2014/03/27

أحد شفاء النازفة الأب جورج صغبيني


أحد شفاء النازفة

الأحد الثالث من زمن الصوم، ومعه نقترب تدريجيّا من ميناء الخلاص ويوم القيامة.

في الرسالة يدعونا مار بولس إلى عيش الفرح الدائم رغم المشقّات والضيقات.

وفي الإنجيل نكتشف قوّة الإيمان الذي يثمر الشفاء والحياة عندما ينتّكل على الله.

في هذا الأحد، نقدّم عافيتنا كما أمراضنا وفرحنا كما حزننا إلى المسيح، ونشهد له مع بولس كما المنزوفة ورئيس المجمع يائيروس اليهودي.

رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنتوس 7 / 4- 11

4 إِنَّ لي عَلَيْكُم دَالَّةً كَبِيرَة، ولي بِكُم فَخْرًا عَظِيمًا. وَلَقَدِ امْتَلأَتُ تَعْزِيَة، وأَنَا أَفِيضُ فَرَحًا في ضِيقِنَا كُلِّهِ.

5 فإِنَّنَا لَمَّا وَصَلْنَا إِلى مَقْدَونِيَة، لَمْ يَكُنْ لِجَسَدِنَا شَيءٌ مِنَ الرَّاحَة، بَلْ كُنَّا مُتَضَايِقِينَ في كُلِّ شَيء، صِرَاعٌ مِنَ الـخَارِج، وخَوفٌ مِنَ الدَّاخِل!

6 لـكِنَّ اللهَ الَّذي يُعَزِّي الـمُتَوَاضِعِينَ عَزَّانا بِمَجِيءِ طِيْطُس،

7 لا بِمَجِيئِهِ فَحَسْب، بَلْ أَيْضًا بِالتَّعْزِيَةِ الَّتي تَعَزَّاهَا بِكُم. وقَدْ أَخْبَرَنَا بِاشْتِيَاقِكُم إِلَيْنَا، وحُزْنِكُم، وغَيْرَتِكُم عَلَيَّ، حَتَّى إِنِّي ازْدَدْتُ فَرَحًا.

8 و إِذَا كُنْتُ قَدْ أَحْزَنْتُكُم بِرِسَالتِي فَلَسْتُ نَادِمًا عَلى ذلِكَ، معَ أَنَّنِي كُنْتُ قَدْ نَدِمْتُ، لأَنِّي أَرَى أَنَّ تِلْكَ الرِّسَالَة، ولَوْ أَحْزَنَتْكُم إِلى حِين،

9 قَدْ سَبَّبَتْ لي فَرَحًا كَثِيرًا، لا لأَنَّكُم حَزِنْتُم، بَلْ لأَنَّ حُزْنَكُم أَدَّى بِكُم إِلى التَّوبَة. فَقَدْ حَزِنْتُم حُزْنًا مُرْضِيًا لله، كَيْ لا تَخْسَرُوا بِسَبَبِنَا في أَيِّ شَيء؛

10 لأَنَّ الـحُزْنَ الـمُرْضِيَ للهِ يَصْنَعُ تَوْبَةً لِلخَلاصِ لا نَدَمَ عَلَيْهَا، أَمَّا حُزْنُ العَالَمِ فَيَصْنَعُ مَوْتًا.

11 فَانْظُرُوا حُزْنَكُم هـذَا الـمُرْضِيَ للهِ كَم أَنْشَأَ فِيكُم مِنَ الاِجْتِهَاد، بَلْ مِنَ الاِعْتِذَار، بَلْ مِنَ الاِسْتِنْكَار، بَلْ مِنَ الـخَوْف، بَلْ مِنَ الشَّوْق، بَلْ مِنَ الغَيْرَة، بَلْ مِنَ الإِصْرَارِ عَلى العِقَاب! وقَدْ أَظْهَرْتُم أَنْفُسَكُم في كُلِّ ذـلِكَ أَنَّكُم أَبْرِيَاءُ مِنَ هـذَا الأَمْر.

حياة المؤمن الروحية هي صراعٌ دائم واجتهاد مستمر كما بولس الرسول في عيشه الضيق وعدم الراحة و" صراعٌ من الخارج وخوفٌ من الداخل".

في زمن الصوم نحتمل الشدائد والصعوبات بصبر ورجاء لأننا في رحلة عبور إلى فرح القيامة، الله هو رفيقنا في رحلتنا وهو المعزّي لنا في ضيقنا وشدائدنا وحزننا.

يميّز بولس بين حُزنَين:

حزنٌ يؤدّي إلى الموت وهو حزن العالم، حيث نحزن بدون رجاء وثماره باطلة.

والحزن الثاني هو الحزن الذي يؤدّي إلى التوبة وهو حزنٌ مَرْضِيٌّ عند الله. ويخلق فينا الفرح الحقيقي لأن ثماره صالحة.

إن رحلة الصوم إلى ميناء القيامة يكتنفها الضيق والمشقات والحزن ودرب الصليب ولكن الفرح يتوّج وصولنا إلى القيامة.

إنجيل القدّيس لوقا 8/ 40- 56

40 وَلَمَّا عَادَ يَسُوع، اسْتَقْبَلَهُ الـجَمْع، لأَنَّهُم جَميعَهُم كَانُوا يَنْتَظِرُونَهُ.

41 وَإِذَا بِرَجُلٍ اسْمُهُ يَائِيرُس، وكَانَ رَئِيسَ الـمَجْمَع، جَاءَ فارْتَمَى عَلَى قَدَمَي يَسُوع، وَأَخَذَ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَهُ،

42 لأَنَّ لَهُ ابْنَةً وَحِيدَة، عُمْرُها نُحْوُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الـمَوْت. وفِيمَا هُوَ ذَاهِب، كانَ الـجُمُوعُ يَزْحَمُونَهُ.

43 وَكانَتِ امْرَأَةٌ مُصَابَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَشْفِيَهَا.

44 دَنَتْ مِنْ وَرَاءِ يَسُوع، وَلَمَسَتْ طَرَفَ رِدَائِهِ، وَفَجأَةً وَقَفَ نَزْفُ دَمِهَا.

45 فَقَالَ يَسُوع: "مَنْ لَمَسَنِي؟". وَأَنْكَرَ الـجَمِيع. فَقَالَ بُطْرُسُ وَمَنْ مَعَهُ: "يا مُعَلِّم، إِنَّ الـجُمُوعَ يَزْحَمُونَكَ وَيُضَايِقُونَكَ!".

46 فَقَالَ يَسُوع: "إِنَّ واحِدًا قَدْ لَمَسَنِي! فَإنِّي عَرَفْتُ أَنَّ قُوَّةً قَدْ خَرَجَتْ مِنِّي!".

47 وَرَأَتِ الـمَرْأَةُ أَنَّ أَمْرَها لَمْ يَخْفَ عَلَيه، فَدَنَتْ مُرْتَعِدَةً وارْتَمَتْ عَلَى قَدَمَيه، وَأَعْلَنَتْ أَمَامَ الشَّعْبِ كُلِّهِ لِماذَا لَمَسَتْهُ، وَكَيْفَ شُفِيَتْ لِلْحَال.

48 فَقَالَ لَهَا يَسُوع: "يا ابْنَتِي، إِيْمَانُكِ خَلَّصَكِ! إِذْهَبِي بِسَلام!".

49 وَفيمَا هُوَ يَتَكَلَّم، وَصَلَ وَاحِدٌ مِنْ دَارِ رَئِيسِ الـمَجْمَعِ يَقُول: "مَاتَتِ ابْنَتُكَ! فَلا تُزْعِجِ الـمُعَلِّم!".

50 وَسَمِعَ يَسوعُ فَأَجَابَهُ: "لا تَخَفْ! يَكْفي أَنْ تُؤْمِنَ فَتَحْيا ابْنَتُكَ!".

51 وَلَمَّا وَصَلَ إِلى البَيْت، لَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ مَعَهُ سِوَى بُطْرُسَ وَيُوحَنَّا وَيَعْقُوبَ وَأَبي الصَّبِيَّةِ وأُمِّهَا.

52 وكَانَ الـجَمِيعُ يَبْكُونَ عَلَيْها وَيَقْرَعُونَ صُدُورَهُم. فَقَال: "لا تَبْكُوا! إِنَّهَا لَمْ تَمُتْ. لـكِنَّهَا نَائِمَة!".

53 فَأَخَذُوا يَضْحَكُونَ مِنْهُ لِعِلْمِهِم بِأَنَّها مَاتَتْ.

54 أَمَّا هُوَ فَأَمْسَكَ بِيَدِها وَنَادَى قاَئِلاً: "أَيَّتُهَا الصَّبِيَّة، قُومِي!".

55 فَعَادَتْ رُوحُهَا إِلَيْهَا، وَفَجْأَةً نَهَضَتْ. ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُطْعِمُوهَا.

56 فَدَهِشَ أَبَوَاها، وَأَوْصَاهُمَا يَسُوعُ أَلاَّ يُخْبِرَا أَحَدًا بِمَا حَدَث.

الرب هو الطبيب الشافي

إنه الأحد الثالث من محطة رحلة الصوم وفيه قيامة إبنة اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة من الموت، وشفاء امْرَأَةٌ مُصَابَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَي عَشْرَةَ سَنَة، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَشْفِيَهَا.

يخبرنا الإنجيل عن معجزتين:

إحياء ابنة يائيرس.

وشفاء المرأة النازفة التي لمست سرّا طرف رداء الرب يسوع.

أما يائيرس فقد عبَّر عن طلبه أمام الجميع.

أمّا المرأة المنزوفة فاقتربت سرّا من يسوع بإيمان واثقةً أنها ستُشفى، فلمسته ونالَت مرادها. فأثنى يسوع على إيمانها بقوله: "يا ابنتي، إيمانك خلّصكِ!".

إن النزف والمرض يعبّران كما البرص عن عمل الخطيئة التي تؤدي بنا إلى الموت.

هذا النزف هو نزف القيم الروحية والإنسانية والاجتماعية... وإن كان لمس ثوب يسوع شفى المرأة االنازفة فكم هو مهمّ لا أن نلمس رداء المسيح بل أن نتناول جسد ودم الرب فنشفى ونحيا.

إلى أي حدٍ يبلغ بنا نزفُ المرض وإتكالنا على الأطباء ولا نجرؤ أن نتقدّم من الطبيب الحقيقي لننال الشفاء.

هو الإيمان.

نعم، إيمان إمرأة من عامّة الشعب لا إسم لها ولا عائلة تحضنها في مرضها منذ 12 سنة وقد أنفقت كل ما لها على الأطباء، تجرّأت ولمست ثوب يسوع لإيمانٍها بقدرة المسيح على شفائها فشفيت.

وإيمان رجلُ معروفٌ في الناحية كلّها إسمه يائيرس ورئيس المجمع، مُحاط بالخدم ورجال المجمعٍ الدينيّ، يرتمي على قدميّ يسوع ويتوسّل إعادة الحياة لإبنته المشرفة على الموت.

"لقد ماتت" لا تُتعِب المعلّم.

"ماتت إبنتك"، قال أحدهم لرئيس المجمع.

من المؤكّد أنّ المسيح قادرٌ على الشفاء، ولكن من المستحيل أن يعيد للميت الحياة!

لم يفقد يائيرس إيمانه عند سماع خبر موت ابنته، ولم يفقد الرّجاء.

قال له يسوع: "لا تخف، يكفي أن تؤمن".

... "أَيَّتُهَا الصَّبِيَّة، قُومِي!".

فَعَادَتْ رُوحُهَا إِلَيْهَا، وَفَجْأَةً نَهَضَتْ.

في زَمنِ الصَومِ هذا، نطلب منك يا رب أن أمسك بيدينا وأقمنا من نومنا لنخبر عمّا فعلته لنا.

وإشفِ نَزفنا الروحيّ وقد دامَ طَويلاً... وعجز أصحاب الإختصاص عن شفائنا منه.

لقد سعينا وراءَ السَحَرة والمشعوذين حاملين أمراضِنا المُستَعصِيَة، ولكن ليس من يشفينا إلا كلمة منك.
 

ليست هناك تعليقات: