2014/01/07

آخر انقلاب في لبنان الأب جورج صغبيني


آخر انقلاب في لبنان

كان على زعماء لبنان بذل كل جهد ممكن ما دام شعبهم يؤمن بان حكامه يقيمون العدل ويحققون له الحماية والخيرويوفّرون له الأمن والرغيف.
ولكن عندما يشعر الشعب بان حكامه متخاذلون وليسوا آلهة ولا أبناء آلهة كما يزعمون وأن هؤلاء الحكام هم أشباه رجال قد وقعوا تحت سيطرة حكام الأقاليم وكبار الموظفين الذين أشاعوا الظلم ونهبوا الشعب عن طريق الضرائب الباهظة ومارسوا الغطرسة والطغيان ... عندئذ يهبّ الشعب لينتقم من الجميع ويحدث ما لم يكن يتوقّعه الحكام.
فالثورة في لبنان ستكون انقلابا تفرض فيه طبقة الفقراء المعدومين ديكتاتوريتها على طبقة الأغنياء والحكام المتخمين، ويصير الأولون آخرين والآخرون أولين، ويتمّ استبدال القصور بخيم المهجرين على النحو الذي أشار إليه الأنبياء... في نشيد "تعظّم نفسي الربّ":
لأن القدير شتت المتكبّرين بأفكار قلوبِهم،
حطّ المتكبرين عن الكراسي، ورفع المتواضعين،
أشبع الجياع خيراً والأغنياء أرسلهم فارغين.

وكما يقول أحد الحكماء:
"أصبح الفقراء يمتلكون أشياء جميلة وأصبح العظماء في حالة يرثي لها...
لقد حل الحزن في قلوب أصحاب الأصل الرفيع ... أما الفقراء فقد امتلأوا سرورا في قبورهم.
قد دمرت قصور الملوك ونهبت قبورهم... وأصبح الحكام جياعا يعيشون في بؤس ...
وقضاة البلاد طردوا من بيوت العدل ...
والذين كانوا يرتدون الكتان الجميل أصبحوا يضربون على وجوههم...
وأصبحت كل بلدة تقول: هيا نقضي عل كل الأقوياء والأغنياء ...
ونهبت المخازن وانعدمت الغلال ...
فلا زرع ولا حرث ولا حصاد وساد الجوع ...
وجرد القوم من ملابسهم وعطورهم وأصبح كل إنسان يقول.. لم يبق شيء ...
وهكذا صار العبيد أسيادا وأصحاب العبيد عبيدا ...
ومن لم يكن في قدرته أن يقيم حجرة أصبح يملك فناء وسورا ...
ومن كان يبيت في العراء أصبح يجد كثيرات من السيدات النبيلات الشريفات اللاتي كن ينمن علي أسرة أزواجهن فأصبحن ينمن على الأرض وهنّ يرتدين خرقا بالية...

هذا ما سيحدث نتيجة للظلم بسبب فساد الحكام وطغيانهم وعدم التزامهم بتطبيق العدالة...
فيهبّ الشعب فجأة ويثور، وتسقط رؤوس كثير من الملوك والحكّام ...
خرج شعب فرنسا من كل قرية وكل مدينة... بل في كل زقاق خرجوا ... يدفعهم الجوع ... بسبب انعدام ضمير حكامهم الفاسادين والمرتشين... خرج كل هؤلاء في ثورة... ونجحت ثورتهم ... وقضوا على رموز الفساد ...
إنها ثورة جياع لا يُشبعهم "بسكويت" ماري انطوانيت وقد غلبهم فقرهم... إنها أيها الحكام، ثورة المستسلمين لظلمكم ... لقوانينكم الحزبية... لتعاليمكم الطائفية الكاذبة ... لأحكام قضاتكم التي زجّت بهم في السجون والقبور...
هؤلاء سيحملون إعلان حقوق الإنسان والمواطن  La Déclaration des droits de l'Homme et du citoyen، الذي أصدرته الجمعية التأسيسية الوطنية الثورية الفرنسية في 26 آب/أغسطس 1789. التي نادى بها جان جاك روسو، جون لوك، فولتير، مونتيسكيو ودي لافايت للانتقال من حكم زعيم مطلق إلى حكم دستوري. فتحوّلت فرنسا إلى جمهورية وبعدها كان سقوط الباستيل والغاء الإقطاع، وإعلان سلطة الشعب التي جعلت الجميع متساوين أمام القانون، وحق الملكية وحق الأمن وحق مقاومة الظلم والاستبداد... وحقّ حرية التعبير وحرية العقيدة على أن تكون هذه الأفكار غير مخلة بالأمن العام...
وفي 5 تشرين أول/ أكتوبر 1789، بعد المسيرة إلى فرساي، قامت نساء فرنسا بتقديم "عريضة للجمعية الوطنية" مطالبة بمنح المساواة للنساء اللواتي منحن المساواة بعد نحو 150 سنة في دستورعام 1946.
وكذلك مع تفجّر بركان الثورة في فرنسا عام 1789، بدأت فكرة تحرير العبيد، وتحريم تجارة الرقيق في عام 1794، وقد ألغيت فكرة العبودية بشكل رسمي في نيسان/ أبريل عام 1848.
وأنتم أيها الزعماء في القرن الحادي والعشرين لا تزالوا تحكموننا كما لويس السادس عشر، وستكون عاقبتكم على مقصلة شعبكم الذي صفّق لكم بالأمس، والذي ينادي اليوم بإسقاط نظامكم، وغدا سيحطـِّم أصنامكم. 




ليست هناك تعليقات: