2014/09/26

الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة الأب جورج صغبيني

الأحد الرابع عشر من زمن العنصرة

في هذا الأحد تَضَعنا الكَنيسة أمام نَموذَجَين من خدمة الرب:
1- مَن يَجلِس عند قدَمَيه، أو يعيش في الخلوة مع الله أو يعيش في المحبسة.
2- وَمَن يَذهب ليَقوم بعمل الخدمة والرّسالة.
فالمسيح طَوّبَ عمل مَريَم، لأنّ نَصيبها الأفضل الذي اختارَتهُ وهُوَ الجُلوس عِندَ قَدَمَيْه والتأمّل بكلامه.
والمسيح أيضا اختار إثني عشر رسولاً ليعلنوا بشارته للناس أجمعين.
فخيار المؤمن بين مرتا ومريم هو خيار خاطئ لأن كلّ إنسان هو مدعو بحسب قدرته وبحسب موهبة الروح القدس التي فيه أن يكون رسولا أو مبشّرا أو... فَهُوَ أَعْطَى الْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا رُسُلاً، وَالْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَالْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ، وَالْبَعْضَ رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ... لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ.

رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل تسالونيكي 2/ 1- 13
1 وأَنْتُم أَنْفُسُكُم تَعْلَمُونَ، أَيُّهَا الإِخْوَة، أَنَّ دُخُولَنَا إِلَيْكُم لَمْ يَكُنْ باطِلاً.
2 ولـكِنْ، كَمَا تَعلَمُون، بَعْدَ أَنْ تَأَلَّمْنَا وشُتِمْنَا في فِيلِبِّي، تَجَرَّأْنَا بإِلـهِنَا أَنْ نُكَلِّمَكُم بإِنْجِيلِ الله، في جِهَادٍ كَثِير.
3 ولَمْ يَكُنْ وَعْظُنَا عَنْ ضَلال، ولا عَنْ نَجَاسَة، ولا بِمَكْر،
4 بَلْ كَمَا اخْتَبَرَنَا اللهُ فَأَمَّنَنَا على الإِنْجِيل، هـكَذَا نَتَكَلَّم، لا إِرْضَاءً لِلنَّاسِ بَلْ للهِ الَّذي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا.
5 فَإِنَّنا ولا مَرَّةً أَتَيْنَاكُم بِكَلِمَةِ تَمَلُّق، كَمَا تَعْلَمُون، ولا بِدَافِعِ طَمَع، واللهُ شَاهِد،
6 ولا طَلَبْنَا مَجْدًا مِنْ بَشَر، لا مِنْكُم ولا مِنْ غَيرِكُم،
7 معَ أَنَّنَا قادِرُونَ أَنْ نَكُونَ ذَوِي وَقَار، كَرُسُلٍ لِلمَسِيح، لـكِنَّنَا صِرْنَا بَيْنَكُم ذَوِي لُطْف، كَمُرْضِعٍ تَحْتَضِنُ أَوْلادَهَا.
8 وهـكَذَا فَإِنَّنَا مِنْ شِدَّةِ الـحَنِينِ إِلَيْكُم، نَرْتَضِي أَنْ نُعْطِيَكُم لا إِنْجِيلَ اللهِ وحَسْب، بَلْ أَنْفُسَنَا أَيْضًا، لأَنَّكُم صِرْتُم لَنَا أَحِبَّاء.
9 وإِنَّكُم تَتَذكَّرُون، أَيُّهَا الإِخْوَة، تَعَبَنَا وكَدَّنَا: فَلَقَد بَشَّرْنَاكُم بِإِنْجيلِ الله، ونَحْنُ نَعْمَلُ لَيْلَ نَهَار، لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلى أَحَدٍ مِنْكُم.
10 أَنْتُم شُهُود، واللهُ شَاهِد، كَيْفَ كُنَّا مَعَكُم، أَنْتُمُ الـمُؤْمِنِين، في نَقَاوَةٍ وبِرٍّ وبِغَيرِ لَوم،
11 نُعامِلُ كُلاًّ مِنْكُم، كَمَا تَعْلَمُون، مُعَامَلَةَ الأَبِ لأَوْلادِهِ.
12 وكُنَّا نُنَاشِدُكُم، ونُشَجِّعُكُم، ونَحُثُّكُم على أَنْ تَسْلُكُوا مَسْلَكًا يَلِيقُ بالله، الَّذي يَدْعُوكُم إِلى مَلَكُوتِهِ ومَجْدِهِ.
13 لِذلِكَ نَحْنُ أَيضًا نَشكُرُ اللهَ بغيرِ انْقِطَاع، لأَنَّكُم لَمَّا تَلَقَّيْتُم كَلِمَةَ الله الَّتي سَمِعْتُمُوهَا مِنَّا، قَبِلْتُمُوهَا لا بِأَنَّهَا كَلِمَةُ بَشَر، بَلْ بِأَنَّهَا حَقًّا كَلِمَةُ الله. وإِنَّهَا لَفَاعِلَةٌ فيكُم، أَيُّهَا الـمُؤْمِنُون.

فٱلكَنيسَةِ تعيش رسالتين: واحِدَة تَعمَل "منهَمِكة بِكَثْرَةِ ٱلخِدْمَة" وثانِيَة جالِسَة عِنْدَ قَدَمَي المُعَلِّم.
وإن كان المسيح فضّل اختيار مريم على اختيار مرتا فما هو دور الرسل والتلاميذ الذين أرسلهم أمامه إلى كُلِّ مَدينَةٍ أوْ قَرْيَةٍ أزْمَعَ أنْ يَدْخُلَ إلَيْها. فمَرتا تُمَثِّلُ ٱلعَمَل ٱلرَّسولي وَتُمَثِّلُ مَريَم روحُ التأمّل. ولو جلست مرتا إلى جانب مريم لبقي الجميع من دون طعام. وَلَكِن يَجِبُ على مَرتا أنْ تَكونَ عِندَ قَدَمَيّ المُعَلِّم قَبْلَ ٱلإنطِلاقِ إلى ٱلرِّسالَة وبعد العودة منها، دون التذمّر من موقف مريم. وَقد قال بولس: "أنا لا أرضَى أن يَحْكُمَ عَلَيَّ احَد. وَأنا لا أحْكُمُ على نَفْسي، وَأنا لا أُدينُ نَفسي. دَيَّاني هوَ ٱلله".
فما الذي نعمله لِنَشرِ كَلِمَة الله التي آمَنَا بِها وننَقلِها للآخَرين باسم العَمَل الرَّسولي. وهل يطغى هذا العمل على تأملنا وجلوسنا عند قدميّ يسوع.
وماذا لَو تكون الرِّسالة والعمل الرَّسولي سببا للإنتقاص من حياتنا الروحيّة والديرية والرهبانية... وهل إذا ما عاد مار أنطونيوس أب الرهبان اليوم في عصرنا هل يجد له تلاميذ له يسيرون خلفه في الصحراء للتأمّل والصلاة.
لقد فرغت محابسنا من النساك وباتت مزارات للمؤمنين، وافتتحنا بدلا منه المدارس والمستشفيات والمآوي للعجزة والدور للأيتام.
لقد أصبحت مرتا مهتمّة بأمور كثيرة... والمطلوب واحد.
فالْمَسِيحُ الَّذِي هو رأس جسد الكنيسة بل هو كُلُّ الْجَسَد، ولكلّ عضوٍ عمله فِي الْمَحَبَّةِ. إذاً لا يفتخرنّ أحد بالناس... فمن هي مريم ومن هي مرتا ومن هو بولس أم أبلوس أم بطرس فأنتم جميعا للمسيح .

إنجيل لوقا 10/ 38- 42
38 وَفيمَا كَانُوا سَائِرين، دَخَلَ يَسُوعُ إِحْدَى القُرَى، فاسْتَقْبَلَتْهُ في بَيتِهَا امْرَأَةٌ اسْمُها مَرْتا.
39 وَكانَ لِمَرْتَا أُخْتٌ تُدْعَى مَرْيَم. فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَي الرَّبِّ تَسْمَعُ كَلامَهُ.
40 أَمَّا مَرْتَا فَكانَتْ مُنْهَمِكَةً بِكَثْرَةِ الـخِدْمَة، فَجَاءَتْ وَقَالَتْ: "يَا رَبّ، أَمَا تُبَالي بِأَنَّ أُخْتِي تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي!".
41 فَأَجَابَ الرَّبُّ وَقَالَ لَهَا: "مَرْتا، مَرْتا، إِنَّكِ تَهْتَمِّينَ بِأُمُورٍ كَثِيرَة، وَتَضْطَرِبِين!
42 إِنَّمَا الـمَطْلُوبُ وَاحِد! فَمَرْيَمُ اخْتَارَتِ النَّصِيبَ الأَفْضَل، وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا".

اعتاد الواعظون ٱتِّخاذِ ٱلأُخْتَيْنِ مَرتا وَمَريَم مِثالَيْنِ للحَياةِ ٱلرُّوحِيَّة: مَرتا تُمَثِّل الحَياة العَمَلِيَّة، وَمَريَم الحَياة التَّأمُّلِيَّة. كما أنَّ يَسوع في حَياتِهِ على الأرض عاش ٱلحَياة التَّأمُّلِيَّةِ في النَّاصِرَة، وَٱلحَياة الرسولية مُنْذُ عُرسِ قانا ٱلجَليل حَتَّى موته على صليب الجُلجُلَة.
فالأمرانِ مُتَكامِلان، إصْغاء مَريَم وعَمَل مَرتا.
"نَهتَمُّ بِأُمورٍ كَثيرَة..." لكن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.
نعم،
لأن ما من حياةٍ دون عمل، تأكل خبزك بعرق جبينك.
المهمّ أن يكون عملك من دون تذمّر، بكل محبة، إن تأمّلت أو خدمت، والقديسة تريزا عاشت سرّ مرتا ومريم معاً.
ومريم ومرتا هما رمزان للنفس والجسد اللذين كان يشفيهما المسيح معاً:
1- غافراً خطايا النفس.
2- وشافياً عاهات الجسد.

أعجبني

ليست هناك تعليقات: