2013/11/27

أحد بشارة زكريا الأب جورج صغبيني


أحد بشارة زكريا


أحد بشارة زكريّا هو الأحد الأوّل من زمن الميلاد تدخل الكنيسة في مسيرة التأمّل في سرّ الإيمان بتجسّد إبن الله، يسوع المسيح الذي صار إنسانا مثلنا.

في هذا الأحد الأوّل من زمن الميلاد، وفي مطلع سنة الإيمان، تدعونا الكنيسة لوقفة تأمّل أمام قلّة إيماننا الشخصيّ وتحثّنا على العمل لتقويته بشتّى الوسائل ولا سيّما بالصلاة على مثال إبراهيم الشيخ وزكريّا الكاهن.

مع أحد بشارة زكريا يبدأ زمن الميلاد، ويُسمّى زمن البشارة وزمن المجيء.

الوعد الذي وعده الله لإبراهيم ونسله لا يعود إلى الشريعة، بل إلى إيمانه الذي برّره. كما يقول الكتاب: "جعلتك أبًا لأمم كثيرة".

كان إبراهيم في نحو المئة من العمر، فما ضعف إيمانه حين رأى أنه كبر بالعمر، وأنّ رحم امرأته سارة عاجز عن ولادة إبن يرثه.

وزكريا واليصابات "كانا بارين امام الله، وسائرين بجميع وصاياه بدون لوم" (لو1/6). ولَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ، مَضَى إِلى بَيْتِهِ. وبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّام، حَمَلَتِ امْرَأَتُهُ إِلِيصَابَات، وكَتمَتْ أَمْرَهَا خَمْسَةَ أَشْهُر، وهِيَ تَقُول: "هـكَذا صَنعَ الرَّبُّ إِليَّ، في الأَيَّامِ الَّتي نَظَرَ إِليَّ فِيهَا، لِيُزيلَ العَارَ عَنِّي مِنْ بَيْنِ النَّاس!".

الرســالة إلى أهل روما 4/ 13- 25

13 فَالْوَعْدُ لإِبْرَاهيمَ أَوْ لِنَسْلِهِ بِأَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِلعَالَم، لَمْ يَكُنْ بِواسِطَةِ الشَّرِيعَة، بَلْ بالبِرِّ الَّذي نَالَهُ بالإِيْمَان.

14 فلَوْ كَانَ أَهْلُ الشَّرِيعَةِ هُمُ الوَارِثِين، لأُبْطِلَ الإِيْمَان، وأُلْغِيَ الوَعْد؛

15 لأَنَّ الشَّرِيعَةَ تُسَبِّبُ غَضَبَ الله؛ وحَيْثُ لا شَرِيعَة، فَلا تَعَدِّيَ لِلشَّرِيعَة.

16 لِذلِكَ فَأَهْلُ الإِيْمَانِ هُمُ الوَارِثُون، لِكَي تَكُونَ الوِرَاثَةُ هِبَةً مِنَ الله. وهـكَذَا تَحَقَّقَ الوَعْدُ لِكُلِّ نَسْلِ إِبْرَاهيم، لا لِلنَّسْلِ الَّذي هُوَ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ فَحَسْب، بَلْ أَيْضًا لِلنَّسْلِ الَّذي هُوَ مِنْ أَهْلِ الإِيْمَان، إِيْمَانِ إِبْرَاهِيم، الَّذي هُوَ أَبٌ لَنَا أَجْمَعِين؛

17 كَمَا هُوَ مَكْتُوب: "إِنِّي جَعَلْتُكَ أَبًا لأُمَمٍ كَثِيرَة". فَإِبْرَاهِيمُ الَّذي آمَنَ باللهِ هُوَ أَبٌ لَنَا أَمَامَ الله، الَّذي يُحْيي الأَمْوَات، ويَدْعُو غَيْرَ الـمَوْجُودِ إِلى الوُجُود.

18 وقَدْ آمَنَ إِبْرَاهيمُ رَاجِيًا عَلى غَيرِ رَجَاء، بِأَنَّهُ سَيَصيرُ أَبًا لأُمَمٍ كَثيرَة، كَمَا قِيلَ لَهُ: "هـكَذَا يَكُونُ نَسْلُكَ".

19 ولَمْ يَضْعُفْ بِإِيْمَانِهِ، بِرَغْمِ أَنَّهُ رأَى، وهُوَ إبنُ نَحْوِ مِئَةِ سَنَة، أَنَّ جَسَدَهُ مَائِت، وأَنَّ حَشَا سَارَةَ قَدْ مَات.

20 وبِنَاءً عَلى وَعْدِ الله، مَا شَكَّ وَلا تَرَدَّد، بَلْ تَقَوَّى بالإِيْمَان، ومَجَّدَ الله.

21 وأَيْقَنَ مِلْءَ اليَقِينِ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يُنْجِزَ مَا وَعَدَ بِهِ.

22 فَلِذلِكَ حُسِبَ لَهُ إِيْمَانُهُ بِرًّا.

23 ولَمْ يُكْتَبْ مِنْ أَجْلِهِ وَحْدَهُ أَنَّهُ "حُسِبَ لَهُ بِرًّا"،

24 بَلْ كُتِبَ أَيْضًا مِنْ أَجْلِنَا، نَحْنُ الَّذِينَ سَيُحْسَبُ لَنَا بِرًّا، لأَنَّنَا نُؤْمِنُ بِالَّذي أَقَامَ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ يَسُوعَ رَبَّنَا،

25 الَّذي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ زَلاَّتِنَا، وأُقيمَ مِنْ أَجْلِ تَبْريرِنَا.

رسالة القديس بولس إلى أهل روما، تتكلم عن شخصية إبراهيم أبِ المُؤمِنين.

لقد وعد الله إبراهيم بأرضٍ وَنَسْلٍ لإيمانه به وبكلمته.

بالإيْمان تَبَرَّرَ إبْراهيم، آمن إبراهيم"، " (التكوين 12: 1-2) فحُسبَ له ذلك بِرّاً.

إنجيل القدّيس لوقا 1/ 1- 25

1 بِمَا أَنَّ كثيرينَ أَخَذُوا يُرَتِّبونَ رِوَايةً لِلأَحْدَاثِ الَّتي تَمَّتْ عِنْدَنا،

2 كَمَا سَلَّمَها إِلَيْنَا مَنْ كَانُوا مُنْذُ البَدْءِ شُهُودَ عِيَانٍ لِلْكَلِمَة، ثُمَّ صَارُوا خُدَّامًا لَهَا،

3 رَأَيْتُ أَنا أَيْضًا، أَيُّهَا الشَّرِيفُ تِيُوفِيل، أَنْ أَكْتُبَها لَكَ بِحَسَبِ تَرْتِيِبهَا، بَعْدَما تَتَبَّعْتُهَا كُلَّها، مُنْذُ بِدَايَتِهَا، تَتَبُّعًا دَقيقًا،

4 لِكَي تَتَيَقَّنَ صِحَّةَ الكَلامِ الَّذي وُعِظْتَ بِهِ.

5 كَانَ في أَيَّامِ هِيرُودُس، مَلِكِ اليَهُودِيَّة، كَاهِنٌ أسْمُهُ زَكَرِيَّا، مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا، لهُ إمْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ أسْمُها إِليصَابَات.

6 وكَانَا كِلاهُمَا بَارَّيْنِ أَمَامَ الله، سَالِكَيْنِ في جَمِيعِ وصَايَا الرَّبِّ وأَحْكَامِه بِلا لَوْم.

7 ومَا كَانَ لَهُمَا وَلَد، لأَنَّ إِليصَابَاتَ كَانَتْ عَاقِرًا، وكَانَا كِلاهُمَا قَدْ طَعَنَا في أَيَّامِهِمَا.

8 وفِيمَا كَانَ زَكَرِيَّا يَقُومُ بِالخِدْمَةِ الكَهَنُوتِيَّةِ أَمَامَ الله، في أَثْنَاءِ نَوْبَةِ فِرْقَتِهِ،

9 أَصَابَتْهُ القُرْعَة، بِحَسَبِ عَادَةِ الكَهَنُوت، لِيَدْخُلَ مَقْدِسَ هَيْكَلِ الرَّبِّ ويُحْرِقَ البَخُور.

10 وكَانَ كُلُّ جُمْهُورِ الشَّعْبِ يُصَلِّي في الـخَارِج، في أَثْنَاءِ إِحْرَاقِ البَخُور.

11 وَتَراءَى مَلاكُ الرَّبِّ لِزَكَرِيَّا وَاقِفًا مِنْ عَنْ يَمِينِ مَذْبَحِ البَخُور،

12 فَإضْطَرَبَ زَكَرِيَّا حِينَ رَآه، وإسْتَولَى عَلَيْهِ الـخَوف.

13 فقَالَ لهُ الـمَلاك: "لا تَخَفْ، يَا زَكَرِيَّا، فَقَدِ إسْتُجيبَتْ طِلْبَتُكَ، وَإمْرَأَتُكَ إِلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ إبْنًا، فَسَمِّهِ يُوحَنَّا.

14 ويَكُونُ لَكَ فَرَحٌ وَإبْتِهَاج، ويَفْرَحُ بِمَوْلِدِهِ كَثِيرُون،

15 لأَنَّهُ سَيَكُونُ عَظِيمًا في نَظَرِ الرَّبّ، لا يَشْرَبُ خَمْرًا ولا مُسْكِرًا، وَيَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ وَهُوَ بَعْدُ في حَشَا أُمِّهِ.

16 ويَرُدُّ كَثِيرينَ مِنْ بَني إِسْرَائِيلَ إِلى الرَّبِّ إِلـهِهِم..

17 ويَسيرُ أَمَامَ الرَّبِّ بِرُوحِ إِيلِيَّا وقُوَّتِهِ، لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلى الأَبْنَاء، والعُصَاةَ إِلى حِكْمَةِ الأَبْرَار، فيُهيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْبًا مُعَدًّا خَيْرَ إِعْدَاد".

18 فقالَ زَكَرِيَّا لِلْمَلاك: "بِمَاذَا أَعْرِفُ هـذَا؟ فإِنِّي أَنَا شَيْخٌ، وإمْرَأَتي قَدْ طَعَنَتْ في أَيَّامِهَا!".

19 فأَجَابَ الـمَلاكُ وقالَ لهُ: "أَنَا هُوَ جِبْرَائِيلُ الوَاقِفُ في حَضْرَةِ الله، وقَدْ أُرْسِلْتُ لأُكَلِّمَكَ وأُبَشِّرَكَ بِهذَا.

20 وهَا أَنْتَ تَكُونُ صَامِتًا، لا تَقْدِرُ أَنْ تَتَكَلَّم، حَتَّى اليَوْمِ الَّذي يَحْدُثُ فِيهِ ذلِكَ، لأَنَّكَ لَمْ تُؤْمِنْ بِكَلامِي الَّذي سَيَتِمُّ في أَوَانِهِ".

21 وكَانَ الشَّعْبُ يَنْتَظرُ زَكَرِيَّا، ويَتَعَجَّبُ مِنْ إِبْطَائِهِ في مَقْدِسِ الـهَيْكَل.

22 ولَمَّا خَرَجَ زَكَريَّا، لَمْ يَكُنْ قَادِرًا أَنْ يُكَلِّمَهُم، فأَدْرَكُوا أَنَّهُ رَأَى رُؤْيَا في الـمَقْدِس، وكَانَ يُشيرُ إِلَيْهِم بِالإِشَارَة، وبَقِيَ أَبْكَم.

23 ولَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ خِدْمَتِهِ، مَضَى إِلى بَيْتِهِ.

24 وبَعْدَ تِلْكَ الأَيَّام، حَمَلَتِ إمْرَأَتُهُ إِلِيصَابَات، وكَتمَتْ أَمْرَهَا خَمْسَةَ أَشْهُر، وهِيَ تَقُول:

25 "هـكَذا صَنعَ الرَّبُّ إِليَّ، في الأَيَّامِ الَّتي نَظَرَ إِليَّ فِيهَا، لِيُزيلَ العَارَ عَنِّي مِنْ بَيْنِ النَّاس!".

كان الكهنة يدخلون إلى قدس الأقداس مرّة في السّنة لتقديم البخور بحسب ما تقتضيه الشَّريعة... وكانت أليصابات وزكريا الكاهن، زوجين صالحين، يعملان بأحكام الشَّريعة...

أصابت القرعة زكريا ليدخل ويقدّم البخور، فظهر له الملاك وبشَّره بيوحنا.

وزكريا الذي فقد الرّجاء بما يطلبه ويصلّي من أجله، طلب من الملاك علامة لأنَّهُ يعلم أنَّ زوجته عاقر مُسِنَّة. فكانَ البكم والخَرَس وعدم الكلام علامة اللاإيْمان. فقد أسكت الله فم زكريا، بسبب قلة إيمانه وسيُرزقه بإبن في شيخوخته بعدَ طول دعاء وصلاة وإنتِظار!

ونحن هل نصدّق بأن صلاتنا ستستجاب؟

شيخ بارّ طاعن في السّن وفي قلبه غصّة الحرمان من إبنٍ، يكهن في قدس الأقداس، وقد قضى عمره في خدمة الله والهيكل. بشّره الملاك مبعدًا عنه العار بسب العقم.

الكاهن الشيخ رغم صلاته ودعائه وطلباته شكّك بقدرة الله، لأنّه يحلّل الأمور بعقله وعلى مستوى المنطق البشري وعلى مستوى حساباته الجسديّة الفيزيولوجيّة ونسي عطيّة الله لإبراهيم وسارة المشابهين له ولزوجته في الشيخوخة، فما كان من الله إلاّ أن أخرسه وأبكمه ليدخله في فترة صمتٍ وتأمّل مدّة تسعة أشهرٍ، ليعود إلى إيمانه بقدرة الله الّذي من لاشيء خلق كلّ الأشياء ومن روحه نفخ في التراب فحوّله إنسانا.

أبكمَ الله ذاك اللسان الّذي لم يتوقّف عن الصلاة والتضرّع من أجل الحصول على ولد، هذا اللسان هو نفسه شكّك عند حصول الآية.

قد تعلّم زكريّا، بحسب القدّيس أفرام، أن الّذي أغلق فمًا خصب الكلام، بقدرته أن يفتح رحمًا عقيمًا.

ونحن إذ نَدخلُ إلى قُدسِ أقداسِك، نسجدُ أمامك، نسألكَ ونطلبُ منك أن تقوِّي إيماننا الضَعيف بِكلامِك الّذي يتمُّ دَومًا في حينه.

نترجَّى دَومًا حُلولَ ملَكوتِك بَيننا مرددين لتكن مشيئتك لا مشيئتنا. وليأتي ملكوتك لا ملكوتنا. ونضعُ أمامك قلّة إيماننا الروحيّ كَزكريَّا، وعجزنا وعُقمنا الجسديّ كَإليصابات، حتى تُحيِي نُفوسَنا رُغمَ قلّة أيماننا وكثرة شكوكنا.

في مسيرتنا نحو مغارة ميلادك وجّه أنظارنا إليك بنجمك الهادي وبإشارة من ملائكتك حتى نتهيأ لمجدك ونعمل من أجل السلام في العالم ومن أجل إحلال الفرح في قلوب البشر.


الأب جورج صغبيني



صورة 












صورة 













 

صورة 










ليست هناك تعليقات: