2012/06/01

رؤساء الجمهورية 6 القائمقاميتان الأب جورج صغبيني




الدولتان القائمقاميتان الدرزية والمسيحية
وبعد توالي هذه الأحداث المتسارعة أُعلن قيام نظام دولتين مسيحية ودرزية وتمّ إعلان تقسيم الجبل إلى قائمقاميتين، لإضعاف وحدة الموارنة والدروز فأثمر "مبدأ فرّق تسُد" ونشأ أول تحزّب طائفي أرسته الدول الأجنبية بالإتفاق مع السلطنة العثمانية وأورثته للشعب اللبناني.
وأشعل هذا النظام الجديد، النعرات الطائفية في الجبل اللبناني. وأدّى فرمان السلطان العثماني، الداعي إلى لمساواة بين أبناء السلطنة عام 1858، إلى مجازر عام 1860.


مجازر 1860  ومحاولة إبادة المسيحيين [1]
الفتنة الطائفيّة التي أشعل نارها العثمانيون، سنة 1860، راح ضحيّتها آلاف الموارنة. فأحدثت شرخاً كبيراً بين الموارنة والدروز، فاضطر الكثيرون من الموارنة إلى أن يتركوا قراهم في الشوف وينزحوا منها إلى مناطق كسروان وجبيل أو يهجروا وطنهم ويتوجّهوا نحو بلاد الاغتراب.

مجزرة 1860 في دير القمر
كان خلف هذه المجازر  توافق عثماني- إنكليزي- درزي في مواجهة توافق فرنسي- ماروني مما أدى إلى شبه إبادة للمسيحيين في الجبل الجنوبي اللبناني وقد أدّى صدور الفرمان العثماني عام 1858 القاضي بالمساواة بين جميع رعايا السلطنة العثمانية، إلى صراعات دينية وإجتماعية بين الدروز والمسلمين من جهة وبين المسيحيين من جهة أخرى، بسبب السياسة التركية التي نهجت مبدأ التفرقة في لبنان فضلا عن صدّها لمطامع الدول الأوروبية المتسابقة لنيل نصيبها من منجم الشرق.  فأدى ذلك إلى نشوب حرب أهلية بين الدروز والموارنة أشعل شرارتها الولاة العثمانيون وانتهت في عام 1860 بمجزرة كان ضحيتها موارنة سوريا ولبنان على السواء.
وهذا دعى إلى تدخل أوروبي لإيقاف هذه المجازر ومحاكمة مرتكبيها وإنشاء نظام المتصرفية سنة 1861 الذي منح الموارنة شبه كيان مستقلّ  بحماية فرنسية، وقد حدّد هذا النظام بأن يكون حاكم لبنان متصرف مسيحي غير لبناني يحكم لمدة ثلاث سنوات يتبع مباشرة لإدارة السلطان العثماني. ويؤلف مجلس إدارة من 12 عضوا من جميع الطوائف اللبنانية. مع العلم أن المتصرفية لم تشمل البقاع ووادي التيم والشمال والجنوب ومدن الساحل بما فيها بيروت التي ظلت  تابعة للدولة العثمانية إلى  أن بدأت الحرب العالمية الأولى.
هذه الأحداث حفزت الباب العالي والدول الكبرى إلى العمل لإنهائها . فأبحرت السفن الحربية الأجنبية إلى المياه السورية. وقام الوالي العثماني بفصل جبل لبنان عن بقية بلاد الشام بأن وضع له نظام حكم جديد تميز بأنه اعتمد على أسس الحكم الذاتي. وأعلنت الدول الأجنبية: فرنسا وبريطانيا والنمسا وروسيا وبروسيا وإيطاليا، ضمانها لهذا النظام وبدأت كل منها تعمل على بسط نفوذها السياسي والثقافي فيه، سواء عن طريق الإرساليات التبشيرية والتعليمية أو الامتيازات الاقتصادية.

  البطريرك بولس مسعد 1854- 1890

في أيامه كانت ثورة الفلاحين ضدّ المشايخ بقيادة طانيوس شاهين بتوجيه من البطريرك بولس مسعد، كما يلمح إلى ذلك بعض المؤرخين، على أثر إهانة والدته من مشايخ آل الخازن سنة 1857- 1858.
وسنة 1867 سافر البطريرك مسعد إلى روما ومنها توجّه إلى فرنسا لمقابلة الإمبراطور نابليون الثالث ليشرح وضع المسيحيين وخاصة الموارنة وما لاقوه من القهر والظلم فكان بذلك أول بطريرك يزور فرنسا.
وفي طريق عودته مرّ بالأستانة حيث استقبله السلطان عبد العزيز خان فطلب البطريرك من السلطان إعفاء المسلمين في لبنان من الخدمة العسكرية في الجيش العثماني أسوة بالمسيحيين فاستجاب السلطان لطلب البطريرك فأعتبره اللبنانيون ملجأ ومرجعية جميع الطوائف المسيحية والمحمدية في لبنان.[2]

جمهورية طانيوس شاهين 1858
هو من بلدة ريفون ظهر كزعيم شباب قام بثورة شعبية سنة 1858 عرفت بعامية كسروان ثار فيها الفلاحون الموارنة على الإقطاعيين اللبنانيين. كان بيطريا يجتمع عنده الإقطاعيون أصحاب الخيول ويتسامرون بأمور البلاد وسياستها فعرف منهم فضائحهم وكيفية استغلالهم للناس فجمع من حوله بعض الرجال الخارجين على الإقطاعيين وقاد الثورة وقد شملت مناطق كسروان والمتن والفتوح فخلعت السلطة الإقطاعية بالكامل وأحلت محلها نظاما شعبيا عرف بجمهورية طانيوس شاهين.
دعمها رجال الدين الموارنة،  خاصة البطريرك بولس مسعد لأسباب عائلية مفادها أن إحدى نساء آل الخازن الإقطاعيين نهرت والدة البطريرك وأساءت إليها بالكلام لأنها جلست في مقام نساء الإقطاعيين في الكنيسة مما غضّ طرف البطريرك عن حركة طانيوس شاهين على رجال الإقطاع. وقد تزامنت ثورة طانيوس شاهين مع إعلان الفرمان العثماني بالمساواة بين أفراد السلطنة العثمانية مما أجج لهيب الثورة فامتدت إلى المناطق الدرزية عام 1860 حيث تحولت إلى فتنة طائفية، طالت أمواجها دمشق وكان من ضحاياها الشهداء المسابكيون بالإضافة إلى الموارنة الذين هرب بعض من نجى منهم إلى لبنان.  




[1] - La passion des chretiens du Liban. Domenique BAUDIS. Ed. FRANCE-EMPIRE (Bibliotheque Nationale).
[2] - بكركي في محطاتها التاريخية.ص:  158.

ليست هناك تعليقات: