2014/03/27

الأحد الرابع بعد عيد الدنح – السامرية الأب جورج صغبيني


الأحد الرابع بعد عيد الدنح – السامرية



القديس بولس يتكلّم إلى أهل روما عن الإنسان بحسب الشريعة والانسان بحسب الروح.

وفي إنجيل المرأة السامرية يُعلِنُ الربّ يسوع بأنّه المسيح المنتظرالّذي يجب له السجود مع الآب والرّوح لا في أورشليم ولا في جبل غاروزيم بل بالروح والحق.

الرسالة إلى أهل روما 7/1- 6

1 أَيُّهَا الإِخْوَة، إِنِّي أُكَلِّمُكُم كأُنَاسٍ يَعْرِفُونَ الشَّرِيعَة: هَلْ تَجْهَلُونَ أَنَّ الشَّرِيعَةَ تتَسَلَّطُ عَلى الإِنْسَانِ مَا دَامَ حَيًّا؟

2 فَالـمَرْأَةُ الـمُتَزَوِّجَةُ تَرْبُطُهَا الشَّرِيعَةُ بِزَوجِهَا مَا دَامَ حَيًّا، ولـكِنْ إِذَا مَاتَ زَوجُهَا، أُعْتِقَتْ مِنَ الشَّرِيعَةِ الَّتي تَرْبُطُهَا بِهِ.

3 فَإِنْ صَارَتْ لِرَجُلٍ آخَر، وَزَوْجُهَا حَيّ، تُدْعَى زَانِيَة. وَلـكِنْ إِذَا مَاتَ زَوجُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ مِنَ الشَّرِيعَة، ولا تَكُونُ زَانِيَة إِنْ صَارَتْ لِرَجُلٍ آخَر.

4 هـكَذَا أَنْتُم أَيْضًا يَا إِخْوَتي، قَدْ مُتُّم عَنِ الشَّرِيعَةِ بِجَسَدِ الـمَسِيح، لِكَي تَصِيرُوا لآخَر، وهُوَ الَّذي أُقِيمَ مِنْ بَينِ الأَمْوَات، حتَّى نُثْمِرَ لله.

5 فعِنْدَمَا كُنَّا أُنَاسًا جَسَدِييِّن، كَانَتْ أَهْوَاءُ الـخَطايَا تَغْتَنِمُ الشَّرِيعَةَ لِتَعْمَلَ في أَعْضَائِنَا، حتَّى نُثْمِرَ لِلمَوت.

6 أَمَّا الآنَ فقَدْ أُعْتِقْنَا مِنَ الشَّرِيعَة، لأَنَّنَا مُتْنَا عَمَّا كَانَ يَأْسُرُنَا، حتَّى نَعْبُدَ اللهَ في نِظَامِ الرُّوحِ الـجَدِيد، لا في نِظَامِ الـحَرفِ العَتِيق.

بحسب الجسد عشنا تحت نير الشريعة بالخطيئة فأثمرنا الموت، وبالمسيح نتحرّر من الشريعة التي استعبدتنا للموت لنثمر الحياة.

لقد ماتت الشريعة وصرتم أحرارا منها لتصيروا بالمسيح أحياء.

يشير بولس الرسول على المسيحيين: "أسلكوا بالروح، ولا تُتمُّوا شهوة الجسد. لأن الجسد يشتهي ما يضّادُّ الرُّوح، والروح ما يُضادّ الجسد… (غلاطية 5 : 16-17 ). "أمّا أعمال الجسد فمعروفة وهي: الزنى والدعارة والفجور وعبادة الأصنام والسحر والعداوات والخصام والحسد والغضب والمنازعات والشقاق والتحزُّب والسكر… فإنَّ من يسلكون هذا الطريق لا يرثون ملكوت الله" (غلاطية 5/19-21).

"أمَّا ثمر الروح فمحبّة، وفرح، وأناة، وطيبةٌ، وصلاح، وأمانة، ورفق، وعفّة، وما من شريعةٍ تنقض مثل هذا! "(غلاطية 5/22-24).

يقول بطرس الرسول: العيش بحسب الجسد، أي بحسب روح العالم، يجعلنا أعداء لله. والعيش بحسب الروح، أي بحسب إرادة الله، يجعلنا أبناء لله.

إنجيل يوحنّا 4/ 5- 26

5 فَأَتَى إِلى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَار، عَلى مَقْرُبَةٍ مِنَ الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَاهَا يَعْقُوبُ لابْنِهِ يُوسُف،

6 وفِيها نَبْعُ يَعْقُوب. وكَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ الـمَسِير، فَجَلَسَ عِنْدَ النَّبْع، وكَانَتِ السَّاعَةُ نَحْوَ الظُّهْر.

7 وجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاء، فقَالَ لَهَا يَسُوع: "أَعْطينِي لأَشْرَب"؛

9 فقَالَتْ لَهُ الـمَرْأَةُ السَّامِريَّة: "كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي أَنْ تَشْرَب، وأَنْتَ يَهُودِيّ، وأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّة؟". قَالَتْ هـذَا، لأَنَّ اليَهُودَ لا يُخَالِطُونَ السَّامِريِّين.

10 أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: "لَو كُنْتِ تَعْرِفِينَ عَطِيَّةَ الله، ومَنِ القَائِلُ لَكِ: أَعْطينِي لأَشْرَب، لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيًّا".

11 قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "يَا سَيِّد، لا دَلْوَ مَعَكَ، والبِئْرُ عَمِيقَة، فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الـمَاءُ الـحَيّ؟

12 هَلْ أَنْتَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوب، الَّذي أَعْطَانَا هـذِهِ البِئْر، ومِنْهَا شَرِبَ هُوَ وبَنُوهُ ومَاشِيَتُهُ؟".

13 أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: "كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هـذَا الـمَاءِ يَعْطَشُ مِنْ جَدِيد.

14 أَمَّا مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الـمَاءِ الَّذي أُعْطِيهِ أَنَا إِيَّاه، فَلَنْ يَعْطَشَ إِلى الأَبَد، بَلِ الـمَاءُ الَّذي أُعْطِيهِ إِيَّاهُ يَصِيرُ فيهِ نَبْعَ مَاءٍ يَتَفَجَّرُ حَيَاةً أَبَدِيَّة".

15 قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "يَا سَيِّد، أَعْطِنِي هـذَا الـمَاء، حَتَّى لا أَعْطَش، ولا أَعُودَ إِلى هُنَا لأَسْتَقِي".

16 قَالَ لَهَا: "إِذْهَبِي، وادْعِي زَوْجَكِ، وعُودِي إِلى هُنَا".

17 أَجَابَتِ الـمَرْأَةُ وقَالَتْ لَهُ: "لا زَوْجَ لِي". قَالَ لَهَا يَسُوع: "حَسَنًا قُلْتِ: لا زَوْجَ لِي.

18 فَقَدْ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاج، والَّذي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. صَدَقْتِ في مَا قُلْتِ".

19 قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "يَا سَيِّد، أَرَى أَنَّكَ نَبِيّ.

20 آبَاؤُنَا سَجَدُوا في هـذَا الـجَبَل، وأَنْتُم تَقُولُون: إِنَّ الـمَكَانَ الَّذي فَيهِ يَجِبُ السُّجُودُ هُوَ في أُورَشَلِيم".

21 قَالَ لَهَا يَسُوع: "صَدِّقِينِي، يَا امْرَأَة. تَأْتِي سَاعَةٌ، فِيهَا تَسْجُدُونَ لِلآب، لا في هـذَا الـجَبَل، ولا في أُورَشَلِيم.

22 أَنْتُم تَسْجُدُونَ لِمَا لا تَعْلَمُون، ونَحْنُ نَسْجُدُ لِمَا نَعْلَم، لأَنَّ الخَلاصَ هُوَ مِنَ اليَهُود.

23 ولـكِنْ تَأْتِي سَاعَة، وهِيَ الآن، فِيهَا السَّاجِدُونَ الـحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ والـحَقّ. فَعَلى مِثَالِ هـؤُلاءِ يُريدُ الآبُ السَّاجِدينَ لَهُ.

24 أَللهُ رُوح، وعَلى السَّاجِدِينَ لَهُ أَنْ يَسْجُدُوا بِالرُّوحِ والـحَقّ".

25 قَالَتْ لَهُ الـمَرْأَة: "أَنَا أَعْلَمُ أَنَّ مَشِيحَا، أَيِ الـمَسِيح، آتٍ؛ وعِنْدَمَا يَأْتِي فَهُوَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيء".

26 قَالَ لَهَا يَسُوع: "أَنَا هُوَ، أَنَا الـمُتَكَلِّمُ مَعَكِ".

"أنا هو الذي هو"

هذا الحوار حصل نتيجة لقاء يسوع بالسامريّة مقابل بئر يعقوب، خلال عودة يسوع إلى الجليل بعد أول زيارة لأورشليم بحسب الإنجيليّ يوحنا. ليعلن هويته للسامرية: "أنا هو" الذي أعلن ذاته لموسى، أنا هو إله آبائكم: إبراهيم وإسحاق ويعقوب.

العداوة التاريخية بين السامريين واليهود...

الطائفة السامرية (שומרונים شومرونيم) هي جماعة دينية تنتسب إلى اليهود أصلا وتختلف عنهم إذ يتبعون الديانة السامرية ويعترفون بالتوراة التي يعتبرونها الأصح وغير المحرفة وأن ديانتهم هي ديانة بني إسرائيل الحقيقة التي تنقض الديانة اليهودية رغم أن عدد أفرادها يُقدّر بـ 783 شخصا موزعين بين مدينة نابلس ومنطقة حولون بالقرب من تل ابيب.

يرجع أصل السامريين إلى أسباط بني إسرائيل. وكان موطن السامريين سنة 760 ق.م. في نابلس التي كانت تسمى شكيم.

ومكان عبادة هذه الطائفة هو جبل غاروزيم، أما مكان عبادة اليهود فكان أورشليم القدس. وهؤلاء يلقبون معاً باسم العبرانيين، أي الذين عبروا البحر الأحمر من مصر إلى بلاد كنعان.

فالسامريون يُنسبون إلى شامر الذي باع جبلا للملك عمري وبنى عليه مدينة شامر وحُرّفت إلى سامر وعُرفت بالسامرة.

ظهر الخلاف بين السامريون والعبرانيين بعد العودة من السبى إلى بابل وكل فريق تمسك بتوراته على أنها التوراة الصحيحة غير المحرفة.

وأساس ديانة السامريين الكتب الموسوية الخمسة وهي التي كتبها موسى: التكوين، الخروج، اللاويين، العدد وتثنية الاشتراع. ولا يقبل السامريون كتب العهد القديم الأخرى التي كتبت بعد العودة من السبي. و لا يؤمنون إلا بموسى نبيا لهم. كما وتختلف الوصايا العشر عندهم عن وصايا اليهود لأنهم زادوا وصية عن قداسة جبل غاروزيم (تثنية 11/ 29 و 17/ 12)

عادات السامريين

لا يأكلون أي طعام مطبوخ خارج بيوتهم، وإنهم يحرمون على أنفسهم اللحوم المذبوحة على غير طريقة وشريعة السامريين، ولا يجمعون بين اللبن واللحم على مائدة واحدة ولا يأكلونهما معاً. لا تطبخ الجدي بلبن أمّه.

مقدسات السامريين

أ‌- جبل غاروزيم هو المكان المقدس عند السامريين لأنه في اعتقادهم:

1- عليه قدم نوح قربان الشكر لله بعد الطوفان.

2- عليه أراد إبراهيم أن يقدم ابنه إسحاق.

3- عليه نام يعقوب ورأى السلم منصوباً والملائكة صاعدة إلى السماء.

4- إليه ابتهل موسى لرؤيته وصلّى لعمارته وعدم خرابه.

5- عليه بنى يشوع بن نون هيكل موسى بعد دخول الأرض المقدسة.

6- عليه تلا الإسرائيلون البركة ولذلك سمي جبل البركة.

يقول إبن حزم في كتابه الملل والأهواء والنحل: "... فأما اليهود فإنهم قد افترقوا على خمس فرق وهي السامرية وهم يقولون إن مدينة القدس هي نابلس وهي من بيت المقدس على ثمانية عشر ميلاً ولا يعترفون بحرمة بيت المقدس في أورشليم. ولهم توراة غير التوراة التي بأيدي سائر اليهود ويبطلون كل نبوءة كانت في بني إسرائيل بعد موسى...

قال الربّ يسوع للسامرية: "كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا المَاءِ يَعْطَشُ مِنْ جَدِيد. أَمَّا مَنْ يَشْرَبُ مِنَ المَاءِ الَّذي أُعْطِيهِ أَنَا إِيَّاه، فَلَنْ يَعْطَشَ إِلى الأَبَد".

ويرى البعض أن الربّ في هذا الإنجيل كان عطشاناً... نعم هو عَطِشٌ كما كان جائعا وطعامه أن يعمل مشيئة أبيه السماوي كذلك هو شرابه وعطشه إلى أن تتمّ إرادة أبيه السماوي أيضا.

فالمرأة السامريّة التي كانت تثق بأبيها يعقوب لأنه حفر هذا البئر. فقالت ليسوع: هَلْ أَنْتَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوب، الَّذي أَعْطَانَا هـذِهِ البِئْر، ومِنْهَا شَرِبَ هُوَ وبَنُوهُ ومَاشِيَتُهُ؟".

لقد كانت غاية يسوع كشف أمرين لها:

أوّلا، كشف هويّته الإلهيّة من خلال جوابه على سؤالها عن المسيح المنتظر بعبارة : "أنا هو"، أنا هو إله موسى، "أنا هو الطريق والحق والحياة "يو 14:6.

ثانيا، السجود لله "ليس في هذا الجبل غاروزيم ولا في أورشليم" بل "يسجدون للآب بالروح والحق".

والسجود بالروح والحق يتكرر 10 مرات بعدد الوصايا العشر السامرية.

فالمسيح يدعونا إلى السجود الدائم، خارج الزمان والمكان "لا في هذا جبل غاروزيم ولا في أورشليم". وهذا يعني السجود في أيّ مكان. لأننا "نحن نسجد لما نعلم وأنتم تسجدون لما لا تعلمون".

السامريون الرحماء

يذكر العهد الجديد السامريين ويظهرهم كجماعة منبوذة لا يخالطهم احد من اليهود. بل كان اليهود يتجنبون المرور في السامرة اثناء السفر من الجليل إلى أورشليم.

لكن يسوع كونه يهوديا خالف هذه القاعدة لما التقى المرأة السامرية.

وكان السامريون قد رفضوا استقبال يسوع في قرية لهم " حين كان متجها الى اورشليم"(لوقا 9: 52).

وعيّر اليهود يسوع أنه سامري وبه شيطان (يوحنا 8).

ويذكر انجيل لوقا السامريين أنهم اصحاب رأفة ورحمة ومحبة وشكر:

السامري الشفوق (لوقا 10) الذي اعتنى بجريح أهمله الكاهن واللاوي اليهوديين. والسامري الشفوق هو صورة يسوع عند آباء الكنيسة.

وشفاء البرص العشرة (لوقا 17) فالابرص السامري عاد وحده ليشكر يسوع دون التسعة اليهود الآخرين.

وقد قَبِلَ السامريون الايمان المسيحي واعتمدوا على يد فيلبس (اع 8).

طلبتَ من السامرية أن تعطيك ماء لتشرب وأنت الماء الحيّ

وأنتَ الذي كان روحك يرفّ على مياه الغمر منذ ما قبل الخلق

وأنتَ مفجّر من الصخر المياه في الصحراء للشعب التائه العطشان

وأنتَ المعتمد بمياه الأردن على يد يوحنا

وأنتَ الذي حوّلت الماء خمرا في عرس قانا

وأنتَ الذي سال من جنبك المطعون بالحربة دم وماء!

وتطلب أن تشرب من سامرية من بئر يعقوب؟

وبين نسلكَ ونسلها عداوة !

وهي تطلب منكَ: "سيدي أعطني من هذا الماء، دائماً أبداً".

يقول مار يعقوب السروجي:

أيتها البئر الجديدة التي احتفرها الرمح على الجلجلة

هب واسقِ ضميري العطشان إلى ينبوعك

يا ابن الله، يا من دعوت نفسك بالماء الحي

هب لي أن أشرب وأرتوي منك فأحدّث عنك.

وقال أحد الآباء القديسين: "لو عاش المسيحيون مسيحيّتهم لما وجدنا على وجه الأرض إنساناً غير مؤمن"!

ويقول غاندي: أعطوني مسيحكم وخذوا مسيحيتكم.

كلّنا "سامريّون" عطشى لا إلى الماء الذي حفر بئره يعقوب، ولا الماء الذي أخرجه موسى من الصخر، بل إلى الماء الحيّ النازل من السماء.

أعطنا يا رب من هذا الماء دائما أبدا.

 

ليست هناك تعليقات: