2015/10/19

سلسلة محاضرات 1998 بيت مار شريل ـ بقاعكفرا، الأب جورج صغبيني- محاضرة المهندس الياس أنطوان جبر، الخطّ والمقياس الهندسي الشرقي الماروني في وادي قاديشا والامتداد الطبيعي داخل لبنان بعد سقوط أنطاكية إلى أيامنا هذه، الأحد 28 حزيران 1998



سلسلة محاضرات 1998 بيت مار شريل ـ بقاعكفرا، الأب جورج صغبيني- محاضرة المهندس الياس أنطوان جبر، الخطّ والمقياس الهندسي الشرقي الماروني في وادي قاديشا  والامتداد الطبيعي داخل لبنان بعد سقوط أنطاكية إلى أيامنا هذه، الأحد 28 حزيران 1998








لمحة تاريخية :
الانطلاقة : من انطاكية كانت الانطلاقة ومهد الحضارة المارونية.
تعريف : انطاكيا أو عصر الحضارة الذهبية كبرى عواصم الشرق ومدنه المزدهرة بالكنائس والكاتدرائيات على سبيل المثال : بابسقا - براد - قلب لوزه - وان في محيط انطاكيا واشعاعها في مار سمعان وتقلا.
انطاكيا الغنية بالكرمة وبصناعة الخمور وتصديره عرفت عصرا" ذهبيا" فبنت على خطّها الشرقي السرياني النابع من الحضارة الكنعانية الفينيقية أبنيتها العظيمة ان في الكنائس أو في          الأبنية المتخصّصة باستقبال الغرباء (كانوا يسمّون نزلا" للغرباء وهي تشبه الفنادق برحابتها ووسعها) وان في الأبنية العامة.
سقطت انطاكيا بيد العرب رغم استبسال المقاومة المارونية عنها لكن جيشها القوي لم يستسلم وانسحب من اسوارها الحصينة باتجاه بيزنطيا.
استرداد انطاكية مجدّدا" بدعم من بيزنطيا من هنا تسمية الموارنة "بالجراجمة" (أو الأبطال) أو "بنو الأحرار".
خسارة انطاكيا مجدّدا" واتجاه الموارنة الى العاصي ومن هنا ولد المعسكر الجديد في حمى صخور الجبل.
وبالتالي تفاعل الحضارة النابعة من انطاكيا لتلد من جديد محميّة بأسوار لا تغلبها جحافل     الجيوش الغازية، منحوتة في الصخر كعرين الأسد في الجبال، شامخة لانها القمة : هكذا ولدت انطاكيا جديدة في قاديشا.

معاني بعض الأسماء فماذا تعني كلمة قاديشا :
قاديشا تعني كل ما هو مقدّس Tout Saint, Tout Sacré ”
قزحيا : أي نبع الحياة  Gazza / Hayya Gazza أي جوهرة أو كنز  و Hayya الحياة أي كنز الحياة كما تحمل معان أخرى الحبيس الحي : gesh hayya و الخشب الناشف : gis heya
حوقا : تعني الدرج أو الطريق الصعب أو العامود
بقاعكفرا : أو ساحة الضيعة وكافرا بالآرامية تعني الضيعة
بزعون : تعني الفراغ التجويف الخفيف
حصرون : بالفينيقية تعني المحصّن المقوى أي القلعة (Hesro’n)
حدشيت : الكلمة حتية تعني بالفينيقية الحديث Hadeth أو القمر الجديد كما سميّت قرطاجة Cart, Hadsht أو الضيعة الجديدة كما قد تكون Tej shit وتعني قمة أو عرش وهو أيضا" "اسم ثالث اولاد آدم"
بشرّي : الباء لتحديد المكان وشارّي هو الأسد المؤله عند الحتيين كما قد تكون Shar من جذر "شر" اي القوة والباء تصغير كلمة "بيت".

التفاصيل الهندسية : البناء القديمة :
في بابسقا - قلب لوزه : المداميك المرتكزة عليها الأبنية حجارة ضخمة على طريق قلعة بعلبك أي الطريقة المعمارية الفينيقية. الخطوط المستديرة التي ترسم الفتحات كالقناطر على الأبواب والشبابيك وهي الخط الفينيقي Ligne courbe  والزخارف المتعرّجة بخط ثابت Ligne brisée كلها تشير الى الفن الهندسي الكنعاني الفينيقي.
من بترا (سلعا) في الأردن الى بعلبك، تدمر، الى كاتدرائيات بابسقا، قلب لوزه عملية تراتبية هندسية خطّها الواضح المعالم الفينيقية الأصلية.

التفاصيل الهندسية : الجديدة (لبنان) :
تبدأ الخطوط الهندسية المارونية في لبنان بالتأقلم مع طبيعة الأرض لترسم الكنائس المحمية Architecture troglodityque أو هندسة عوالم الظلال والعتمة وما تولده من قشعريرة ورهبة وأحاسيس متنوعة مجبولة بالصمت والخشوع.

أين تقع أولى الكنائس المارونية ؟
عدا الكنائس الأم في شمال سوريا. الدراسات التاريخية والجغرافية كما النصوص والمخطوطات المارونية القديمة، الملاحظات القيّمة على هوامش انجيل ربولا، أعمال وأبحاث البطريرك الدويهي، مهمّة Renan في فينيقيا “ La mission de Renan en Phenicie ”.
ملاحظات الأب Lammens - الثوابت التاريخية الأدوات الموجودة والأبنية المشادة والباقية تشير كلها الى وجود نوع من مهد للحضارة المارونية، الأفق الذي عاشت وترعرعت في ظلاله في حنايا الشمال اللبناني تحديدا" في وادي قاديشا أو على ضفاف النهر المقدّس من قزحيا الى بلوزا، بان، حوقا، حدشيت، بشرّي، بقرقاشا، بزعون، حصرون، الديمان، بقاعكفرا، حدث الجبّة كل منطقة جبل المكمل عند اقدام الأرز الجبّار.
نذكر أيضا" ان الأب ضو في كتابه تاريخ الموارنة ذكر بالاضافة الى هذه المنطقة في خطّ مواز لها منطقة جبّة المنيطرة أو وادي المنيطرة.
فماذا تعني كلمة منيطرة ¬ Monastrion أو Monastère أي الدير، هذه المنطقة التي تحوّلت من الوثنية الى المسيحية على يد الراهب ابراهيم تلميذ مار مارون (جبة المنيطرة هي منطقة العاقورا أفقا حتى بسكنتا).
هكذا نتبيّن اذا" وجود أبنية دينية مارونية قديمة هو في مهد نشوئها أو في عرين عظمتها.

الخصائص الهندسية :
ان هندسة الكنائس المسيحية منذ نشوئها كانت مطبوعة بخصائص كانت تتكرّر في كل زمان كانت تشاد فيها كنيسة. هذه الخصائص هي نقطة التشابه أو الوصل بين كافة الكنائس ان في الغرب أو في الشرق.
ان عوامل الخصوصيات أو المتغيرات بين كنيسة وأخرى تختلف باختلاف المواقع الجغرافية، الموقع الطبيعي، المناخ والطقس.
من هذه الخصوصيات طريقة تقسيم الكنائس الى 3 أقسام (Abside) الحنية والرواق الوسطي أو السرداب أو الممر والمدخل Portique.

لنستوضح الحنية : Abside
درجت العادة في الكنائس المارونية القديمة على تكليل المذبح بحنية وراءه كما هي الحال في الكنائس البيزنطية وهي بشكل نصف دائري من الداخل Concane ومن الخارج مستديرة. هذا الشكل رائج في كنائس اهدن في مار نهرا مار ضومط تولا، مار الياس تولا، في بحديدات كما في كنائس انطاكيا وشمال سوريا وعلى الأخص في قلعة سمعان حيث هذا الشكل هو الأكثر وضوحا" ورواجا". هذا ما يدفعنا للاعتقاد بأن الموازنة لحظة الغائهم للحنية، التي تذكر الأغريق Grecque   فكّروا باستبدالها بحنية مصغّرة أو niche وراء المذبح وهي طريقة تعبيرية للتذكير بتلك الحنايا المستديرة من الماضي.
المستديرة الهوائية Coupole هي عنصر أساسي في تركيبة الكنيسة المارونية الأفضل في هذا المضمار هي  المستديرة  الرائعة في مار الياس قرب ضيعة تولا وهي مشابهة لحد بعيد بالمستديرة  الهوائية الرائعة أيضا" والذائعة الصيت في كنيسة جبيل Byblos لكن للأسف كنيسة مار الياس تولا مهملة بسبب الخلاف بين ضيعتي تولا وعبديللي.
بعض الكنائس لها مدخل Portique عقد Portique voute كما هو الحال في كنيسة بحديدات. لهذه الظاهرة : حنية Abside، مستديرة couple عقد voute ومدخل portique. تشكل العناصر العامة للكنائس المارونية القديمة التي يختص بعضها برواق خارجي يسمّى في العامية دهليز.

خصوصيات بعض الكنائس :
بعض هذه الخصوصيات يبدأ بتحويل الفراغ الداخلي الى 3 أروقة أو سراديب nef3 كما هو الحال في بيبلوس التي يرتأي البعض بأنها متأثّرة بالحملات الصليبية ولأن بانوما هم الصليبيون وهذا الرأي مغاير للحقيقة لأن شقيقاتها الكبريات (في انطاكيا) هم على هذا النحو وقبلها بمئات السنين.
والثابت علميا" هو أن كثيرات من مثيلاتها بنيت في عمق الكيان الماروني.
ان المنطقة التي حافظت على كل جوهرها وكيانها وجذورها التاريخية والثقافية (كنائسها) كما هو الحال في معاد ورشكيدا.
مع العلم بأن كنيسة معاد وهي واحدة من الأجمل في لبنان بهندستها المعمارية تضم ثلاثة أروقة أكبر بقليل من شقيقتها في جبيل لكن أقل ارتفاعا".
الداخل مؤلّف من تراتبية لعواميد مزخرفة ومتوّجة بتاج مزخرف بعروق زهرية surmonté de chapiteaux à feuillage وهذا النوع من الزخارف فينيقي المولد.
في مار جرجس رشكيدا المخطّط يرتسم على ثلاثة أروقة (الكنيسة مهجورة في منطقة يسكنها الشيعة). وهي مبنية على أنقاض معبد فينيقي (نظرية شبه صحيحة) الحائط التي تستند عليه أساس الكنيسة مقوّى بأجزاء عواميد مستديرة يذكّروننا بقلعة جبيل.
الصخور الارتكازية لأول المداميك يبيّنوا عظمة الهندسة الفينيقية.
تظهر هذه التأثيرات : في القدس أيضا" معبد داوود الذي بناه الفينيقيون يذكر بأساسات البناء في بعلبك، القلعة في جبيل، قلعة سمعان في شمال سوريا.

العناصر الظاهرة هي :
-Ligne fermée  - الخطوط المقفلة
-Arcade a plein cintre outre passé  - القناطر ذوات نصف الدائرة المتجاو
- decoracien riche en feuillage - الزخارف الفنية بالأوراق
- Chapiteaux qui surmonte les colonnes - التيجان التي تكلّل الأعمدة
مع العلم بأن كنيسة مار جرجس شكيدا تبعد 3 كلم من ضيعة عبرين ونكمّل مسيرا" للوصول الى كنيسة حطون التي يدّعي البعض بأن لها 7 أروقة وسبعة مداخل 3 من ناحية الغرب.
باب من ناحية الشرق مع Portique وباب من ناحية الشمال .... لكن الكنيسة تهدّمت وما تبقّى منها ازيل لحظة بناء الكنيسة الجديدة. ولم أتمكّن من ملاحظة أي أثر يفيدني في تحديد هوية الكنيسة.

طريقة وضع الكنيسة أو خصوصيات بعضها :
بعض كنائسنا تستفيد من خصوصية معينة كالكنائس القلاع والكنائس التؤام.
من الناحية اللاهوتية لا شيء يبرّر هذه النزعة الخاصة كما في كنيستي تولا.
من الناحية الهندسية الصرف نلاحظ أن اعدادا" كبرى من كنائسنا القديمة تضم خزانات كبيرة وفتحات صغيرة من ناحية المدخل ومن هنا نعرف أن الكنيسة كانت تشيّد في موضع الخزّان من جهة حائط الدعم لتخفيف أعباء النش بانشاء هذا الخزّان.
ومن جهة ثانية كان للكنيسة نوع من واجب الحماية والماء التي يحتاجها الانسان هيي عنصر حياة.
- الكنائس التؤام: واحدة كنيسة والأخرى خزّان وللتوسيع نستعمل الخزّان كنيسة جديدة (نظرية سيدة ايلج).
- الكنائس المغلقة  Eglises troglodityques : تشابه بين الأبنية الفينيقية القديمة بدءا" من بترا الى انطاكيا فكابادوسيا الى كنائس قنوين وقاديشا المنحوتة في الصخر وكلها على طريقة Bas relief

داخل الكنيسة :
الداخل بحسب البطريرك الدويهي: في كتابه أظهر الدويهي العناصر التي تقسّم الداخل الى 3 أقسام :
1- قدس الأقداس  Saint des Saints
2- المقدّس Saint  المذبح  Autel
3- البهو  L’Aula
بالنسبة لثلاثة أشخاص الثالوث الكنائس التي تظهر بقوة هذه العناصر هي :
- كنيسة مار ماما في اهدن، كنيسة مار سابا في بشرّي، كنيسة مار ضومط في تولا. هكذا يظهر الدويهي بأن التقسيم الداخلي المائل الى الزخارف وتمييز الأجزاء عن بعضها لذلك نرى الأعمدة في تراتبية من الوراء باتجاه القسم الثالث من المقدّمة الذي هو المذبح أو قدس  الأقداس الذي يتم تتويجه بحنية مزخرفة وسقف بيضاوي.
الحنية  Abside et Cathèdre :
ان الحنية تكون مزخرفة بالموزاييك وبالنقوش fresque بطبيعتها تحيط المقدّس وتخلق نوع مميّز من الغرابة mystère.
كانت الحنية توجّه الى الشرق التي تأخذ معنى رمزي على قمّة الحنية ترتفع منصة Lucarne لجهة الشرق Orient لان الآب هو آب النور  Dieu de lumière. تحت ال Lucarne  موجود مجسم من صخر Cathèdre elevée المذبح هو بشكل مستطيل فلماذا ؟
حسب الدويهي على المذبح ان يكون اطول من الشمال الى الجنوب منه الى الشرق والغرب لكي نستطيع وضع الأغراض على الطاولة، الماء والمبخرة والكأس.
المذبح يرتفع عن الأرض بدرج مؤلف من عدة درجات وهو دائما" منفصل عن جسم الكنيسة بواسطة هذه الدرجات كما هو مكتوب بأن جسم بيضاوي Coupole تظلّل المذبح وهي مرفوعة على 4 أعمدة وأربع برادي بحسب الدويهي. كما هو مكتوب أيضا"  قنطرة مصغّرة niche  على جانبي المذبح من واحدة لحفظ الكأس، الجسد والدم وواحدة لحفظ الذخائر.

الشرفة  Ballustrade :
أمام المذبح هناك شبكة حديدية أو خشبية تقطع المذبح عن باقي الكنيسة وفيها 3 أبواب تشبه ال Iconostase عند الشرقيين.
يكتب الدويهي على هذا الموضوع بأن الآباء أمروا بأن تفتح أبواب الشبكة الشرفة وأن تكون الحواجز مفرغة بطريقة الشبكة لكي يتمكن الناس من مشاهدة الداخل. كما أمروا بتسكير البرادي في بعض الأحيان والطقوس احتراما" للمذبح. هذه الشبكة ليست حائطا"، وكانت تعرف بالعامّية باسم الشعرية.
القسم الثالث من الكنائس المارونية هو الدار أو البهو Dar ou Aula هذا القسم بحسب الدويهي كان فارغا" من اية مقاعد بعكس الطقس البيزنطي وعلى المؤمنين ان يكونوا واقفين للصلاة كما قال الرب اذا أردتم أن تصلّوا فقفوا وقولوا أبانا الذي في السماوات. الدار يحتوي على كرسي الاعتراف والمعمودية وناقوسين من الجهتين المحاذيتين للشبكة كما هناك قرّاءين يوضعان أمام الشبكية لقراءة الانجيل والرسائل.
على ما يبدو كان جرن المعمودية يوضع في الخارج تحت سقفية لكي لا يدخل الى الكنيسة الاّ أبناء النور كما هو ملحوظ في كتاب الواجبات “Le livre de consecrations”.
في الدار أيضا" توجد جرار الماء المبارك في نهار تبريك الماء Eau de l’Epiphanie
النواقيس أيضا" لدق ساعات الصلاة وهكذا يبدو بأن الشعب كان يشارك واقفا" بالصلاة.

الجدرانيات  fresques :
peintures ¬ أهمية كبيرة محيت جميعها ولم يهتم بها أحد. أهمّها : كانت في معاد فمحيت، في دير الصليب ما تزال موجودة ولكن مشوّهة. على ما يبدو كانت هذه الجدرانيات متأثّرة بالفنّ البيزنطي ولكن على الطريقة المارونية.










ليست هناك تعليقات: