شعراء البلاط
كانت العادة عند الأمراء في العصور الغابرة
جمع المتخصصين بالمدح والهجاء
من حولهم
ليشتموا ويهجوا أعداءهم
وليمدحوا مواليهم ومؤيديهم
وكان هؤلاء الشعراء
هم الوسيلة الإعلامية المتوفرة حينها.
أمّا اليوم
فقد بات لكلّ زعيم جريدة ناطقة بلسانه
وإذاعة تخبر بأعماله
ومحطة تلفزة لشتم أعدائه
والتشهير والإساءة
للصور الفاضلة من الزعماء
التي تستحقّ أن تتصدّر
جدران الكنائس والجوامع
بدل صور القديسين والأولياء
جميع الصحفيين في بلدي
مزاجيون
بحسب وفرة جود الزعماء عليهم
من بحر جودهم الطامي
على حساب الدولة العاجزة
المرهونة والمديونة
لعصابة علي بابا والثلاثين حرامي
فترى ما لا يُرى
وتسمع ما لم يُسمع
ويبصر العميان فضائل الزعماء
ويسمع الصمّ ما فعلوه من منجزات القهر والذلّ لشعبهم
ومن انقطاع الكهرباء
ودفع الضريبة على الضريبة المضافة
وارتفاع الأسعار
وازدياد سلّم الغلاء
ولا يزال معدّل الدخل للفرد
دون وجبة غداء
بعد طول شهر صيام
ويزداد معاش النبلاء
من السادة النواب والوزراء
ثمانون ضعفا على معاش الحدّ الأدنى من العمّال أصحاب الدخل المحدود.
وعلى حساب الشعب الفقير.
فضلا عن الجاريات والجواري
والحرّاس وكلاب الحراسة
والمحروقات لسيارات البنات والبنين ولعائلات المرافقين
والوظائف بدون دوام للمؤيدين
وتوزيع المساعدات
وبيع ما كسد منها
للمتاجرين بلقمة عيش شعب هذا الوطن
والسادة الشعراء
يمدحون الدولة السارقة الناهبة
لأن لهم منها مأربا
ولهم من أرباحها أسهما ومكسبا
وينسبون للشعب الخنوع
بعدم القيام إلى الفلاح وخير العمل
ويتهمونه بالإنقلابيّ على السلطة الحكومية
وبالمتآمر مع العدوّ على التجنيس وعلى التوطين.
وإذا ما قاموا بإضراب على جوع
على زعماء ينادون بشعار:
الأمن والرغيف.
وشعراء بلاط يؤيدون:
كلّ هذه الأكاذيب من عهود إلى عهود
وليس من يكذبهم القول
لأن صوت الشعب الحرّ مخنوق
ولأن قصّة الحكام في بلادي
كقصّة الغول
كان يا ما كان
وشعراء بلاط وطني
ليس فيهم من ينقل الخبر اليقين
لأنهم باتوا جميعا
يعملون شهود زور على لبنان
وعلى شعب لبنان يكذبون
وأخيراً يصدّقون أخبارهم ....
والشعب كل يوم يستيقظ وينام
على أخبار أهل الإعلام والإعلان
الأب جورج صغبيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق