلا

بكرُ الشهيدات تقلا العذراء وفخرُ الفتيات
تحلّت نفسُها منذ صبائها بجميل الصفات
وكان ثباتها مثالاً صالحاً لكل الشهيدات
فمكثت طاهرة وماتت شهيدة بعزم وثبات

غرباً وشرقاً حازت لفضلها أجمل المديح
لأن قلبَها كان مشتعلاً في حب المسيح
وظهرت في الجهاد كالبطل الشجاع تصرخ وتصيح
يا وثنيون دينُ النصارى هو الدين الصحيح

مولدُها كان في إقونية طودِ الاوثان
ولم يَمِل قلبُها الى حب الوثن أم أي إنسان
قصدت سرّاً بولس الرسول ذاك الملفان
وعنهُ أخذت تعاليم المسيح وصدق الايمان

عز نظيرُها جمالاً وعقلاً وأدباً واحتشام
وزادتْ كمالاً بدرسها العلوم بكدٍ واهتمام
فاستنار عقلها وازدهى فضلها وزادت إنعام
ولم يشغَلها عن حب الله لهوٌ وغرام

ولما اغتسلت بماء سر العماد تلك النقية
زادت ظرفاً ورقة ولطفاً وطلعة بهية
ومذ ذاك شرعت تُحلي بالنقا نفسها الابية
وتقتني الفضائل مكان الزينات والحلى السنية

رأتها أمها تَنهجُ منهجاً مقدساً باجتهاد
لا يسلكه أحد غيرُها في تلك البلاد
فحارت بأمرها وصاحت عليها بغيظٍ واحتداد
ما هذا الزهد وهذا التنسك قولي ما المراد

فأجابتها بطلاقة وجهٍ علاهُ الابتهاج
اني قد أخذت رغبةً في النعيم هذا المنهاج
ونذرتُ العفاف ليسوع المسيح ورفضتُ الزواج
وفضلتُ عارَهُ واعتناق الصليب على لبسِ التاج

فالتظى ذا ذاك صدرُ الوالدة بغضبٍ ذائب
وشكت أمرَها الى خطيبها وباقي الأقارب
فهاجوا وماجوا بتوعدونها بشرِّ العواقب
تبسّمت تقلا ولم تخفُ وعدهم وتلك المصاعب

فأضرموا ناراً دخلتها الفتاة ولم تَمسَسّها
وطُرحت للوحوش فتيَّبتها ولم تفترسها
وتلك العفيفة أدنى شيء لم يدنٍّسها
فبأمر الله قال الملائك فلنحرسها

إذ ذاك رُبطَتْ بذنبي ثورين من كبار البقر
ليُميتوها مهشمة الجسم مثالاً وعبر
أما الثوران فلبثا ثابتين لهذا المنظر
ورفضا الغدرَ بالبتول التي ثباتُها قد ظهر

سَعْديكِ تقلا يا من جهادُها أذهلَ العقول
وجميلُ صبرها لم يتزعزع بالنار والنصول
اليك نطلب عن قلب جريح ايتها البتول
ارفقي بذِلّنا واجعلي دعاءنا لله مقبول

أعاد الله هذا العيد المبارك على جميع اللواتي تسمّين باسم القديسة تقلا

أعجبني

الأحد الأول بعد عيد الصليب الأب جورج صغبيني

الأحد الأول بعد عيد الصليب

 ‏الأحد الأول بعد عيد الصليب

في الأحد الأول بعد عيد الصليب، نجد أن المطلوب منّا هو أن نعطي العالم فكر المسيح لا أفكارنا وشروحاتنا التي أحيانا تكون وثنية أكثر منها مسيحية والتي ولّدت سابقا الإنشقاقات والبدع في الكنيسة. حتى ولو كان هذا الفكر لا يرضي العالم لأن مشقّات كثيرة ستواجهنا في طريق رسالتنا ويمكن أن تكون الكأس مرّة ومصبوغة بدم الشهادة.

رسالة بولس الرسول الثانية إلى طيموتاوس 2/ 1- 10
1 وأَنْتَ، يا ابْنِي، تَشَدَّدْ بِالنِّعْمَةِ الَّتي في الـمَسِيحِ يَسُوع.
2 ومَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِحُضُورِ شُهُودٍ كَثِيرِين، إِسْتَودِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاء، جَدِيرِينَ هُم أَيْضًا بِأَنْ يُعَلِّمُوا غَيْرَهُم.
3 شَارِكْنِي في احْتِمَالِ الـمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِلمَسِيحِ يَسُوع.
4 ومَا مِنْ جُنْدِيٍّ يَنْهَمِكُ في الأُمُورِ الـمَعِيشِيَّة، إِذا أَرادَ أَنْ يرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ.
5 ومَنْ يُصَارِعُ لا يَنَالُ إِكْلِيلاً إِلاَّ إِذا صَارَعَ بِحَسَبِ الأُصُول.
6 والـحَارِثُ الَّذي يَتْعَبُ لَهُ الـحَقُّ بالنَّصِيبِ الأَوَّلِ مِنَ الثَّمَر.
7 تأَمَّلْ في مَا أَقُول: والرَّبُّ سَيُعْطِيكَ فَهْمًا في كُلِّ شَيْء!
8 تَذَكَّرْ يَسُوعَ الـمَسِيحَ الَّذي قَامَ مِنْ بَينِ الأَمْوَات، وهُوَ مِنْ نَسْلِ دَاوُد، بِحَسَبِ إِنْجِيلِي،
9 الَّذي فِيهِ أَحْتَمِلُ الـمَشَقَّاتِ حَتَّى القُيُودَ كَمُجْرِم، لـكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لا تُقَيَّد.
10 لِذـلِكَ أَصْبِرُ على كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ الـمُخْتَارِين، لِيَحْصَلُوا هُم أَيْضًا على الـخَلاصِ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ مَعَ الـمَجْدِ الأَبَدِيّ.

يوصي بولس الرسول تلميذه طيموتاوس قائلا: أَحْتَمِلُ الـمَشَقَّاتِ حَتَّى القُيُودَ كَمُجْرِم، لـكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لا تُقَيَّد. لِذـلِكَ أَصْبِرُ على كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ الـمُخْتَارِين، لِيَحْصَلُوا هُم أَيْضًا على الـخَلاصِ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ مَعَ الـمَجْدِ الأَبَدِيّ.
فالرسالة هذه من بولس الرسول إلى تلميذه الحبيب طيموتاوس هي وصيّة أب لإبنه لتسليمه التعليم الصحيح الذي تلقّاه وعلى طيموتاوس أن ينقله إلى أولاده في الإيمان
إذ أن كل مسيحي هو مسؤول ضمن العائلة، وضمن المجتمع، وضمن الوطن... لعيش هذا الإيمان على هذه الأرض بما فيها من شوك وقطرب وألم مخاض وعرق جبين وتجارب واضطهاد... 

إنجيل القديس مرقس 10/ 35- 45
35 ودَنَا مِنْهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، ابْنَا زَبَدَى ، وقَالا لَهُ: "يَا مُعَلِّم، نُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ لَنَا كُلَّ ما نَسْأَلُكَ".
36 فقَالَ لَهُمَا: "مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَصْنَعَ لَكُمَا؟".
37 قالا لَهُ: "أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ في مَجْدِكَ، واحِدٌ عَن يَمِينِكَ، ووَاحِدٌ عَنْ يَسَارِكَ".
38 فقَالَ لَهُمَا يَسُوع: "إِنَّكُمَا لا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَان: هَلْ تَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الكَأْسَ الَّتي أَشْرَبُها أَنَا؟ أَو أَنْ تَتَعَمَّدَا بِالـمَعْمُودِيَّةِ الَّتي أَتَعَمَّدُ بِهَا أَنَا؟".
39 قالا لَهُ: "نَسْتَطِيع". فَقَالَ لَهُمَا يَسُوع: "أَلْكَأْسُ الَّتي أَنَا أَشْرَبُها سَتَشْرَبَانِها، والـمَعْمُودِيَّةُ الَّتي أَنَا أَتَعَمَّدُ بِهَا ستَتَعَمَّدَانِ بِهَا.
40 أَمَّا الـجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي أَوْ عَنْ يَسَارِي، فلَيْسَ لِي أَنْ أَمْنَحَهُ إِلاَّ لِلَّذينَ أُعِدَّ لَهُم".
41 ولَمَّا سَمِعَ العَشَرَةُ الآخَرُون، بَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.
42 فدَعَاهُم يَسُوعُ إِلَيْهِ وقَالَ لَهُم: "تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذينَ يُعْتَبَرُونَ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُم، وَعُظَمَاءَهُم يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِم.
43 أَمَّا أَنْتُم فلَيْسَ الأَمْرُ بَيْنَكُم هـكَذا، بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُم عَظِيمًا، فلْيَكُنْ لَكُم خَادِمًا.
44 ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بيْنَكُم، فَلْيَكُنْ عَبْدًا لِلْجَمِيع؛
45 لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَم، بَلْ لِيَخْدُم، ويَبْذُلَ نَفْسَهُ فِداءً عَنْ كَثِيرين".

"بحسب وصيّة المسيح لتلاميذه: من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن خادماً".
كلام المسيح موجّه إلى من خدعهم عرش العالم وسلطانه، فظنوا أنّهم أسياد هذا العالم... ولم يعرفوا أن السلطة هي فرصة لخدمة الضعفاء والمحتاجين والمهمّشين والمحرومين، فالمطلوب من المتربعين على عروش السلطة في العالم عامة وفي شرقنا ولبناننا خاصة أن يسلكوا وينهجوا سبل وطرق الخدمة التي تؤول إلى خلاص شعوبهم وخدمة الإنسان فيه.
"يَا مُعَلِّم، نُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ لَنَا كُلَّ ما نَسْأَلُكَ".
هذا قول يعقوب ويوحنا الأخوين إبنا زبدى،
وهذا قولنا نحن أيضا بعد ألفي عام دون أن ندرك معنى جواب المسيح لهما. "إِنَّكُمَا لا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَان". 

تلميذان من تلاميذ يسوع يطلبان مجد الجلوس عن يمين وعن شمال يسوع، وأمّهما تطالب لهما بهذا المنصب، وبطرس يتساءل: و"نحن الذين تركنا كلّ شيء وتبعناك"... فما الذي سيكون لنا. ويعدّد المسيح لبطرس كلّ ما أعدّه للذين تبعوه وأضاف في ختامها الإضطهاد. لأن الذين اضطهدوا المسيح وصلبوه ولن يوفّروا تلاميذه، فكما اضطهدوني سوف يضطهدونكم. وحسب التلميذ أن يكون مثل معلّمه...
هذا كان الفكر اليهودي عن المسيح المنتظر الآتي ليقهر الرّومان وليؤسّس مملكة يكون فيها المسيح هو الملك، ويكون المقرّبون منه وحاشيته هم من سيملكون معه، وهم أصحاب الشأن والسلطة...
انّ مجد العرش والتاج والصولجان سيكون الصليب، وإكليل الشوك، وبدل الصولجان والمسامير، والكأس مرّة وقاسية ومن الصعب أن يتحملها إنسان. "هَلْ تَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الكَأْسَ الَّتي أَشْرَبُها أَنَا؟ 
قد مات يعقوب شهيدا (أع 12/ 2) ويوحنا عاش في أفسس المنفى (رؤ 1/ 9).
ويهوذا باع سيّده بثلاثين الفضة وشنق نفسه، وجميع الرسل ماتوا شهداء وسفكوا دماءهم من أجلك.  

فاجعل يا رب، بحقّ صليبك، المسؤولين في المسيحيّة، أن لا يسيئوا معاملة من هم تحت سلطتهم، فيظلمون من هم أدنى منهم مرتبةً، ليُعَوّضوا عظمتهم الفارغة بسحق الآخر وغالبا يذهبون إلى الإنتقام من كلّ من بدا لهم أفضل منهم، أو تفوّق عليهم. ونسوا قول المسيح: "من أراد أن يكون الأوّل فيكم، فليكن عبدًا للجميع". لخدمة كنيسةِ المسيح "ويبذل نفسه فداءً عن كثيرين" لا أن يبذل الكثيرين فداءً عنه.
ونصلّي من أجل رعاتنا وسائر الأساقفة والكهنة ليكونوا معَلّمين صالِحين لشعبهم، يَعيشون ما يُعَلّمون في مُجتمَعٍ يوجَدُ فيه طَبَقات مُتفرّقة ومواهب متنوّعة وجميع المسؤولين في وطننا وفي كلّ بلد يؤمن بك إيماناً قويماً.

ونحن الآن ماذا نريد؟ 
هل نستطيع شرب الكأس، 
كأس الإضطهاد في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق وفي هذا الشرق من أجل إيماننا بالمسيح. 
لم تقترب النهاية بعد
هذا كلّه أول المخاض
فَأَجِزْ عنا هذه الكأس يا ربّ.‏

في الأحد الأول بعد عيد الصليب، نجد أن المطلوب منّا هو أن نعطي العالم فكر المسيح لا أفكارنا وشروحاتنا التي أحيانا تكون وثنية أكثر منها مسيحية والتي ولّدت سابقا الإنشقاقات والبدع في الكنيسة. حتى ولو كان هذا الفكر لا يرضي العالم لأن مشقّات كثيرة ستواجهنا في طريق رسالتنا ويمكن أن تكون الكأس مرّة ومصبوغة بدم الشهادة.

رسالة بولس الرسول الثانية إلى طيموتاوس 2/ 1- 10
1 وأَنْتَ، يا ابْنِي، تَشَدَّدْ بِالنِّعْمَةِ الَّتي في الـمَسِيحِ يَسُوع.
2 ومَا سَمِعْتَهُ مِنِّي بِحُضُورِ شُهُودٍ كَثِيرِين، إِسْتَودِعْهُ أُنَاسًا أُمَنَاء، جَدِيرِينَ هُم أَيْضًا بِأَنْ يُعَلِّمُوا غَيْرَهُم.
3 شَارِكْنِي في احْتِمَالِ الـمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِلمَسِيحِ يَسُوع.
4 ومَا مِنْ جُنْدِيٍّ يَنْهَمِكُ في الأُمُورِ الـمَعِيشِيَّة، إِذا أَرادَ أَنْ يرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ.
5 ومَنْ يُصَارِعُ لا يَنَالُ إِكْلِيلاً إِلاَّ إِذا صَارَعَ بِحَسَبِ الأُصُول.
6 والـحَارِثُ الَّذي يَتْعَبُ لَهُ الـحَقُّ بالنَّصِيبِ الأَوَّلِ مِنَ الثَّمَر.
7 تأَمَّلْ في مَا أَقُول: والرَّبُّ سَيُعْطِيكَ فَهْمًا في كُلِّ شَيْء!
8 تَذَكَّرْ يَسُوعَ الـمَسِيحَ الَّذي قَامَ مِنْ بَينِ الأَمْوَات، وهُوَ مِنْ نَسْلِ دَاوُد، بِحَسَبِ إِنْجِيلِي،
9 الَّذي فِيهِ أَحْتَمِلُ الـمَشَقَّاتِ حَتَّى القُيُودَ كَمُجْرِم، لـكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لا تُقَيَّد.
10 لِذـلِكَ أَصْبِرُ على كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ الـمُخْتَارِين، لِيَحْصَلُوا هُم أَيْضًا على الـخَلاصِ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ مَعَ الـمَجْدِ الأَبَدِيّ.

يوصي بولس الرسول تلميذه طيموتاوس قائلا: أَحْتَمِلُ الـمَشَقَّاتِ حَتَّى القُيُودَ كَمُجْرِم، لـكِنَّ كَلِمَةَ اللهِ لا تُقَيَّد. لِذـلِكَ أَصْبِرُ على كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَجْلِ الـمُخْتَارِين، لِيَحْصَلُوا هُم أَيْضًا على الـخَلاصِ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ مَعَ الـمَجْدِ الأَبَدِيّ.
فالرسالة هذه من بولس الرسول إلى تلميذه الحبيب طيموتاوس هي وصيّة أب لإبنه لتسليمه التعليم الصحيح الذي تلقّاه وعلى طيموتاوس أن ينقله إلى أولاده في الإيمان
إذ أن كل مسيحي هو مسؤول ضمن العائلة، وضمن المجتمع، وضمن الوطن... لعيش هذا الإيمان على هذه الأرض بما فيها من شوك وقطرب وألم مخاض وعرق جبين وتجارب واضطهاد...

إنجيل القديس مرقس 10/ 35- 45
35 ودَنَا مِنْهُ يَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا، ابْنَا زَبَدَى ، وقَالا لَهُ: "يَا مُعَلِّم، نُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ لَنَا كُلَّ ما نَسْأَلُكَ".
36 فقَالَ لَهُمَا: "مَاذَا تُرِيدَانِ أَنْ أَصْنَعَ لَكُمَا؟".
37 قالا لَهُ: "أَعْطِنَا أَنْ نَجْلِسَ في مَجْدِكَ، واحِدٌ عَن يَمِينِكَ، ووَاحِدٌ عَنْ يَسَارِكَ".
38 فقَالَ لَهُمَا يَسُوع: "إِنَّكُمَا لا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَان: هَلْ تَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الكَأْسَ الَّتي أَشْرَبُها أَنَا؟ أَو أَنْ تَتَعَمَّدَا بِالـمَعْمُودِيَّةِ الَّتي أَتَعَمَّدُ بِهَا أَنَا؟".
39 قالا لَهُ: "نَسْتَطِيع". فَقَالَ لَهُمَا يَسُوع: "أَلْكَأْسُ الَّتي أَنَا أَشْرَبُها سَتَشْرَبَانِها، والـمَعْمُودِيَّةُ الَّتي أَنَا أَتَعَمَّدُ بِهَا ستَتَعَمَّدَانِ بِهَا.
40 أَمَّا الـجُلُوسُ عَنْ يَمِينِي أَوْ عَنْ يَسَارِي، فلَيْسَ لِي أَنْ أَمْنَحَهُ إِلاَّ لِلَّذينَ أُعِدَّ لَهُم".
41 ولَمَّا سَمِعَ العَشَرَةُ الآخَرُون، بَدَأُوا يَغْتَاظُونَ مِنْ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا.
42 فدَعَاهُم يَسُوعُ إِلَيْهِ وقَالَ لَهُم: "تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذينَ يُعْتَبَرُونَ رُؤَسَاءَ الأُمَمِ يَسُودُونَهُم، وَعُظَمَاءَهُم يَتَسَلَّطُونَ عَلَيْهِم.
43 أَمَّا أَنْتُم فلَيْسَ الأَمْرُ بَيْنَكُم هـكَذا، بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُم عَظِيمًا، فلْيَكُنْ لَكُم خَادِمًا.
44 ومَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الأَوَّلَ بيْنَكُم، فَلْيَكُنْ عَبْدًا لِلْجَمِيع؛
45 لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَم، بَلْ لِيَخْدُم، ويَبْذُلَ نَفْسَهُ فِداءً عَنْ كَثِيرين".

"بحسب وصيّة المسيح لتلاميذه: من أراد أن يكون فيكم عظيماً فليكن خادماً".
كلام المسيح موجّه إلى من خدعهم عرش العالم وسلطانه، فظنوا أنّهم أسياد هذا العالم... ولم يعرفوا أن السلطة هي فرصة لخدمة الضعفاء والمحتاجين والمهمّشين والمحرومين، فالمطلوب من المتربعين على عروش السلطة في العالم عامة وفي شرقنا ولبناننا خاصة أن يسلكوا وينهجوا سبل وطرق الخدمة التي تؤول إلى خلاص شعوبهم وخدمة الإنسان فيه.
"يَا مُعَلِّم، نُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ لَنَا كُلَّ ما نَسْأَلُكَ".
هذا قول يعقوب ويوحنا الأخوين إبنا زبدى،
وهذا قولنا نحن أيضا بعد ألفي عام دون أن ندرك معنى جواب المسيح لهما. "إِنَّكُمَا لا تَعْلَمَانِ مَا تَطْلُبَان".

تلميذان من تلاميذ يسوع يطلبان مجد الجلوس عن يمين وعن شمال يسوع، وأمّهما تطالب لهما بهذا المنصب، وبطرس يتساءل: و"نحن الذين تركنا كلّ شيء وتبعناك"... فما الذي سيكون لنا. ويعدّد المسيح لبطرس كلّ ما أعدّه للذين تبعوه وأضاف في ختامها الإضطهاد. لأن الذين اضطهدوا المسيح وصلبوه ولن يوفّروا تلاميذه، فكما اضطهدوني سوف يضطهدونكم. وحسب التلميذ أن يكون مثل معلّمه...
هذا كان الفكر اليهودي عن المسيح المنتظر الآتي ليقهر الرّومان وليؤسّس مملكة يكون فيها المسيح هو الملك، ويكون المقرّبون منه وحاشيته هم من سيملكون معه، وهم أصحاب الشأن والسلطة...
انّ مجد العرش والتاج والصولجان سيكون الصليب، وإكليل الشوك، وبدل الصولجان والمسامير، والكأس مرّة وقاسية ومن الصعب أن يتحملها إنسان. "هَلْ تَسْتَطِيعَانِ أَنْ تَشْرَبَا الكَأْسَ الَّتي أَشْرَبُها أَنَا؟
قد مات يعقوب شهيدا (أع 12/ 2) ويوحنا عاش في أفسس المنفى (رؤ 1/ 9).
ويهوذا باع سيّده بثلاثين الفضة وشنق نفسه، وجميع الرسل ماتوا شهداء وسفكوا دماءهم من أجلك.

فاجعل يا رب، بحقّ صليبك، المسؤولين في المسيحيّة، أن لا يسيئوا معاملة من هم تحت سلطتهم، فيظلمون من هم أدنى منهم مرتبةً، ليُعَوّضوا عظمتهم الفارغة بسحق الآخر وغالبا يذهبون إلى الإنتقام من كلّ من بدا لهم أفضل منهم، أو تفوّق عليهم. ونسوا قول المسيح: "من أراد أن يكون الأوّل فيكم، فليكن عبدًا للجميع". لخدمة كنيسةِ المسيح "ويبذل نفسه فداءً عن كثيرين" لا أن يبذل الكثيرين فداءً عنه.
ونصلّي من أجل رعاتنا وسائر الأساقفة والكهنة ليكونوا معَلّمين صالِحين لشعبهم، يَعيشون ما يُعَلّمون في مُجتمَعٍ يوجَدُ فيه طَبَقات مُتفرّقة ومواهب متنوّعة وجميع المسؤولين في وطننا وفي كلّ بلد يؤمن بك إيماناً قويماً.

ونحن الآن ماذا نريد؟
هل نستطيع شرب الكأس،
كأس الإضطهاد في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق وفي هذا الشرق من أجل إيماننا بالمسيح.
لم تقترب النهاية بعد
هذا كلّه أول المخاض
فَأَجِزْ عنا هذه الكأس يا ربّ.

 

أسرع الوزراء والنواب ورجال الدين ذات يوم إلى الملك لويس التاسع القديس الأب جورج صغبيني

أسرع الوزراء والنواب ورجال الدين ذات يوم إلى الملك لويس التاسع القديس ليخبروه بأن المسيح ظهر في القربان في الكنيسة فبقي جالسا هادئا وأجابهم: أنا أؤمن بأن المسيح حاضر دائما في القربان وفي كلّ مكان.... 

فإن كَمُلَ الزمان أو لم يكتمل وإن اقترب ملكوت الله أو لم يقترب فلا تخافوا ولا تضطرب قلوبكم ما دمتم مؤمنين وتائبين ومؤمنين بالإنجيل وصليب المسيح يحميكم فلا تخافوا.


تذكار عيد مار ساسين اليوم الخامس عشر من شهر أيلول عن السنكسار الماروني الأب جورج صغبيني

تذكار مار ساسين اليوم الخامس عشر من شهر أيلول عن السنكسار الماروني

كان هذا القديس اسقفاً على مدينة كوزيكس، قبض الوالي عليه فاعترف بايمانه المسيحي بكل جرأة. فغضب الحاكم وامره بأن يضحِّي للاصنام فأبى واخذ يبيِّن فساد العبادة الوثنية وخرافاتها وان الديانة المسيحية هي الديانة الحقَّة. فاستشاط الوالي غيظاً وامر بعذابه فشدّوه الى خيلٍ غير مروَّضة، حتى تهشم جسمه. ثم جلدوه جلداً قاسياً، وهو صابر ثابت في ايمانه. فألقوه في السجن مغلَّلاً بقيود من حديد. ولما قام الملك قسطنطين الكبير ونصر الكنيسة وحرَّرها من الاضطهاد، اطلق سبيل الاسقف القديس وارجعه الى كرسيه. ولما ظهرت بدعة اريوس، انعقد المجمع النيقاوي الاول سنة 325 فأخذ ساسين يجادل الاريوسيين ويفحمهم ببراهينه السديدة. ثم رجع الى كرسيه يذيع تعليم المجمع النيقاوي.

كان غالايوس عدواً لقسطنطين وللمسيحيين، فقبض على الاسقف ساسين وانزل به أشدَّ العذابات حتى انتهت حياته بقطع رأسه نحو سنة 328. صلاته معنا. آمين.

أعاد الله عيد مار ساسين على جميع الذين تسمّوا باسمه

(عن كتاب زياح مار ساسين للأب جورج صغبيني  1984
أعجبنيأ

عيد الصليب 14 أيلول الأب جورج صغبيني

عيد الصليب 14 أيلول

قبل المسيح كان الصليب يُعتبر أداة تعذيب وقمّة العار لأنّ أكبر جزاء للمجرم هو تعليقه على عود الصليب.
ولكن منذ ألفي عام تبدّل معنى الصليب مع صلب المسيح، وتغيّرت مفاهيم الموت بسبب حبّ الذي عُلّق على الصليب لنا ولكلّ الناس. وتحوّل الصليب إلى قمّة حبٍّ بدل أن يكون أداة عار ومذلّة. والحبّ هو أن يبذل الإنسان نفسه عن أحبّائه وما من شيءٍ أجمل من أن يبذل الإنسان نفسه في سبيل أحبائه.

رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل قورنتوس 1/ 18- 25
18 إِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الـهَالِكِينَ حَمَاقَة، أَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الـمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ الله؛
19 لأَنَّهُ مَكْتُوب: "سَأُبِيدُ حِكْمَةَ الـحُكَمَاء، وأَرْذُلُ فَهْمَ الفُهَمَاء!".
20 فَأَيْنَ الـحَكِيم؟ وأَيْنَ عَالِمُ الشَّرِيعَة؟ وأَيْنَ البَاحِثُ في أُمُورِ هـذَا الدَّهْر؟ أَمَا جَعَلَ اللهُ حِكْمَةَ هـذَا العَالَمِ حَمَاقَة؟
21 فَبِمَا أَنَّ العَالَمَ بِحِكْمَتِهِ مَا عَرَفَ اللهَ بِحَسَبِ حِكْمَةِ الله، رَضِيَ اللهُ أَنْ يُخَلِّصَ بِحَمَاقَةِ البِشَارَةِ الَّذِينَ يُؤْمِنُون؛
22 لأَنَّ اليَهُودَ يَطْلُبُونَ الآيَات، واليُونَانِيِّينَ يَلْتَمِسُونَ الـحِكْمَة.
23 أَمَّا نَحْنُ فَنُنَادِي بِمَسِيحٍ مَصْلُوب، هُوَ عِثَارٌ لِليَهُودِ وحَمَاقَةٌ لِلأُمَم.
24 وأَمَّا لِلمَدْعُوِّينَ أَنْفُسِهِم، مِنَ اليَهُودِ واليُونَانِيِّين، فَهُوَ مَسِيحٌ، قُوَّةُ اللهِ وَحِكْمَةُ الله؛
25 فَمَا يَبْدُو أَنَّهُ حَمَاقَةٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَحْكَمُ مِنَ النَّاس، ومَا يَبْدُو أَنَّهُ ضُعْفٌ مِنَ اللهِ هُوَ أَقْوَى مِنَ النَّاس.

شجرة أدم أعطت ثمرة الخطيئة وشجرة الصليب أعطتنا ثمرة الحياة ومعرفة الحق والخبز النازل من السماء
الصليب جسر نعبر عليه وادي الدموع إلى فرح القديسين
الصليب هو رفيقنا الدائم كمفتاح باب بيتنا الذي لا نفارقه لأنه مفتاح باب الجنّة

على درب صليب الجلجلة نحو قدس الجنّة توجد مصاعب على أنواعها وإن سقطنا في مرحلة فلنقف ونكمل مسيرتنا. لأن من أراد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني.

لا يكفي بأن نلبس ثياب القديسين بل فضائلهم وأخلاقهم وقداستهم.
ونحن الذين بالمسيح اعتمدنا المسيح قد لبسنا...
فالمسيح زاد سفرنا
وصليبه عكاز في طريقنا
منه تهرب الشياطين

فالّذي يجهل سر الصليب يجهل سر الحب ويجهل سرّ الحياة ويجهل سرّ الموت ويجهل سرّ القيامة.

 

إنجيل يوحنّا 12/ 20- 32

20وكَانَ بَينَ الصَّاعِدِينَ لِيَسْجُدُوا في العِيد، بَعْضُ اليُونَانِيِّين.

21فَدَنَا هـؤُلاءِ مِنْ فِيلِبُّسَ الَّذي مِنْ بَيْتَ صَيْدَا الـجَلِيل، وسَأَلُوهُ قَائِلين:"يَا سَيِّد، نُرِيدُ أَنْ نَرَى يَسُوع".

22فَجَاءَ فِيلِبُّسُ وقَالَ لأَنْدرَاوُس، وجَاءَ أَنْدرَاوُسُ وفِيلِبُّسُ وقَالا لِيَسُوع.

23فَأَجَابَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: "لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ابْنُ الإِنْسَان.

24أَلـحَقَّ الـحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الـحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير.

25مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ يُبْغِضُهَا في هـذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة.

26مَنْ يَخْدُمْنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا، فَهُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا خَادِمِي. مَنْ يَخْدُمْنِي يُكَرِّمْهُ الآب.

27نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ هـذِهِ السَّاعَة؟ ولـكِنْ مِنْ أَجْلِ هـذَا بَلَغْتُ إِلى هـذِهِ السَّاعَة!

28يَا أَبَتِ، مَجِّدِ اسْمَكَ". فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: "قَدْ مَجَّدْتُ، وسَأُمَجِّد".

29وسَمِعَ الـجَمْعُ الـحَاضِرُ فَقَالُوا: "إِنَّهُ رَعد". وقَالَ آخَرُون: "إِنَّ مَلاكًا خَاطَبَهُ".

30أَجَابَ يَسُوعُ وقَال: "مَا كَانَ هـذَا الصَّوْتُ مِنْ أَجْلِي، بَلْ مِنْ أَجْلِكُم.

31هِيَ الآنَ دَيْنُونَةُ هـذَا العَالَم. أَلآنَ يُطْرَدُ سُلْطَانُ هـذَا العَالَمِ خَارِجًا.

32وأَنَا إِذَا رُفِعْتُ عَنِ الأَرض، جَذَبْتُ إِليَّ الـجَمِيع".

الموت ليس له سلطة بعد اليوم
فإن لم تقع حبّة الحنطة في الأرض وتمت، فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثيرٍ".
فالموت هو أن تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير وليس الموت أن تبقى وحيدا من دون ثمار.
فالحصاد يأتي بعد موت حبة حنطة وإلا لما كان حصاد ولا بيادر يُفصَل فيها القمح عن الزؤان ولن يكون هناك أهراء وطاحون ومعجن وخبز ولا يكون غذاء للبشر ولا يكون سرّ جسد المسيح وذبيحة وقداس وكنيسة...

موت المسيح حبّة الحنطة
وقيامته أعطت ثمار المؤمنين
جمعهم في أهراء الكنيسة من أجل سرّ جسده ودمه اللذين أعطاهما حياة للناس.

مِنَ الناس مَن يجعل مِن نفسه حبّة حنطة لمائدة الملكوت
ومِنَ الناس مَن يجعل مِن نفسه حبّة زؤان لمائدة نار الجحيم

من يحبّ نفسه أكثر من حبه للسيّد المسيح
لن يكون حبّة حنطة تُنبتُ سنبلة الصليب
بل يكون شوكا في إكليل آلام المسيح
ويكون مسمارا لا في خشبة الصليب بل في جسد المسيح المصلوب على الصليب

الحياة ألم مخاض وعرق جبين وموت
والمسيح بآلامه وموته، علّمنا كيف نحمل في جسدنا ما نقص من آلامه كما يقول بولس الرسول، وكما نشاركه آلامه نشاركه مجده بالحياة الأبدية.

موت المسيح على الصليب غيَّر مفاهيم الموت والصليب

يا يسوع، أنت الّذي قاسيت كلّ أنواع الآلام المرة وتسميرك على خشبة الصليب، حبّاً لنا ومن أجل خلاصنا وخلاص العالم.
إجعلنا في هذا الشرق في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق أن نشاركك في آلامك وأن نحمل صليبك بفرح وإن لزم الأمر وشاءت مشيئة أبيك أن لا يجيز عنّا هذه الكأس فلتكن مشيئتك من أجل مجد أبيك ومن أجل أن يحلّ في العالم السلام ومن أجل بقاء الرجاء الصالح عند جميع بني البشر.

11 أيلول 2001 الأب جورج صغبيني

في 11 أيلول 2001 منذ 13 سنة أعلن أسامة بن لادن الحرب على أميركا وأسقط البرجين التجاريين بطائرات ركاب سياحية أميركية
وفي 11 أيلول عام 2014 أعلنت أميركا من السعودية مع الدول العربية والإسلامية الحرب على داعش بطائرات عسكرية سعودية وإماراتية وأميركية

بين قداس شهداء القوات في طبريا وفي معراب الأب جورج صغبيني

بين قداس شهداء القوات في طبريا وفي معراب

الفكرة تستحق الدرس، يقول أحدهم: خصوصاً مع المسرحيات المكررة التي تجيد الأحزاب إخراجها عاماً بعد عام، خالطاً حابل القاتل بنابل القتيل، ما يثير دائماً زوبعة من الاعتراضات والتعليقات.
وبغض النظر عن المكان والظرف إن الشهداء المسيحيين هم شهداء كل المسيحيين، وليسوا شهداء فريق دون آخر.
"المقاومة اللبنانية" كانت منذ أيام مار يوحنا مارون، والمقاومة اللبنانية التي أسسها بشير الجميل على ما نفهم كانت ردة فعل مسيحي على الممارسات الفلسطينية التي أوصلت لبنان إلى 13 نيسان 1975. والقائمون بالفعل "المقاوم" في تلك المرحلة، ليسوا اليوم في مكان سياسي واحد، بل هم موزعون على وقع التعدد القائم في المجتمع المسيحي. وبناء عليه، لا بد من مبادرة جامعة تخرج موضوع الشهداء من إطار الاستثمار السياسي.
فقداس الشهداء هو يوم صلاة وليس أيام خطابات سياسية حتى بات الكهنة المشاركون ولا أقول الأساقفة بل البطاركة مسيّسون.
وقداس الشهداء هو للقوات الحاليون والقواتيون السابقون بجميع تلاوينهم من: هيئة قدامى ومؤسسي القوات اللبنانية، وجبهة الحرية، والكتائب اللبنانية، والوطنيون الأحرار، وحراس الأرز، والتنظيم، وتيار المردة، والتيار الوطني الحر... وسواهم ممن يمكن أن نكون قد نسيناهم لكثرتهم.

فقداس شهداء المقاومة المسيحية في طبرية – رعشين 06-09-2014 http://www.lbcgroup.tv/news، في كنيسة مار إسطفانوس أول الشهداء... من قلب الصخر لتخليد ذكرى شهداء المقاومة المسيحية. ترأسه الاب انطوان الاشقر الراهب اللبناني الماروني. مع لفيف من الكهنة Sep 7, 2014 09/07/14 http://www.mideastobserver.com/ ونقلته محطة الـ LBC.

وقداس شهداء المقاومة اللبنانية في ساحة معراب ترأسه المونسنيور لويس البواري وعاونه لفيف من الكهنة. عن موقع http://youkal.net ونقلته محطة الـ MTV والمستقبل.

فماذا لو نوحّد قداس الشهداء.
ونضع هذا الإقتراح في متناول المسؤولين الدينيين والحزبيين.
فعساه يثمر وحدة رحمة بالشهداء.

أعجبنيأ

الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة الأب جورج صغبيني

الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة

في هذا الأحد تَضَعنا الكَنيسة أمام نَموذَجَين من خدمة الرب:
1- مَن يَجلِس عند قدَمَيه، أو يعيش في الخلوة مع الله أو يعيش في المحبسة.
2- وَمَن يَذهب ليَقوم بعمل الخدمة والرّسالة.
فالمسيح طَوّبَ عمل مَريَم، لأنّ نَصيبها الأفضل الذي اختارَتهُ وهُوَ الجُلوس عِندَ قَدَمَيْه والتأمّل بكلامه.
والمسيح أيضا اختار إثني عشر رسولاً ليعلنوا بشارته للناس أجمعين.
فخيار المؤمن بين مرتا ومريم هو خيار خاطئ لأن كلّ إنسان هو مدعو بحسب قدرته وبحسب موهبة الروح القدس التي فيه أن يكون رسولا أو مبشّرا أو... فَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ... لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ.

رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 2/ 1- 13
1 وأَنْتُم أَنْفُسُكُم تَعْلَمُونَ، أَيُّهَا الإِخْوَة، أَنَّ دُخُولَنَا إِلَيْكُم لَمْ يَكُنْ باطِلاً.
2 ولـكِنْ، كَمَا تَعلَمُون، بَعْدَ أَنْ تَأَلَّمْنَا وشُتِمْنَا في فِيلِبِّي، تَجَرَّأْنَا بإِلـهِنَا أَنْ نُكَلِّمَكُم بإِنْجِيلِ الله، في جِهَادٍ كَثِير.
3 ولَمْ يَكُنْ وَعْظُنَا عَنْ ضَلال، ولا عَنْ نَجَاسَة، ولا بِمَكْر،
4 بَلْ كَمَا اخْتَبَرَنَا اللهُ فَأَمَّنَنَا على الإِنْجِيل، هـكَذَا نَتَكَلَّم، لا إِرْضَاءً لِلنَّاسِ بَلْ للهِ الَّذي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا.
5 فَإِنَّنا ولا مَرَّةً أَتَيْنَاكُم بِكَلِمَةِ تَمَلُّق، كَمَا تَعْلَمُون، ولا بِدَافِعِ طَمَع، واللهُ شَاهِد،
6 ولا طَلَبْنَا مَجْدًا مِنْ بَشَر، لا مِنْكُم ولا مِنْ غَيرِكُم،
7 معَ أَنَّنَا قادِرُونَ أَنْ نَكُونَ ذَوِي وَقَار، كَرُسُلٍ لِلمَسِيح، لـكِنَّنَا صِرْنَا بَيْنَكُم ذَوِي لُطْف، كَمُرْضِعٍ تَحْتَضِنُ أَوْلادَهَا.
8 وهـكَذَا فَإِنَّنَا مِنْ شِدَّةِ الـحَنِينِ إِلَيْكُم، نَرْتَضِي أَنْ نُعْطِيَكُم لا إِنْجِيلَ اللهِ وحَسْب، بَلْ أَنْفُسَنَا أَيْضًا، لأَنَّكُم صِرْتُم لَنَا أَحِبَّاء.
9 وإِنَّكُم تَتَذكَّرُون، أَيُّهَا الإِخْوَة، تَعَبَنَا وكَدَّنَا: فَلَقَد بَشَّرْنَاكُم بِإِنْجيلِ الله، ونَحْنُ نَعْمَلُ لَيْلَ نَهَار، لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلى أَحَدٍ مِنْكُم.
10 أَنْتُم شُهُود، واللهُ شَاهِد، كَيْفَ كُنَّا مَعَكُم، أَنْتُمُ الـمُؤْمِنِين، في نَقَاوَةٍ وبِرٍّ وبِغَيرِ لَوم،
11 نُعامِلُ كُلاًّ مِنْكُم، كَمَا تَعْلَمُون، مُعَامَلَةَ الأَبِ لأَوْلادِهِ.
12 وكُنَّا نُنَاشِدُكُم، ونُشَجِّعُكُم، ونَحُثُّكُم على أَنْ تَسْلُكُوا مَسْلَكًا يَلِيقُ بالله، الَّذي يَدْعُوكُم إِلى مَلَكُوتِهِ ومَجْدِهِ.
13 لِذلِكَ نَحْنُ أَيضًا نَشكُرُ اللهَ بغيرِ انْقِطَاع، لأَنَّكُم لَمَّا تَلَقَّيْتُم كَلِمَةَ الله الَّتي سَمِعْتُمُوهَا مِنَّا، قَبِلْتُمُوهَا لا بِأَنَّهَا كَلِمَةُ بَشَر، بَلْ بِأَنَّهَا حَقًّا كَلِمَةُ الله. وإِنَّهَا لَفَاعِلَةٌ فيكُم، أَيُّهَا الـمُؤْمِنُون.

فٱلكَنيسَةِ تعيش رسالتين: واحِدَة تَعمَل "منهَمِكة بِكَثْرَةِ ٱلخِدْمَة" وثانِيَة جالِسَة عِنْدَ قَدَمَي المُعَلِّم.
وإن كان المسيح فضّل اختيار مريم على اختيار مرتا فما هو دور الرسل والتلاميذ الذين أرسلهم أمامه إلى كُلِّ مَدينَةٍ أوْ قَرْيَةٍ أزْمَعَ أنْ يَدْخُلَ إلَيْها. فمَرتا تُمَثِّلُ ٱلعَمَل ٱلرَّسولي وَتُمَثِّلُ مَريَم روحُ التأمّل. ولو جلست مرتا إلى جانب مريم لبقي الجميع من دون طعام. وَلَكِن يَجِبُ على مَرتا أنْ تَكونَ عِندَ قَدَمَيّ المُعَلِّم قَبْلَ ٱلإنطِلاقِ إلى ٱلرِّسالَة وبعد العودة منها، دون التذمّر من موقف مريم. وَقد قال بولس: "أنا لا أرضَى أن يَحْكُمَ عَلَيَّ احَد. وَأنا لا أحْكُمُ على نَفْسي، وَأنا لا أُدينُ نَفسي. دَيَّاني هوَ ٱلله".
فما الذي نعمله لِنَشرِ كَلِمَة الله التي آمَنَا بِها وننَقلِها للآخَرين باسم العَمَل الرَّسولي. وهل يطغى هذا العمل على تأملنا وجلوسنا عند قدميّ يسوع.
وماذا لَو تكون الرِّسالة والعمل الرَّسولي سببا للإنتقاص من حياتنا الروحيّة والديرية والرهبانية... وهل إذا ما عاد مار أنطونيوس أب الرهبان اليوم في عصرنا هل يجد له تلاميذ له يسيرون خلفه في الصحراء للتأمّل والصلاة.
لقد فرغت محابسنا من النساك وباتت مزارات للمؤمنين، وافتتحنا بدلا منه المدارس والمستشفيات والمآوي للعجزة والدور للأيتام.
لقد أصبحت مرتا مهتمّة بأمور كثيرة... والمطلوب واحد.
فالْمَسِيحُ الَّذِي هو رأس جسد الكنيسة بل هو كُلُّ الْجَسَد، ولكلّ عضوٍ عمله فِي الْمَحَبَّةِ. إذاً لا يفتخرنّ أحد بالناس... فمن هي مريم ومن هي مرتا ومن هو بولس أم أبلوس أم بطرس فأنتم جميعا للمسيح .

إنجيل لوقا 10/ 38- 42
38 وَفيمَا كَانُوا سَائِرين، دَخَلَ يَسُوعُ إِحْدَى القُرَى، فاسْتَقْبَلَتْهُ في بَيتِهَا امْرَأَةٌ اسْمُها مَرْتا.
39 وَكانَ لِمَرْتَا أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَم. فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَي الرَّبِّ تَسْمَعُ كَلامَهُ.
40 أَمَّا مَرْتَا فَكانَتْ مُنْهَمِكَةً بِكَثْرَةِ الـخِدْمَة، فَجَاءَتْ وَقَالَتْ: "يَا رَبّ، أَمَا تُبَالي بِأَنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي!".
41 فَأَجَابَ الرَّبُّ وَقَالَ لَهَا: "مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين!
42 إِنَّمَا الـمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ اخْتَارَتِ النَّصِيبَ الأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا".

اعتاد الواعظون ٱتِّخاذِ ٱلأُخْتَيْنِ مَرتا وَمَريَم مِثالَيْنِ للحَياةِ ٱلرُّوحِيَّة: مَرتا تُمَثِّل الحَياة العَمَلِيَّة، وَمَريَم الحَياة التَّأمُّلِيَّة. كما أنَّ يَسوع في حَياتِهِ على الأرض عاش ٱلحَياة التَّأمُّلِيَّةِ في النَّاصِرَة، وَٱلحَياة الرسولية مُنْذُ عُرسِ قانا ٱلجَليل حَتَّى موته على صليب الجُلجُلَة.
فالأمرانِ مُتَكامِلان، إصْغاء مَريَم وعَمَل مَرتا.
"نَهتَمُّ بِأُمورٍ كَثيرَة..." لكن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
نعم،
لأن ما من حياةٍ دون عمل، تأكل خبزك بعرق جبينك.
المهمّ أن يكون عملك من دون تذمّر، بكل محبة، إن تأمّلت أو خدمت، والقديسة تريزا عاشت سرّ مرتا ومريم معاً.
ومريم ومرتا هما رمزان للنفس والجسد اللذين كان يشفيهما المسيح معاً:
1- غافراً خطايا النفس.
2- وشافياً عاهات الجسد.

أعجبني

تذكار مار ميخائيل رئيس الملائكة 6 أيلول السنكسار الماروني الأب جورج صغبيني

تذكار مار ميخائيل رئيس الملائكة 6 أيلول السنكسار الماروني

ان ميخائيل رئيس الجنود السماوية هو الذي قاتل مع ملائكته الابرار، الشيطان المتكبر وملائكته الاشرار واخرجه من السماء وقال له:" مَن مثل الله" فكان هذا تفسير اسمه "ميكائيل". كما جاء في سفر الرؤيا (12: 7). وقد اتخذته الكنيسة المقدسة شفيعاً ومحامياً لها ولابنائها. وتعيّد له اليوم، تذكاراً للاعجوبة التي صنعها في مدينة كولوسي المشهورة برسالة القديس بولس.
كان في تلك المدينة كنيسة على اسم القديس ميخائيل وقربها حوض ماء يأتيه الناس للاستشفاء من امراضهم بغسلهم فيه، بواسطة اشارة الصليب المقدس وشفاعة صاحب المقام القديس ميخائيل.
فجاء رجل وثني له ابنة وحيدة خرساء منذ ولادتها وهي في العاشرة من عمرها، رأى جمعاً غفيراً من المسيحيين يغتسلون فيشفون، فسألهم، ماذا تقولون عندما تنضحون بالماء: أجابوا " باسم الآب والابن والروح القدس، وشفاعة ميخائيل رئيس الملائكة". ففعل مثلهم وسقى ابنته من الماء، فشفيت حالاً وتكلمت، فآمن الرجل وعائلته وبعض معارفه. فغضب الوثنيون وعزموا على هدم الكنيسة بتحويل مياه الحوض اليها.
وكان حارس الكنيسة رجلاً من بعلبك يدعى ارخيبوس تقي متعبد للقديس ميخائيل ممارساً الصلوات والتقشفات الكثيرة. ولما اجتمع الوثنيون واخذوا يحفرون وراء الكنيسة وحول الحوض ليطلقوا المياه عليها. خاف ارخيبوس شر العاقبة، فأخذ يتضرع الى الله ويستغيث بالقديس ميخائيل، وقام في الكنيسة يصلي.
ولما انتهى الوثنيون من الحفر، جاءوا ليلاً ليحولوا المياه سيلاً يصدم الكنيسة فيهدمها، اذا بالملاك ميخائل يظهر وبيده عصا ضرب بها صخرة عظيمة كانت قرب الكنيسة، فشقتها، فغارت المياه فيها ولم تصب الكنيسة بأذى. فانخذل الوثنيون وآمن منهم كثيرون. وازداد المسيحيون تمسكاً وثباتاً بايمانهم وتكريماً وتعبداً للملاك ميخائيل. ومنذ ذلك الحين، اخذوا يحتفلون بعيد خاص له، تذكاراً لهذه الاعجوبة الباهرة. وكان ذلك حوالي القرن الثاني للميلاد.
صلاته معنا. آمين.