2012/06/09

تكريم الرهبان الشهداء في دير مار جرجس عشاش، الأب جورج صغبيني



شهداء الرهبانية
 

 شهداء دير مار جرجس عشاش
رسالة من الأب جورج صغبيني رئيس الدير إلى رئيس الرهبانية ومجلس المدبرين من أجل تقديم دعوى تكريم عبيد الله شهداء دير مار جرجس عشاش.

قدس الأب العام أثناثيوس الجلخ رئيس عام الرهبانية اللبنانية السامي الإحترام
ومجلس المدبرين الموقّر
إن دير مار جرجس عشاش الذي تأسس سنة 1847 لتكون الرهبانية من خلاله حاضرة في هذه المنطقة لخدمة شعبها وشهادة منها للقيم الروحية والإجتماعية والثقافية والوطنية قد أصابه كسِواه من أديار الرهبانية إبان أحداث لبنان المؤلمة والذي كان أوّل دير قد أصيب من جراء الحرب التي اجتاحت وطننا الحبيب فسقط فيه ثلاثة رهبان شهداء فضلاً عن الدّمار الذي حلّ بالدير والمدرسة والأرزاق.
وإننا بفضل بركتكم نعيد بناء ما تهدّم من بناء الدير والمدرسة وزرع وغرس ما بار من الجنائن والكروم. ولكننا لا نستطيع التعويض على الرهبانية بما فقدت من رهبان قضوا في سبيل إيمانهم وقناعتهم بقيم الرسالة التي يحملون خاصة في العيش المشترك في هذا الوطن.
وإن دير مار جرجس عشاش الذي أعدنا بناء كنيسته في عهد قدسكم والتي كانت منذ عام 1975 مهدّمة إنما كان هذا البناء بما لنا من قدرات مالية محدودة تخطّيناها بفضل توجيهات قدسكم وتشجيع إخوتنا الرهبان وخاصة بشفاعة شهداء هذا الدّير المبارك لنعيد للرهبانية دورها ورسالتها في هذه المنطقة خاصة على الصعيد الروحي والثقافي وإرساء توجيهات الإرشاد الرّسولي في مجتمعنا المحلّي وعلى صعيد الحضور المسيحي في مجتمع متعدّد المشارب والمذاهب والتيارات الفكرية. كما عاش هذا الإيمان آباؤنا الشهداء الثلاثة الذين سفكوا دمهم إيماناً منهم بهذه القيم.
وإننا بما سمعنا عن حياة هؤلاء الرهبان الشهداء الثلاثة، وخاصة الأب أنطونيوس تمينة، من أبناء بلدة عشاش ومن الرهبان والمؤمنين في الأديار التي مرّ بها وخاصة في منطقة بعلبك البقاعية والتي لا يزال ذكره فيها عابقا بفضائله لإنفتاحه على جميع أبناء هذا الوطن وكونه كان مدعاة سلام ورجل صلاة. فإننا نرجو من قدسكم أن تتقدّموا من السلطات الكنسية المعنيّة في لبنان وفي روما بتقديم طلب لفتح تحقيق عن سيرة هؤلاء الرهبان الشهداء للبدء بإكرام هؤلاء الشهداء الذين سفكوا دماءهم الزكيّة من أجل إيمانهم بالمسيح إلهنا وبكنيسته المقدّسة وتعاليمها.
مكرّرين طلب بركة قدسكم الأبوية وعلى أن يبدأ التحقيق في سيرتهم في عهد قدسكم من أجل مجد اسم الله ومن أجل قداستهم وفخر الرهبانية بأبنائها بما تعطيه من قدّيسين أمثال مار شربل والقدّيسة رفقا والقديس الحرديني.
رزقنا الله شفاعة قدّيسي الرهبانية وشفاعة شهدائها الرهبان الذين سفكوا دماءهم منذ تأسيسها وفي أحداث عام 1860 حتى أيامنا هذه.
عشاش في 6 شباط 2003
              الأب جورج صغبيني
              رئيس دير مار جرجس عشاش
مرفق طيّه سيرة شهداء دير مار جرجس عشاش

لمحة موجزة عن دير مار جرجس – عشاش‏ [1]
‏في سنة 1805، أوقفت السيدة ماريا سوسان، أرملة السيد ‏جرمين الفرنسي، الحلبية الأصل والفرنسية التبعة، نصف أملاكها في قرية ‏عشاش للرهبانية، باسم فقراء دير مار انطونيوس قزحيا، وذلك بموجب ‏صك شرعي، وبموافقة مطران الأبرشية جرمانوس تابت. فشرع الرهبان ‏بتحسين الأراضي وغرسها. وبعد وفاتها حصلت مشاكل ودعاوى كثيرة ‏على هذه الوقفية، استمرت حوالي ربع قرن، إلى أن ثبت في النهاية ان هذه ‏الملكية هي لدير مار انطونيوس التابع للرهبانية المارونية.‏
‏وفي المجمع العام المنعقد في دير سيدة طاميش في 10 تشرين ‏الثاني سنة 1847، تقرر إنشاء دير على اسم القديس جرجس في منطقة ‏عشاش، كما تقرر تخصيص الأملاك الموقوفة لدير قزحيا والمار ذكرها ‏لإنشاء هذا الدير الجديد على إسم القديس جاورجيوس. ‏
‏فشرعت الرهبانية حالا بتنفيذ هذا القرار، وبدأت بأساسات ‏الدير، إلى أن تم بناؤه بشكله الحالي سنة 1924، وقد بلغت نفقات البناء ‏وشراء الأملاك والتجهيزات اللازمة نحو مئتي ألف غرش فضة وذهب ‏عملة تركية. ‏
‏وتمّ تشييد الكنيسة خارج الدير سنة 1940. وبعد الحرب ‏العالمية الثانية (1939 - 1945) حوّلت الرهبانية هذا الدير الى مدرسة، ‏وأدخلت عليه الإصلاحات اللازمة ليقوم برسالته التربوية والثقافية في ‏محيطه.‏
‏من الحوادث التاريخية المؤلمة التي جرت فيه، قتل الأخ عبدالله ‏الفراديسي عن عمر ثلاثين سنة في 28 حزيران 1906. ‏
وهجوم بعض الأهالي على الدير سنة 1918 لخلاف مع شركاء الدير، ‏ونهبه وتشريد رهبانه، وقتل الأخ الياس الصغابي بتاريخ 29 حزيران ‏‏1918. ‏
وفي سنة 1926، وأثناء ثورة منطقة الضنيّة على الدولة الفرنسية، ‏جعلت هذه الدولة من الدير مستودعا للذخيرة والمؤن، وأقامت فيه حامية ‏لضباطها وجيوشها حتى استتب الأمن في المنطقة.‏
وعام 1975 كانت الأحداث الأليمة على الدير الذي سقط فيه ثلاث ‏شهداء من الرهبان في 9 أيلول.‏ وهدمت الكنيسة وقسم من الدير والمدرسة وسلبت محتوياتهم.

شهداء دير مار جرجس ـ عشاش
بتاريخ 9 أيلول عام 1975 استشهد في دير مار جرجس عشاش الأب بطرس ساسين عن عمر 93 سنة وهو عاجز في فراشه وضرير .والأب أنطونيوس تمينه عن عمر 78 سنة. والأخ يوحنا مقصود عن عمر 60 سنة.
الشهيد الأب بطرس ساسين
ولد سنة 1881 في قريته سرعل في شمال لبنان. فكان منذ نعومة أظافره يتنشق من الوادي المقدس رائحة التقوى والفضيلة. يشده حنين إلى دير مار انطونيوس قزحيا عند سماعه الأجراس التي كان يردد صداها الوادي المقدس.
لما بلغ سنّ الخامسة عشرة دخل الرهبانية. فأرسله رؤساؤه إلى دير سيدة ميفوق ليمتحن هناك مدة سنتي الابتداء، وما عتم أن نذر نذوره الأولى في الدير المذكور بتاريخ السابع عشر من شهر كانون الثاني عام 1898 وكان له من العمر سبعة عشر سنة. ثم أرسله رؤساؤه لمتابعة دروسه الثانوية لما رأوا فيه من الكفاية والجدارة لكثرة ذكائه وأذنوا له بمتابعة دروسه اللاهوتية.
حاز على إعجاب أساتذته ومعلميه فسيم كاهنا بتاريخ الحادي والعشرين من شهر أيار 1904.
عين رئيسا على دير مار جرجس عشاش سنة 1910-1913. وبرئاسته هذه جرّ المياه إلى الدير.
أعيد تعيينه رئيسا على الدير المذكور من 1938 إلى 1939 وفي هذه الأثناء باشر ببناء كنيسة الدير.
ثم عين رئيسا على دير مار انطونيوس الجديدة من 1965 إلى 1968 ولكثرة تقواه وفضيلته عين بعد ذلك مرشدا لراهبات دير مار سمعان القرن.
عاوده الحنين إلى دير مار جرجس عشاش فعاد إليه كراهب ديري سنة 1974 لقضاء ما تبقى له من العمر فيه.
توفي شهيداً بتاريخ 9 أيلول 1975 عن عمر 95 سنة

الشهيد الأخ يوحنا مقصود

ولد الأخ يوحنا مقصود في بلدة طورزا شمالي لبنان في السابع عشر من كانون الثاني سنة 1914 ودعي أنطونيوس.
تعمّد في كنيسة مار سركيس وباخوس في التاسع من شباط سنة 1914 يوم عيد القديس مارون وكأن العناية الإلهية أرادت بان يولد يوم عيد أب الرهبان ويتعمد يوم عيد شفيع أب الطائفة المارونية.
ترعرع في ظل والديه شليطا مخايل منصور مقصود وحنه بنت عماش سليمان على اقتباس الفضائل المسيحية واخذ عنهما الصفات الحسنة والمزايا الطيبة والإيمان القوي بالله وبلبنان.
ترك الأهل والبيت الوالديّ وذهب إلى دير مار انطونيوس قزحيا حيث ابتدأ بالحياة الرهبانية. وكانت سنة امتحان لدعوته الرهبانية خرج منها منتصرا على العالم والشيطان والتجارب فأرسله رؤساؤه إلى دير كفيفان حيث ابتدأ سنة ثانية حسب القوانين الرهبانية وبدّل اسمه بناء على رغبته وإرادة رؤسائه من انطونيوس إلى يوحنا.
وبعدئذ رجع الى دير مار انطونيوس قزحيا حيث عاش مدة طويلة ومتنقلا ما بين قزحيا والجديدة وبصرما وميفوق ومار موسى الدوار... وأخيرا أقام في دير مار جرجس عشاش وكأن بالعناية الإلهية قد أعدته منذ مولده ليكون شهيدا في دير مار جرجس عشاش حيث توج حياته الرهبانية بإكليل الشهادة على مثال شفيعه القديس يوحنا المعمدان وقدم رأسه على طبق الواجب لله وللبنان هو واخوته الرهبان القديسون الذين ذبحوا كالنعاج.
توفي شهيداً بتاريخ 9 أيلول 1975 وهو في عمر62 سنة.

الشهيد الأب أنطونيوس تمينه
ولد في قرية حوقا في أول كانون الأول سنة 1897 من والدين فاضلين هما حبيب تمينة يمّين الشبابي الأصل وكلثوم بولس الحصاراتي.
دخل دير مار أنطونيوس الجديدة حيث انخرط في سلك المبتدئين في 25 أيار سنة 1919 ولبس الإسكيم الملائكي في دير كفيفان في 17 كانون الثاني سنة 1922 وتلقّن علومه في دير سيدة المعونات جبيل فتضلّع باللغات العربية والسريانية والفرنسية وأتقن علم الفلسفة واللاهوت.
سيم كاهنا بوضع يد المطران بطرس الفغالي في 24 أيار 1929 وعيّن في دير قزحيا معلما للمبتدئين.
سنة 1931 انتدبته السلطة لإدارة تلامذة الرهبانية في بيروت وكانت ترسله لعمل الرياضات الروحية في القرى فيعظ بمسلكه قبل كلامه.
عيّن رئيسا على دير قزحيا سنة 1938 ولغاية 1944.
هو الرئيس الخامس والثلاثون على ديرعشاش 1947-1950.
وفي السابع من شهر أيار سنة 1947 أوكلت إليه السلطة الرهبانية إدارة دير عشاش والعناية بأمر مدرسته. فبنى جناحين في المدرسة: الجناح الأول لمنامة التلاميذ يسع نحو خمسين سريرا. والجناح الثاني يشتمل على محل درس فسيح الأرجاء. ومدّ ساحات الدير الداخلية والخارجية بالإسفلت. ثم أنشأ معصرة حديثة للزيت .
وفي أواخر شهر تموز 1950 استقال من رئاسة الدير ليهتمّ بناشئة الرهبانية في إكليريكية ومعهد الروح القدس في الكسليك.
ومن مفاخر هذا الرئيس سلوكه الحسن مع جمهوره وعموم جواره الذين أحبوه ومدحوا سيرة حياته وتقواه وطهارة ذيله وتجرده ووداعته ودماثة أخلاقه.
توفي شهيداً بتاريخ 9 أيلول 1975 عن عمر 79 سنة.
رزقنا الله شفاعتهم. 

غرفة الشهيد الأب أنطونيوس تمينه جُعلت متحفا... ومزارا

كنيسة دير مار جرجس
كنيسة دير مار جرجس عشاش سنة 1946


أنقاض الكنيسة سنة 1975
 

بناء الكنيسة سنة 2004

دشّن هذه الكنيسة المباركة سيادة المطران فؤاد الحاج رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية، في أيام رئاسة الأباتي أتناثيوس الجلخ العامة على الرهبانية، ومدبرية المحترم الأب انطوان مقبل العامة على منطقة الشمال، ورئاسة الأب جورج صغبيني على دير مار جرجس- عشاش، وذلك بهمّة المحترم الأب الياس كرم وكيل الرهبانية العام.



[1] - بناء كنيسة دير مار جرجس-عشاش، الأب جورج صغبيني، مطبعة القارح- زغرتا،2004.

هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

يا رب اعطنا رهبانا قديسين والله ينمي الرهبنة