2014/03/27

أحد الكهنة الأب جورج صغبيني


أحد الكهنة



هو الأحد الأوّل من الآحاد الثلاثة التي تسبق زمن الصوم وفيه تصلّي الكنيسة من أجل راحة نفوس الكهنة الأموات، ومن أجل قداسة الكهنة الأحياء.

يدعو مار بولس في رسالته إلى تلميذه طيموتاوس، كلّ مسيحيّ بأن يكون خادما لرسالته الموكولة إليه، مع توصيات أخرى من أجل خلاص نفسه والذين يسمعونه.

رسالة بولس الرسول إلى تلميذه طيموتاوس 4/ 6- 16

6 فإِذَا عَرَضْتَ ذلِكَ لِلإِخْوَة، تَكُونُ خَادِمًا صَالِحًا للمَسِيحِ يَسُوع، مُتَغَذِّيًا بِكَلامِ الإِيْمَانِ والتَّعْلِيمِ الـحَسَنِ الَّذي تَبِعْتَهُ.

7 أَمَّا الـخُرَافَاتُ التَّافِهَة، حِكَايَاتُ العَجَائِز، فَأَعْرِضْ عَنْهَا. وَرَوِّضْ نَفْسَكَ عَلى التَّقْوَى.

8 فإِنَّ الرِّيَاضَةَ الـجَسَدِيَّةَ نَافِعةٌ بعْضَ الشَّيء، أَمَّا التَّقْوَى فَهِيَ نَافِعَةٌ لكُلِّ شَيء، لأَنَّ لَهَا وَعْدَ الـحَيَاةِ الـحَاضِرَةِ والآتِيَة.

9 صادِقَةٌ هيَ الكَلِمَةُ وجَدِيرَةٌ بِكُلِّ قَبُول:

10 إِنْ كُنَّا نَتْعَبُ ونُجَاهِد، فذـلِكَ لأَنَّنَا جَعَلْنَا رجَاءَنا في اللهِ الـحَيّ، الـَّذي هُوَ مُخلِّصُ الـنَّاس أَجْمَعِين، ولا سِيَّمَا الـمُؤْمِنِين.

11 فأَوْصِ بِذـلكَ وعَلِّمْهُ.

12 ولا تَدَعْ أَحَدًا يَسْتَهِينُ بِحَداثَةِ سِنِّكَ، بَلْ كُنْ مِثَالاً للمُؤْمِنِين، بِالكَلام، والسِّيرَة، والـمَحَبَّة، والإِيْمَان، والعَفَاف.

13 وَاظِبْ عَلى إِعْلانِ الكَلِمَةِ والوَعْظِ والتَّعْلِيم، إِلى أَنْ أَجِيء.

14 لا تُهْمِلِ الـمَوْهِبَةَ الَّتي فِيك، وقَد وُهِبَتْ لَكَ بالنُّبُوءَةِ معَ وَضْعِ أَيْدِي الشُّيُوخِ عَلَيك.

15 إِهْتَمَّ بِتِلْكَ الأُمُور، وكُنْ مُواظِبًا عَلَيهَا، لِيَكُونَ تَقَدُّمُكَ واضِحًا لِلجَمِيع.

16 إِنْتَبِهْ لِنَفْسِكَ وَلِتَعْلِيمِكَ، وَاثْبُتْ في ذلِك. فإِذا فَعَلْتَ خَلَّصْتَ نَفسَكَ والَّذِينَ يَسْمَعُونَكَ.

نتأمّل في رسالة مار بولس التي توجّه فيها بالنصح والإرشاد لتلميذه طيموتاوس الّذي تميّز باجتهاده في رسالته وتبشيره بيسوع المسيح.

كلّ واحدٍ من الكهنة هو طيموتاوس، ومار بولس يوجّه له هذه الرسالة ليعيشها بأمانة: "لا تُهْمِلِ الـمَوْهِبَةَ الَّتي فِيك"!

إنجيل لوقا 12/ 42- 48

42 فَقَالَ الرَّبّ: "مَنْ تُرَاهُ الوَكِيلُ الأَمِينُ الـحَكِيمُ الَّذي يُقِيمُهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُم حِصَّتَهُم مِنَ الطَّعَامِ في حِينِهَا؟

43 طُوبَى لِذـلِكَ العَبْدِ الَّذي، مَتَى جَاءَ سَيِّدُهُ، يَجِدُهُ فَاعِلاً هـكذَا!

44 حَقًّا أَقُولُ لَكُم: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ مُقْتَنَياتِهِ.

45 أَمَّا إِذَا قَالَ ذـلِكَ العَبْدُ في قَلْبِهِ: سَيَتَأَخَّرُ سَيِّدِي في مَجِيئِهِ، وَبَدأَ يَضْرِبُ الغِلْمَانَ وَالـجَوَارِي، يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَسْكَر،

46 يَجِيءُ سَيِّدُ ذـلِكَ العَبْدِ في يَوْمٍ لا يَنْتَظِرُهُ، وَفي سَاعَةٍ لا يَعْرِفُها، فَيَفْصِلُهُ، وَيَجْعلُ نَصِيبَهُ مَعَ الكَافِرين.

47 فَذلِكَ العَبْدُ الَّذي عَرَفَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ، وَمَا أَعَدَّ شَيْئًا، وَلا عَمِلَ بِمَشيئَةِ سَيِّدِهِ، يُضْرَبُ ضَرْبًا كَثِيرًا.

48 أَمَّا العَبْدُ الَّذي مَا عَرَفَ مَشِيئَةَ سَيِّدِهِ، وَعَمِلَ مَا يَسْتَوجِبُ الضَّرْب، فَيُضْرَبُ ضَرْبًا قَلِيلاً. وَمَنْ أُعْطِيَ كَثيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ الكَثِير، وَمَنِ ائْتُمِنَ عَلَى الكَثِيرِ يُطالَبُ بِأَكْثَر.

تخصّ الكنيسة في هذا الأحد وطوال هذا الأسبوع، الصلاة من أجل الكهنة المتوفّين الذين جاهدوا الجهاد الحسن حتى ينالوا الإكليل المعدّ لهم.

وفي الإنجيل يحدّثنا لوقا البشير عن "الوكيل الأمين" الذي يعطي الطعام في حينه فيجيء سيده ويجده يفعل ذلك، فطوبى له.

فالكاهن بحسب تدبير الله وإرادته هو الخادم الأمين الصالح الذي أعطي له التدبير والتعليم والتقديس، على مثال الخادم الأول يسوع المسيح الذي جاء ليَخدم لا ليُخدم.

هذا الخِادَم الذي اختاره الرب من ضعفاء العالم ليخزي به الأقوياء، واختاره من بين صيادي السمك ليكون صياد البشر...

الله لم يختَرْ رسله من زعماء القبائل والعشائر

ولا من رجال الدين اليهودي

ولا من المتنفّذين في السياسة

بل اختارهم من الضعفاء ليخزي بهم الأقوياء

ومن البسطاء ليخزي بهم المدّعين والمتكبّرين.

فالكاهن هو الشخص الحكيم الذي يعيش في العالم ولكنه ليس من هذا العالم.

بالطبع يريد البعض أن يكون الكاهن فقيرا عفيفا متجرّدا

والبعض منهم يريده أن يحلّ كل المشاكل

والبعض الآخر يريده على مزاجه وذوقه وحزبه... من دون أن يفهموا الدور الحقيقي للكاهن الذي هو دور الراعي الصالح.

نعم، مطلوب من الكاهن أن يحسن الإصغاء وأن يحسن العيش والكلام والوعظ.

مطلوب من الكاهن باسم يسوع المسيح أن يجد الحلول بالصلاة أولاً لتخطي كل المشاكل، وبالتوبة ثانياً وبتسليم الأمور لمشيئة الله أخيراً...

مطلوب من الكاهن أن يعظ ويؤنب ويوبخ في كل حين لا يساير الوجوه...

مطلوب من الكاهن أن يزور الكل ويتفقّد الكلّ ويشارك الكلّ في فرحهم وحزنهم وضيقهم وشدّتهم، ومرضهم وعافيتهم، وسجنهم وغربتهم...

فالكاهن هو أب لرعيته يسهر عليها...

مطلوب من الكاهن أن يكون متجرّداً، لا يحبّ المال ولا يسعى إليه، ولو كان خادم المذبح من المذبح يأكل.

فالله وضع في خادمه الأمين مسؤولياّت جمّة وكثيرة في شتى المجالات، وعلى حسب قدراته العلميّة والفكريّة، الاجتماعية والروحيّة. واختار من بينِنا رعاةً ومبشرين وواعظين... ولكننا لسنا نحن المتكلمين بل روح أبينا السماوي هو المتكلم فينا.

الله وضع ثقته بنا نحن الكهنة وأمّننا على أهل بيته لنعطيهم الطعام الروحي فطوبى لنا إن جاء ووجدنا نفعل ذلك.

وهذا الكلام موجّه للمسؤولين في كنيسة المسيح الساعين خلف مصالحهم الخاصة غير مكترثين لرحمة الله بل إلى القوانين التي وضعوها لتحقيق غاياتهم على حساب الآخرين.

كمسؤول عليّ أن أتطلّع إلى المسيح وأعمل على سلامة كل أعضاء حسده السرّي.

فإن كنت أحبّ الآخر دون غشٍّ أو غاية إنتخابية أو رغبة في مصلحة سياسية دنيوية كانت فيّ رحمةً المسيح، وإن مسحتُ دمعةَ حزين أو عدتُ مريضاً أو بلسمتُ جراح مكسور خاطر كنتُ في المسيح...

والخوف هو "أنه خلّص آخرين ونفسه لم يقدر أن يخلّصها".

والخوف من أن يحمل البعض مفاتيح ملكوت السماوات فلا هم يدخلون ويمنعون الآخرين عن الدخول، كما يقول المسيح عن الفريسيين.

يقول أحد الكهنة القديسين: إن الكاهن هو إنسان لا يستطيع دخول ملكوت السماء لوحده فهو إما أن يَخْلُصَ ويُخلّص رعيته وإما أن يُهلكها معه...

إحفظ أيديهم الطاهرة بالميرون المقدس لأنّها تحمل كلّ يوم جسدك المقدّس.

إحفظ شفاههم طـاهـرة، لأنها كل يـوم ترتوي من دمـك الثميـن.

نصلّي اليوم من أجل الكهنة الأحياء من أجل عيش دعوتهم بأمانة، ونصلّي من أجل أن يعطينا الله كهنة قديسين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يقدموا لك الذبيحة من دون انفطاع

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يقودوا نحوك الفتيان والبالغين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي ينشروا الإنجيل في نفوس الجاهلين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يمنحوا الغفران للتائبين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يقوتوا بجسدك ودمك أرواح الجائعين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يعزّوا الحزانى ويوآسوا المنازعين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يزرعوا المحبة بين الناس أجمعين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يزورا المرضى ويأووا المهاجرين

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يباركوا رعايانا وشُغلَنا وبيوتنا وحقولنا والبساتين.

أعطنا يا ربنا كهنةً قدّيسين كي يبسطوا ملكك بيننا في كل حين

آمين.

 

ليست هناك تعليقات: