2015/12/18

الميلاد المجيد والمولد الشريف الأب جورج صغبيني





الميلاد المجيد والمولد الشريف

المولد النبوي أو مولد محمد بن عبد الله (ص) كان في 12 ربيع الأول (قال ابن كثير في البداية والنهاية، ج2، ص320: وهذا هو المشهور عند الجمهور) أو 17 ربيع الأول (كما قال الشيخ الصدوق في إقبال الأعمال: "انّ الذين أدركناهم من العلماء كان عملهم على أنّ ولادته المقدّسة كان يوم الجمعة السابع عشر من ربيع الأوّل في عام الفيل") ويحتفل به المسلمون في كل عام. حيث تبدأ الاحتفالات الشعبية من بداية شهر ربيع الأول إلى نهايته، وذلك بإقامة مجالس ينشد فيها قصائد مدح النبي، ويكون فيها الدروس من سيرته، وذكر شمائله ويُقدّم فيها الطعام والحلوى، مثل حلاوة المولد.
يحتفل المسلمون بذكرى مولد النبي محمد وتعد هذه المناسبة عطلة رسمية في عدة دول. ويرجع المسلمون الذين يحتفلون بالمولد النبوي بداية الاهتمام بيوم مولد الرسول إلى النبي محمد نفسه حين كان يصوم يوم الاثنين ويقول "هذا يوم وُلدت فيه" ( رواه مسلم في صحيحه عن أبي قتادة الأنصاري، حديث رقم: 1162).
وحسب أبو شامة، فإن الملاء هو أوّل من اعتنى بشكل منظم بالاحتفال بالمولد. فيما يذكر الإمام السيوطي أن أول من احتفل بالمولد بشكل كبير ومنظم هو حاكم أربيل في شمال العراق، الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين علي بن بكتكين (جلال الدين السيوطي في حسن المقصد في عمل المولد).
يقول إبن تيمية إن "اتخاذ موسم غير المواسم الشرعية كبعض ليالي شهر ربيع الأول التي يقال إنها ليلة المولد، أو بعض ليالي رجب أو ثامن عشر ذي الحجة أو أول جمعة من رجب أو ثامن من شوال الذي يسميه الجهال عيد الأبرار فإنها من البدع التي لم يستحبها السلف ولم يفعلوها... فإن هذا لم يفعله السلف، وعدم المانع منه ولو كان خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله (ص) وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص".( إبن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم ص 295).
وقال الشاطبي في معرض ذكره للبدع المنكرة: "ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي (ص) عيدا وما أشبه ذلك"( الإعتصام للشاطبي 1 / 39).
وقال تاج الدين الفاكهاني: "لا أعلم لهذا المولد أصلا في كتاب ولا سنّة ولا ينقل عمله عن أحد من علماء الأمة الذين هم القدوة في الدين المتمسّكون بآثار المتقدمين" (عمل المولد ص 20- 21).
وقال إبن الحاج: "ذلك زيادة في الدين ليس من عمل السلف الماضين، واتباع السلف أولى بل أوجب من أن يزيد نية مخالفة لما كانوا عليه، لأنهم أشد الناس اتباعا لسنة رسول الله (ص) وتعظيما له ولسنته، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك، ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد ونحن لهم تبع"( المدخل 2 / 11- 12)
وقال محمد بن إبراهيم آل الشيخ: "لم يكن الاحتفال بمولد النبي (ص) مشروعا ولا معروفا لدى السلف الصالح رضوان الله عليهم ولم يفعلوه مع قيام المقتضي له وعدم المانع منه ولو كان خيرا ما سبقونا إليه فهم أحق بالخير وأشد محبة للرسول (ص) وأبلغ تعظيما له... فلما كان غير معروف لدى السلف الصالح ولم يفعلوه وهم القرون المفضلة دلّ على أنه بدعة محدثة"( فتاوى محمد إبراهيم 2 – 3 / 57).
وأنشد الشاعر أحمد شوقي:
ولد الهدى فالكائنات ضياء وفم الزمان تبسم وثناء
الروح والملأ الملائك حوله للدين والدنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي والمنتهى والسدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الربا بالترجمان شذية غناء
والوحي يقطر سلسلا من سلسل واللوح والقلم الرفيع رواء
نظمت أسامي الرسل فهي صحيفةفي اللوح واسم محمد طغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه ألف هنالك واسم طه الباء
ياخير من جاء الوجود تحية من مرسلين الى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيين الذي لا يلقي الا الحنائف فيه والحنفاء
خير الأبوة حازهم لك آدم دوم الأنام وأحرزت حواء
هم أدركوا عزّ النبوة وانتهت فيها اليك العزة القعساء
ميلاد يسوع المسيح
حسب التقليد المسيحي، يحتفل به في 25 ديسمبر/ كانون الأول. وفي الكنائس الأرثوذكسية في 6 يناير/ كانون الثاني الذي هو ذكرى عيد الغطاس أو عمادة الرب يسوع على يد يوحنا المعمدان في نهر الأردن.
يذكر إنجيل لوقا ومتى حدث الميلاد في بيت لحم، في مدينة النبي داود، حين طلب أغسطس قيصر إحصاء سكان الإمبراطورية الرومانية تمهيدًا لدفع الضرائب، ولذلك سافر يوسف مع مريم من الناصرة وعند وصولهما إلى بيت لحم لم يجدا مكانًا للإقامة في فندق أو نزل وحان وقت وضع مريم، فبحسب إنجيل لوقا وضعت طفلها في مذود ولفته بقماط. (لوقا 2/7) وظهر ملاك من السماء لرعاة في المنطقة مبشرًا إياهم بميلاد المسيح، وظهر في إثره جندٌ من السماء منشدين المجد لله في العلى... فالرعاة شاهدوا المولود وانطلقوا مخبرين بما قيل لهم من قبل الملاك، والمجوس الثلاثة بحسب رواية إنجيل متى قدموا الهدايا للمولود وهي من الذهب والبخور والمرّ (متى 2/11)، بعد أن سجدوا له. وقد قام نجم من السماء بهداية المجوس من بلادهم إلى موقع ميلاد ملك اليهود. ويتفق إنجيل لوقا ومتى بأن المسيح قد ولد في عهد الملك هيرودس.
ميلاد المسيح حسب الإنجيلي متى 1: 18- 25
18 اما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم امه مخطوبة ليوسف قبل ان يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس. 19 فيوسف رجلها اذ كان بارا ولم يشأ ان يشهرها اراد تخليتها سرا. 20 ولكن فيما هو متفكر في هذه الامور اذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلا: "يا يوسف ابن داود لا تخف ان تاخذ مريم امراتك لان الذي حبل به فيها هو من الروح القدس. 21 فستلد ابنا وتدعو اسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم". 22 وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي: 23 "هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل" الذي تفسيره: الله معنا.
24 فلما استيقظ يوسف من النوم فعل كما امره ملاك الرب واخذ امراته. 25 ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر. ودعا اسمه يسوع.
إن عيد ميلاد يسوع المسيح بالجسد، وهو منذ الأزل، وكما جاء في قانون الإيمان هو مولود غير مخلوق، إله من إله، نور من نور...
عيد المولد النبوي عام 1558 كان في 12 ربيع الأول سنة 966 هجرية، حيث صادف مع مولد المسيح في 25 و26 ديسمبر.
ويوم 12 ربيع الأول من هذا العام الهجري سيكون موافقا ليوم 24 و25 ديسمبر 2015 ميلادي مما يعني أنه سيتوافق عيد المولد النبوي مع عيد ميلاد المسيح.

وكلّ عيد ميلاد ومولد وأنتم بخير.

ليست هناك تعليقات: