2013/11/27

ذكرى إعلان المكرّمة رفقا طوباوية 17 تشرين الثاني 1985 الأب جورج صغبيني



ذكرى إعلان المكرّمة رفقا طوباوية 17 تشرين الثاني 1985

القديسة رفقا (بطرسيّة) في بلدة حملايا (1832 - 1859)
أبصرت القدّيسة رفقا النور في حملايا، إحدى قرى المتن الشمالي بالقرب من بكفيا، في 29 حزيران يوم عيد القدّيسين بطرس وبولس، سنة 1832.
كانت وحيدة لوالديها: مراد صابر الشبق الريّس، ورفقا الجميّل.
قَبِلَت سرّ العماد في 7 تموز سنة 1832، ودُعيت بطرسية.
تُوفّيَت والدتها سنة 1839، وكانت رفقا طفلة في السّابعة من عمرها.
وَقعَ والدها في الضيق والعوز فأرسلها إلى دمشق سنة 1843، تخدم في بيت أسعد البدوي اللبنانيّ الأصل، طيلة أربع سنوات.
عادت رفقا إلى البيت الوالديّ سنة 1847، فوجدت أنّ والدها قد تزوّج في غيابها. وأرادت خالتها (زوجة والدها) أن تزوّجها بشقيقها وخالتها (شقيقة أمّها) أن تزوّجها بابنها، ، ممّا أدّى إلى خصامٍ بينهما.

القديسة رفقا في جمعيّة المريمات (1859 - 1871)
طلبت رفقا إلى الله أن يُساعدها على تحقيق رغبتها، فذهبت إلى دير سيدة النجاة، في بكفيا، للترهّب في جمعيّة المريمات، التي أسّسها الأب يوسف الجميّل. ولدى دخولها كنيسة الدير شعَرت بفرح وسرور لا وصف لهما. نظرت إلى إيقونة سيدة النجاة فسمعت صوت الدّعوة إلى التكرّس لله: "إنكِ تترهّبين". قَبِلَتها الرئيسة دون أن تستجوبها، فدَخَلَت الدير، ورَفَضَت بعد ذلك العودة إلى المنزل، عندما حضر والدها وزوجته ليثنياها عن عزمها.
اتّشحَت رفقا بثوب الإبتداء في 19 آذار سنة 1861، يوم عيد القدّيس يوسف. وفي العيد نفسه من سنة 1862 أبرزت النذور الرهبانيّة الموقّتة. فأرسلها رؤساؤها إلى إكليريكيّة غزير، حيث عُهِد إليها القيام بخدمة المطبخ. وكان في عداد الإكليريكيّين, البطريرك الياس الحويك والمطران بطرس الزّغبي.
كانت رفقا تستغِلّ أوقات الفراغ لتتلقّن اللغة العربية والخط والحساب. وحوالي سنة 1860، أُرسِلت رفقا إلى دير القمر لتلقّن الفتيات التعليم المسيحيّ. أثناء الأحداث الدامية التي عصفت بلبنان آنذاك، ورأت رفقا هناك بأمِّ العين استشهاد الكثيرين، فتحلّت بالقوّة والشجاعة وحنّت على أحد الأولاد الصّغار وخبّأته بردائها، فأنقذته من الذبح المحتّم.
أمضت رفقا حوالي سنة في دير القمر، ثم عادت إلى غزير. وسنة 1863، توجّهت رفقا بأمر الرؤساء إلى مدرسة جمعيّتها في جبيل، وأقامت فيها مدة سنة تُدرّس البنات وتنشّئهنّ على مبادىء الإيمان المسيحي.
في أوائل سنة 1864 نُقِلَت من مدرسة جبيل إلى قرية معاد، نزولاً عند طلب المُحسِن الكبير أنطون عيسى. وأقامت هناك مدة سبع سنوات، أنشأت خلالها مدرسة لتعليم البنات بمساعدة إحدى أخواتها الراهبات.

القديسة رفقا في الرّهبانية اللبنانيّة المارونيّة (1871 - 1914):
القديسة رفقا في دير مار سمعان القرن - أيطو (1871 -1897)
خلال إقامتها في معاد، وعقب أزمة ألمّت بجمعيّة المريمات سنة 1871، دخلت رفقا إلى كنيسة مار جرجس، وطلبت من الرّب يسوع أن يُساعِدَها على اتخاذ القرار، فسَمِعَت صوتاً يُناديها: "إنكِ تترهّبين". وصلّت رفقا، فتراءى لها في الحلم مار جرجس ومار سمعان العامودي، ومار انطونيوس الكبير أبو الرّهبان، الذي قال لها: "ترهّبي في الرّهبنة البلديّة".
سَهّل لها السيّد أنطون عيسى طريق الانتقال من معاد إلى دير مار سمعان القرن - أيطو. فَقُبِلَت على الفور، ولبِسَت ثوب الإبتداء في 12 تموز 1871، ثم نَذَرت نذورها الإحتفاليّة في 25 آب 1872، واتّخذت لها اسم الأخت رفقا تيَمُّناً باسم والدتها.
أمضت رفقا ستاً وعشرين سنة في دير مار سمعان القرن – أيطو، وكانت مِثالاً حيّاً لأخواتها الراهبات في حفظ القوانين والصلوات والعمل... وفي الأحد الأول من تشرين الأول سنة 1885، دخلت رفقا إلى كنيسة الدير، وصلّت للرّب يسوع أن يُشرِكَها في آلامه. فاستجاب طلبها، وبدأت الأوجاع المؤلمة في رأسها، ثم امتدّت إلى عينَيها.
باءت جميع محاولات مُعالجتها بالفشل. إثر ذلك، تقرّر إرسالها إلى بيروت للمعالجة. فعرّجت على أنطش مار يوحنا مرقس – جبيل، حيث عُرِضَت على طبيب أميركيّ، فأمر بإجراء عمليّة سريعة لعينها اليمنى. ولم تَقبل بالبنج للتخفيف من ألمها، وفي أثناء العملية اقتلع الطبيب خطأً عينها برمّتها، فقالت: "مع آلام المسيح، سلِمَت يداك، الله يآجرك".
ثمّ ما لبث الداء أن تحوّل إلى عينها اليُسرى، فحَكَم الأطبّاء بأن لا منفعة لها بالعلاج. فرافقها وجع العينَين المؤلم أكثر من اثنتي عشرة سنة وهي صابرة، صامتة، مصلّية ومردّدة: "مع آلام المسيح".

القديسة رفقا في دير مار يوسف - جربتا (1897 - 1914)
عندما قرّرت السلطة في الرّهبانية اللبنانيّة المارونيّة تأسيس دير مار يوسف الضهر - جربتا في منطقة البترون سنة 1897، تَمّ نقل ست راهبات من دير مار سمعان المذكور إلى الدير الجديد، برئاسة الأم أورسلا ضومط المعاديّة. وكانت رفقا من بينهنّ لأنّ الراهبات أصرَرْن على مجيئها معهنّ لفرط ما كنّ يُحبِبنَها ويأملن إزدهار ديرهنّ الجديد بصلواتها.
وفي سنة 1899، انطفأ النور نهائيّاً في عينها اليسرى، فأضحت رفقا عمياء، وبدأت مرحلة جديدة من مراحل آلامها حيث عاشت رفقا المرحلة الأخيرة من حياتها مكفوفة ومخلّعة: عمًى كامل، وجع مؤلم في الجنب وضعف في الجسد كلّه، ما عدا وجهها الذي بقيَ مُشرقاً حتى النفَس الأخير، وتفكّك وركها الأيمن وانفصل عن مكانه، وكذلك غَرِقَ عظم كتفها في عنقها وخَرَج عن موضعه؛ وبرزت خرزات ظهرها بحيث أصبح سهلاً عدّها، وصار جسمها كلّه يابساً خفيفاً، وجلدها جافّاً، فبدت هيكلاً عظميّاً يجمعه جلدها.
لم يبقَ عضو صحيح في جسمها غير يدَيها اللتَين كانت تَحوك بهما جوارب بالصنّارة، وهي صابِرة على آلامها وأوجاعِها، مُسبِّحة وشاكِرة الربّ يسوع على نعمة مشاركته في آلامِه.
رَقَدَت رفقا برائحة القداسة في 23 آذار 1914، في دير مار يوسف- جربتا، متزوّدة بالقربان الأقدس، متّكلة على شفاعة أمّ الله مريم والقدّيس يوسف.
دُفِنَت رفقا في مقبرة الدير، وأشعّ نور من قبرها طيلة ثلاثة أيام ممتالية. وأجرى الرّب بشفاعَتِها عجائب ونعماً كثيرة.
في 10 تموز 1927 نُقِلَ رُفاتها إلى قبر جديد في زاوية معبد الدير إثر تقديم دعوى تكريمها بتاريخ 23 كانون الأول 1925، وكان البدء بالتحقيق في شهرة قداستها في 16 أيار 1926
أعلنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، مُكرّمة في 11 شباط 1982، ثمّ طوباويّة في 17 تشرين الثاني 1985، ثمّ أعلنها قدّيسة على مذابح الكنيسة في 10 حزيران سنة 2001. مع أربعة طوباويّين هم:
لويجي سكروسوبي (1804-1884) فرييولي، ايطاليا
اغوسطينو روسكلّي (1818-1902) ايطاليا
بيرناردو دا كورليون (1605-1667) كورليون، سيسيليا، ايطاليا
تيريزا أوستوتشيو فيرزيري (1801-1852) بيرغامو، ايطاليا

عجيبة تطويب المكرّمة رفقا
في آذار ١٩٣۸، شفيت أليصابات النخل البطحاوي من منطقة طورزا من سرطان في الرحم وذلك بفضل القديسة رفقا . أعتمدت هذه الأعجوبة في دعوة تطويب رفقا في ١٧ تشرين الثاني ١٩٨٥.
صلاة القديسة رفقا تشفع بنا آمين.

 

ليست هناك تعليقات: