سلسلة محاضرات 1998 بيت مار شريل ـ
بقاعكفرا، الأب جورج صغبيني- محاضرة ألاب عبدو بدوي، التصاوير
الجدرانية
في وادي قاديشا، الأحد 5 تموز 1998
التصاوير
الجدرانية في وادي قاديشا هي جزء لا يتجزأ من التصاوير الجدرانية في لبنان ومن
ايقونوغرافية الكنيسة المارونية بالذات.لقد اتحفنا رهبان وادي قاديشا ومن رسم
لاديارهم ومناسكهم من الفنانين ، بعدة تصاوير جدرانية ، على حقبات مختلفة ، يعطينا
ما تبقى منها ونجا من التدمير على ايدي بني شعبنا وغيرهم ، فكرة واضحة عن
ايقونوغرافية وادي قاديشا وعن ارتباطها بباقي التصاوير في المناطق اللبنانية
الاخرى ( جبيل والبترون مثلا ) ومنطقة الشرق الاوسط ( سوريا ، تركيا ، قبرص ، مصر
واثيوبيا ). معظم هذه التصاوير في وادي قاديشا لم يطرح على بساط البحث والدرس، الا
بعض الاستثناءات ( كالقديسة شمونة مثلا ) .
لنأخذ
هذه التصاوير تدريجيا من اعلى الوادي حتى اسفله أي من شرقه حتى غربه ، وسنحاول
ترتيبها حسب الاسلوب الايقونوغرافي والحقبات التاريخية ، وهنا نسرد لائحة بها :
اولا
_ القديسة شمونة :
تصاوير
هذه المغارة ، ويا للاسف لم تعد في الوجود ، الا في بعض السليدات والصور لدى البعض
ولدى السيدة اريكا دود التي انبرت لوحدها في دراسة هذه التصاوير ومقارنتها مع
غيرها في لبنان والمنطقة ( ARCHEOLOGIE AU LEVANT ,( Receuil R. Saidah … 1982 . في اواخر الثمانينات ، نذرت احدى
النساء التقيات المغتربة في اوستراليا ، مالا لترميم هذه الكنيسة المغارة ، فاتى
الترميم على كل الرسوم بحجة انها عتيقة ويجب ازالتها .
استنادا
الى السيدة دود والى ما لدينا من وثائق نجد في القديسة شمونة المواضيع
الايقونوغرافية التالية :
نجد
صورة القيامة المعروفة بالهبوط الى الجحيم وصور بعض الاباء والقديسين دون تحديد
هويتهم وبعض الكتابات السريانية الاسطرنجلو غير المقرؤة . موضوع الهبوط الى الجحيم
هو من التأثير البيزنطي الواضح رغم غرافيكية الرسوم السريانية ، دودّ حاولت مقارنة
هذه الرسوم مع رسوم من منطقة الكبادوك وبحديدات .
استنادا
الى دودّ ، هذه الرسوم تعود الى القرن الثالث عشر ، انه تصوير محلي جذوره بيزنطية
ويحمل بعض التأثيرات الصليبية ، ويمكننا مقارنته مباشرة مع رسوم كبادوكية من القرن
الثاني عشر . انها تصاوير سريانية غريبة تعود الى اواسط القرن الثالث عشر، وكما
نعلم القديسة شمونة لها اكرام خاص لدى السريان الغربيين.
ثانيا
_ دير الصليب :
داخل
حنايا الكنيسة المبنية ضمن مغارة في شير حدشيت ، بقي لنا مما كان مرسوما ، صورة
البشارة ، صورة الصلب وصور بعض آباء الكنيسة الذين نعرفهم من الاموفريون المصلب .
اسلوب هذه التصاوير متطور اكثر مما سبق وبيزنطينيته واضحة . انها تعود ايضا الى
القرن الثالث عشر . ملاك البشارة رائع الوجه والنظرات. المصلوب لم يعد واضحا ومعه
كتابات سريانية عامودية غير مقرؤة حتى الآن .
ثالثا
_ مار بهنا :
انه
اختصار مار بهنام او بهنان، الشهيد البطل السرياني. هناك بقايا كنيسة صغيرة على
الطريق بين دير الصليب والقديسة شمونة، لم يبقى منها سوى بعض الحجارة وبقايا لوحة
جدرانية غير واضحة المعالم.
رابعا
_ سيدة الدر :
هذه
الكنيسة المغارة تقع على مشارف وادي قاديشا غربي بلدة بشري. اهميتها تكمن بما
تحتوي من جدرانيات. هذه المغارة تتألف من معبد وعدة غرف محفورة في الصخر .
فوق
المذبح بقايا جدارية المعمودية وعلى جدران الغرف صور قديسين وقديسات لم تحدد
اسماؤهم نظرا لحالة التصاوير المتردية بسبب الرطوبة وغير ذلك من تخريب الطبيعة
والانسان .
هذه
التصاوير ليست بعيدة عن ما ذكرنا اعلاه ، باستثناء صورة المعمودية التي تبدو
مغايرة في اسلوبها الاكثر بدائية .
خامسا
_ مار آسيا ، مار يوحنا ومار جرجس :
هذه
المجموعة نعرفها الان باديار الاحباش في قاديشا .
نجد
فيها تصاوير بدائية تركها الرهبان الاحباش الذين قطنوا هذه الاماكن في القرن
الخامس عشر . قد اكتشف هذه الصور فريق من الجمعية اللبنانية للابحاث الجوفية ، وقد
قمنا شخصيا بدراسة هذه التصاوير في العدد الخامس من نشرة الجمعية الذي صدر مؤخرا. [1]
باختصار
انها رسوم صلبان مصلبة الاطراف ، واخرى مخصورة ، ناهيك عن بعض الخيالة والحيوانات
بتصوير تخطيطي بدائي ، وبعض التقاطيع الهندسية . وجدنا لهذه الاشكال تردادا في بعض
الاماكن والمخطوطات بين اثيوبيا ، طور عابدين ، الكبادوكيا ، لبنان ، وسوريا.
سادسا
_ سيدة قنوبين :
تقسم
تصاوير سيدة قنوبين الى ثلاثة اقسام :
أ-
القبو تحت الكنيسة:
حيث
توجد بقايا تصاوير جدرانية حفظ منها عند الباب الداخلي رأس لم تحدد هويته ، يعود
على اغلب الظن الى نهاية القرن الثاني عشر
. انه قريب من تصاوير القديسة شمونة .
ب-
صورة تتويج العذراء على جدار الكنيسة
الشمالي :
هي
من تصوير الراهب اللبناني الماروني بطرس القبرصي[2]
في اوائل القرن الثامن عشر ، ثم اعيد ترميمها في القرن التاسع عشر على يد الفنان
الماروني كنعان ديب الدلبتاوي .
الصورة
تمثل الثالوث الاقدس متوجا السيدة العذراء الجالسة فوق ارز لبنان وعند اقدامها
البطاركة الموارنة يحيطون بالمذبح وفي وسطه الحمل. عند اسفل الصورة كتابة سريانية
كرشونية غير واضحة المعالم.
واستنادا
الى وثيقة مخطوطة في ارشيف ابرشية طرابلس ، عثر عليها الدكتور جان نخوّل ، انه هو
الذي رسم جدرانية تتويج السيدة العذراء ، على الجدار الشمالي لكنيسة سيدة قنوبين
بامر من البطريرك الدويهي .
هذه
الصورة تمثل حقبة بحد ذاتها من الايقونوغرافيا المارونية ، اذ نجد موضوعا غريبا
رسمه الراهب اللبناني بناء على حلم رآه البطريرك الدويهي وطلب منه ان يرسمه كما
يقال . جاء الاسلوب مخضرما بين الايقونوغرافيا والفن الاوروبي الما بعد النهضوي .
وجه العذراء ليس بعيدا بملامحه مثلا عن وجه سيدة ايليج . الملائكة الصغار الملتحفون
بالغيم ، من عصر النهضة . الشمس والقمر من الايقونوغرافيا السريانية.
ج-
صورة الحنية الرئيسية والجانبين :
انها
اقتباس عن الشفاعة DEISIS لكن بتحوير متعمد ، اذ
جعل القديس اسطفانوس شفيع البطريرك الدويهي مكان يوحنا المعمدان . السيد الضابط
الكل وكأنه الحبر الأعظم بتاجه المثلث . الثياب تذكرنا بلباس الأيقونات الانطاكية
المعروفة بالملكية . الرسام غير معروف ، لكن الاسلوب يوحي لنا بأنه حلبي او شامي .
نقدر تاريخها في نهاية القرن التاسع عشر . اما في الحنايا الجانبية ، فنجد شمالا
من ذات الاسلوب القديس يوسف حاملا الطفل يسوع وبيده الزنبقة والمنشار ( ساروقة ) .
اما في الجهة الجنوبية ، فنجد دانيال النبي في جب الاسود وكأن الصورة لا علاقة لها
بالصورتين الاخريتين .انها مختلفة الاسلوب .
سابعا
_ تصاوير اخرى :
هناك
في اماكن اخرى بعض بقايا تصاوير تزينية في عدة اماكن ، ككنيسة دير قزحيا وعاصي
وحوقا مثلا ، لن نقوم بدرسها لانها تشكل موضوعا كاملا ، الا اذا اكتشفت لها ملحقات
.
خلاصة
:
هذه
التصاوير بمعظمها ، وضعها متردد وتحتاج الى الترميم والصيانة وتستحق دراسة شاملة
وواسعة . يمكننا مقارنتها مع مثيلاتها في غير مناطق ، خاصة بلاد البترون وجبيل ،
وبالاخص مع جدرانيات دير مار موسى النبك ومار يعقوب قارا في سوريا . دورتها
الايقونوغرافية متشابهة ، معظمها صور آباء الكنيسة مع بعض المشاهد الخلاصية الكبرى
، كالقيامة ( مرت شمونة ) الصلب والبشارة ( دير الصليب ) المعمودية ( سيدة الدر )
والشفاعة ( قنوبين ) . بالطبع لا نجد الدورة المتكاملة الموجودة في دير مار موسى
مثلا ، لكن هذا القليل هو ذو اهمية تاريخية ، روحية وايقونوغرافية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق