2014/03/27

عيد المعلّم 9 آذار الأب جورج صغبيني



عيد المعلّم

منذ العهود القديمة كانت نظرة الناس، للمربي وللعاملين في مجالات التعليم، مكانة خاصة لما حباه الله من نعمة العطاء وبما حصّله من خلال خبرته العلمية والحياتية.

فالإنسان بحاجة إلى النمو بالعلم والحكمة والفهم كما بالقامة.

والإنسان بحاجة إلى المعرفة من خلال البحث والإختبار والتجربة بالإضافة إلى معرفته الفطرية.

كلمات يردّدها الناس كصلاة وكأمثال، منها:

يا رب زدني علما.

واطلب العلم ولو في الصين.

ووعاء المعرفة كلما تغرف منه يزداد ولا ينقص.

فالمربّي هو من لا يلقّن تلميذه كمن يملئ وعاء بل هو من يوجّه ويربّي... ويكون هو القدوة والمثال.

وإن كانت المعرفة سبب الخطيئة، فإنها أيضا سبب الخلاص لأن بالكلمة حياة.

فالمربّي الأوّل هما الوالدان فهما المدرسة الأولى لتعلّم النطق ولمعرفة القيم الإنسانية والإجتماعية والوطنية، وكذلك دور المدرسة البيت الثاني التي لا تقلّ قيمة عن دور الأهل في تكملة رسالتهما وتطوير القوى الفكرية والعقلية والروحية عند الطفل.

فالله كلّم الناس منذ البدء وعرّفهم على ذاته بواسطة الأنبياء والمرسلين،

وكلّمهم في ملء الزمن بابنه الوحيد الكلمة المتجسّد إنسانا،

وكلّمهم أيضا بكلمته متجسدة كتابا منزلا.

والكنيسة صرّحت في المجمع الفاتيكاني الثاني بأن المدرسة لا يمكنها الوصول إلى أهدافها وغايتها إلا بواسطة المعلّم ولهذا لزم إعداد المعلّم بالعلوم والمعرفة مدعّما بالشهادات ومجهّزا بالخبرة مرافقا للإكتشافات الحديثة.

ولكلّ إنسان الحقّ بالتعليم، وإن إلزام الأهل على تعليم أولادهم كما صرّح المجمع اللبناني هو من باب النضوج البشري والتقارب ما بين الناس في التعارف على ثقافات الآخرين من أجل تطوّر الناس على أسس واحدة في مجالات القيم الإنسانية.

ومع التطور العلمي والتكنولوجي الحاصل في وسائل المعرفة والتواصل عبر الجرائد والمجلاّت والإذاعات وشاشات التلفزة والكمبيوتر التي جمعت المعرفة من كلّ العالم على صفحة صغيرة، بات على المربي السهر على طلاّبه ليعرفوا أن يجنوا كالنحل الرحيق من كل الوسائل ما هو مفيد وصالح لهم وإلاّ سقطوا في متاهات جني المعرفة.

فالجميع مدعوون الأهل والمعلمون لتضافر جهودهم من أجل بناء إنسان صالح وبالتالي بناء مواطن صالح يتوافق مع الآخرين بما هو إيجابي ويقرّب ما بين الناس مهما كانت الفروقات إتنية أم دينية أم جغرافية ...

قصيدة أحمد شوقي

قُـم للمعلــمِ وفّـهِ التبجيـــــلا

كاد المعلـمُ ان يكـونَ رســــولا

أعَلِمتَ أشرفَ او أجل من الــذي

يبني ويُنشئُ أنفسـاً وعقولا؟

سُبحانـكَ اللهم خيــرَ معلـــم

علّمتِ بالقلـمِ القـرونَ الاولـى

أخرجتَ هـذا العقل مـن ظُلُماتهِ

وهَديتهُ النـورَ المبيـنَ ســبيـلا

أرسلتَ بالتوراةِ موسى مُرشـــداً

وابـن البتـول فعلّـم الإنجيــــلا

وفجرت ينبوع البيــان محمـدا

فسقى الحديث ونـاول التنزيــــلا

إن الشجاعةَ في القلوبِ كثيــــرةٌ

و وجدتُ شُجعانَ العقولِ قليلا

إن الذي خَلَقَ الحقيـقـةَ علقمـــاً

لم يُخل من أهلِ الحقيقـةِ جيــــلا

تسدي الجميل إلى البلاد وتستحي

من أن تكافـأ بالثنـاء جميلا

واذا أصيب القوم فـي أخلاقِهـــــم

فأقــم عليهـم مأتمـاً وعويـلا

وإذا النســاء نشـأن فـي أميـــــة

رضع الرجال جهالـة وخمولا

ليس اليتيمُ مـن إنتهى أبـواه

من همِّ الحـياةِ وخلّفـاهُ ذلـيــلا

إن اليتيم هو الـذي تلقــــى لـــــه

أمـاً تخلّـت او ابـاً مشغــولا

وقال إبراهيم طوقان ردّاً على شوقي

شَوْقِي يَقُولُ وَمَا دَرَى بِمُصِيبَتِي

قُمْ لِلْمُعَلِّـمِ وَفِّـهِ التَّبْجِيــلا

اقْعُدْ فَدَيْتُكَ هَلْ يَكُونُ مُبَجَّلاً

مَنْ كَانِ لِلْنَشْءِ الصِّغَارِ خَلِيلا

وَيَكَادُ يَفْلِقُنِي الأَمِيرُ بِقَوْلِـهِ

كَادَ الْمُعَلِّمُ أَنْ يَكُونَ رَسُولا

لَوْ جَرَّبَ التَّعْلِيمَ شَوْقِي سَاعَةً

لَقَضَى الْحَيَاةَ شَقَاوَةً وَخُمُولا

حَسْب الْمُعَلِّم غُمَّـةً وَكَآبَـةً

مَرْأَى الدَّفَاتِرِ بُكْـرَةً وَأَصِيلا

مِئَـةٌ عَلَى مِئَةٍ إِذَا هِيَ صُلِّحَتْ

وَجَدَ العَمَى نَحْوَ الْعُيُونِ سَبِيلا

وَلَوْ أَنَّ في التَّصْلِيحِ نَفْعَاً يُرْتَجَى

وَأَبِيكَ لَمْ أَكُ بِالْعُيُون بَخِيلا

لَكِنْ أُصَلِّحُ غَلْطَـةً نَحَوِيَّـةً

مَثَـلاً وَاتَّخِذ الكِتَابَ دَلِيلا

مُسْتَشْهِدَاً بِالْغُـرِّ مِنْ آيَاتِـهِ

أَوْ بِالْحَدِيثِ مُفَصّلا تَفْصِيلا

وَأَغُوصُ في الشِّعْرِ الْقَدِيمِ فَأَنْتَقِي

مَا لَيْسَ مُلْتَبِسَاً وَلاَ مَبْذُولا

وَأَكَادُ أَبْعَثُ سِيبَوَيْهِ مِنَ الْبلَى

وَذَويِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرُونِ الأُولَى

فَأَرَى "حِمَارَاً" بَعْدَ ذَلِكَ كُلّه

رَفَعَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ وَالْمَفْعُولا

لاَ تَعْجَبُوا إِنْ صِحْتُ يَوْمَاً صَيْحَةً

وَوَقَعْتُ مَا بَيْنَ الْبُنُوكِ قَتِيلا

يَا مَنْ يُرِيدُ الانْتِحَارَ وَجَدْتـهُ

إِنَّ الْمُعَلِّمَ لاَ يَعِيشُ طَويلا

المسيح هو المُعَلِّم

كان الجميع يدعونه بالمعلم، كما دعاه اليهودي الذي شاء أن يزكّي نفسه: "أيها المعلم الصالح" (مت 19: 16).

والسيد المسيح نفسه قال لتلاميذه حينما غسل أرجلهم: "أنتم تدعونني معلمًا وسيدًا. وحسنا تقولون لأني أنا كذلك". (يو 13: 13)

وقال لتلاميذه: "لا تدعوا معلمين كثيرين، لأن معلمكم واحد، هو المسيح" (مت 23: 10).

ويقول بولس الرسول أن المسيح: "أعطى البعض أن يكونوا رعاة وبعضاً معلمين" (أف 4: 11).

والكنيسة هي أمّ ومعلّمة

عشاء ليلة عيد المعلم 9 آذار 2004 للمعلمين ولجنة الأهل في مدرسة مار جرجس عشاش

ليست هناك تعليقات: