في هذا الجو السائد في لبنان السابق للاستحقاق الانتخابي
والمتصاعد أكثر فأكثر ككل أربع سنوات
حتى باتت تستحق اسم معركة انتخابية
بكل ما لكلمة معركة من معنى
في فتح أبواق الجبهات الطائفية والحزبية
والعمالة والتخوين والشتائم والسباب
والتهديد بفتح الملفات والإحالة إلى القضاء
بمزاجية بعيدة عن كل منطق
يقف الشعب اللبناني
تجاه السادة النواب ممثليه
وتجاه السادة الوزراء
وتجاه زعماء الأمر الواقع
وتجاه التدخلات الإقليمية والأجنبية
مؤيداً أو معارضاً
حتى بات الشارع اللبناني شارعين
يذكرنا بأيام بيروت البيروتين
ولبنان اللبنانيين
والغريب في الأمر
ان أولياء أمرنا في الحكم اللبناني
وأن الجميع على حق
فالمتعارف عليه
ان السادة النواب
هم ممثلو الشعب اللبناني
الذي انتخبهم
فنالوا بهذا الانتخاب ليس على الأكثرية المطلقة بل على ما يسمّى بالحصانة النيابية المطلقة
حتى بات القانون، وهمّ مشرّعوه، عاجزاً عن ان يسائلهم أو يطالبهم.
هؤلاء النواب الذين يطلـّون علينا من عن شاشات التلفزة كل مساء
وفي صفحات الصحف الصباحية
ولا لوم عليهم كما ولا عتب على ما يقولوه أو يفعلوه
وكأن أقوالهم منزلة وأفعالهم معصومة
وان نعت بعضهم بعضاً حيناً بالخيانة والعمالة وأحياناً بالغباء والسرقة وغالباً بصفات الذين انتخبوهم.
مع العلم ان هؤلاء النواب هم من يشرّع لهذا الشعب الذي فقد تاريخه وتربيته قبل ان يفقدهما من مناهجه التربوية.
هؤلاء النواب الذين يتكلمون باسم الشعب اللبناني الذي تثيره الشعارات الطائفية قطعاناً خلف زعمائهم الطائفيين
ناهيك عن مجلس الوزراء الذي هو غالباً ما يتوافق مع المجلس النيابي
كما وان المعارضة ليس بعيدة عن هذا الواقع السياسي فهي من ذات عجينة الزعماء اللبنانيين
وموقف الصحافة اللبنانية هو ناقل الكفر الذي ليس بكافر
ويتصارع الزعماء في لبنان بكلام سافل وسفيه حتى بات زقاقياً غالباً بعد عجزهم عن الصراع بسلاح آخر استخدموه طيلة عشرين عاماً
وينسب كل فريق الى نفسه انه القيّم الوحيد على هذا الوطن
هذا الوطن اللاغالب واللامغلوب ولا اللالبنانان وطن الميثاق ووطن الطائف والوطن السائب وبلد الغاب الذي يغلب فيه الناب على العقل
الوطن الذي حواره متفجرات تأتي على زعمائه مداورة آخرهم رئيس الحكومة السابق الشيخ رفيق الحريري كما محاكاته لا تتوافق على رأي بل بات الوطن مشاعاً لكل الأفكار
هذا الوطن المحدلة
هذا الوطن المزرعة
هذا الوطن الذي يدير شؤونه وزراء ونواب افلتوا عنّة ألسنتهم دون ان يعقلوا
وبات الشعب اللبناني ينسى الظلم الحال فيه بفضل من يتولى أموره الحياتية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية..
هذا الشعب الذي ينتظر كل مساء أمام شاشات التلفزة ليصفق مؤيداً لمن يكون كلاماً أكثر سفهاً وأقبح نعتاً لسواه من الزعماء الآخرين
وطن دبّ فيه الفساد
من يصلح ذات البين بين الموالاة والمعارضة
من يصلح أمر هذا الوطن المريض بعقله قبل جسمه
والمريض بقادته مثل شعبه وقد صدق القول كما تكونون يولى عليكم
ومن المتدارك اليه اليوم انه قد بات مباحاً قول كل شيء دون خجل أو وجل
ومن المستحسن إدراج مقولات النواب الكرام في المجلس النيابي في كتاب تربية ليتعلم فيه أطفالنا مثل هذه المفردات منذ نعومة أظفارهم على مقاعد الصفوف الابتدائية ليتخرجواً على أساسه بأطروحات من الجامعات..
ربّوا أولادنا على الطائفية وسياسة المزرعة ولغة التماهي والتباهي بالشتائم والسباب..
هذا هو واقع وطن علي بابا وتيمور لنك والسلطنة العثمانية
هذا هو واقع الأمر في وطن الصيف والشتاء على سقف واحد
فيا شعب وطني
اطلبوا العلم لا في الصين بل من مجلس النواب في لبنان
ازدادوا ثقافة وتعلموا الآداب من مجلس النواب فانه خير مؤسسة لوطن لا قانون فيه ولشعب لا رأي له في وطنه
ولوطن طائفي يجتمع في التعازي
ولوطن يتقاسم الصفقات والمحاصصات
هذا الوطن القاصر
هذا الوطن غير الناجز
الذي بات مدرسة للكلام الذي لا نجد له وصفاً
داعين بأن يتخرّج شبابنا بالآداب من جامعة مجلس النواب.
آذار 2005 ، مجلة الأميرة، عدد 12، الأب جورج صغبيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق