2012/03/20

-مَشْحَةِ-المَرْضَى-الأب-جورج-صغبيني-راهب-لبناني-ماروني

الأب جورج صغبيني





سِرُّ مَشْحَةِ المَرْضَى





محاضرة
في بيت مار شربل ـ بقاعكفرا
الأحد 2 تموز २०००




تمهيد
هذا السر الذي هو سر الشفاء، لا سر الموت، وهو أصعب الأسرار التي يختبرها الإنسان. إذ يقف أمام ضميره فيستعيد أحداث حياته كلّها ليحاسب ذاته، قبل يوم الحساب، تائبا نادما على جميع خطاياه.
هو السر السابع والأخير من أسرار الكنيسة وقليلون هم الذين عاشوا هذا السر واختبروه فوصلوا إلى عتبة الموت وعادوا، ويعتبر البعض عن خطأ في التفكير والإيمان ممّن لا رجاء لهم، "إنو الخوري إجا فراحت على الزلمي".








رموز المشح
مصدر مادة هذا ا لسرّ هي شجرة الزيتون علامة بركة الله للإنسان وغصنها الذي حملته حمامة نوح يرمز إلى عهد السلام بين الله والإنسان بعد الطوفان (تك 8/11).
فالله يشبع شعبه من غلال هذه الشجرة (تثنية 11/14).
والزيت غذاء أفاضه النبي إيليا في خوابي أرملة صارفة صيدا (1ملوك17/14 و2ملوك 4/1-7).
وهو عطر يطيّب به الجسم (عاموس 6/6 وأستير 2/12) ويقوّي الأعضاء (حزقيال 16/9) ويخفّف القروح (أشعيا 1/6 ولوقا 10/34).
وهو يُستعمل للإضاءة (خروج 27/20 ومتى 25/3-8).
والزيت بالعموم عند الشعب اليهودي له مفهومان:
1- مفهوم الفرح إذ يعطي الزيت للجسد صحّة وجمالا (مز 109/18) وخاصّة الزيت المطيَّب والمعطَّر (أمثال 27/9) وكان يستخدم خاصة في الأعياد (عاموس 6/6). فقد أوصى المسيح الصائمين بغسل وجوههم والدهن بزيت الطيوب لئلا يظهروا للناس صيامهم(متى6/17).
2- أمّا مفهوم الحزن الذي طغى على سرّ مشحة المرضى فكان يُعتبر عدم المسح بالزيت نكبة (تثنية الإشتراع 28/40 وميخا 6/15) كما وكانت الدلالة على الصوم عدم المسح بالزيت والطيوب(دانيال10/3 و2صموئيل12/20)
وكان سكب الزيت على الضيوف علامة تكريم وقد ورد في إنجيل لوقا 7/38-46 أن المرأة الخاطئة في بيت سمعان دهنت قدمي يسوع بالطيب فقال يسوع لسمعان: أنا دخلت بيتك فما سكبت على قدمي ماء وأما هذه فغسلتهما بدموعها أنت ما دهنت رأسي بزيت أمّا هي فبالطيب دهنت قدميّ(لوقا 7/38-46).
كما وان مريم أخت لعازر دهنت قدمي يسوع بالطيب مما كان سبباً في تعليق يهوذا على إعطاء ثمن هذا الطيب للفقراء فكان جواب المسيح: الفقراء عندكم في كل حين... وإذا كانت سكبت الطيب على جسدي فلتهيّئه للدفن (متى 26/6-13 ) واتركوها، هذا الطيب حفظته ليوم دفني (يو 12/1-8).
وجاء نيقوديموس وكان معه خليط من المرّ والعود فحمل جسد يسوع وسكب عليه الطيب ولفّه في كفن على عادة اليهود في دفن موتاهم.(يو 19/39-40)
ويقول مرقس (16/1): لما مضى السبت اشترت مريم المجدلية بعض الطيب ليذهبن ويسكبنه على جسد يسوع.


المشح بمعنى التكريس
كان الملوك يُمشحون بالزيت عند اختيارهم لتسلّم قيادة الشعب وتكرّسهم لهذه المهمّة أي التزامهم مدى الحياة بما ائتُمنوا عليه كما مسح النبي صموئيل شاوول أول ملك على إسرائيل(1صموئيل 10/1) ومن بعده داوود (1صمو 16/13) وقد دعي كورش الملك البابلي الوثني بمسيح الرب(إشعيا 45/1)لأنه سمح بعودة الشعب اليهودي من سبي بابل إلى أرض إسرائيل.
وعلى المستوى الكهنوتي فموسى مسح أخاه هارون (خروج 29/7 ولاويين8/12) وكذلك أبناء هارون (خروج28/41 و40/15 )
وقد أمر الله إيليا النبي بأن يمسح من بعده أليشاع النبي (1ملوك19/16) والمسح يعني الإختيار كما ورد في أشعيا 61/1: إن روح الرب عليّ لأنه مسحني وأرسلني لأبشر المساكين. وهذا التعبير يردّده المسيح في بداية بشارته كما جاء في لوقا (4/18-21).
فكذلك المسيحي الذي يمسح بزيت العماد وزيت الميرون الذي يكرّس هذا المسيحي لله وكذلك زيت المشحة يحميه وينجيه من سلطة الشرّ وسلطة الموت عليه. فهي إشتراك بمسحة المسيح.
وإن رشاش الدمّ على عتبات بيوت اليهود في مصر، قبل الخروج إلى أرض المعاد، جنّبتهم ضرب ملاك الموت لأبكارهم الذي عبر عن البيوت التي على عتباتها رش الدماء هذه، وضرب أبكار المصريين.
ويعقوب بعد رؤياه أقام نصبا وصبّ عليه زيتا (تكوين 28/18).
فالمشيحا هو الممسوح، وكلّ ممسوح هو مكرّس لله، وبهذا المعنى اعتبر اليهود ذواتهم أنهم شعب الله المختار.
والأسرار في الكنيسة التي يستعمل فيها الزيت هي المعمودية والتثبيت الكهنوت ومشحة المرضى (إلا التوبة والقربان والزواج).
والذي ينال مشحة المرضى يصبح مكرّسا لمكوت الله كما المعمَّد: أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم المسيح قد لبستم أو كما الكاهن: أنت كاهن إلى الأبد.
والمسيح الذي مسح عيني الأعمى بطين وقال له: إمضِ واغتسل في بركة سلوام. فمضى واغتسل فشفيَ وأبصر فإنه ترك لنا المرضى والمنازعين حتى نحن بدورنا نهتمّ ونعتني بهم ونخفّف من آلامهم.

رتبة مشحة المرضى
أول ذكر في المسيحيّة لهذا السر نجده عند مار يعقوب في رسالته 5/13-15.
فالزيت بالعموم قد استعمله الناس لتخفيف آلام المرضى والمصابين بجروح كما ورد في مثل السامري الذي سكب زيتا وخمرا على الذي وقع بين أيدي اللصوص (لو 10/34).
وقد جاء في كتاب الرتب الطقسية تحت عنوان رتبة القنديل التي تتضمّن سبع قومات أو صلوات. وفي كل رتبة يشعل فتيل زيت اختصرتها الكنيسة إلى رتبة واحدة لا بل اختصرتها إلى صلوات على المريض. وجميع هذه الصلوات هي صلوات شفاء وصلوات توبة وليس فيها ذكر للموت إلا في القسم الأخير الذي يتضمّن صلوات على الميت بعد خروج النفس من الجسد. فسرّ مشحة المرضى هو سرّ توبة لشفاء النفس من الآثام والخطايا كما ولشفاء الجسد من الأمراض والعاهات. حتى يستعيد الإنسان برارته وجماله الأول الذي فقده بسبب الخطيئة، ليتهيأ للعودة إلى بيت أبيه السماوي بحلّة العرس التي تؤهله للجلوس مع المدعوين في ملكوت الله.
فجميع الذين شفاهم المسيح غفر لهم خطاياهم قبل فعل الشفاء هذا. فقبل أن يشفي مخلّع كفرناحوم غفر له خطاياه (متى9/1-7).
وحين أرسل المسيح تلاميذه الإثني عشر أعطاهم السلطان قائلا: ...اشفوا المرضى اقيموا الموتى طهروا البرص أَخرجوا الشياطين. (متى 10/1-8) ويقول مرقس: فمضوا وكرزوا بالتوبة وأخرجوا شياطين كثيرة ومسحوا بالزيت مرضى كثيرين وشفوهم.(مر 6/13).
ويخبرنا كتاب أعمال الرسل أن الناس كانوا يخرجون المرضى إلى الشوارع ويضعونهم على أسرّة ليقع ولو ظلّ بطرس عند اجتيازه على بعضهم... كانوا جميعهم يشفون.(أع5/15-16)

ألألم والشفاءات
والسؤال المطروح لماذا يتعذّب البشر ويمرضون ويموتون؟
فالإنسان لا يريد المرض ولا يشتهي الألم والله كذلك لا يريد أن يتألم الناس.
فمن أجل خلاصنا تجسّد المسيح ليحمل آلام الناس في جسده ويحمل خطايا العالم كصليبه ويموت فداء عن البشر (مغفورة لك خطاياك قم احمل سريرك وامشِ، يا ابنتي إيمانك أبرأك) شفى المسيح الأمراض على أنواعها وعلّمنا بالرجل الذي ولد أعمى أنه لا هو ولا والداه أخطأوا بل لتظهر أعمال الله فيه (يو 9/1-7).
فالمسيح يشفي المرضى ويطرد الشياطين (مر 13/17) و(لو 14/6) و(متى 4/23).
والآيات تتبع الرسل: باسمي تشفون المرضى وتطردون الشاطين وإن تؤمنوا تصنعون آيات أعظم من هذه. فالنازفة صرفت كلّ مالها على الأطباء ولم تستفد شيئا ولكن التجاءها إلى المسيح بإيمان وبلمسها طرف ثوبه نالت الشفاء (متى 9/20).
فالإلتجاء إلى العرّافين والسحرة سببه عدم الإيمان وقلّة الثقة بالله.
لن يتمكّن الإنسان من إزالة المرض والقضاء على الأوجاع ولكنّه بمحبته لأخيه الإنسان يستطيع أن يخفّف هذه الآلام بزيارته لمريض أو بمؤاساته له في وجعه.
كما وYن الإنسان لن يستطيع إيقاف الموت الذي يحصد الناس في ساعة لا يعلمونها كبارا وصغارا شبانا وأطفالا في المساء أو في الصباح أو عند صياح الديك.
لقد صلّى المسيح ليلة نزاعه: يا أبتي أجز عني هذه الكأس لكن لا كمشيئتي بل كمشيئتك.
فالموت مع المسيح أصبح لا آخر محطّة في الحياة بل مرحلة عبور من هذه الحياة إلى حياة الأبد.
فساعة الموت هي أرهب لحظة يعيشها الإنسان
لا شيء يمكن أن يفتديه
لا أملاك
ولا مال
ولا أبناء
كل إنسان يموت لأن حتمية الولادة هي الموت
من لا يولد لا يموت
وكل مولود مائت
والذين يخافون الموت هم الذين لم يعرفوا كيف يعيشوا
فالذي يعرف كيف يحيا يعرف كيف يموت.
في وقت النزاع يكون الإنسان فريسة الأوجاع والآلام
فإمّا يحتملها ويموت كالقديسين وكلصّ اليمين
وإمّا تكون سبب تجديف وكفر كما لصّ الشمال.
بعض الناس يرفضون قبول هذا السر لأن الشيطان يكون قد استحوذ عليهم.
وكثيرون عند ساعة الموت يطلبون أقرباءهم لوداعهم وأيضا الكاهن ليمشحهم تائبين مزودين بسر القربان الذي هو زاد السفر الأخير مردّدين كلص اليمين: اذكرني يا رب في ملكوتك.
إن مشحة المرضى كما قلنا ليست بالضرورة للموت بل هي مشحة الشفاء للنفس والجسد كما يقول القديس يعقوب:
هل فيكم مريض
فليدعُ كهنة الكنيسة ليصلّوا عليه ويمسحوه بالزيت
فإن صلاة الإيمان تخلّص المريض
والرب ينهضه
وإن كان ارتكب خطايا تُغفر له.(يع 5/14)
فالمشحة تهيء المريض المدنف والمشرف على الموت ليقدّم الآمه للمسيح ويترجى الله ويترجى قيامة الموت والحياة في الدهر الآتي كما نردد في ختام النؤمن.
وكان الختيارية والعجائز يصلون في عافيتم وقبل اقتراب أجلهم: يا رب اعطيني آخرةصالحة تاموت موتي هنيي وقربانة طريي لا حريق ولا غريق ولا تشرحط عالطريق
فحضور الكاهن مع العائلة حول سرير المريض هو كيوم حضورهم حوله في يوم عماده وتثبيته وقربانته الأولى وزواجه لأن مسحة المرضى هي سرّ كسائر أسرار الكنيسة.
يمنح الكاهن سرّ المشحة للمريض بدهن حواسّه بزيت المشحة راسماً شكل صليب كما يوم العماد على وجهه وجميع حواسه ملتمسا للمريض الشفاء من كل مرض في النفس والجسد.
إن كان سرّ المعمودية هو باب الدخول إلى كنيسة المسيح جماعة المؤمنين فإن سر المشحة هو باب الدخول إلى الملكوت السماوي جماعة القديسين.
اما تطييب جسد الميت فهو عادة قديمة من أجل أن لا يستنشق الناس رائحة الموت
وكذلك التحنيط الذي اشتهر به المصريون إيمانا منهم بخلود الإنسان.
فنيقوديموس طيب جسد المسيح قبل دفنه (يو19/39) وكذلك المريمات حملن حنوطا في غلس يوم السبت.
فمسح المريض المدنف بالزيت قبل موته هو أيضا لخلود نفسه بعد الموت حتى لا يرى قدوسك فسادا.
فالمشحة مع القربان المقدس هي الزوادة الأخيرة للمسافر من هذه الحياة إلى حياة الأبد ولا نزال نرتّل حتى اليوم: قد اتخذتك يا ابن الله زادا لي في السفر لأن العادة المسيحية القديمة كانوا يضعون القربا ن المقدّس في فم الميت وقد حرّم مجمع قرطاجة سنة 397 هذه العادة ومنعها.
فالجسد الفاسد يلبس بالمسيح عدم الفساد والمائت يلبس عدم الموت كما يشرح لنا ذلك بولس الرسول في رسالته الأولى إلى أهل كورنتس 15/53 . فالذين رقدوا لا نحزن عليهم كمن لا رجاء لهم. فإن كنّا نؤمن أن المسيح مات ثمّ قام فسيحضرهم الله معه (1تسالونيكي 4/13-14).
وإن قصةسراج الزيت في مثل العذارى الحكيمات إنما هو رمز للذين يحافظون على المسيح النور مضاء فيهم ليستقبلهم يوم عرس الدينونة ويدخلهم إلى فرح الملكوت السماوي بدلا من أن يغلق الباب في وجههم.
وقد أنشأت الكنيسة اخوية الميتة الصالحة وشفيعها مار يوسف المائت بين يدي يسوع ومريم لتجعل من المنتمين إلى هذه الأخوية خاصة أن يتهيأوا كل يوم لمثل هذه الساعة.
ألا نصلّي في فعل الندامة: أن أموت قبل أن أغيظك فيما بعد؟
ألا نطلب بذلك الموت، فكبف إذن نرفضه في لحظة اقترابه منّا. مَثلـُنا مثل ذاك الحطّاب المتذمّر من الحياة وشقائها مناديا الموت لكي يأتي ويأخذه فيستريح من هذه الحياة. وعندما حضر الموت وسأله هل ناداه؟ أجابه الحطّاب: نعم ناديتك لتساعدني على حَمْلِ رزمة الحطب هذه على ظهري.

صلاة الوداع
المسيح صلّى ليلة آلامه ونزاعه في بستان الزيتون: يا أبتاه أجز عني هذه الكأس لكن لتكن مشيئتك لا مشيئتي (لو 22/40) وعلى الصليب قال لقد تمّ وأسلم الروح (لو 23/46).
ورد في كتاب قوانين المجمع اللبناني في باب الأسرار الفصل الرابع تحت عنوان "في المسحة الأخيرة"، قانون 209 و210 : قد رسم ربنا يسوع المسيح مسحة المرضى المقدسة سرا حقيقيا كما اشار إليها القديس مرقس حيث يقول:" ومسحوا بالزيت مرضى كثيرين فشفوهم"(6/13) وقد أبرزها القديس يعقوب الرسول أخو الرب للمؤمنين وأوصاهم بها حيث قال:" هل فيكم مريض فليدع كهنة الكنيسةوليصلوا عليه ويمسحوه بالويت باسم الرب..."(5/14) ومن هنا تعلّم الكنيسة مادة هذا السر كما تعلّمت بالتقليد المسلّم إليها يدا بيد... وينبغي التمسّك بما حدّده الـمجمع التريدنتيني المقدس(1545-1563) في القوانين التالية:
من قال أن مسحة الأخيرة ليست سرا حقيقيّا قد رسمه ربنا يسوع المسيح وأبرزه القديس يعقوب الرسول وإنما هي طقس سلمه إلينا الآباء أو هي اختراع بشري فليكن محروما.
ومن قال أن مسحة المرضى المقدسة لا تفيد نعمة ولا تغفر الخطايا ولا تنعش المرضى بل إنها قد بطلت كأنها لم تكن من قبل سوى موهبة الشفاء فليكن محروما.
مادة هذا السر كما جاء في قانون 211:
هي الزيت المأخوذ من عصارة ثمر الزيتون يباركه الأسقف مع سائر الزيوت المقدسة يوم خميس الأسرار من كل سنة.
صورة هذا السر كما جاء في قانون 217:
هي كلمات يتلوها الكاهن: أيها الآب القدوس طبيب الأنفس والأجساد السماوي يا من أرسلت ابنك ربنا يسوع المسيحليشفي كل مرض ويولي النجاة من الموت إشفِعبدك هذا من كل مرض في النفس والجسدبنعمة مسيحك الذي ينبغي لك التمجيد معه ومع الروح القدس الآن وعلى الدوام وإلى الأبد.
ويجب مسح الحواس الخمسة من الجسد. قانون 218.
ولا يكرّر هذا السرّ في مرض واحد إلا إذا تماثل المريض للشفاء ثمّ عاوده خطر الموت. قانون 229 ت.
أمّا إذا حدث موت أحد خلوا من المشحة الأخيرة بذنب الكاهن عوقب كاهن الرعية بمنتهى الشدة من قبل رئيسه. قانون 230 ب.
إن الكنيسة إذ تولي هذا السر أهمية كبيرة تلزم الكاهن بالعناية بالمرضى وعيادتهم مخافة خسران أحد المؤمنين الإمدادات الروحية ومفارقته هذه الحياة خلوا من أسرار الإعتراف والمناولة والمسحة الأخيرة. قانون 231 أ.
ومتى عَلِمَ الكاهن بمرض أحد المؤمنين الموكلين إلى عنايته فلا ينتظر أن يدعى إلى زيارته بل فليمضِ إليه من تلقاء ذاته لا مرة واحدة بل مرارا متعددة بحسب الإقتضاء... قانون 231 ب.
ويشدد المجمع اللبناني على كاهن الرعية بأن لا يولي حق الدفنة الكنسية:
1 - الكفار والمارقون من الدين المسيحي والمشاقون.
2 - المحرومون حرما كبيرا ومشهورا والممنوعون بأسمائهم...
3 - المنتحرون عن يأس أو عن غضب... إلا المعتوه والمختل.
4 - المتجندلون في ساحة المبارزة وإن أظهروا قبل وفاتهم إمارات التوبة.
7 - الأطفال المائتون بدون معمودية إلا بحسب ما يرتئيه الأسقف.

وفي الختام نعود لنشدّد على أن سر مشحة المرضي إنما هو تهيئةالإنسان لقبول حالة الموت قبل حصوله بالتوبة ومناولة القربان والمشحة كما لو كان يتهيأ وهو صغيرا لقربانته الأولى أو يتهيأ كما الحال اليوم لسرّ الزواج.
فالمسيح لا يريد هلاك الإنسان بل خلاصه، فمن أجله تجسد ومات وقام منتصرا على الموت. حتى كما نشاركه آلامه وموته يشاركنا هو مجده في السماء التي لم يستطع بولس الرسول أن يصفها فقال: لم ترها عين ولم تسمع بها أذن ولم تخطر على قلب بشر.
فعسانا أن نتهيأ لهذا اليوم ونحن في عافيتنا ووعينا أفضل مما ونحن على فراش المرض وفي غيبوبة الألم فتكون آخرتنا آخرة صالحة كما حياتنا التي عشناها مع المسيح وله.
والذي كان لنا طعاما غير فانٍ لن يجعلنا طعاما للنار التي لا تطفأ في مجيئه الثاني. وعلى مثال مار شربل الذي اختمر طيلة حياته بعجنة قربانه، فمات والقربان بين يديه فحفظ المسيح جسدَه من الفساد. ونحن معه على موعد، "بكرا منلتقى بالسما...".

ليست هناك تعليقات: