دعيبس صغبيني يا ماء لو بغيرك غصصت الأب جورج صغبيني

يا ماء لو بغيرك غصصت

كنّا ننتظر العدوّ أن يأتينا من الجنوب فلم يأتِ فتربّصنا كل الجهات والجبهات وسهرنا في الليالي القارسات وتنبّها في النهارات القيظ ولم يأتِ العدوّ ونظرنا من حولنا فإذا بأهل البيت يسرقون متاعنا ونحن آمنون منهم على حالنا ولاهون بسواهم فندبنا حالنا لأننا انتظرنا العدوّ من الخارج فإذا هو في الداخل ونُحْنا لغباوتنا إذ غصصنا بغير الماء ونحن نموت على الجبهات الوهميّة وموتنا لا يساوي البكاء الذي يمضي ببهاء العيون 

سُعِّرت رؤوسنا على الحواجز الخاطفة وقنصا حين جعلوا لبنان لبنانين فازدادت أموالهم وحساباتهم في المصارف وازدادت مقابرنا في احتواء موتانا ولم تعد تتّسع 

وقد أصابنا ما أصاب قوما من العرب كانت لهم ماشية كثيرة من إبل وغنم  فوقع الموت فيها وأخذت كلابهم تأكل فسمنت .

واتهمونا بكل مافي نفوسهم من خلفيّات وبالعمالة للعدوّ شأنهم شأن الذئب الذي أراد أن يأكل الحمل إبن سنته فاتهمه بشتمه له وهو لا يعرف النطق واتهمه بنطحه له ولم تنبت قرونه بعد واتهمه بتعكير ماء الجدول والذئب على فوهة النبع والحمل في الساقية ولم تمنع التبريرات أنياب الذئب من نهش الحمل وقد حسبنا أن الذئب دَجُنَ في مرعى هذا الوطن إلاّ أنّه كان ينتظر فرصة لآفتراسنا .

ولو كان في رأس قادتنا حكمة لتوقّوا السيف وهو مغمّد قبل  أن يُسَلّ من حسامه وبتنا مثل بني سعد شتّامين متخصّصين بالسباب والتهديد بدلا من أن ننظر في وهينا فنرقعه قبل أن يتّسع الخرق على الراتق .

ليتنا غصصنا بماء غريب لكانت تعزيتنا على مصابنا أقلّ  وأهون لكن إعلم يا مسعدة أنّ مع اليوم غدا وأن الدول في تنقّل والأحوال في تقلّب فإنّكم وإن ضيّعتم علينا الوطن صغارا فقد حملنا دمه كبارا .

وإنّ يوم الحساب لقريب  عليكم وعلى نسلكم من بعدكم

وإننا لن ننتظر يوم البعث والنشور والقيامة لينتقم الله لنا منكم 

فالثورة الثورة.