2013/03/19

حياة وسيرة مار يوسف الأب جورج صغبيني


حياة وسيرة مار يوسف


لا نعرف بالحصر الشيء الكثير عن حياة القديس يوسف، وليس هناك من وثائق تاريخيّة تخبرنا عن مكان وزمان ولادته أو موته. لكن ما نعرفه، من خلال الكتاب المقدس والتقليد، هو أنّ يوسف خطيب مريم متحدّر من بيت  داود الملك[1]. وهو كذلك، إبن يعقوب بن ماتان، من نسل داود  الملك  وابراهيم  أب الآباء...[2] وابن عالي[3]. وتجدر الإشارة هنا إلى أن عالي ويعقوب أخوان. تزوج عالي، وتوفاه لله، دون أن يرزق طفلاً. فتزوج عندئذ يعقوب، امرأة أخيه عالي، ليقيم نسلاً لأخيه، كما أمر الرب  في  الناموس[4].

وكان الناس يحسبون، أنَّ يسوع هو: إبن يوسف[5]  وإبن النجار[6]. أما تحديد عمر يوسف البار، فإنَّ الآب فرنسيس فيلاس يرتئي: "ان يوسف ولد، قبل العهد المسيحي، بخمس وعشرين سنة. إذ إن الشريعة اليهودية، تقضي على الشاب، أن يتزوج في الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة. ويوسف كان، في الثامنة عشرة، يوم خطبته"[7].

لكن السنكسار الماروني، وهو حياة وسيرة القديسين، يورد: "أنّه يوم خُطِبت العذراء ليوسف، كان في الثامنة والثلاثين من العمر"[8].

إلاّ أن بعض علماء الكنيسة، يقولون: "أنّه (أي مار يوسف) كان في الأربعين من العمر من سنيِّه، يوم خُطِبت له مريم إبنة يواكيم وحنّة".

ويوسف خطيب مريم، كان رجلاً صدّيقاً[9]. لذا اختاره الله الآب، ليكون خطيباً لأم ابنه. ويوسف الصدّيق، إذ رأى خطيبته حبلى احتار في أمرها، ومنعته برارته من أن يشهّرها، فهمَّ بتخليتها سراًّ[10]. لكن ملاك الرب، كشف له الحقيقة... ومنذ  تلك اللحظة جعل يوسف خطيب مريم، حياته وقفاً على خدمة أم الله وابنها.

منذ ميلاد يسوع، كان يوسف، يسهر على رعاية الطفل، متمماً بذلك النبؤات والشريعة: فما أن حان اليوم الثامن، حتى أخذ يوسف ومريم الصبي ليختن. وسمّياه يسوع، بحسب قول الملاك[11]. ومن ثمَّ صعدا به إلى أورشليم، ليقرّباه للرب، كما تأمر الشريعة في سفر الأحبار[12].

وكذلك هرب يوسف، بيسوع ومريم، إلى مصر، كما أمره ملاك الرب خوفاً من هيرودوس طالب نفس الصبيّ...وبعد وفاة هيرودوس، تراءى الملاك،ليوسف. وأمره بالعودة إلى اسرائيل... فسكن الناصرة[13].

وآخر حدث، في حياة مار يوسف، تذكره الأناجيل، هو: لمّا بلغ يسوع اثنتي عشرة سنة، وفي كل سنة كان الصدّيق والعذراء يصعدان إلى أورشليم في عيد الفصح... صعدوا جرياً على السنَّة في العيد... ولما انقضت أيام العيد بقي يسوع في أورشليم... فأضاعه والداه إلى أن وجداه بعد ثلاثة أيام في الهيكل... فعادا به إلى الناصرة وكان طائعاً لهما. بعد هذه الحادثة تتوقف الأناجيل عن ذكر أيّة حادثة عن القديس يوسف.

أما موت مار يوسف فليس من إشارة إليه، لا في الأناجيل الإزائية، ولا في إنجيل يوحنا. ومن المؤكد أن يوسف الصدّيق، مربّي يسوع، لم يكن على قيد الحياة، عندما بدأ يسوع بشارته ولا حتى في عرس قانا الجليل.

والذي نستخلصه هو: ان مار يوسف، ثالث أفراد العائلة المقدسة، قد مات بين يديّ يسوع ومريم، وبموته هذا أضحى شفيع الميتة الصالحة، التي يرجوها كل مؤمن.

انتشرت عبادة القديس يوسف، في جميع الأقطار، شرقاً وغرباً. وشيدت على اسمه الكنائس، وتيّمن بحمل اسمه الكثيرون، وتأسست على شفاعته الأخويات، وأصبح شفيعاً للعمال، وللعائلات المسيحية، ومثالاً وقدوة لهم. وهو العامل الصامت، والمربّي الصالح، والشفيع الذي لا يردّ له طلب.

صلاته معنا آمين. [14]


مريم العذراء خطيبة يوسف البار

جاء في انجيل متى عند سرده لقصة ميلاد يسوع حيث قال عنه: " كان يوسف خطيبها بارا " ( متى 1 : 19 ).

ظل يواقيم وحنة عاقرين لمدة 31 عاما، ثم اعطاهما الرب إبنتهما مريم العذراء فقدّماها لخدمة الهيكل بعد فطامها ولها من العمر 3 سنوات. ولما بلغت مريم 6 سنوات توفي ابوها يواقيم، ولما بلغت 8 سنوات توفيت أمها حنة فصارت بذلك يتيمة الأب والأم، ولما بلغت 12 سنة كان لا بد ان تغادر الهيكل بحسب نظام الشريعة، ففكر الكهنة فى اختيار شخص بار تُخطب له مريم الصبيّة. فجمعوا عصي بعض الشيوخ المعروفين بالتقوى ووضعوها فى الهيكل وهم يصلون، فجاءت حمامة ووقفت على العصاة المكتوب عليها اسم يوسف النجار ثم طارت ووقفت فوق رأسه. فعلم الكهنة أن هذا الرجل قد اختاره الله للقيام بهذه المهمة فأخذ يوسف العذراء إلى بيته من دون أن يعرف سر هذه القديسة وإنها سوف تصير أم الله.

والدا يوسف النجار

يرجع نسب المسيح، من جهة العذراء أمه ومن جهة يوسف أبيه النجار حسب العرف، الى سبط يهوذا، ان المسيح سوف يأتى من سبط يهوذا (تك10:49) و(اش1:11).

كان القديس يوسف من عائلة متان ابن داود من سبط يهوذا. وكان لمتان ولدان يعقوب (والد القديس يوسف) ويواقيم (ابو العذراء مريم ). انجب متان ولدين يعقوب ويواقيم ثم توفي. فتزوجت امراته باخر وانجبت منه علي، فتزوج علي ومات من دون ان ينجب نسلا. فتزوج يعقوب أخو علي من إمراة أخيه حسب الشريعة (تث5:25) وأنجب منها يوسف. فيوسف النجار إبن ليعقوب حسب الطبيعة (مت16:1) وإبن لعلي حسب الشريعة (لو23:3). وهذا يوضح الإختلاف بين النسب الوارد فى انجيل متى، والنسب الوارد فى انجيل لوقا . كان يوسف بارا ويشهد الكتاب المقدس لبره وقداسته ( مت19:1) ويظهر برّ هذا القديس فى الموقف الذى كان على وشك ان يتخذه حيال حبل العذراء العفيفة. كان الموقف صعبا وخطيرا جدا. اذ ربما يعرض العذراء للرجم اذ لم يتصرف بحكمة ولكونه ابن عمها ويشهد لطهارتها ويعرف حياتها عن قرب شديد. لم يعرف كيف يتصرف، ولكونه بارا لم يتركه الله كثيرا فى حيرته فارسل له ملاكا يطمئنه ان هذا الحبل هو من الروح القدس ومن تلك اللحظة صار خادما للرب بعد أن صدّق البار قول الملاك فحفظ العذراء تحت جناحه وصار حارس لها وخادما لابنها. وأضحت حياته كلها بحسب أوامر من الرب .

كان يوسف مطيعا وكان ينطبق عليه ما جاء عن مريم :" وأما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به فى قلبها" ( لو19:2).

وكان يوسف مطيعا للشريعة الخاصة بختان المسيح وتقدمته للهيكل، والذهاب به إلى أورشليم كل عام للاحتفال بعيد الفصح ( لو41:2)، ومطيعا لتعليمات كهنة الهيكل، ومطيعا لأوامر السماء وللملاك الذي يوجّهه، ومطيعا لتعليمات الدولة بالاكتتاب، ومطيعا للمسيح حين وجداه في الهيكل وقوله لهما: ألا تعلمان أنه يجب أن أعمل ما يطلبه منّي أبي...


قالت القديسة تريزا افيلا في شفاعة القديس يوسف: "أناشد بالرب جميع الذين يشكّون في كلامي عن قوة شفاعة القديس يوسف، بأن يجرّبوا الأمر هم أنفسهم، فيتأكد لهم كم شفاعته قادرة، وكم يجنون لذواتهم من الخير اذا كرّموا هذا الأب الأكبر المجيد، والتجأوا إلى معونته".

عيد مار يوسف البتول خطيب مريم العذراء، يصادف في 19 آذار من كل سنة

وهو شفيع العمّال

وشفيع الميتة الصالحة

وشفيع العائلة

وكلّ عيد وكل من يحمل إسم يوسف وجوزيف وجو... بألف خير.



الأب جورج صغبيني 19- 3- 2013


متى 1/20 ولوقا 1/27  - [1]
 متى 1/1-16 - [2]
 - لوقا 3/23[3]
تثنية الاشتراع 25/5  - [4]
 - يوحنا 6/42[5]
 - متى 13/55[6]
[7]-  مقالة لنا في "مجلة صوت الرعية" عدد 12 آذار 1979 صفحة 5-8.
[8]  - السنكسار الماروني 19 آذار
[9]  - متى 1/19
[10]  - متى1/18_19
[11]  - متى 1/21 ولوقا 1/31
[12]  - أحبار 12/2
[13]  - متى 2/13-23

[14] - عن كتاب الأب جورج صغبيني، بَيْتُ العَائِلـَة، كنيسة ومدرسة مار يوسف- بسكنتا، 1771- 2006، صومعة صنين 2006

ليست هناك تعليقات: