2012/06/14

كتاب المدرسة الوطنية للرهبانية اللبنانية المارونية شكا الأب جورج صغبيني

الأب جورج صغبيني                                                




الرهبانية اللبنانية المارونية
في بلدة شـكا
المدرسة الوطنية 1947- 2012


 



إهداء

إلى الأب المؤسس أنطونيوس يونس
إلى جميع الرهبان الذين تعاقبوا على المدرسة الوطنية، مدرسة مار أنطونيوس، في بلدة شكا، رؤساء ومدراء ومعاونين ومساعدين.
إلى الذين تخرّجوا عن مقاعدها وتبوأوا المناصب والمراكز في مجالات العلم والأدب والدين...
إلى المعلمين الذين تخرّج من بين أيديهم الذين يحملون مقدرات الوطن.
إلى الأب دانيال ديب رئيس المدرسة ومعاونيه الأباء فرنسيس جريج وجورج الصغبيني وشربل بو حيدر وإسطفان فرنسيس.
إلى قدس الأب العام طنّوس نعمه رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية الذي يكمل مسيرة من سبقوه من الرؤساء العامين الذين نهضوا بمدرسة شكا الوطنية وزرعوا إلى جانبها فرع جامعة الروح القدس لتسير بوحيه في تربية النشء اللبناني على الأخلاق الوطنية والقيم الدينية.
أقدّم كتابي
                                            الأب جورج صغبيني




القديس انطونيوس أب الرهبان شفيع مدرسة شكا
                    
بريشة داوود القرم 1911                      بريشة الأخ نعمة الله المعادي 1952
تقدمة الأب أنطونيوس يونس
      


حياته
ولد الأنبا انطونيوس حوالي عام 251م لأبوين يعيشان في بلدة كوم العروس في وسط مصر. ولما بلغ الثامنة عشر من العمر مات أبواه وتركاه مسئولا عن أخته الوحيدة ديوس وهى كانت اصغر منه سنا. وبعد ذلك بحوالي ستة اشهر دخل الأنبا انطونيوس الكنيسة وسمع الإنجيل وكان السيد المسيح يكلم الشاب الغني "إن أردت أن تكون كاملا اذهب بع كل مالك وأعطي الفقراء وتعال اتبعني". متى 19 - 21
فأعتبر أنطونيوس هذه الوصية دعوة شخصية له من الله. فذهب وباع كلّ ما كان يملكه من الأراضي الخصبة ووزع معظم الأموال على الفقراء واحتفظ بجزء ضئيل منها لأخته. ثم أودع أخته تحت مسؤولية جماعة من العذارى الفاضلات. وأصبح بذلك حرا لتكريس حياته للسير بحسب إرشاد رجل قديس يعيش بالقرب من بلدته الكومة.

دعوته للدخول إلى البرية
في أحد الأيام نزلت سيدة إلى النهر لتغسل رجليها هي وجواريها، وإذ حول القديس نظره عنهن منتظرا خروجهن بدأن في الاستحمام. ولما عاتبها على هذا التصرف، أجابته " لو كنت راهبا لسكنت البرية الداخلية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان "وإذ سمع القديس هذه الكلمات قال في نفسه" إنه صوت ملاك الرب يوبخني "وفي الحال ترك الموضع ومضى إلى البرية الداخلية، وكان ذلك حوالي عام 285. استقر القديس في هذه البرية، وسكن في مغارة على جبل القلزم شمال غربي البحر الأحمر، يمارس حياة الوحدة. هناك حاربته الشياطين علانية تارة على شكل نساء وأخرى على شكل وحوش مفترسة.
عاش الأنبا انطونيوس حياة الوحدة وكان يحارب الملل والضجر بثبات العزيمة. وعندما كانت روحه تمتلئ بالضجر والتشكيك كان يصلي قائلا "يا الله أنا أريد أن أنجو ولكن هذه الأفكار الشريرة لا تتركني. فماذا افعل؟" واعتراه الملل ذات يوم فسمع صوتا يقول له "اخرج خارجا وأنظر " فخرج ورأى ملاكا متوشحا بزنار صليب مثال الإسكيم المقدس، وعلى رأسه قلنسوة، وهو جالس يضفر، ثم يقوم ليصلي، ثم يجلس ليضفر أيضا. وأتاه صوت يقول له "يا أنطونيوس افعل هكذا فتستريح من الملل والضجر". فاتخذ أنطونيوس لنفسه هذا الزيّ من ذلك الوقت وصار يعمل الضفيرة ولم يعد إليه الملل.
تنبأ أنطونيوس عن الاضطهاد الذي سيحل بالكنيسة وتسلط الهراطقة عليها، ثم أعادتها إلى حالتها الأولى، وعلى انقضاء الزمان. ولما زاره القديس مكاريوس ألبسه أنطونيوس زي الرهبنة وأنبأه بما سيكون منه.
إن حياة الوحدة والنسك في الصحراء والهرب من اهتمامات ومشتهيات العالم جعلت الأنبا انطونيوس أبا روحيا ومثالا وقدوة لجميع المتوحدين.
زار أنطونيوس الاسكندريه وقت اضطهاد المسيحيين على يد ماكسيميان سنة 316. وكان يقضي وقته في خدمة المظلومين والمعذبين والمتألمين في السجون. وعندما انتهى الاضطهاد عاد لمكانه ليحارب بالصلاة كل يوم معارك التجارب المستمرة من اجل خلاص نفسه.
مرة أخرى زار الإسكندرية ليدعم البابا اثناسيوس الرسولي أمام بدعة اريوس عام 352. فتزاحم الوثنيون والمسيحيون على حد سواء في المدينة ليرحبوا بالقديس العجوز الجليل. ولكنه بسرعة عاد إلى الصحراء لأنه شعر وكأنه سمكة خارج المياه.
ولما شعر القديس أنطونيوس بقرب نياحته، أمر أولاده "الرهبان" أن يخفوا جسده، وأن يعطوا عكازه لمكاريوس تلميذه، والفروة لأثناسيوس، والملوطة الجلد لسرابيون تلميذه. ثم رقد ممددا على الأرض وأسلم الروح، فتلقتها صفوف الملائكة والقديسين.
عاش أنطونيوس مائة وخمس سنوات، مجاهدا في سبيل القداسة والطهارة، وتوفي مستحقـّا لقب كوكب البرية وأب جميع الرهبان سنة 355م.
شفاعة مار انطونيوس تكون معنا.



ليست هناك تعليقات: