أكرم أباك وأمك
أخبرني والدي ذات يوم أنه كان لأبٍ ابنٌ وحيد، إعتنى وتعب في تربيته، فكبُر الولد وتزوج بعد وفاة والدته، وسكن الإبن مع أبيه في نفس البيت، إذ لم يكن له أي مكان آخر للسكن.
كبر الأب وشاخ وساءت صحته، بسبب العمر، وأصبحت يداه ترتجفان وكان كثيرا ما يقع الطعام منه، وهو يحاول أن يضعه في فمه، واحيانا يقع منه الصحن على الأرض منكسرا.
فاتفق إبن الرجل العجوز مع زوجته المنزعجة من والده، أن يُجلسوا الأب في زاوية من المنزل منفردا، وصنع الإبن لأبيه صحنا من خشب ليأكل فيه، حتى إذ وقع من يده على الأرض لا ينكسر.
حزن العجوز لهذه المعاملة التي يتلقاها من إبنه في غصّة صامتة دون أية ردّة فعل ظاهرة.
و مرّت الأيام
وتوفي الرجل العجوز فحزن جيرانه عليه لأنه كان رجلا صالحا، يساعد غيره من الناس المحتاجين، ولا يردّ طلب قارعٍ بابه، ولم يكن يسيء إلى أحد حتى ولو أسيء إليه.
وأمّا في المنزل فقد قام إبنه بحسب توجيهات زوجته، فجمع ثياب والده وكل ما كان يستعمله في باحة الدار وأحرقها، بينما الولد الصغير يلعب في الخارج وينظر إلى ما يحدث.
وتنبّه والد الصبي إلى أنه نسي صحن طعام والده وملعقته الخشبية فجاء بهما ورماهما في النار، فاسرع الصبيّ الصغير وانتشل الصحن والملعقة من النار وأخذ بتنظيفهما وغسلهما.
فرآه والده وسأله: ماذا تفعل ايها الصبي أعدهما إلى النار.
فأجابه إبنه الصغير: سأحتفظ بهما حتى أطعمك بهما حين تصبح عجوزا مثل جدّي.
فما أن سمع والد الصبيّ كلام إبنه الصغير حتى أجهش بالبكاء نادما على سوء معاملته لأبيه الشيخ العجوز.
ولكن الأوان فات حتى يعوّض والد الصبيّ الصغير ما أساء به هو وزوجته من معاملة والده العجوز.
يقول الله في الوصية الرابعة من وصاياه العشرة: أكرم أباك وأمك
الأب جورج صغبيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق