2016/05/22

الخوري حنا طنوس في أدبه وشعره القسم الثاني الأب جورج صغبيني

الأب جورج صغبيني

الخوري حنا طنوس
في أدبه وشعره
                                                
لبنان 2014
هذا الكتاب:
جمعه الأب جورج عقل اليسوعي
طبعته على الكمبيوتر السيدة شارلوت صغبيني مسلّم
إهتم بطبعه على نفقته السيد جورج نون
  
 

شخصية الخوري حنا
       قوي البنية، مديد القامة، ناري النظر، مسحت العبقرية بمنديلها محياه فضاعت قسمات وجهه بين العبسة الباسمة والبسمة العابسة.
       وفي مقلتيه تموجات تطفو على الحدقتين فما تعلم أتموجات فرح هي أم تموجات حزن، وعلى أسارير وجهه يواقيت من الألم الهاجع.
       وجهه نفور لا أثر للعذوبة عليه وعيناه كأنها أمام كارثة أو فاجعة وجبين عريض هادىء فيه حاجبان منبطحان منفرجان تركت بينهما الأيام فيما بعد أثلاماً عمودية وخدان ناعمان منكمشان ينخفضان في سفح الأنف ليفسحا ميدانا واسعاً لشاربين ضعيفين يعلوان فماً رقّت شفتاه. وذقن تكسوه لحية كثة الشعر مبعثرة، ما عرفت المشط إلا نادراً.
       وأذنان طويلتان ما انسجمتا ورأسه الصغير.
       وجبّة حارت بين السواد وسائر الألوان تغلف هيكله، يتوسطها زنار عريض ما عرف الإستقرار مرة في مكان واحد، فهو تارة على الصدر، وطوراً على الوسط واحياناً أدنى.
       وزوجان من الجوارب اتفقا على تغليف رجليه واختلفا على اللون والشكل وما ساد الإنسجام والوئام بينهما إلا نادراً.
       مليء الرأس على وعي ونضج، رحب الصدر على مودة ومحبة، رضيّ الطباع على أنفة وشمم، يعرف نفسه على غير ادعاء وغرور ويحترمها على غير تجبر وصلف.
       إلى حسبه التليد الذي به اعتزّ وافتخر أضاف نسباً جديداً من العلم والأدب زها به وتغنى:
إن لم أكن بالغنى رأساً لعائلتي         فإنني رأسها بالعلم والأدب     
       شديد التأثر، سريع الغضب كما وسريع الرضى ولعل هذه الصفات دليل على سلامة طوية وصفاء قلب.
       أتفه شيء يغضبه وأبسط الأمور يفرحه، وإن غضب فبركان يقذف الحمم اللواهب، وإن رضيَ فطفل مدلل.
       طيب القلب، سليم الطوية، سموح رحوم شفوق. ما عرف قلبه الحقد والضغينة وما عرف صدره لهما شكلاً ولوناً.
       وديع ومتواضع إذ يعتبر جميع الناس ويحترمهم ويجلّهم ونظرته إليهم نظرته إلى من يفوقونه علماً وأدباً وثقافة ومواهب، ونظرته إلى نفسه نظرته إلى من هو دون الناس علماً ومقدرة وذكاء.
       مهمل كسول، لا يعير زيه وثيابه وشكله أي أهمية. فقلما كان يظهر للناس بشكل رائق وزي لائق.
       قروي عتيق وجبلي، ما صقل ذوقه العلم ولا شذبت أمياله الثقافة، فظل هو إياه من أولئك الجبليين الميامين، طبيعياً في تصرفاته لا يعرف التكلف والرياء والخداع، وما فكر يوماً أن يعلو سواه أو يتعالى على من هم دونه.
       عايش أهالي قريته فكنت تحسبه أحد الفلاحين المساكين الذين قضوا عمرهم وراء المعول والرفش. وعندما يضمه مجلس أدب كنت تخاله النابغة الذبياني في سوق عكاظ.
       إذا وقع نظرك عليه احتقرته وازدريته قبل أن يتفوه بكلمة، أما إذا بدأ يتحدث أدركت أن الذي امامك هو من طينة غير طينة الرجال العاديين.
       سخي اليد، بينه وبين المادة عداء وجفاء.
       عفيف اللسان وطاهر الجنان، ما عرف لسانه القدح والهجاء، ولا عرف قلبه إلا المدح والثناء.
       يحب بطنه وما لذّ وطاب، ولمعدته عنده احترام خاص ومنزلة مرموقة. أكلة شهية تنسيه متاعبه ومشاكله. وعلى الرغم من كونه يستمرىء كل شيء كانت المآكل المفضلة لديه ما دخلها السكر وحلا طعمها في الحلق. وبين الفواكه كان العنب "العنب الممسك" خير ما يحب ويفضل.
ما تمنى الإنتصار والنصب على أحد إلا في لعب الورق حيث كان يتحمس له حماساً يفقده أحياناً اتزانه. فإن انتصر تفتحت أسارير وجهه وتبهور وتمرجل، وإن غُلب أزبد وأرعد وزمجر وقال لشريكه قوارص الكلام البريء.
       فإن وقع بصرك على كاهن يدخن اللفائف الواحدة تلو الأخرى وبشكل لاواعٍ وينفث بقوة دخاناً في الهواء حتى ولو لم تكن مشعلة.
       وإن رأيت في مجلس كاهناً لا ينفض رماد لفافته إلا على صدره وثيابه. وإذا وقع نظرك على رجل يدلف في سيره دلف الضفدع منتقلاً على الطريق من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين وعيناه مثبتان لا تعلم في أي شيء على الأرض، وإذا حييته ولم يكترث لتحيتك أو لم يسمعها لأنه ضائع في مهام الخيال، شارد في واحات التفكير فقل: أنه الخوري حنا طنوس.

عهد الخصب والإنتاج
       شرع الخوري حنا يعلم ويؤلف فكان له تأثير كبير في الأدب العربي عامة والفضل الأكبر على المسرحية العربية خاصة.
       قبل الخوري يوحنا كان تدريس الأدب يقوم على حفظ القصائد الشعرية وتفسير مفرداتها وشرح معاني ابياتها مع إبراز محاسنها البيانية وروائعها المعنوية، دون اللجوء إلى التحاليل والنقد، وربط الاثر الأدبي من منظوم ومنثور بحياة مؤلفه ودون درس الأسباب التي دفعته لتأليفها والعوامل التي أثرت فيه من نفسانية وبيئية واجتماعية وإنسانية وسياسية. فكان الأثر الأدبي يدرّس كوحدة مستقلة عن مؤلفه لا كجزء من كلّ، لا يمكن أن يفهم تمام الفهم إلا إذا وضع في إطاره الزمني وضمن نطاقة الأدبي. فكما أن الثمرة هي إنتاج الشجرة، ولا يمكن تقييمها إلا إذا درست الشجرة والتربة التي تعيش فيها وسائر العوامل الطبيعية التي تؤثر عليها. كذلك النتاج الأدبي لا يمكن فهمه حق الفهم وتقييمه إلا إذا وضع في إطاريه الأدبي والزمني اللذين أوحياه وإلا إذا اعتبر جزء من كل وربط ربطاً وثيقاً بمؤلفه واعتمدت المقارنة بينه وبين سائر النتاج الأدبي.
       هذا ما أدركه الخوري حنا وإذا هو يباشر تدريس الآداب العربية عام 1905 أي قبل أن يكتب فيها جرجي زيدان والأب شيخو اليسوعي على أثر حادث أسرده في ما يلي:

من أهنىء الأستاذ أو التلاميذ؟
بينما كان الخوري يوحنا يشرح لتلاميذه في جامعة القديس يوسف إحدى المعلقات، دنا مدير الدروس العربية من الباب وظل واقفاً منصتاً إلى شرح المعلم حتى قرع الجرس فدخل وقال: لا أدري من اهنىء؟ أأهنىء الأستاذ على شرحه أو التلاميذ على إصغائهم؟ المثل اللاتيني يقول، الألفاظ تطير والمدّون المكتوب يبقى. فأرجو من حضرة الأستاذ أن يستكتب تلاميذه ما يقوله، وأنا واضع جائزة لتاريخ الآداب العربية. وهكذا كان، فوضع الخوري حنا أربع مؤلفات في تاريخ الأدب العربي متناولاً العصر الجاهلي وصدر الإسلام والعصر العباسي وعصر الإنحطاط. فكان بذلك السبّاق في تدريس الآداب العربية على الطرق العلمية الصحيحة ووضع الآثار الأدبية من شعرية ونثرية على محك النقد والتحليل والمشابهة والمقارنة فالمفاضلة.

الخوري يوحنا طنوس المعلّم
       من الناس من يكون علمهم لنفسهم ومنهم من يكون علمهم لسواهم. أما الخوري يوحنا طنوس فكان علمه لنفسه ولم ينجح كمعلم نجاحه كأديب وكشاعر وكمؤلف مسرحي. فسعة إطلاعه وثقافته الشاملة وغزارة مادته كانت تحمله على الاستطراد في أبحاثه بحيث ينتقل من موضوع إلى آخر بدلاً من حصر بحثه في موضوع واحد ولا ينتقل إلى سواه قبل ايفائه حقه من الشرح والتحليل.
       وكان كسولاً لا يستعد الاستعداد الكافي لإعطاء دروسه بل كان يعتمد على الإرتجال في كل شيء متكلاً على مقدرته وذكائه وذاكرته. أما إصلاح الفروض وما شاكله من واجبات المعلم فما كان يوليه كبير اهتمامه، فضلاً عن أنه قلما كان يتقيد بالوقت فلا يحضر إلى الصف إلا متأخراً هذا إذا لم ينس الحضور.
       لذلك كانت نظرة المشرفين على المدارس إلى الخوري حنا طنوس كمعلم غير نظرتهم إليه كأديب وكشاعر وكخطيب ومؤلف. وكثيراً ما كانوا يأخذون عليه عدم انضباطه وقلة تقيده بالوقت والنظام، وإهماله شكله الخارجي ومظهره.
       أما تلاميذه الذين يروون عنه القصص والروايات الطريفة فكانوا يحبونه جداً ومعجبين به ومقدّرين ذكاءه ومقدرته إلا أنهم ما كانوا يخافونه أو يرهبونه لأنهم كانوا يعرفونه طيب القلب، متساهلاً شفوقاً.
       وتلاميذه الذين يعدون بالألوف كان الخوري يوحنا يعرفهم ويروي عن كل منهم النوادر والطرائف. ومن عداد تلاميذه المشاهير الشيخ بشاره الخوري، ورياض الصلح ويوسف السودا...

الوعد السرّ
       سُئل قبل وفاته ببضعة أيام عن تلميذه الشيخ بشاره الخوري رئيس الجمهورية، وعن ذكرياته، فغارت عينا المعلم كأنهما في عالم بعيد... هوذا ينتقل إلى عهد الشباب، إلى صفاء العيش والإنتاج الخصيب، يوم كان اسم الخوري حنا سراجاً على عَلم، وكانت مواعظه في كبريات الكنائس تهزّ نفوس المؤمنين، وتأخذ بمجامع قلوبهم، وكانت مسرحياته تمثل على مختلف المسارح في القرى والمدن، لتبث الروح القومية وتحبب الحرية والإستقلال، والفضائل والمروءات إلى النفوس... ثم ومضت عينا الشيخ الميت تنبئان بأنه رجع من سفرته الخاطفة إلى تلك الأيام الهانئة، فاستوى على سريره وقال:
نعم... إن الشيخ بشاره درس على يدي في كلية الآباء اليسوعيين وأذكر أنه كان ناجحا دائماً في المسابقات. ثم ابتسم الخوري حنا وضحك لذكرى مرت في خاطره، وقال:
إسمع هذه القصة الحلوة، ولا أعلم ما إذا كان فخامة الرئيس الأول قد نسيها. في إحدى السنين، نال التلميذ النجيب بشاره خليل الخوري جائزة الشرف للغة العربية، وكان شديد الإهتمام والرغبة في معرفة ما إذا كان هو الذي استحق الجائزة، فجاءني يلح في السؤال، ثم قال لي بين الجد والإبتسام: "إذا بشرتني يا أبت بأني الفائز اعطيتك عشر ليرات". وكانت الليرة في ذلك العهد الخيّر، ليرة ذهبية، يعني لها ذقن... واستغربت هذه البادرة فذهبت إلى الأب "كاتان" رئيس الكلية وأخبرته بما جرى. فقال لي الأب كاتان، يمكنك أن تخبره أنه هو الفائز شرط ألا يعرف ذلك سواه وإلا حرمته إياها.
قال الخوري حنا، ورايت أن أخبر التلميذ بشاره حقيقة الأمر، إذ علمت أن المرحوم والده الذي كان يحبه حباً جماً ويعلق عليه الآمال الكبيرة، كان قد وعده بـ ... فيما إذا نال جائزة الشرف للغة العربية، ولم يكن الوالد الكبير المرحوم الشيخ خليل ليرفض طلباً لابنه.
-      وبماذا وعده يا ابت ؟
فاطرق الخوري حنا مبتسماً ثم قال، هذه المسألة تخص الآن فخامة رئيس الجمهورية، اسألوه فقد يخبركم...
ما كاد هذا الحديث تنشره مجلة الجمهور في عددها 418 تاريخ 15/4/1946، حتى تناقلته سائر المجلات والصحف. وتهافت إلى القصر الجمهوري غير واحد من الوزراء والنواب يسألون الرئيس بشاره الخوري عن وعد والده له، واتصل غير واحد بالخوري يوحنا يسألونه عن هذا الوعد. فكان رحمه الله يعتصم بالصمت ويجيب باسماً اسألوا فخامة الرئيس.
ومات الخوري حنا طنوس ومات معه ذلك الوعد السر...

صورة الخوري حنا مع الدكتور أديب بصبوص والد الدكتور مالك بصبوص من غوما وشقيقته حسني زوجة الياس عقل خال السيد جورج نون 

صورة بدوي أبي نادر نسيب الخوري حنا لأمه  ووالد الأديب إميل أبي نادر 

بدوي أبي نادر 1308- 1382هـ  1890 - 1962م
ولد في بلدة غوما (قضاء البترون - شمالي لبنان) وتوفي في بيروت. عاش في لبنان. وتلقى دروسه الأولى في مدرسة القرية، ثم انتقل إلى بلدة كفيفان، وفيها أكمل دراسته المتوسطة، لينتقل بعد ذلك إلى مدرسة القديس يوسف في قرنة شهوان، فتعلم اللغة العربية، والبيان، والخطابة، بالإضافة إلى آداب اللغة العربية، وآداب اللغة الفرنسية كما تعلم اللغة الإنجليزية وعلوم المحاسبة. وعمل معلمًا في مدرسة النصر في بلدة كفيفان، وفي الشياح إحدى ضواحي بيروت الجنوبية، وفي بيروت عمل معلمًا في مدرستي: القديس يوسف للآباء اليسوعيين، والفرير في منطقة الجميزة، كما عمل معلمًا في مدرسة مار يوسف في قرنة شهوان. وكان قد زاول العمل الصحفي في عدد من الصحف اللبنانية مثل جريدة "الهدى"، ومجلتي "المعرض" و"الحكمة" البيروتيتين، وغير ذلك من الصحف والمجلات. ونشرت له صحف عصره عددًا من القصائد منها: "لبنان بين الأحفاد والجدود" - مجلة الدبور في 25 من فبراير 1929 (أعيد نشرها في مجلة بعلبك - 22 من مارس 1929)، وله مجموعة شعرية تحت عنوان "شآبيب" مخطوطة. وله عدد من المسرحيات منها: "خلي الغرام" - مسرحية شعرية، وجان دارك، وسيدة قنوبين... ويدور شعره حول المدح والتهاني اللذين اختص بالأصدقاء ورجال الدين، وله شعر ينتقد فيه الأوضاع الاقتصادية بشيء من التهكم والسخرية، محب لوطنه لبنان وطن الأمجاد والفخار، وله شعر طريف على لسان أم تناغي طفلها الرضيع يتسم بالعفوية وخفة اللفظ والعبارة، إلى جانب كتابته الشعرية...


بلدة غوما
  صورة
غوما تعني الأرض المنخفضة، وهي تابعة لمحافظة لبنان الشمالي، قضاء البترون.
ويمكن الوصول إليها عن طريق جسر المدفون- سمار جبيل- غوما.

  صورة
تبعد عن بيروت: ٥٢ كلم
ترتفع عن سطح البحر: ٤٤٠ م
وتشتهر بزراعة الزيتون والعنب وسائر أنواع الفواكه والخضار...
عدد المقترعين فيها 164 ناخباً.
وفي البلدة كنيسة على إسم سيدة الإنتقال تمّ تدشينها يوم  عيد الصليب في أيلول عام 2009، حيث ترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران بولس إميل سعاده قداسا احتفاليا بارك خلاله الكنيسة ومذبحها بحضور لفيف من كهنة الأبرشية ومشاركة أهالي البلدة والجوار.

صورة المطران منير خيرالله راعي أبرشية البترون في قداس تدشين صالة رعية السيدة في بلدة غوما بتاريخ 7−10−2012.

عائلات غوما
يقول الخوري حنا عن عائلته:
إن لم أكُن بالغنى رأساً لعائلتي        فإنني رأسها بالعلم والأدب
يبلغ عدد عائلات غوما 28 عائلة وهي:
أبي حيدر 5 أبي نادر 40 الأسمر 2 الحداد 3 الحلو 2 الخوري وهبه 2 أنطون 12 بصبوص 19 حنا 14 خطار 7 درغام 2 ديب 3 سلوم 2 سمعان 2 ضاهر 7 ضرغام 15 طنوس 11 طوبيا 10 عبود 12 عقل 3 فارس 9 فرح 3 فرنسيس 13 مخايل 4 نعمه 16 نعوم 2 وهبي 2 يوسف 11

خوارنة من بلدة غوما
الخوري نهرا من بلدة معاد ومؤسس بلدة غوما ومنه تفرّعت عائلات البلدة.

الخوري بولس فارس الأوّل
وُلد الخوري بولس فارس (الأول) في غوما وعاش يتيما بعد أن توفي والده وهو ما زال صغيرا. تزوّج من فوتين الراعي من شكّا ودرس اللاهوت وسيم كاهنا. واطّلع على كتب الطِبّ واهتمّ بمداواة المرضى في قريته وفي البلدات المحيطة وقد رُفعت عريضة من الأهالي إلى المسؤولين للسماح له بممارسة الطب قانونيا. أنجب أربعة أولاد هم: 1- اسكندر إهتمّ بالزراعة وكان له إلماما بالتجارة وقد تعلّم على يد والدته في مدرسة سمار جبيل. 2- يوسف سيم كاهنا وعلّم الفلسفة في مدرسة اليسوعيين. 3- مريم تزوّجت المحامي حنا نعمه من غوما. 4- ورديّة ساعدت والدتها في التعليم وتزوّجت المربّي طنوس ضرغام أستاذ القواعد في مدرستي الفرير واليسوعيين. وعندما نشبت الحرب العالمية الأولى سعى الخوري بولس لمساعدة الناس وكان يقتسم الجياع الأكل الذي تعدّه زوجته. وقد توفي في تلك الأيام الصعبة.

 صورة
الخوري يوسف فارس في أقصى اليمين مع الإكيريكيين
ولد يوسف بولس فارس في غوما عام 1890 وهو الإبن الثاني بعد اسكندر للخوري بولس فارس، ووالدته فوتين الراعي من بلدة شكّا، تعلّمت في مدرسة اليسوعيين في بكفيا، وهي أول من فتح مدرسة للإناث في بلاد البترون في إسمر جبيل في الثمانينات من القرن الماضي. تعلّم يوسف في المدرسة اليسوعية في بيروت، ودرس الفلسفة واللاهوت وسيم كاهنا، وكان أول من علّم الفلسفة العربية في معهد الآباء اليسوعيين. وأنشأ جمعية تهتمّ بالعميان وتسعى لإيجاد أعمال لهم حتى يتمكّنوا من العيش بكرامة. وعُيّن الخوري يوسف رئيسا للنادي الكاثوليكي حيث تركّزت إدارته في الإهتمام بالشباب وتوعيتهعلى مسؤولياته الإجتماعية والوطنية. وخدم ما استطاع من أبناء منطقته وساعد الكثيرين على تحصيل العلم والبعض الآخر على إيجاد وظائف لهم. وكانت له صداقات مع العديد من رجال السياسة ومنهم الرئيس ألفرد نقّاش الذي كان يعتبره مرشدا ومستشارا له. إهتمّ بخدمة المسيحيين في المنطقة الساحلية من سوريا حيث توفي عام 1945 عن 55 عاما بسبب مرض أصابه.

صورة الخوري يوسف فارس على ظهر راحلته   الخوري يوسف فارس في الوسط

صورة الخوري يوسف فارس توفي في بيروت بتاريخ 28 شباط 1945 وكان مرشدا لحركة الشبيبة المسيحية.

رثاء الخوري حنا طنوس للخوري يوسف فارس إبن بلدته
ويلاه وا لهفي ووا حزني        سيف المنون يحزّ في بدني
روحي وقلبي منتهى أملي         ولدي الحبيب التفّ في الكفن
وا عيني اليمنى التي عميت      أمرسل يقاسي النور في  ثمن
يا رمح ما أحضاك في كبدي     ضرباتك النجلى تمزقني
يا بينُ ما أقساك في نظري       ما كان ضرك أن يودعني
ارديته حسداً بفربته                     إذ كان قصدك أن تروعني
جرّعته في دائه غصصاً         جرّعتني سمّاً مدى الزمن
يا ويح شيخٍ عاجزٍ هرم          أيام وهن على وهن
أقدامه في الشوك دامية           أنفاسه شجن على شجن
متألم في ليله قلق   يجري       الدموع كوابل الزن
سهران محروم بكربته           طبب الرقاد ولذة الوسن
عند الصباح تهيج لوعته         ورقاداً نائحة على فنن
نصف النهار يزيده ألماً          فالموت نصف العمر لم يحن
ما رزء يعقوب بيوسفه           كمصاب شيخ بالبكا فمن
يعقوب شاهد وجه يوسفه         فكأنما الأحزان لم تكن
وأمام عيني مائل أبداً             شيخ الحبيب بظلمة الدجن
قالوا تعزّ فقلت واكمدي           من أين لي والجرح ينهشني
والدهر أحناني بكبته              وأعزّ من أحببت أفقدني
قد كان في بلواي تعزيتي         فيزيل أشجاني ويطربني
سموه خوري أرس عن ثقةٍ       لتشابه في الفضل والمهن
فكلاهما أمسى له هدفا            هديُ النفوس إلى هدى السنن
وكلاهما قد كان يشغله            نفع القريب وخدمة الوطن
فحياته ما بيننا اشتهرت          بالزهد والإحسان والمنن
بذلٌ لمعروف وتضحية           بالروح والأموال والبدن
قلب رقيق لا مثيل له             حسناته كالعارض  الهنن
قد كان يستجدي ليطعم من        قد كان في جوع ولم يُعَنِ
أهدافه نحو السماء سمت         كالنسر وتاب إلى القنن
لجميع أدران النفوس غدا        كالبلسم الشافي من الدرن
هو شمعة ذابت تضيء لنا               في حالك الظلمات والدجن
ورد بلا شوك بنفسجة            فاحت روائحها لوم تبنِ
في قلبه للطهر زنبقة              بنقاوة تزهو ولم تهن
من لليتامى في مُتيمهم            من للحزانى ساعة الإحن
من للحدارنة الأولى نكبوا        والعمي من لهم لدى المحن
يبكيك عميان جعلتهم              بعد الشقا في جنّة العدن
عشقَ القداسة من حداثته         وتعاظمت في دائه الزمن
في شدّة الأوجاع تهصره         صاحت شقيقته في الشجن
أفليس من رب يحن على        متألم في الضرّ ممتهن
فأجابها لا تكفري سفهاً           ولأنت عندي ربّة الفطن
أما أنا إن مت في مرضي               فعلى سرير ناعم لدن
أما المسيح الربُ واأسفي        فعلى صليب شائك خشن
سلواي عن حزني لمشيئته               صوت المسيح يرن في أذني
أمباركاً أفنيت عمرك في         نفع القريب لكل تمجّدني
فهلمَّ رث ملكاً أعدّ لمن           رحم الفقير به يمثّلني

 صورة من اليمين حنا أفندي نعمه والدكتور أديب بصبوص والخوري حنا طنوس

صورة من اليمين الدكتور أديب بصبوص وشقيقته حسني والخوري حنا طنوس

صورة الخوري بولس فارس وبقربه السيد ألفرد نعمه
وُلد الخوري بولس عام 1923
هو إبن اسكندر بولس فارس، والدته ورديّة ضرغام إبنة حنا جرجس ضرغام مختار بلدة غوما لأكثر من عشرين سنة.
تعلّم في مدرسة اليسوعيين في بيروت وقد تكلّف بتعليمه عمّه الخوري يوسف فارس. وأتقن الخوري بولس العربية والفرنسية والسريانية واللاتينية.
سيم كاهنا عام 1948 في كنيسة مار نهرا إسمر جبيل التي عُيّن خادما لها. وتولّى تعليم الإكليريكيين في مدرسة مار عبدا في كسروان ثمّ ما لبث أن عُيّن مديرا للدروس فيها، وكان يهتمّ بإخراج مسرحيّة في نهاية كلّ سنة دراسية يمثّلها التلاميذ ومن بينها مسرحيات للخوري يوحنّا طنوس قريبه. وقد انتقل الخوري بولس فيما بعد إلى مدرسة الأب ميشال خليفه حيث كان يعلّم اللغة العربية وقواعدها. وأخيرا تسلّم رعية غوما، وله كتاب بعنوان "معنى الحياة" ضمّنه أفكاره الفكريّة والفلسفيّة. وتوفي عام 1996.

                   
صورة الأب جورج عقل اليسوعي نسيب  السيد جورج لوندوس نون لأمّه
والسيد جورج نون من مواليد جران البترون عام 1933
تلقّى دروسه الإبتدائية في مدرسة القرطباويبين عاميّ 1946- 1949، ثمّ أكمل دروسه التكميلية في مدرسة جران الرسمية لمدّة خمس سنوات.
وهو من مؤسسي جمعية المحافظة على الطيور وعضو في مجلس إدارتها، ومسؤول عن دورات الصيد "تيرو" تدريبا وتنظيما.
وعضو في مجلس إدارة تعاونية غوما الزراعية ثمّ مديرا لها عام 1981، لمدّة 8 سنوات.
وعضو في رابطة قدامى مؤسسة المونسنيور القرطباوي، ثمّ رئبس اللجنة الإجتماعية عام 1992.
وكان موظّفا في شركة طيران الشرق الأوسط طيلة 40 هاما.

صورة رسالة من الأب جورج عقل إلى إبن أخته جورج نون في 19 ت2 1986، بخصوص طبع كتاب الخوري حنا طنوس...


  صورة الأب جورج عقل اليسوعي
وُلد في غوما سنة 1908
دخل دار المعلّمين في تعنايل سنة 1925
سيم كاهنا سنة 1936
دخل الرهبنة اليسوعية سنة 1944
كان مرشدا للإكليريكيين في غزير وبيروت لعدّة سنوات، وخدم الأخويات في حلب وحمص وبيروت وبكفيا وزحله، وكان مرشدا لأخوية "الأم الحزينة"، التي تأسست عام 1863، وبهمة الأب اليسوعي جورج عقل كان تقوم بنشاط مسرحي مرموق أبرز القدرات الثقافية لأعضائها ومحبتهم لنشر كلمة الله عبر التمثيليات الهادفة لبنيان الإيمان وتقويته في النفوس. ومن مآثر هذه الأخوية أيضا أنها فتحت الباب في لبنان لزيارة المسجونين قبل أن تأخذ الكنيسة على عاتقها مسؤولية العناية بالمساجين.
توفي بتاريخ 13/1/1987 عن عمر 79 سنة في دير يسوع الملك ودفن في دير اليسوعية في بكفيا.
صلاته للعذرا كان يردّدها من شعر الخوري حنا طنوس
لوذوا بمريم دائما وتذكّروا       قولاً على كل الشفاه تنقّلا
من كان للعذراء عبدا صادقاً    بجهنّم وعذابها لا يُبتلى

صورة الأم جورجيت عقل شقيقة الأب جورج عقل
ولدت سنة 1905 في غوما وتسمّت بإسم إميلي، والدها عقل انطون ووالدتها مريم يوسف الشبابي وكلاهما من بلدة غوما.
دخلت دير مار يوسف جربتا عام 1917 وكان لها من العمر 12 سنة، وبقيت ثلاث سنوات في سلك الطالبية مع رفيقتها فهيمة التي أصبحت الأخت مارغريت مطر من تنورين.
لبست إميلي ثوب الإبتداء سنة 1920 ولها من العمر 15 سنة.
ونذرت النذور الرهبانية في 16 تموز سنة 1922 وهي في السابعة عشر من عمرها، على يد رئيس المعاملة الأب جرجس المعادي، بمدّة رئاسة الأم أورسلا دوميط المعادية وكان وكيلا على الدير الأب دانيال الجبيلي وتمّ ذلك بأمر قدس الأب العام اغناطيوس التنوري رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية.
برعت الأخت جورجيت باللغة السريانية وكانت تترأس الصلاة على القرّاية لمدة طويلة.
اختارتها السلطة الرهبانية لتكون معلّمة للمبتدئات في أيام رئاسة الأم مريم خليل (1945- 1959) وفي أيام الأم ماري سعد (1976- 1982).
تسلّمت نائبة رئيسة الدير أيام الأم تريز داغر (1959- 1965).
انتخبتها راهبات مار يوسف جربتا رئيسة عليهنّ بالإجماعسنة 1966 ولغاية 1976 طيلة عشر سنوات.
أمضت حياتها في مشغل الحياكة في الدير تصنع عباءات الرهبان والراهبات والبدلات الكنسيّة ورايات الأخويات المطرّزة... وكانت تمضي معظم وقتها بالسجود أمام القربان إلى أن توفّاها الله عن عمر 86 سنة في 20/6/1991، ودُفنت في مدافن الدير.[1][4]
ويُحكى عنها أنها قبل نذورها الرهبانية، وهي بعمر 17 سنة، أرسلتها رئيسة الدير إلى بيتها مدّة شهر لتبقى هناك وتختبر دعوتها فكانت الأخت جورجيت تأتي صباحا من دير جربتا إلى بيت والديها في غوما ثمّ تعود في المساء من غوما إلى دير مار يوسف جربتا سيرا على القدام لتنام في الدير وبقيت على هذه الحالة يوميّا وطيلة شهر كامل ولم تنم يوما واحدا في بيت والديها حتى نذرت نذورها الرهبانية.

رهبان من بلدة غوما في الرهبانية اللبنانية المارونية [2][5]
1-   الأب بولس أبي نادر نذر في 17/1/1856 في دير عنايا وله من العمر 18 سنة وسيم كاهنا في 7/4/1859 وتوفي في دير ميفوق في 10/2/1913 عن 75 عاما.
2-   الأب بيمين نذر في 24/4/1863 في دير طاميش وله من العمر 18 سنة وسيم كاهنا في 14/10/1870 وتوفي في دير معاد في 15/1/1910 عن 65 عاما.
3-   الأخ أرسانيوس نذر في دير حوب في 5/4/1874 وله من العمر 25 سنة وتوفي في دير معاد في 28/1/1906 عن 57 عاما.
4-   الأب جرجس أبي نادر نذر في دير قزحيا في 12/7/1896 وله من العمر 19 سنة وسيم كاهنا في 21/5/1904 وتوفي في دير جربتا في 23/5/1944 عن 67 عاما.
5-  الأخ بولس أبي نادر نذر في دير كفيفان في 2/4/1923 وله من العمر 16 سنة وتوفي في دير معاد في 3/5/1936 عن 29 عاما.

صورة الأب جرجس أبي نادر المعادي من بلدة غوما
 هو خال الأب جورج عقل اليسوعي وخال والدة السيد جورج نون، كان رئيسا على دير ميفوق 1910- 1913، وفي أيام رئاسته على دير ميفوق (الأخ طانوس الرامي من رام قرب ميفوق ضرب فرنسيس الذي كان يفلح ويزرع متعدّيا على أرزاق الدير فقتله، في أيام رئاسة الأب جورج المعادي الملقب بالشبابي، وهجم أهل ميفوق على الدير ولكن الحكمة إقتضت أن يتصالح أهل ميفوق مع الدير وأرسل الأخ طانيوس الرامي إلى دير قزحيا).
وكان أيضا رئيسا على دير قزحيا ما بين 1916- 1917
 وكان أيضا رئيسا على دير معاد 1923- 1928 و1929- 1928 وقد نبش بئر ماء في حنوّش لريّ أراضي دير معاد على الساحل.
وكان الأب بولس أبي نادر من غوما رئيسا على دير كفيفان 1871- 1875، وأيضا رئيسا على دير معاد 1877- 1886 و1890- 1895 و1901- 1904.


مدرسة غوما
يُذكر أن المؤرخ والأديب والشاعر عيسى إسكندر المعلوف عُيِّن مديرًا مدّة ثلاث سنوات لمدرسة "غوما" في البترون ما بين عام 1893 و1900.

شعر قاله الخوري حنا في بلدته غوما
غوما الفتيّة بلدتي الحسناء         هي          في سماء النابغين سماء
                                  -------
بنسيمها سحراً وطيب هوائها            عند المسا هي جنّة غنّاء
هي روضة بربيعها وخريفها            وكذا تعادل صيفها وشتاء
ما لليالي البيض تحت سمائها            بصفائها الإنعاش والأحياء
نسماتها في الصيف تنعش جسمنا        نور الكواكب للنفوس غذاء
غيث المعارف سحٌ في ساحاتها        هل يعدلن غيث المعارف ماء
علم العلوم يرفّ في أرجائها             هل يفضلنّ علم العلوم لواء
في قوّة الأبناء واستكمالها               قدماً تفرّد في الملا الآباء
برجاحة في عقلهم ومهارة                في علمهم يتفوق الأبناء
كم من خطيب هزّ عود منابر            بفصاحة سحرت بها الخطباء
كم شاعر نظم القصائد مبدعاً            لنبوغه كم صفّق الشعراء
غوما الحقيرة في البلاد تمايها          وتعدد الفقهاء والعلماء
قولوا لمن يعتزّ في أمواله               شرف النفوس ثقافة وذكاء
ومروءة وشهامة وحمية                 ومحبة لبلاده وأباء
يا سادة شرف الزمان بفضلهم           وغدا لهم بين الأنام سناء
لا ترشقوني بالملام لأنه                 قد خصّ في أترابي الإطراء
ان امتدح غوما فما من جاحد            فضل الذين لهم يحق ثناء
كم عالم كم كاتب كم شاعر               من غير غوما كلهم نجباء



[1][4] - روزنامة مار يوسف جربتا ص: 243- 245
[2][5] - رهبان ضيعتنا، الأب مارون كرم اللبناني، الكسليك 1975
[3][6] - مجلة الورود لصاحبها بديع شبلي الذي درس الخطابة وأوزان الشعر على يد الخوري حنا طنّوس، تُصدر عددا خاصّاً عن فقيد الأدب والشعر والمسرح عن مهرجان التكريم له بتاريخ يوم الأحد 7 حزيران 1970 في قاعة الأونسكو بمناسبة مرور 25 سنة على وفاته.

ليست هناك تعليقات: