المطران يوحنا فؤاد الحاج- كاريتاس لبنان
المطران يوحنا فؤاد الحاج
كم كانت فرحتنا عارمة حين حملت لنا وسائل الإعلام خبر إعادة انتخاب سيادة المطران يوحنا فؤاد الحاج رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية بالإجماع ثانية رئيسا لكاريتاس العالم.
ليس غريبا علينا ما كنّا نتوقّعه لسيادته وهو الذي تسلّم إدارة شؤون كاريتاس لبنان حيث عمل من أجل المهجّرين والأيتام والأرامل والمعوزين والفقراء والمرضى والمسنين والعجزة فكان لهم أبا محبّا وعطوفا كما وفتح باب القروض أمام أصحاب المهن الحرّة والذين لا مهنة لهم لينطلقوا في الحياة بتأسيس عائلات وتأسيس عمل كريم يعتاشون منه بكرامة دون مدّ يد الإستعطاء على الأبواب وفي الشوارع. فاستحقّ أن يتسنّم رئاسة كاريتاس العالم لا ليهتمّ بلبنان فقط بل وبكل محتاجي العالم بدأَ من أفغانستان ومروراَ بفلسطين والعراق وسائر شعوب الدول الفقيرة والتي مرّت فيها الويلات والحروب فخلّفت وراءها الدمار واليتم والفاقة والتشرّد وشرّعت باباَ لعمل الرحمة والأخوّة الإنسانية من خلال كاريتاس المحبّة.
فالمطران يوحنا فؤاد الحاج ليس غريبا عليه فتح قلبه للناس قبل أن يكون أسقفا وقبل أن يكون رئيسا لكاريتاس لبنان وكاريتاس العالم فهو إبن البقاع الذي عرف من بيته الأبوي سرّ العطاء وسرّ العيش بمحبّة مع كلّ إنسان مهما كانت إنتماءات وميول وعقائد هذا الإنسان.
وقد جسّد هذا الواقع في أبرشيته عاصمة الشمال ففتح باب المطرانية، لكلّ طارق بابه دون استثناء، بأبوّته المعودة لجميع أبناء الطوائف والأديان دون تمييز عن أبناء أهل البيت حتى صارت دار المطرانية في طرابلس بيت جميع أبناء طرابلس مسلمين ومسيحيين أرثوذكسا وكاثوليكا همّه المحتاج والمعوز... هذه هي طائفة المطران يوحنا فؤاد الحاج.
وليس ضيراَ أن يشهد شاهد من أهله على فضائل وأعمال سيادة المطران الحاج الذي جمع تحت إدارته الحكيمة أبناء طائفته أولا وكهنة أبرشيته ثانيا فكان لهم الأب الحنون والأخ المرشد والدليل والمربيّ والساهر على شؤونهم الروحية والزمنية يعضد الضعيف منهم ويثني على القوي لينهض بما له من مكانة لقيام الوطن الذي نحلم به جميعا.
فالمطران الحاج الذي جذّر علائق الأخوة والمحبّة في المجتمع اللبناني إن على صعيد كاريتاس لبنان وعلى صعيد أسقفيته في طرابلس الفيحاء عساه يعزّز هذه الأخوة على الصعيد العالمي من خلال التجديد له ليكون رئيسا لكاريتاس العالم للمرّة الثانية.
فهنيئا لسيادته وهنيئا لطرابلس بكل طوائفها ومشاربها وهنيئا للطائفة المارونية وهنيئا للبنان وللعالم بأمثال سيادة المطران يوحنا فؤاد الحاج.
وألف مبروك لسيادته الذي حمل إسم لبنان المحبّة والأخوّة والتلاقي إلى كلّ العالم.
12/8/2003 الأب جورج صغبيني
رئيس دير مار جرجس عشاش
المطران يوحنا فؤاد الحاج في الذاكرة
يتاريخ يوم الخميس 5/5/2005 غادرنا صاحب السيادة المطران يوحنا فؤاد الحاج أيتاما، في ريعان عطاءاته بعد أن جعل من أبرشية طرابلس المارونية خلية عمل روحية واجتماعية وعمران...
منذ تسلمه كرسي المطرانية في طرابلس، فجمع إلى قلبه أبناء المدينة ذات الغالبية المسلمة التي استقبلته أكثر حفاوة من أبناء أبرشيته وكأنها تنتظر منه تعزيز واقع العيش الواحد التي كانت أحبّ الكلمات على قلبه الذي اتسع للجميع دون النظر إلى طائفة أو مذهب كيف لا وهو رئيس كاريتاس العالم وأبو الفقراء ليس في أبرشية طرابلس فقط بل وفي كل لبنان...
هذا الأسقف الذي جعل رسالة العيش المشترك قاعد بنى عليها حضارة المحبّة التي آمن بها وعاشها كيف لا وهو إبن البقاع إبن السهل المترامي الأطراف المنفتح على كل الناس.
سرعان ما طبع تلك القيم في قلوب كافة العاملين معه في المطرانية من كهنة وعلمانيين واضعا كل إمكاناته الإجتماعية والمادية لمساعدة من يطرق بابه لا بل مفتشا عنهم في حنايا رغايا أبرشيته.
لقد خسرنا بغيابه أبا للكهنة وراعيا لخراف الطائفة المرونية ومرشدا للمسؤولين السياسيين وخادما للقيم ورجل حوار ورجل عمران ونهضة على صعيد ترميم وبناء الكنائس والمدارس وحاضرا في كل مناسبة فأحبه الناس.
رحل المطران يوحنا فؤاد الحاج، عن عمر 66 عاما، أمضاها في الخدمة والمحبة، فودّعته طرابلس بالحزن والأسى والدموع كما استقبلته بالحفاوة والفرح.
المطران الحاج هو فؤاد إبن توفيق الحاج، والدته إنيتس الحاج، من مواليد 13 نيسان 1939، اتخذ اسم يوحنا بعد سيامته الأسقفية. له خمسة أشقاء: أنطوان، ناجي، نبيل، أنطوانيت، وماري.
حائز عددا من الشهادات الجامعية في اختصاصات مختلفة هي: إجازة في الفلسفة من جامعة القديس يوسف في بيروت عام 1964، إجازة في اللاهوت من الجامعة نفسها عام 1968، ماجستير في التربية من جامعة نيويورك بافلو في أميركا عام 1974، دكتوراه في الادارة من الجامعة نفسها عام 1978، دكتوراه في الحقوق الكنسية من جامعة لاتران الحبرية في روما عام 1980. وهو يتقن اللغات: العربية، الفرنسية، الانكليزية، الايطالية، والاسبانية، ويتكلم اللاتينية، واليونانية، والسريانية.
انتخب عام 1997 رئيسا لأساقفة أبرشية طرابلس المارونية، كما انتخب في العام نفسه رئيسا لكاريتاس الدولية.
"لقد كان مُرضياً لله فأحبه، على ما قال البطريرك مار نصرالله بطرس صفبر... قد بلغ الكمال في أيام قليلة، فكان مستوفياً سنين كثيرة".
"كان المطران يوحنا فؤاد الحاج رجل إدارة وعمران، رجل ثقافة وانفتاح رجل ايمان وصلاة، وايمانه هو الذي حفزه على القيام بما قام به في أبرشيته من أعمال رعى معها كل الناس، دونما استثناء، أو تفرقة بين غني وفقير، بعيد أو قريب، مسيحي أو مسلم. وبعد فكلنا عيال الله، وكان يعرف أن أقربنا اليه أنفعنا لعياله".
"تسلّم مقدرات أبرشية طرابلس المارونية طوال ثماني سنوات. فرمّم خلالها ما تهدم، وبني ما تداعى، ونظم ما حل من فوضى. فاستنهض همم أبناء الرعايا لترميم عدد من الكنائس، وبناء قاعات استقبال في جانب الكثير منها. وطوّر عدداً غير يسير من المدارس التي أنشئت في الأبرشية، وهي توفر العلم والتربية لما لا يقل عن ألفي تلميذ من مختلف المذاهب والاديان وأسس معهد مار يوحنا العالي للتربية والتكنولوجيا في كرمسدة ومكتب الخدمات الاجتماعية لتوفير أسباب العمل للعاطلين عنه. وفعّل دور رابطة كاريتاس لمساعدة من هم بحاجة الى مساعدة، وتابع ترميم دار المطرانية في كرم سدّه، واستصلح قسماً كبيراً من أراضي المطرانية، ومهّد السبيل لحسن استثمارها، وايجاد مجال لتصدير إنتاجها. ورعى بعناية كبرى ميتم مار انطونيوس في كفرفو. وبذل قصارى جهده لإنشاء علاقات صداقة، وتعاون مع أبرشيات فرنسية، فسحت في المجال لتبادل الزيارات بين أبناء رعايا هذه الأبرشيات. وان ما أتاح له ان يقوم بذلك كله تضلّعه بمبادئ الإدارة الصحيحة، وهو الذي تمكّن من حيازة شهادة ملفتة في الإدارة من جامعة نيويورك، وشغل منصب أستاذ مساعد في هذه المادة في تلك الجامعة، الى جانب ما أحرز من شهاهدات أخرى في الفلسفة واللاهوت والتربية والحقوق الكنسية".
وانتخبه مجمع البطاركة والأساقفة في لبنان رئيساً لرابطة كاريتاس لبنان لمرتين مدتهما ست سنوات، فصار كلا للكل، فما أوصد بابه أمام طارق محتاج، ولا أصمّ أذنيه عن سماع نداء استغاثة منكوب. وما لبث أن عيّن عضواً في منظمة "القلب الواحد" الرومانية، ثم رئيساً لمنظمة كاريتاس العالمية على دورتين، وأسقفا على أبرشية طرابلس المارونية فنظّيم أبرشيته، ونفخ في أبنائها روح الايمان، ومحبة الخدمة المجانية. وأنشأ لجاناً راعوية، ومجالس أبرشية شملت كل هيئات المجتمع كالعيلة، والشبيبة، والمرأة، والتعليم الديني، والطقوس، والدعوات الاكليريكية والثقافة، والاعلام، والممتلكات الكنسية، وما شابه. وصرف اهتمامه الى العناية بالمدرسة الاكليركية. وعني بالحوار المسكوني، فعاشه من خلال علاقاته مع جميع الناس، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، ووثق خاصة بينه، وبين جميع أبناء هذه المدينة من مسيحيين ومسلمين عرى الصداقة والمودة. فقدّروه واحترموه وعمل ما بوسعه لتفعيل الحركة المسكونية في أبرشيته، فشدته علاقات مودة الى جميع أبناء الطوائف في هذه المدينة.
ألمّ به المرض، فصبر عليه واحتمله وحده بإيمانه، مستعيناً بما لدى الطب من علاج، ولكن مرضه لم يكن رحوماً، وأحسّ بأنه سيصرعه، فلم يجزع، بل تقبل بصفاء نية، ورباطة جأش ما كتبه الله له من مصير والبسمة لم تفارق شفتيه.
رحل المطران الحاج الملتزم بالانسان المتألم وعلى قبره لا وسام الاستحقاق الوطني برتبة كومندور تقديراً لعطاءاته في لبنان والعالم بل وسام المحبّة في قلوب الناس كل الناس الذين أحبوه من خلال أبوّته للفقراء والمنكوبين في كاريتاس الدولية لا في لبنان بل وفي فلسطين والعراق وبنغلادش وأفغانستان.
رحل المطران يوحنا فؤاد الحاج، ولا تزال له في برواز ذاكرة الرهبان والراهبات وكهنة الرعايا والمؤمنين والذين قصدوه في حاجة، صورة الإنسان صاحب البسمة والفاتح لك ذراعيه حتى في أقسى مراحل مرضه.
عوّضنا الله بأمثاله وليكن ذكره مؤبّدا.
6/5/2005
الأب جورج صغبيني
المطران يوحنا فؤاد الحاج
كم كانت فرحتنا عارمة حين حملت لنا وسائل الإعلام خبر إعادة انتخاب سيادة المطران يوحنا فؤاد الحاج رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية بالإجماع ثانية رئيسا لكاريتاس العالم.
ليس غريبا علينا ما كنّا نتوقّعه لسيادته وهو الذي تسلّم إدارة شؤون كاريتاس لبنان حيث عمل من أجل المهجّرين والأيتام والأرامل والمعوزين والفقراء والمرضى والمسنين والعجزة فكان لهم أبا محبّا وعطوفا كما وفتح باب القروض أمام أصحاب المهن الحرّة والذين لا مهنة لهم لينطلقوا في الحياة بتأسيس عائلات وتأسيس عمل كريم يعتاشون منه بكرامة دون مدّ يد الإستعطاء على الأبواب وفي الشوارع. فاستحقّ أن يتسنّم رئاسة كاريتاس العالم لا ليهتمّ بلبنان فقط بل وبكل محتاجي العالم بدأَ من أفغانستان ومروراَ بفلسطين والعراق وسائر شعوب الدول الفقيرة والتي مرّت فيها الويلات والحروب فخلّفت وراءها الدمار واليتم والفاقة والتشرّد وشرّعت باباَ لعمل الرحمة والأخوّة الإنسانية من خلال كاريتاس المحبّة.
فالمطران يوحنا فؤاد الحاج ليس غريبا عليه فتح قلبه للناس قبل أن يكون أسقفا وقبل أن يكون رئيسا لكاريتاس لبنان وكاريتاس العالم فهو إبن البقاع الذي عرف من بيته الأبوي سرّ العطاء وسرّ العيش بمحبّة مع كلّ إنسان مهما كانت إنتماءات وميول وعقائد هذا الإنسان.
وقد جسّد هذا الواقع في أبرشيته عاصمة الشمال ففتح باب المطرانية، لكلّ طارق بابه دون استثناء، بأبوّته المعودة لجميع أبناء الطوائف والأديان دون تمييز عن أبناء أهل البيت حتى صارت دار المطرانية في طرابلس بيت جميع أبناء طرابلس مسلمين ومسيحيين أرثوذكسا وكاثوليكا همّه المحتاج والمعوز... هذه هي طائفة المطران يوحنا فؤاد الحاج.
وليس ضيراَ أن يشهد شاهد من أهله على فضائل وأعمال سيادة المطران الحاج الذي جمع تحت إدارته الحكيمة أبناء طائفته أولا وكهنة أبرشيته ثانيا فكان لهم الأب الحنون والأخ المرشد والدليل والمربيّ والساهر على شؤونهم الروحية والزمنية يعضد الضعيف منهم ويثني على القوي لينهض بما له من مكانة لقيام الوطن الذي نحلم به جميعا.
فالمطران الحاج الذي جذّر علائق الأخوة والمحبّة في المجتمع اللبناني إن على صعيد كاريتاس لبنان وعلى صعيد أسقفيته في طرابلس الفيحاء عساه يعزّز هذه الأخوة على الصعيد العالمي من خلال التجديد له ليكون رئيسا لكاريتاس العالم للمرّة الثانية.
فهنيئا لسيادته وهنيئا لطرابلس بكل طوائفها ومشاربها وهنيئا للطائفة المارونية وهنيئا للبنان وللعالم بأمثال سيادة المطران يوحنا فؤاد الحاج.
وألف مبروك لسيادته الذي حمل إسم لبنان المحبّة والأخوّة والتلاقي إلى كلّ العالم.
12/8/2003 الأب جورج صغبيني
رئيس دير مار جرجس عشاش
المطران يوحنا فؤاد الحاج في الذاكرة
يتاريخ يوم الخميس 5/5/2005 غادرنا صاحب السيادة المطران يوحنا فؤاد الحاج أيتاما، في ريعان عطاءاته بعد أن جعل من أبرشية طرابلس المارونية خلية عمل روحية واجتماعية وعمران...
منذ تسلمه كرسي المطرانية في طرابلس، فجمع إلى قلبه أبناء المدينة ذات الغالبية المسلمة التي استقبلته أكثر حفاوة من أبناء أبرشيته وكأنها تنتظر منه تعزيز واقع العيش الواحد التي كانت أحبّ الكلمات على قلبه الذي اتسع للجميع دون النظر إلى طائفة أو مذهب كيف لا وهو رئيس كاريتاس العالم وأبو الفقراء ليس في أبرشية طرابلس فقط بل وفي كل لبنان...
هذا الأسقف الذي جعل رسالة العيش المشترك قاعد بنى عليها حضارة المحبّة التي آمن بها وعاشها كيف لا وهو إبن البقاع إبن السهل المترامي الأطراف المنفتح على كل الناس.
سرعان ما طبع تلك القيم في قلوب كافة العاملين معه في المطرانية من كهنة وعلمانيين واضعا كل إمكاناته الإجتماعية والمادية لمساعدة من يطرق بابه لا بل مفتشا عنهم في حنايا رغايا أبرشيته.
لقد خسرنا بغيابه أبا للكهنة وراعيا لخراف الطائفة المرونية ومرشدا للمسؤولين السياسيين وخادما للقيم ورجل حوار ورجل عمران ونهضة على صعيد ترميم وبناء الكنائس والمدارس وحاضرا في كل مناسبة فأحبه الناس.
رحل المطران يوحنا فؤاد الحاج، عن عمر 66 عاما، أمضاها في الخدمة والمحبة، فودّعته طرابلس بالحزن والأسى والدموع كما استقبلته بالحفاوة والفرح.
المطران الحاج هو فؤاد إبن توفيق الحاج، والدته إنيتس الحاج، من مواليد 13 نيسان 1939، اتخذ اسم يوحنا بعد سيامته الأسقفية. له خمسة أشقاء: أنطوان، ناجي، نبيل، أنطوانيت، وماري.
حائز عددا من الشهادات الجامعية في اختصاصات مختلفة هي: إجازة في الفلسفة من جامعة القديس يوسف في بيروت عام 1964، إجازة في اللاهوت من الجامعة نفسها عام 1968، ماجستير في التربية من جامعة نيويورك بافلو في أميركا عام 1974، دكتوراه في الادارة من الجامعة نفسها عام 1978، دكتوراه في الحقوق الكنسية من جامعة لاتران الحبرية في روما عام 1980. وهو يتقن اللغات: العربية، الفرنسية، الانكليزية، الايطالية، والاسبانية، ويتكلم اللاتينية، واليونانية، والسريانية.
انتخب عام 1997 رئيسا لأساقفة أبرشية طرابلس المارونية، كما انتخب في العام نفسه رئيسا لكاريتاس الدولية.
"لقد كان مُرضياً لله فأحبه، على ما قال البطريرك مار نصرالله بطرس صفبر... قد بلغ الكمال في أيام قليلة، فكان مستوفياً سنين كثيرة".
"كان المطران يوحنا فؤاد الحاج رجل إدارة وعمران، رجل ثقافة وانفتاح رجل ايمان وصلاة، وايمانه هو الذي حفزه على القيام بما قام به في أبرشيته من أعمال رعى معها كل الناس، دونما استثناء، أو تفرقة بين غني وفقير، بعيد أو قريب، مسيحي أو مسلم. وبعد فكلنا عيال الله، وكان يعرف أن أقربنا اليه أنفعنا لعياله".
"تسلّم مقدرات أبرشية طرابلس المارونية طوال ثماني سنوات. فرمّم خلالها ما تهدم، وبني ما تداعى، ونظم ما حل من فوضى. فاستنهض همم أبناء الرعايا لترميم عدد من الكنائس، وبناء قاعات استقبال في جانب الكثير منها. وطوّر عدداً غير يسير من المدارس التي أنشئت في الأبرشية، وهي توفر العلم والتربية لما لا يقل عن ألفي تلميذ من مختلف المذاهب والاديان وأسس معهد مار يوحنا العالي للتربية والتكنولوجيا في كرمسدة ومكتب الخدمات الاجتماعية لتوفير أسباب العمل للعاطلين عنه. وفعّل دور رابطة كاريتاس لمساعدة من هم بحاجة الى مساعدة، وتابع ترميم دار المطرانية في كرم سدّه، واستصلح قسماً كبيراً من أراضي المطرانية، ومهّد السبيل لحسن استثمارها، وايجاد مجال لتصدير إنتاجها. ورعى بعناية كبرى ميتم مار انطونيوس في كفرفو. وبذل قصارى جهده لإنشاء علاقات صداقة، وتعاون مع أبرشيات فرنسية، فسحت في المجال لتبادل الزيارات بين أبناء رعايا هذه الأبرشيات. وان ما أتاح له ان يقوم بذلك كله تضلّعه بمبادئ الإدارة الصحيحة، وهو الذي تمكّن من حيازة شهادة ملفتة في الإدارة من جامعة نيويورك، وشغل منصب أستاذ مساعد في هذه المادة في تلك الجامعة، الى جانب ما أحرز من شهاهدات أخرى في الفلسفة واللاهوت والتربية والحقوق الكنسية".
وانتخبه مجمع البطاركة والأساقفة في لبنان رئيساً لرابطة كاريتاس لبنان لمرتين مدتهما ست سنوات، فصار كلا للكل، فما أوصد بابه أمام طارق محتاج، ولا أصمّ أذنيه عن سماع نداء استغاثة منكوب. وما لبث أن عيّن عضواً في منظمة "القلب الواحد" الرومانية، ثم رئيساً لمنظمة كاريتاس العالمية على دورتين، وأسقفا على أبرشية طرابلس المارونية فنظّيم أبرشيته، ونفخ في أبنائها روح الايمان، ومحبة الخدمة المجانية. وأنشأ لجاناً راعوية، ومجالس أبرشية شملت كل هيئات المجتمع كالعيلة، والشبيبة، والمرأة، والتعليم الديني، والطقوس، والدعوات الاكليريكية والثقافة، والاعلام، والممتلكات الكنسية، وما شابه. وصرف اهتمامه الى العناية بالمدرسة الاكليركية. وعني بالحوار المسكوني، فعاشه من خلال علاقاته مع جميع الناس، على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، ووثق خاصة بينه، وبين جميع أبناء هذه المدينة من مسيحيين ومسلمين عرى الصداقة والمودة. فقدّروه واحترموه وعمل ما بوسعه لتفعيل الحركة المسكونية في أبرشيته، فشدته علاقات مودة الى جميع أبناء الطوائف في هذه المدينة.
ألمّ به المرض، فصبر عليه واحتمله وحده بإيمانه، مستعيناً بما لدى الطب من علاج، ولكن مرضه لم يكن رحوماً، وأحسّ بأنه سيصرعه، فلم يجزع، بل تقبل بصفاء نية، ورباطة جأش ما كتبه الله له من مصير والبسمة لم تفارق شفتيه.
رحل المطران الحاج الملتزم بالانسان المتألم وعلى قبره لا وسام الاستحقاق الوطني برتبة كومندور تقديراً لعطاءاته في لبنان والعالم بل وسام المحبّة في قلوب الناس كل الناس الذين أحبوه من خلال أبوّته للفقراء والمنكوبين في كاريتاس الدولية لا في لبنان بل وفي فلسطين والعراق وبنغلادش وأفغانستان.
رحل المطران يوحنا فؤاد الحاج، ولا تزال له في برواز ذاكرة الرهبان والراهبات وكهنة الرعايا والمؤمنين والذين قصدوه في حاجة، صورة الإنسان صاحب البسمة والفاتح لك ذراعيه حتى في أقسى مراحل مرضه.
عوّضنا الله بأمثاله وليكن ذكره مؤبّدا.
6/5/2005
الأب جورج صغبيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق