2014/03/27

أحد شفاء الأبرص الأب جورج صغبيني

أحد شفاء الأبرص

في الأحد الثاني من زمن الصوم الذي هو أحد شفاء الأبرص.

في هذا الزمن المبارك لنضع أمراض أنفسنا وأجسادنا بين يديّ الرب يسوع مخلّصنا ليطهّرنا بمحبّته وبغفرانه يشفي جميع المرضى.

أيها الطبيب السماوي نضرغ إليك أن تشفي نفوسنا وأرواحنا من سقمها.

نتأمّل برسالة القدّيس بولس إلى أهل روما، التي يشدّد فيها على أن الخطيئة في حياتنا، تقودنا إلى الموت، في حين أنّ الله يريد لنا الحياة الأبدية.

الرسالة إلى الرومانيين 6 \12-23

12 إِذًا فَلا تَمْلِكَنَّ الـخَطيئَةُ بَعْدُ في جَسَدِكُمُ المَائِت، فَتُطيعُوا شَهَوَاتِهِ.

13 وَلا تَجْعَلُوا أَعْضَاءَكُم سِلاَحَ ظُلْمٍ لِلخَطِيئَة، بَلْ قَرِّبُوا أَنْفُسَكُم للهِ كَأَحْيَاءٍ قَامُوا مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، واجْعَلُوا أَعْضَاءَكُم سِلاحَ بِرٍّ لله.

14 فلا تَتَسَلَّطْ عَلَيْكُمُ الـخَطِيئَة، لأَنَّكُم لَسْتُم في حُكْمِ الشَّرِيعَةِ بَلْ في حُكْمِ النِّعْمَة.

15 فَمَاذَا إِذًا؟ هَلْ نَخْطَأُ لأَنَّنَا لَسْنَا في حُكْمِ الشَّرِيعَة، بَلْ في حُكْمِ النِّعْمَة؟ حَاشَا!

16 أَلا تَعْلَمُونَ أَنَّكُم عِنْدَمَا تَجْعَلُونَ أَنْفُسَكُم عَبيدًا لأَحَدٍ فَتُطيعُونَهُ، تَكُونُونَ عَبيدًا للَّذي تُطيعُونَه: إِمَّا عَبيدًا لِلخَطِيئَةِ الَّتي تَؤُولُ إِلى الـمَوت، وإِمَّا لِلطَّاعَةِ الَّتي تَؤُولُ إِلى البِرّ.

17 فَشُكْرًا للهِ لأَنَّكُم بَعْدَمَا كُنْتُم عَبيدَ الـخَطيئَة، أَطَعْتُم مِنْ كُلِّ قَلْبِكُم مِثَالَ التَّعْلِيمِ الَّذي سُلِّمْتُمْ إِلَيْه.

18 وَبَعْدَ أَنْ حُرِّرْتُم مِنَ الـخَطِيئَة، صِرْتُم عَبيدًا لِلبِرّ.

19 وأَقُولُ قَوْلاً بَشَرِيًّا مُرَاعَاةً لِضُعْفِكُم: فَكَمَا جَعَلْتُم أَعْضَاءَكُم عَبيدًا لِلنَّجَاسَةِ وَالإِثْمِ في سَبِيلِ الإِثْم، كَذـلِكَ اجْعَلُوا الآنَ أَعْضَاءَكُم عَبيدًا لَلبِرِّ في سَبيلِ القَدَاسَة.

20 فَلَمَّا كُنْتُم عَبيدَ الـخَطِيئَة، كُنْتُم أَحْرَارًا مِنَ البِرّ.

21 فأَيَّ ثَمَرٍ جَنَيْتُم حِينَئِذٍ مِنْ تِلْكَ الأُمُورِ الَّتي تَسْتَحُونَ مِنْهَا الآن؟ فإِنَّ عَاقِبَتَهَا الـمَوْت.

22 أَمَّا الآن، وقَدْ صِرْتُم أَحراَرًا مِنَ الـخَطِيئَةِ وعَبيدًا لله، فإِنَّكُم تَجْنُونَ ثَمَرًا لِلقَدَاسَة، وعَاقِبَتُهَا الـحَيَاةُ الأَبَدِيَّة.

23 لأَنَّ أُجْرَةَ الـخَطِيئَةِ هِيَ الـمَوت. أَمَّا مَوْهِبَةُ اللهِ فَهيَ الـحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ في الـمَسيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

"أُجرَةُ الخَطِيئَةِ هِيَ المَوت".

أمّا الله فقد خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ حَسَن. وَوَضَعَ اللهُ الإِنسَانَ فِي جَنَّةِ عَدَنٍ لِيفلَحَهَا وَيَحرُسَهَا... تكوين 1و 2/15. وَلَكِن أوصاه بِأَن لا يَأكُلَ مِنْ شَجَرَة مَعرِفَةَ الخَيرِ وَالشَّرّ "فَيَومَ تَاكُلُ مِنهَا مَوتًا تَمُوت". تكوين2/ 7

وَكَانَ أَنَّ آدَم أَكَلَ مِن الشَّجَرَةِ ولَم يُطِعْ وَصِيَّةَ الرَّبِّ فَوَقَعَ فِي الخَطِيئَة. فتَعَطَّلَت عَلاقَتُهُ مَعَ الله. تكوين 3/8

وتَعَطَّلَت عَلاقَتُهُ مَعَ الطَّبِيعَة فَبَدلَ أَن تَكُونَ جَنَّةً أَصبَحَت تُنبِتُ شَوكًا وَحَسَكًا وَبِعَرَقِ الجَبِينِ يَأْكُلُ خُبزه. تكوين3/17-19

وَتَعَطَّلَت عَلاقَتُهُ مَعَ أَخِيهِ الإنسَان فقَتَلَ قَايين أَخِاه هابيل. تكوين 4/8

هذه أُجرَةُ الخَطِيئَةِ

المَوت بدل الحياة

والشوك والقطرب بدل ثمار الجنة

وصداقة الشيطان بدل صداقة الله

وَيصير الإِنسَانُ عَبدًا لِلخَطِيئَةِ فتَقُودُهُ إِلَى المَوت.

لقد فَسَدَتِ الأِرضُ أَمَامَ عينيّ الله وَامتَلَأَت شرّا. وَرَأَى الله الأرضَ فَإِذَا هِيَ قَد فَسَدَت لأَنَّ كُلَّ بَشَرٍ قَد فَسَدَ. تكوين6/11-12 فَكَانَ الطوفَانُ. تكوين7/17 وسدوم وعامورة وبابل... واُجرَةُ الخَطِيئَةِ كانت الموت.

ونُوح يُطِيعُ الله بِدُخُولِهِ السَّفِينَةَ فَيَخلُصَ مَعَ مَنْ دَخَلَ معه وَيَنجُو مِنَ المَوت (تكوين 7/1-6). وَابرَاهِيم أَطَاعَ الله وَتَرَك كُلَّ شَيء وَانطَلَقَ كَمَا قَالَ الله له (تكوين 12/1-4) ... والمسيح ابن الله حَرَّرَنَا بِطَاعَتِهِ حَتَّى المَوت، مَوتِ الصَّلِيب (متى2/8) مِن سُلطَانِ الخَطِيئَةِ الَّتِي دَخَلَتِ العَالَمَ بِمَعصِيَةِ إِنسَانٍ وَاحِد، وكذلك بِطَاعَةِ إِنسَانٍ وَاحِد تُجعَلُ حَيَاةُ النَّاسِ بَارَّة. رومية 5/19.

فحَيَاةِ يَسُوع كانت: "طَعَامِي أَنْ اَعمَلَ مَشِيئَة مَنْ أَرسَلَنِي.(يوحنا 4/34) وَ "لا تَكُنْ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَتُكَ". لوقا 22/42

فِي هَذِا الصَّوم المبارك نَسمَعَ قَول الرب لَنَا "لَيسَ بالخُبزِ وَحدَهُ يَحيَا الإِنسان بَل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِنْ فَمِ الله ". متّى 4/4. فـ"طُوبَى لِلَّذِينَ يَسمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعمَلُونَ بِهَا". لوقا 11/28.

ونتأمّل أيضا بإنجيل القدّيس مرقس الذي يدعونا إلى التقرّب من المسيح، كما فعل الأبرص، فتطهّر من برصه وغفرت خطيئته.

الإنجيل القديس مرقس 1/35-45)

35 وقَامَ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْر، فخَرَجَ وذَهَبَ إِلى مَكَانٍ قَفْر، وأَخَذَ يُصَلِّي هُنَاك.

36 ولَحِقَ بِهِ سِمْعَانُ وَالَّذين مَعَهُ،

37 ووَجَدُوهُ فَقَالُوا لَهُ: "أَلْجَمِيعُ يَطْلُبُونَكَ".

38 فقَالَ لَهُم: "لِنَذْهَبْ إِلى مَكَانٍ آخَر، إِلى القُرَى الـمُجَاوِرَة، لأُبَشِّرَ هُنَاكَ أَيْضًا، فَإِنِّي لِهـذَا خَرَجْتُ".

39 وسَارَ في كُلِّ الـجَلِيل، وهُوَ يَكْرِزُ في مَجَامِعِهِم وَيَطْرُدُ الشَّيَاطِين.

40 وأَتَاهُ أَبْرَصُ يَتَوَسَّلُ إِلَيْه، فجَثَا وقَالَ لَهُ: "إِنْ شِئْتَ فَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي!".

41 فتَحَنَّنَ يَسُوعُ ومَدَّ يَدَهُ ولَمَسَهُ وقَالَ لَهُ: "قَدْ شِئْتُ، فَاطْهُرْ!".

42 وفي الـحَالِ زَالَ عَنْهُ البَرَص، فَطَهُرَ.

43 فَانْتَهَرَهُ يَسُوعُ وصَرَفَهُ حَالاً،

44 وقالَ لَهُ: "أُنْظُرْ، لا تُخْبِرْ أَحَدًا بِشَيء، بَلِ اذْهَبْ وَأَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِن، وَقَدِّمْ عَنْ طُهْرِكَ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى، شَهَادَةً لَهُم".

45 أَمَّا هُوَ فَخَرَجَ وبَدَأَ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ ويُذِيعُ الـخَبَر، حَتَّى إِنَّ يَسُوعَ لَمْ يَعُدْ قَادِرًا أَنْ يَدْخُلَ إِلى مَدِينَةٍ عَلانِيَة، بَلْ كانَ يُقِيمُ في الـخَارِج، في أَمَاكِنَ مُقْفِرَة، وكانَ النَّاسُ يَأْتُونَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ مَكَان.

"إِذَا شِئْتَ فَأَنتَ قَادِرٌ أَنْ تُطَهِّرَنِي"

عاد جسد الرجل الأبرص كيوم مولده، وَعَادَ إِلَى الجَمَاعَةِ بَعدَ أَن كَانَ مَنبُوذًا منها وتحَقَّقَت نُبُوءَةُ أَشعيَا: "لَقَد حَمَلَ عَاهَاتَنَا وَأَوجَاعَنَا ". أَشعيَا 8/17

"أَنتَ قَادِرٌ أَن تُطَهِّرَنِي"

إِيمَانٌ وَثِقَةٌ بِقُدرَةُ المسيح عَلَى اجتِرَاحِ المُعجِزَات.

البرص كالخَطِيئَةِ يُصِيبُ الإِنسَانَ فَيُبعِدُه عَن أَحِبَّائِه. والرَّبَّ قَادِرٌ أَن يُطَهِّرَنَا مِنْ خِلالِ سِرِّ التَّوبَةِ فيقرّبنا من الله.

وبالصَّومِ المُبارَك نتطهّر ونَعُود إلَى مُجتَمَعِنَا وَكَنِيسَتِنَا.

قد شئت فأنت طاهر

الأبرص يركض نجو يسوع ويجثو أمامه لأنّ ما من أملٍ في شفائه من قِبَل النّاس ولا الأطباء، ويسوع الّذي اتخذ من جسدنا جسدًا له، يؤكّد على حبّه لكلّ إنسان كما للأبرص، قائلاً:" لقد شئت فأنت طاهر".

بك أيها الرب يسوع يتحرّر الإنسان من عبوديّة الخطيئة إلى بنوّة الله. بكلمتك بجسدك ودمك اللذين نزرعهما في جسدنا فينمو فينا الشفاء وتزهر العافية في أذهاننا وقلوبنا قبل أجسادنا.

نقدّم لك الشكر أيها الرب ونُنادي ونُذيع ونُعلن مجدك بين الناس.

الصوم بحسب مار أفرام السرياني

لقد عادت أيام الصوم المباركة، أيام طهارة الجسد، ونقاوة القلب. إنه صوم يستحقّ العناء والتّعب، إنه زمنٌ تُقبل فيه الطِلبات والتضرّعات.

وأيام الصوم، أيها الأحبّاء هي أيام جهاد، من أجل إعلاء الجسد إلى مستوى الروح ولمكافحة الشرور والإنتصار على التجارب. لأنه ما من أحد يقدر أن يقهر الشرّير من دون الصوم والصلاة.

إننا بصومنا نُشابه الملائكة، فهم لا يأكلون ولا يشربون، إنما هم دوماً في حضرة ربّهم يُنشدون ويُسبّحون، منتظرين أوامره. إن الله يرضى عن الصوم، لأنه يرى فيه مناسبةً لتقديسنا، وتقدّمنا الروحي، خاصّةً، إذا عمِلناه بمحبّة وتواضع، وإذا أتممناه بتوبة صادقة.

لقد صام قديماً الأنبياء، ومنهم موسى، إيليا ودانيال، واستحقّوا معاينة الله ونيل بركاته. وصام سيّدنا وربّنا يسوع المسيح أربعين يوماً بلا طعام ولا شراب.

وصام من بعده، الرُّسل الأطهار والتلاميذ والآباء والمبشّرون، وأبناء الكنيسة الأتقياء. وعلّمنا الرب يسوع أن القداسة، لا تقوم إلا بالجهاد والصّبر في مقاومة الشرّير وتجاربه، وخاصة بالصلاة والصوم.

فحرب الشرّير ترتكز على ضعف الجسد بكل أنواع الفساد، وحرب الإنسان المضادة، هي أيضاً بصوم الجسد والصلاة والإماتات والتقشّفات التي بها نحارب الشيطان في مملكة جسدنا.

فالإنسان ساحة المعركة وإن الله ينتصر بنا وبصيامنا وصلاتنا على الشيطان.

ليصُم الأغنياء وليوزّعوا لا من فضلاتهم وفوائدهم في المصارف بل قَدْرَ طاقتهم من الحسنات على المُعْوَزين. وليصُم كذلك الفقراء وليكتفوا بما لديهم دون تذمّر، وليصلّوا إلى الله ليسدّ احتياجات المعوزين.

ولنصلّ مع اليتامى والأرامل والمهجّرين والمهاجرين والمصابين بجميع أنواع الأمراض في منازلهم وفي المستشفيات ليحتملوا آلامهم ويقدموها كصيام مقبول للرب.

لكن مَنْ صام وقلبه ما زال حاقداً على أخيه فلا صيامه مقبول ولا طلبته تستجاب.

 
أأ

ليست هناك تعليقات: