2014/03/27

أحد الابن الشاطر الأب جورج صغبيني


أحد الابن الشاطر

رسالة القديس بولس الثانية إلى أهل كورنتس 13/5-13

إِخْتَبِرُوا أَنْفُسَكُم، هَلْ أَنْتُم رَاسِخُونَ في الإِيْمَان. إِمْتَحِنُوا أَنْفُسَكُم. أَلا تَعْرِفُونَ أَنَّ الـمَسِيحَ يَسُوعَ فِيكُم؟ إِلاَّ إِذَا كُنْتُم مَرْفُوضِين! فأَرْجُو أَنْ تَعْرِفُوا أَنَّنا نَحْنُ لَسْنا مَرْفُوضِين! ونُصَلِّي إِلى اللهِ كَيْ لا تَفْعَلُوا أَيَّ شَرّ، لا لِنَظْهَرَ نَحْنُ مَقْبُولِين، بَلْ لِكَي تَفْعَلُوا أَنْتُمُ الـخَيْر، ونَكُونَ نَحْنُ كَأَنَّنا مَرْفُوضُون!

فَإِنَّنا لا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَفْعَلَ شَيْئًا ضِدَّ الـحَقّ، بَلْ لأَجْلِ الـحَقّ!

أَجَلْ، إِنَّنا نَفْرَحُ عِنْدَما نَكُونُ نَحْنُ ضُعَفَاء، وتَكُونُونَ أَنْتُم أَقْوِيَاء. مِنْ أَجْلِ هـذَا أَيْضًا نُصَلِّي لِكَي تَكُونُوا كَامِلِين.

أَكْتُبُ هـذَا وأَنا غَائِب، لِئَلاَّ أُعَامِلَكُم بِقَسَاوَةٍ وأَنا حَاضِر، بِالسُّلْطَانِ الَّذي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبّ، لِبُنْيَانِكُم لا لِهَدْمِكُم.

وبَعْدُ، أَيُّهَا الإِخْوَة، إِفْرَحُوا، وَاسْعَوا إِلى الكَمَال، وتَشَجَّعُوا، وكُونُوا عَلى رَأْيٍ وَاحِد، وعِيشُوا في سَلام، وإِلـهُ الـمَحَبَّةِ والسَّلامِ يَكُونُ مَعَكُم!

سَلِّمُوا بَعْضُكُم عَلى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَة. جَمِيعُ القِدِّيسِينَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْكُم.

نِعْمَةُ الرَّبِّ يَسُوعَ الـمَسِيح، ومَحَبَّةُ الله، وَشَرِكَةُ الرُّوحِ القُدُسِ مَعَكُم أَجْمَعِين!

كُونُوا عَلى رَأْيٍ وَاحِد، وعِيشُوا في سَلام"، هذه دعوة الرسول للعائلة المسيحية في العالم.

نسمع كثيرين يتكلّمون عن السلام العالمي وهم وراء الحروب في هذا العالم.

وقد كثُرت الجمعيات الداعية إلى السلام وهي في خصام في ما بينها.

مؤتمرات وإجتماعات تملأ الصحف والمجلات وشاشات التلفزة...

ولا يزال الإبن الشاطر ضالاًّ وأخوه حرداً.

ولا يزال قايين يقتل أخاه هابيل وليس من يردعه.

ولا يزال يعقوب يسرق أخيه عيسو وليس من يحاسبه.

يقول بولس الرسول: أَكْتُبُ هـذَا وأَنا غَائِب، لِئَلاَّ أُعَامِلَكُم بِقَسَاوَةٍ وأَنا حَاضِر، بِالسُّلْطَانِ الَّذي أَعْطَانِي إِيَّاهُ الرَّبّ، لِبُنْيَانِكُم لا لِهَدْمِكُم. فكُونُوا عَلى رَأْيٍ وَاحِد، وعِيشُوا في سَلام.

إنجيل القديس لوقا 15 /11-32

وَقَالَ يَسُوع: "كانَ لِرَجُلٍ ابْنَان.

فَقالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيه: يَا أَبي، أَعْطِنِي حِصَّتِي مِنَ الـمِيرَاث. فَقَسَمَ لَهُمَا ثَرْوَتَهُ.

وَبَعْدَ أَيَّامٍ قَلِيلَة، جَمَعَ الابْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ حِصَّتِهِ، وسَافَرَ إِلى بَلَدٍ بَعِيد. وَهُنَاكَ بَدَّدَ مَالَهُ في حَيَاةِ الطَّيْش.

وَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيء، حَدَثَتْ في ذـلِكَ البَلَدِ مَجَاعَةٌ شَدِيدَة، فَبَدَأَ يُحِسُّ بِالعَوَز.

فَذَهَبَ وَلَجَأَ إِلى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ ذـلِكَ البَلَد، فَأَرْسَلَهُ إِلى حُقُولِهِ لِيَرْعَى الـخَنَازِير.

وَكانَ يَشْتَهي أَنْ يَمْلأَ جَوْفَهُ مِنَ الـخَرُّوبِ الَّذي كَانَتِ الـخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، وَلا يُعْطِيهِ مِنْهُ أَحَد. فَرَجَعَ إِلى نَفْسِهِ وَقَال: كَمْ مِنَ الأُجَرَاءِ عِنْدَ أَبي، يَفْضُلُ الـخُبْزُ عَنْهُم، وَأَنا ههُنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَمْضي إِلى أَبي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، خَطِئْتُ إِلى السَّمَاءِ وَأَمَامَكَ. وَلا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. فَاجْعَلْنِي كَأَحَدِ أُجَرَائِكَ!

فَقَامَ وَجَاءَ إِلى أَبِيه. وفِيمَا كَانَ لا يَزَالُ بَعِيدًا، رَآهُ أَبُوه، فَتَحَنَّنَ عَلَيْه، وَأَسْرَعَ فَأَلْقَى بِنَفْسِهِ عَلى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ طَوِيلاً.

فَقالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبي، خَطِئْتُ إِلى السَّمَاءِ وَأَمَامَكَ. وَلا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا...

فَقالَ الأَبُ لِعَبيدِهِ: أَسْرِعُوا وَأَخْرِجُوا الـحُلَّةَ الفَاخِرَةَ وَأَلْبِسُوه، واجْعَلُوا في يَدِهِ خَاتَمًا، وفي رِجْلَيْهِ حِذَاء، وَأْتُوا بِالعِجْلِ الـمُسَمَّنِ واذْبَحُوه، وَلْنَأْكُلْ وَنَتَنَعَّمْ! لأَنَّ ابْنِيَ هـذَا كَانَ مَيْتًا فَعَاش، وَضَائِعًا فَوُجِد. وَبَدَأُوا يَتَنَعَّمُون.

وكانَ ابْنُهُ الأَكْبَرُ في الـحَقْل. فَلَمَّا جَاءَ واقْتَرَبَ مِنَ البَيْت، سَمِعَ غِنَاءً وَرَقْصًا. فَدَعا وَاحِدًا مِنَ الغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هـذَا؟ فَقالَ لَهُ: جَاءَ أَخُوك، فَذَبَحَ أَبُوكَ العِجْلَ الـمُسَمَّن، لأَنَّهُ لَقِيَهُ سَالِمًا. فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُل.

فَخَرَجَ أَبُوهُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْه.

فَأَجَابَ وقَالَ لأَبِيه: هَا أَنا أَخْدُمُكَ كُلَّ هـذِهِ السِّنِين، وَلَمْ أُخَالِفْ لَكَ يَوْمًا أَمْرًا، وَلَمْ تُعْطِنِي مَرَّةً جَدْيًا، لأَتَنَعَّمَ مَعَ أَصْدِقَائِي. ولـكِنْ لَمَّا جَاءَ ابْنُكَ هـذَا الَّذي أَكَلَ ثَرْوَتَكَ مَعَ الزَّوَانِي، ذَبَحْتَ لَهُ العِجْلَ الـمُسَمَّن!

فَقالَ لَهُ أَبُوه: يَا وَلَدِي، أَنْتَ مَعِي في كُلِّ حِين، وَكُلُّ مَا هُوَ لِي هُوَ لَكَ. ولـكِنْ كانَ يَنْبَغِي أَنْ نَتَنَعَّمَ وَنَفْرَح، لأَنَّ أَخَاكَ هـذَا كانَ مَيْتًا فَعَاش، وَضَائِعًا فَوُجِد".

في الأسبوع الرابع من الصوم، تقدم لنا الكنيسة مثل الابن الشاطر، أيّ من شَطَرَ أو قسم ميراث أبيه.

أبٍ استمرَّ أباً رغم كلّ شيء

وإبنان أنكر كلّ منهما بنوّته على طريقته

فالأصغر صرف كلّ شيء يمتلكه بقليلٍ من اللهوِ واللّذة والطيش، وما مصيره إلا نتيجة سوء تدبيره وإدارته.

والإبن الشاطر هو صورة عن آدم الذي ترك حضن الله أبيه وجنّته وسعادته خلف حلم وسوس له الشيطان الكاذب به.

والإبن الأكبر أنكر أخوّته من فرط حرصه على أن يقاسمه أخوه ما يملك.

وحده الأب يمتلك قلباً رحوماً

فالأب هو صورة الله يستقبل إبنه التائب بحنان ولطف ومحبّة، ويسترضي إبنه الغاضب بأن كلّ ماهو لي هو لك، لكن قمّ الآن وافرح بعودة أخيك الذي كان ميتاً فعاد إلى حياة العائلة.

وهذه هي قصّة الإبنة الشاطرة وأختها مع أمها.

يكفي تبديل الأسماء وتبقى القصّة ذاتها.

لقد طال بالأب العمر وهو ينتظر عودة إبنه

ينظر إلى البعيد

كلّ عابر سبيل يحسبه إبنه

يستضيفه ويطعمه ويلبسه... وكأنّه إبنه

السنوات انقضت بالإنتظار

والأب لا يملّ

لا بدّ أن أبنه عائد

والإبن الشاطر

كان واثقاّ من حبّك له

فعاد تائبا وقائلا:

لا تحسبني كإبن لك

بل كأحد الأجراء

وأنت الأب الحنون الرحوم المحبّ

لم تسأله

لم توبّخه

بل ضممته إلى صدرك قائلا:

إفرحوا لقد عاد

ألبسوه ثوب العرس

ضعوا في يده خاتما

وفي رجليه حذاء

إذبحوا العجل المسمّن...

لأَنَّ ابْنِيَ هـذَا كَانَ مَيْتًا فَعَاش.

والإبن الأكبر

كان يقيم معك

تحت سقف واحد

وكان غريبا عنك

لم يكن يفهم قيمة الأبوّة

ولا قيمة قلبك وحنانك وحبّك

يريد أن يكون قاضيا على أخيه

لم يناديه: "أخي"

بل قال: "إبنك هذا..."

وأنت الأب تجيب:"يا بنيّ، أخاك هذا كان ضالاّ..."

مأ أعظمك أيها الأب

ما أعظم حبّك

قد حضنتَ الاثنين تحت سقفٍ واحد

أيها المسيحي

إن أخاك في الإنسانية

هو كلّ إنسان

وعليك أن تقبله

وتقبل به

لأن الله قبل توبته

وقبله في بيته السماوي.

أيها المسيحي

إن أخاك في الوطن

فعليك أن تقبله

لأنه يعيش معك تحت سقف واحد

وعليك أن تقبله

ليس في هذا الصيام فقط

بل وعند الإفطار أيضاً

لأنه أخ لك

لنصلّي في أحد الإبن الشاطر

يَا أَبي، خَطِئْتُ إِلى السَّمَاءِ وَأَمَامَكَ. وَلا أَسْتَحِقُّ بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا...

إرحمني يا الله، بعظيمِ رحمتِكَ، وبكثرةِ رأفِتكَ أمحُ مآثمي...

ليست هناك تعليقات: