هل يستطيع الداب من الحيوان،
أن يسير من دون قوائم،
إلا الملعون منها.
أو الطير أن يطير من دون أجنحة،
إلا المبارك منه.
أو الأسماك أن تسبح من دون زعانف...
وهل يبزغ الفجر من دون شروق الشمس،
أو يأتي الغروب من دون مجيء القمر.
هل تستطيع الأرض أن تكف عن الدوران،
أو مياه البحار عن الحركة.
هل يستطيع القلب أن يتوقف عن الدفق،
وتستمرّ الحياة.
أو الرئة عن التنفس،
ولا يفسد الجسد.
هل يستطيع الحلم أن يأتيك من دون رقاد،
أو الألوان بدون بصر.
هل يستطيع الأمس ان يعود،
أو الغد أن يتأخر مجيئه.
هل تستطيع أن تطفئ نور الشمس بمكيال،
أو أن تنير عتمة الكون بضوء سراج مدخّن.
أيها المتأمل في هذه الحياة،
اعتبر من أمسك لغدك،
فإن الأيام كمداميك بناء،
ترصفها الحياة في الزمن،
وفي تجاعيد خلايا جسدك،
وفي توالي سنوات عمرك،
لتسجنك بعدها وحيداً،
في مدفن،
هو مسكنك الدائم،
والذي لا يمكن لأحد أن يستبدلك فيه.
فتمسي، إغماضة الجفون ، بلون الظلمة،
والصمت، فضيلة سكان القبور،
وحركة خلاياك، المتحوّلة إلى تراب.
فتستريح الحياة، قيلولة، في ظل.
وتصير أنت في النسيان،
إلى حين يأتي يوم النشور والبعث.
.
أيها القارئ مستقبلك في فنجان
أو في صفحة زاوية الأبراج
أو عند من يستقرئون الغيب.
قد تكلم الأنبياء والأولياء،
فمن سمع أو يسمع لهم.
وما الذي فتن الناس،
وعطل فيهم الخبر اليقين.
فمنعوا، عن آذانهم، الإصغاء.
وحجبوا، عن عيونهم، البصيرة.
وسدّوا، على قلوبهم، منافذ الفهم.
لقد تناسوا أن متاع الدنيا،
لو دام لغيرهم لما آل إليهم,
فتأمل الذين عبروا من قبل.
ولو أخبرك أحد منهم،
عمّا آل إليه.
هل كنت لتصدّق،
وتعتبر؟!
مجلة الأميرة، عدد 20، الأب جورج صغبيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق