منذ القديم في العصور الغابرة والمجتمعات البدائية وحتى يومنا هذا مع إطلالة الألف الثالث لا يزال قايين يقتل أخاه هابيل ولا تزال المجموعة الأقوى تستعبد الأضعف ولا تزال سادوم وعامورة وهيروشيما ونكازاكي تحرق بالنار والكبريت.
ولا يزال الظالم
باسم العدالة والشريعة والقوانين حينا
وباسم الديمقراطية أحيانا
وباسم الدين غالبا
يعمَه في ظلم المظلوم والمستضعف والفقير والعاجز
ويبقى هؤلاء دائما الضحية.
ونحن في لبنان
بتنا بما زرعه الغرباء في لاوعينا
وعلى أثر ما أصابنا عبر العصور الخوالي
يقف الواحد منّا بحذر من الآخر
منذ الحروب الهلالية
والحروب الصليبية
وحروب الغرباء على أرضنا
ومنذ عهود الانتداب العثماني
والانتداب الفرنسي والإنكليزي
والاستعمار الأميركي الامبريالي.
هذا
وكلّ العالم صورة لما نحن فيه
فإذا لم يتدارك ما تداركناه
فسلمنا من سؤ العاقبة.
وتبقى هويّة الظالم أن يستمرّ في ظلمه وهويّة المظلوم أن يحتمل الظلم والقهر والحرمان حتى باتت الأرض في جغرافيتها معتقلات جماعية لبعض الشعوب ومراتع لهو وممارسة هوايات صيد البشر تسلية لآخرين
وأصبح الناس حقل اختبار لإختراعات كيميائية ولأسلحة الدمار وعيون نوبل تذرف دموع الأسى على السلام
وبات الإدبار لا ينفع في زمن الأقمار الإصطناعية والطائرات الخفية وعيون التجسّس المنفتحة لا على يقين الناس وحسب بل وعلى لاوعيهم وأخصّ أسرارهم
ومن جرّاء هذا الواقع المستشري في النفوس بات الجميع مخوّنا في دينه ووطنه متّهما حينا بالعمالة وحينا بالإرهاب
وباتت الساحة الإعلامية مفتوحة على مصراعيها للإتهامات والإتهامات المعاكسة والجميع أبرياء إلاّ بعض الأراذل الذين يكونون سبب بلاء الجماعة، والعاقل هو من لا ينجرّ خلف تفاهات الشوارع وردّات الفعل.
فإذا مثلا ما ضرب بن لادن بن بوش بقفازه فلا يعني أن النبي صلب المسيح
وإذا ما ردّ إبن بوش لإبن لادن الصفعة فلا يعني أن حرب البسوس دارت رحاها
فلا بن لادن يمثّل كل المسلمين في العالم
ولا بن بوش يمثّل كلّ المسيحيين في العالم
وإذا ما فجّر أرعن عبوة على باب كنيسة فلا يعني أن أساسات الفاتيكان تصدّعت
وإذا ما ضرب جاهل حجرا على نافذة جامع فلا يعني أن أساسات مكّة تزعزعت
والحال فليس الصليب سيفا ولا الهلال خنجرا
ولا تجعلونا نصدّق أن الله أعلن الحرب على الله
وما دام إلهنا وإلهكم واحد
وما دام وطننا ووطنكم واحد
فتعالوا إلى كلمة سواء في الدين
وتعالوا إلى كلمة سواء في الوطن
وبدلا من أن نصير كلّنا على الله
وكلّنا على الوطن
فلنصبح ولنمسي كلّنا لله وكلّنا للوطن.
ك1 2001 الأب جورج صغبيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق