2012/06/14

كلمة ألقيت في يوم حقوق الإنسان- 2001 الأب جورج صغبيني





حقوق الإنسان


وان طال الكلام فالكلام اليوم مباح
مع ختام الصيام
مع ختام شهرالرحمة رمضان
مع بدء زمن حلول ميلاد السلام
ويكمل واحدنا ما بدأه الآخر
من فلاح وصلاح
من صلاة وصيام وزكاة
ومن سعي لخير العمل
كما سعى الذين ارادوا ان يجعلوا هذا اليوم
يوم حقوق الانسان
ولو استطاعوا لجعلوا كل يوم
يوما لحقوق الانسان.


وحقوق الانسان من يعطيها
من يملكها حتى يوزعها بمجانية
ومن يستعطيها الا العاجزين عن الحفاظ عليها
وهل حق الظالم على المظلوم ان لا يقاوم
وهل حق انياب الذئب على الحملان ان لا تثغو


والمفاوضات دائما تكون خسارة الضعيف امام القوي
ووقوع البرئ في شباك المتسلط صانع القوانين لصالحه وصاحب الحجة الأقوى
فهل نصدق أن أميركا تدافع عن حقوق المسلمين حين تجتاح العراق لتحرير الكويت وتحمي العرب من العرب
وهل نصدق بأن الإنتفاضة وصلت إلى زمن شبيه بقصة الغول الذي يأكل أولاده فيعتقل المسؤولون أولادهم استرضاء لأعدائهم وكأنهم أصبحوا شرطة أمن لدول الأعداء
ونستنفر خطبنا وعظاتنا أيام الجمع والآحاد لإثارة النفوس وشحنها من أجل مصالح المتسلطين علينا
ونحن على يقين أن ليس كل من يعارض أمريكا هو إرهابيّ
ولا كلّ من يعارض بن لادن هو كافر.


وإلا أصبحت شعائر السلام والحقوق الانسانية فارغة من معانيها
فيعمه الظلم في غيه
وتبقى الرحمة في الطبيعة على بعضها اكثر من الانسان على ذات نوعه وجنسه
هل حقوقنا الانسانية ننالها عندما نتعولم
وعندما نتعامل بالدولار
وعندما نتكلم الانكليزية
وعندما نصبح خاضعين لما انزل في الشرائع والقوانين الاميركية
وعندما يصبح سفراء أمريكا هم رؤساء جمهوريات العالم


ماذا اعطتنا جمعية حقوق الانسان
إلاّ ازدياد عدد أراملنا وأيتامنا
وقتل خيرة شبابنا مستقبلنا
وتهجيرا ونزوحا ومجازر وإبادة
ويعودون لتعزيتنا في حزننا الذي كانوا هم سبب بلوانا فبه.
جامعة عربية وأمما متحدة
وتقديم الخيم لنا بدل ارضنا وقصورنا
وتقديم الادوية لمداواة وبلسمة جراحنا
وأما جراح كرامتنا فمن يداويها.


نحن اليوم نتكلم كلاما جميلا ونسمع كل يوم اجمل الكلام
من اجمل المطلين على شاشات التلفزة
وهم كثر
وقد سلّمناهم زمام ناصيتنا
ولكن ليس من بينهم مقاوم واحد عنا
وليس من بينهم شهيد يستحق ان نقرأ في كتابه ونستلهم احلامه


وبات علينا مع مثل هؤلاء الزعماء ان نعتذ ر كالحمل من انياب الذئاب


فالذين زرعوا اسرائيل في هذا الشرق
رحلوا
وأورثونا حقّ أولادهم على أولادنا
بعد ان باعوا الشعب والارض


فمن يستعيد حقوق هذا الوطن
ومن يستعيد حقوق ابناء هذه الأمة
ومن يستعيد حقوق هذا الشرق


اين حقوق مقدساتنا وكرامتنا
اين حدود جغرافيتنا
وقد نزعت منا
كما البساط من تحت أقدامنا
هل لان الله حاشاه قد كتبها في صك ملكية لشعب كافرمغتصب
وكأن اصحاب القبعات الزرقاء نزلوا من السماء
ليقيموا الحدود والفواصل بين الناس
فيصبحون حماة حرس حدود الظالم
ويرضون المظلوم ببعض فتات فضلات بقايا الامم من المساعدات.


حقوقنا في هذا الوطن
هي ان لا يحمل المسيحي صليبه سيفا
ولا يجعل المسلم هلاله خنجرا
فنعيش حينئذ في مناعة وطنية
من جرثومة مزروعة في قلب الوطن العربي
تتغلغل الينا من خلال خلافاتنا
وتُقهر في تقاربنا من بعضنا


حين نزرع الحب محل البغض
وحين نزرع المسامحة والصفح محل المكابرة والإنتقام
وحين نزرع السلام بدل الحرب
وحين نعطي الآخر حقه نكون بذلك نلنا حقنا.
وقناعتنا هي
باننا شعب واحد
في وطن واحد
والا بقى الكلام كلاما


وما نفع الاعياد ان تقاربت وتباعد الناس فيها كل الى قطيعه


ولنعرف ان تاريخنا في هذا الشرق منذ خمسة عشر مئة سنة من تقارب في الدين ومن تقارب في الاخلاق والعيش المشترك مع ما اصابنا من هزات خارجة عن ارادتنا وكنّا فيها الوقود لها فقد ثبتنا في المحنة وبقينا معا لأنه كتب لنا وعلينا أن نعيش معا وأن نكون الأنموذج المثالي للعالم في العيش المشترك
فما جمعه المسيح والنبي لا يفرقه بن لادن وابن بوش
وما امتزج بتراب لبنان من دماء شهدائنا مسلمين ومسيحيين لا يمكننا الا ان نكرمه ونقدسه ويكون صورة لوحدتنا
ولو جُعلنا في مرحلة من الزمن
اعداءً في البيت الواحد فخوّن واحدنا الآخر وكفّر بعضنا البعض الآخر.


فحقوقنا
لا ولن ينالها فريق منا على حساب فريق اخر
ولا في استقواء رفيق برفيق آخر.
وإن توكلنا على الله
فعلينا ايضا مع التوكل أن نعقل
ان يعقل كل انسان ذاته بالاخلاق والقيم
ونعود الى السماء التى انزلت كلمة الله
بشرا وكتابا
وكلاهما على يد جبرائيل عليه السلام.


وقد تعلم الناس كل الناس ان مدرسة حقوق الانسان
هي في الانجيل والقران
وان مدرسة الفداء والاستشهاد
هي في المسيح وعلي والحسن والحسين .


فلا يستضعفنا العالم في فضيلتنا
والا فنقرع الصدور ونثخن الجراح
ونلبس الكفن
ونسير نحو باب الجنة
كما في عشوراء
كما في كربلاء
مثل زينة سيد الشهداء
حفيد النبي
وابن علي
مثل ابن فاطمة الزهراء
الذي مُنع عنه الماء
فافاض عطاء بالدماء
وأصبح نبع دم
يضاف
على ينابيع العسل واللبن
في جنة السماء.


فيا بني أمّة النبي
تعالوا الى كلمة سواء
في سينودوس اسلامي
يجمع شمل المسلمين
ويوحّد ما فرقته صفين


ويا بني وطني
تعالوا الى كلمة سواء
في سينودوس لبناني
يجمع شملنا مسيحين ومسلمين


ولا تعيدوا الينا
كربلاء
ولا غدر عمر بن سعد
وعمرو بن سعيد
وابن زياد ويزيد


فيتحول الماء
في الفرات دماء
كما النيل
كما قانا الجنوب
في قبلة لبنان
كما جلجلة فلسطين
في انتفاضة الاقصى
وفي القدس
ونصير كلنا "توابين" ليوم الدين
ونعلم الاميركان
كيف يحافظ على حدود الاوطان
وكيف تعاش حقوق الانسان.




الأب جورج صغبيني
13 كانون الأول ‏2001‏


ليست هناك تعليقات: