2012/06/14

بيت العائلة دير ومدرسة مار يوسف بسكنتا1 الأب جورج صغبيني



دير مار يوسف مدرسة ورعية



ان تاريخ دير مار يوسف، في بلدة بسكنتا، هو تاريخ البلدة أيضاً ويومياتها ومذكراتها، ولو لفترة من الزمن تتجاوز المئتي سنة. في هذا التاريخ يجد، أبناء البلدة، أخبار اجدادهم وآبائهم.محفوظة، في ذاكرة التاريخ، على صفحات سجلات الدير.    
ورغم كون هذا المعبد، المشاد على شفاعة مار يوسف، قد آثر الصمت، كشفيعه، فلم يذكره التاريخ. لكن هذا الصمت، لم يقلل، من قيمة مار يوسف. بل ما زال منذ ألفي عام: ربّ العائلة المقدسة، وشفيع الميتة الصالحة، والقديس الصامت الذي لم يتكلم؛فتكلم عنه الجميع. ومقامه، في هذه البلدة، الذي مضى على بنائه، أكثر من مئتي عام.
يحتفل بذكرى تأسيسه المئوي الثاني. فبدأنا العمل في  اصلاح  الدير والكنيسة. ووضع مختصر لتاريخه في صفحات وجيزة، لتبقى ذخيرة للبنين عما صنعه الأجداد، وفيها أيضاً شرح عن الكنيسة ومشروع البناء الجديدين اللذين بدأنا ببنائهما.  
واذا كانت ميزة الأديار الكبيرة، بناؤها على قمم الجبال، بعيداً عن مساكن البلدة، للزهد والتوحد، أو قرب نبع، أو على أنقاض معبد وثني.      
وان كانت ميزة الأديار محصّنة، لا يدخلها العلمانيون، لتوفير جوّ الخلوة والصلاة والعبادة لسكانها؛ وذات سور شاهق، لصدّ هجمات المعتدين أيام الغزو والحروب.  
وان كانت الأديار منفردة، ومن حولها الأراضي الشاسعة، يعتني بها الرهبان مع الشركاء لكفاف العيش.     
وان كانت بعض الأديار مزارات، يؤمها المؤمنون، للصلاة والعبادة.
فإنّ كلّ هذه وسواها من المميزات، تكون أيضاً متوفرة، في دير صغير؛ تحسبه مسكناً، لولا قبّة الكنيسة وجرسها، بين بيوت البلدة. 
ودير مار يوسف، في بلدة بسكنتا، الذي يعرف بمدرسة أو رعية مار يوسف، لا ينحصر بالبناء.بل بالرسالة التي، التزم بها رهبان الدير، منذ إنشائه.                 
واذا ما عدنا الى اوراق دير مار يوسف، نعرف ان اهالي بسكنتا، رغبوا الى الرهبانية: بأن تعلّم اولادهم، وتقوم بخدمتهم، لقاء هِبَتهم لها مكان بناء الكنيسة المعروف برويسة الحيات. وسبب تلاقي الرهبان، وابناء رعية مار يوسف، يعود إلى أمرين:                                                                                    
أولاً:حاجة أبناء البلدة، لإكمال البناء.    
ثانياً: رغبة الرهبانية اللبنانية، بالعودة الى بلدة بسكنتا، بعد أن تركتها؛ بمقايضتها، مع المطران الدبسي، بدير مار ساسين، مقابل دير مار مخايل بنابيل.  



جاء في كتاب "تاريخ الرهبانية اللبنانية المارونية"[1] ما يلي:       
"في سنة 1771، وقف، اهالي قرية بسكنتا، كنيسة القديس يوسف البتول الكائنة في المحل المعروف برويسة الحيّات،على رهبانيتنا اللبنانية. بقصد انشاء مدرسة لتعليم الأحداث، وارشاد القريب في الأمور الروحية, ودوّنوا ذلك في صك عقدوه،[2]
 وورد في رزنامة دير ومدرسة مار يوسف[3] ما نصَّه:  
"بسم الآب والابن والروح القدس الاله الواحد آمين. 
نبتدئ بعونه تعالى، نكتب حجج مار يوسف بسكنتا كل حجة بحجتها، حسب قدميتهم المحررة بكل واحدة  منهم. حيث اننا رأينا أغلبهم قد عدموا. وكان ذلك سنة 1857 في 3 ت1 ".                                        
تبدأ رزنامة الدير، بعد هذه المقدمة، بحجة وقفية الكنيسة المارّ ذكرها سابقاً في كتاب تاريخ الرهبانية اللبنانية المارونية للأب لويس بليبل.    
وجاء في كتاب المونسنيور بطرس حبيقة، تحت عنوان "كنيسة ومدرسة القديس يوسف للرهبان البلديين"، ما نصّه: "بنى الكنيسة، أهل بسكنتا، الى الأعتاب، في المكان المعروف برويسة الحيّات.ثم سلموها الى الرهبانية البلدية، التي تعهدت لهم بالخدمة الروحية وبتعليم الناشئة. فباشر الرهبان، ببناء المدرسة سنة 1676 (والأصح 1776)، بوكالة القس سابا المقيّر اللبناني. فابتدأت بالتدريس، من سنة 1676(والأصح 1776) الى 1885. وأتموا الكنيسة، سنة 1780. وممن تعبوا في بنائها، الأخ اندراوس البسكنتاوي الذي كان بنّاءً...[4]   
                      
منطقة مار يوسف العقارية
تشمل منطقة مار يوسف العقارية ما يلي:     
العقار رقم 3502   يحتوي على بناء الكنيسة القديمة وبيت الكاهن ومدرسة مار يوسف قدبماً.
العقار رقم 3504   يحتوي على بناء الكنيسة الجديدة والقاعة الكبرى ومكاتب وصالونات الرعية وقاعة المكتبة العامة والتسلية والمدرسةالمهنية. 
العقار رقم 3476   قطعة أرض موقف سيارات. 
العقار رقم 3501   قطعة أرض مشجرة. 
العقارات 3526 حتى 3533  قطعة أرض مفرزة مدافن لأبناء الرعية. 

حجّة الوقفية بين الرهبانية وأبناء بلدة بسكنتا



نصّ الحجّة: " وجه تحريره وموجب تسطيره. إننا قد وقفنا، نحن بيت الحاج سليمان، وبيت ابو كرم وأهالي بسكنتا جميعهم، دير مار يوسف المبني في المكان المسمّى رويسة الحيّات. واختصاص وقفيتهم، الى الرهبانية اللبنانية. وذلك وقفا مخلداً، ورسماً مؤبداً. لا تغيير فيه ولا تبديل، وصار المطرح المذكور، ملكا الى الرهبنة، مثل ساير أملاكها. ولا أحد، له معهم مقارشة في شيء، كائن من كان. والدير المذكور، يكون مدرسة الى علم الأولاد، في يد الرهبان المذكورين. ولا نقبل، عليهم دخيل، ان كان رهبان أم من أساقفة أم خوارنة أم عوام. بل ما دام الرهبانية قايمة، والضيعة ثابتة، يكون هالدير مدرسة في تصريف الرهبان. وهو مضمون، من ساير المشافعة والمواقعة، من أي وجه كان. وعلى ذلك تمَّ، الرضى والاتفاق، بين الفريقين: أي اهل الضيعة والرهبان. وقد قبلوا الفريقين (قبل الفريقان)، هذه الشروط:أي أهل الضيعة، يقومون، بعمار الكنيسة وحمايتها. والرهبان، يلتزمون، في علم الأولاد وانارة القريب في الأمور الروحية.
وانهم لا يتعدّون، على الخوارنة، في معاليمهم المختصة بهم. وأيضاً الخوارنة، ليس لهم، مع الرهبان، مقارشة، في ديرهم المذكور، ولا في رتبتهم ونظامهم. وليس لهم سلطان، أنهم يمنعوا الرهبان من سماع اعتراف، كايناً من كان. وقد كتبنا بينهم هذه الوثيقة، لأجل البيان والحفظ من النسيان ومنازعة كل انسان."     حرر وجرى في 15 آذار سنة 1771.[5]


مجيء الرهبان وعمار الكنيسة والمدرسة [6]




مدرسة مار يوسف
كجميع مدارس القرى المارونية،ومدارس الرهبانية، كانت بلدة بسكنتا، تنعم بمدارس "تحت السنديانة" ، و "بيت كاهن الرعية"، وقرب الكنائس ... وكان الكهنة يعلّمون الأولاد،مبادئ القراءة العربية والسريانية والقواعد الحسابية...   
وان أقدم مدرسة،في بلدة بسكنتا،هي مدرسة مار يوسف للرهبان اللبنانيين.بحسب ما أشار الى ذلك المونسنيور بطرس حبيقة،في كتابه تاريخ بسكنتا،بقوله:             
"أنشأت الرهبنة،سنة 1776،مدرسة على اسم مار يوسف،وقد توقفت عن التدريس،سنة 1885".ألاّ أنّ المدرسة،بقيت مستمرة،حتى عام 1969.بحسب ما بين أيدينا من أوراق،تؤكد،ان المدرسة كانت،لا تزال فاتحة ابوابها للصفوف الابتدائية،باشراف خادم رعية مار يوسف بسكنتا ، كما هو واضح في النسخة الأصلية لمدرسة بسكنتا الضيعة،وكذلك مدرسة بسكنتا الشاوية ، والتي كان مديرها الأب وديع مبارك . كما سنوضح ذلك في الصفحات التالية.                           
ان ما تقدم ذكره ، ليس الاّ دلالة أكيدة على استمرارية رسالة الرهبنة ، في هذه البلدة.وهذا ما حدا بنا ،في البناء الجديد الذي باشرنا به ،لأن تكون في رعية مار يوسف مدرسة مهنية،بسبب حاجة البلدة والجوار الى مثل هذه المدرسة.  
لم تكتف مدرسة مار يوسف ، منذ نشأتها ، بتعليم الأولاد  مبادئ  الدين  والأخلاق  واللغتين  السريانية والعربية . بل سعت أيضاً الى تهيئة الشبان للدرجات الكهنوتية ، اذ كان يعلّم وكيلها اللاهوت لطلاب الكهنوت . فالخوري مخايل محفوظ طانيوس بطرس علم، كما جاء في تاريخ بسكنتا[7]، درس اللاهوت، على يد القس جبرايل حنينه اللبناني وكيل مدرسة مار يوسف والاب حنا عيد.                                                      
     فمدرسة مار يوسف في بلدة بسكنتا ، كان بدؤها عام 1776، كما ورد ذلك في رزنامة دير مار يوسف تحت عنوان " تاريخ مجيء الرهبان وكلفة عمار المدرسة والكنيسة"[8]: "في سنة 1776، قد جاء القس سابا المقيّر اللبناني،بعناية أهل بسكنتا،من أمر رئيسه العام،وبدأ في عمار المدرسة على رويسة الحيّات ...". 
     وتحت عنوان "مدارس بسكنتا"[9] يقول المونسنيور حبيقة: "من العهود الاقطاعية وربما من قبلها،كان في بسكنتا مدارس تتطور بتطور العصور.واننا لا نذكر من هذه المدارس، الا ما تنظم منها في أيامنا المتأخرة. فأقدمها مدرسة القديس يوسف للرهبان اللبنانيين".   
     وورد تحت عنوان "كنيسة ومدرسة القديس يوسف-للرهبان البلديين" ما يلي: "...باشر الرهبان بناء المدرسة سنة 1776، وابتدأت بالتدريس من سنة 1776 الى 1885 ..."[10].
واذ ليس بين أيدينا، أيّ دليل،عن استمرار المدرسة، التي بقيت تعلّم اللغة السريانية واللغة العربية والقواعد الحسابية، حتى تسلم الأب نعمة الله حبيقه رئاسة الدير عام 1944، فقد حصلنا، من المونسنيور يوسف حبيقه، على بعض أوراق[11] مصورة تفيد: أن مدرسة بسكنتا الضيعة في بلدة بسكنتا، قضاء المتن محافظة جبل لبنان مرسوم 1289 تاريخ 18/5/1959، كان مديرها ، رئيس الأنطش الأب وديع مبارك بقرار 444 تاريخ 24 آب 1961، والخوري جوزف حبيقة بقرار 535 تاريخ 29 تموز 1964. والاجازة أيضاً تنطبق،على مدرسة بسكنتا الشاوية، كما سيرد لاحقاً.  
وقد توقفت مدرسة بسكنتا الشاوية، عن التدريس، عام 1968، وكانت المعلمة فيها، الآنسة لور يوسف عماد.كما وتوقفت مدرسة بسكنتا الضيعة، عن التدريس، عام 1969، وكانت المعلمة فيها، الآنسة أولغا حبيقة.
وهذه صور عن إجازة مدرستي بسكنتا الشاوية والضيعة، تفيدنا عن المدرسة وادارتها. 




ان ما تقدم عن مدرسة مار يوسف في بلدة بسكنتا، جعلنا ننهج نهجاً جديداً  في  السعي لإنشاء مدرسة مهنية، لندرتها في المنطقة وحاجة أبناء البلدة والجوار الى مثل هذا النوع من المدارس، لأن أبناء البلدة ملزمون بالاقامة خارج بلدتهم لاكمال دراستهم المهنية في عجلتون أو في بيروت. فتوفيراً  للوقت ولطول المسافة وتوفيراً للمال على الطلاب غير الميسورين، رأينا ان السعي لإقامة مدرسة مهنية في البلدة يبقي أبناءؤها فيها ولا تفرغ من عنصر الشباب في هجرتهم الى المدينة، سعياً للتحصيل العلمي والتخصصي، كما ولا تحرم البلدة سواعدهم وأيديهم العاملة والفتيّة.   
فعسى المدرسة المهنية التي تمَّ بناؤها، وهي القسم الأول من بناء مشروع كنيسة مار يوسف الجديدة، تستطيع ان تستقبل قريباً ابناء البلدة، لاستمرار رسالة الرهبنة اللبنانية في رعية مار يوسف وبلدة بسكنتا وجوارها.             




[1] - تاريخ الرهبانية اللبنانية المارونية للأب بولس بليبل المجلد الثالث المطبعة الكاثولكية ببيروت 1959 صفحة 7.  
[2] - عن أوراق مدرسة بسكنتا.
[3] - رزنامة دير ومدرسة مار يوسف صفحة 1.
[4] - تاريخ بسكنتا صفحة 48و49.
[5] - محفوظات مدرسة مار يوسف بسكنتا.
[6] - رزنامة مدرسة مار يوسف رقم 1 صفحة 4و5.
[7] - تاريخ بسكنتا صفحة 247. 
[8] - رزنامة دير مار يوسف صفحة 4.      
[9] - تاريخ بسكنتا واسرها صفحة 43.
[10] - المرجع السابق ص 48،49.
[11] - سجلات مطرانية صربا المارونية.




ليست هناك تعليقات: