2014/07/10

۸ تموز علامة انتصار ۷ لا انكسار الأب جورج صغبيني


۸ تموز علامة انتصار   ۷   لا انكسار

الزعيم أنطون بن خليل سعادة ، ولد في 1 آذار 1904 في بلدة الشوير قضاء المتن في جبل لبنان.

والده الدكتور خليل سعادة كان طبيباً وعالماً وأديباً، ومن أبرز القادة الوطنيين في الإغتراب اللبناني في البرازيل حيث أسس عدة جمعيات وأحزاب مهجرية وطنية وقومية، كما أنشأ صحيفتي "المجلة" و"الجريدة" في سان باولو في البرازيل.

تلقى أنطون سعادة المبادئ الأولية للقراءة والكتابة في مدرسة الشوير سنة 1909، على يد المعلم حنا رستم، ثم أكمل دراسته الثانوية في معهد الفرير في القاهرة حيث كان والده قد التجأ من غدر السلطنة العثمانية، ثم في مدرسة برمانا في جبل لبنان.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ترك سعادة وطنه سنة 1919، بعد أن شهد بنفسه آثار المجاعة إبان الحرب، إلى الولايات المتحدة الأمريكية ثم في عام 1921، انتقل إلى البرازيل حيث أسهم مع والده في تحرير جريدة "الجريدة" ومجلة "المجلة".

لم يكمل أنطون سعادة تعليمه الجامعي، لكنه درس على نفسه حتى أصبح يتقن عدداً من اللغات من بينها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية، مما أفسح له من خلال مطالعاته أن يكمل التعمق في العلم والفكر الإنساني في عدة اختصاصات شملت التاريخ والفلسفة والعلوم الاجتماعية وعلوم الإنسان والأدب.

أسس سعادة في البرازيل جمعية سرّية للعمل على تحرير الوطن من الانتداب الفرنسي، لكنه وجد أن النضال الفعلي إنما هو الذي ينطلق من داخل الوطن لا من المهجر. لذلك عاد إلى الوطن في تموز سنة 1930، ومنها انتقل إلى دمشق سنة 1913 حيث اشترك في تحرير جريدة "الأيام" الدمشقية، ومن ثم عاد إلى بيروت وهو عازم على إنشاء الحزب القومي الاجتماعي بين طلابه في الجامعة الأمريكية حيث تولى تدريس اللغة الألمانية.

في 16 تشرين الثاني 1932، أسس أنطون سعادة الحزب السوري القومي الاجتماعي تحت إسم "حزب الشعب السوري" من خمسة طلاب في الجامعة الأمريكية، فانتشرت دعوته إلى المناطق بحيث انتظم فيه المئات في غضون السنوات الثلاث الأولى من العمل السرّي. وقد انكشف أمر الحزب عام 1935 من قبل سلطات الانتداب الفرنسي، فاعتقل سعادة وعدد من معاونيه، وصدرت بحقهم أحكام مختلفة أقصاها السجن لسعادة مدة ستة أشهر.

أما مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي أسسه سعادة فكانت:

ـ المبدأ الأول: سورية للسوريين، والسوريون أمة تامة.

ـ المبدأ الثاني: القضية السورية هي قضية قومية قائمة بنفسها مستقلة كل الاستقلال عن أية قضية أخرى.

ـ المبدأ الثالث: القضية السورية هي قضية الأمة السورية والوطن السوري.

ـ المبدأ الرابع: الأمة السورية هي وحدة الشعب السوري المتولدة من تاريخ طويل يرجع إلى ما قبل الزمن التاريخي الجليّ.

ـ المبدأ الخامس: الوطن السوري هو البيئة الطبيعية الذي نشأت فيه الأمة السورية. وهي ذات حدود جغرافية تميزها عن سواها، تمتد من جبال طوروس في الشمال الغربي وجبال البختياري في الشمال الشرقي إلى قناة السويس والبحر الأحمر في الجنوب، شاملة شبه جزيرة سيناء وخليج العقبة، ومن البحر السوري في الغرب شاملة جزيرة قبرص إلى قوس الصحراء العربية وخليج العجم في الشرق، ويعبر عنها بلفظ عام: الهلال السوري الخصيب ونجمته جزيرة قبرص.

ـ المبدأ السادس: الأمة السورية مجتمع واحد.

ـ المبدأ السابع: تستمد النهضة السورية القومية الاجتماعية روحها من مواهب الأمة السورية وتاريخها الثقافي السياسي القومي.

ـ المبدأ الثامن: مصلحة سورية فوق كل مصلحة.

أما المبادئ الإصلاحية التي دعا إليها فتُختصر بما يلي:

ـ المبدأ الأول: فصل الدين عن الدولة.

ـ المبدأ الثاني: منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميَّين.

ـ المبدأ الثالث: إزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب.

ـ المبدأ الرابع: إلغاء الإقطاع وتنظيم الاقتصاد القومي على أساس الإنتاج وإنصاف العمل وصيانة مصلحة الأمة والدولة.

ـ المبدأ الخامس: إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن.

أما على صعيد غاية الحزب فيقول:

"إن غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية استقلالاً تاماً وتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها".

هذا وخلال وجود أنطون سعادة في السجن عام 1935، كتب كتابه الأول "نشوء الأمم"، وبعد خروجه من السجن أُعيد اعتقاله لإعلانه ما سماه قانون الطوارئ تحدياً للسلطة وذلك عام 1936، وكتب خلال مدة سجنه كتابه الثاني "شرح المبادئ"، وفي أوائل تشرين الثاني خرج من السجن ليعود إليه في أوائل آذار عام 1937، حيث اعتقل وهو في طريقه إلى دمشق.

خرج أنطون سعادة من سجنه للمرّة الثالثة بعد ثلاثة أشهر، فأسس جريدة "النهضة"، والتي صدرت لعام واحد. كما تابع قيادته لحزبه حتى مغادرته البلاد عام 1938 لتنظيم الحزب في بلاد الإغتراب.

أسس سعادة في البرازيل جريدة "سورية الجديدة"، ثم انتقل من البرازيل إلى الأرجنتين وبقي فيها حتى عام 1947، حيث أسس جريدة "الزوبعة"، وكتب كتابه "الصراع الفكري في الأدب السوري"، بالإضافة إلى نشره لمبادئ حزبه أينما حلّ.

لما خرج الفرنسيون من سورية ولبنان، عاد سعادة إلى الوطن في 2 آذار1947، وأسس جريدة "الجيل الجديد". وفي حزيران 1949، اتُهم سعادة بتدبير عصيان مسلح فقامت السلطة اللبنانية بتدبير خطة بمهاجمة مكاتب الجريدة ومطابعها وتسبب في حرقها، فعمدت السلطة اللبنانية على إثر هذا الحادث المفتعل والمدبر، إلى ملاحقة الحزب، فانتقل سعادة إلى دمشق وهناك أًعلن الثورة القومية الاجتماعية الأولى لإسقاط حكم الطغيان والفساد والتزوير في لبنان في 4 تموز 1949. وأثناء ذلك نشطت الضغوطات الفرنسية، ونجحت في دفع حسني الزعيم الذي كان يتسلم مقاليد الحكم في سورية، إلى تسليم أنطون سعادة إلى السلطات اللبنانية، في 7 تموز 1949، حيث استُنطق وحوكم خلال أربعة وعشرين ساعة، ونفذ فيه حكم الإعدام فجر الثامن من تموز 1949.

هزت هذه المحاكمة الصورية ضمائر الكثيرين، وقد قال كمال جنبلاط في وفاة أنطون سعادة في استجواب قدمه في 9 أيلول 1949 إلى الحكومة اللبنانية عبر مجلس النواب اللبناني: "في الواقع وفي نظر كل من اطلع على خفايا الأمور، لقد تدخلت بعض الدول الأجنبية المعروفة في قضية سعادة وضغطت بحيث أن أكثر الأعمال الاعتباطية التي صدرت عن الحكومة اللبنانية بهذا الشأن إزاء الحزب القومي ومن ضمنها المحاكمة والقضاء على سعادة وبعض أتباعه بهذه السرعة وبهذا الشكل والتي قد تمت بناء على توصيات وتدخلات وتأثيرات دول أجنبية وعربية معروفة".

كان أنطون سعادة يحاول إيجاد هوية إقليمية في منطقة الشرق العربي تتجاوز الهوية العامة "العربية الإسلامية" إلى هوية يجد فيها هو ونظراؤه من الأقليات الدينية والعرقية تمثيلاً موازياً لتمثيل الأكثرية. وجاء خلاف سعاده العلماني مع حزب الكتائب الماروني لأنه كان يدعو إلى وحدة الأراضي السورية، بينما كان المشروع الماروني المدعوم من فرنسا يتبنى انفصال سورية عن لبنان من أجل قيام دويلات طائفية منذ عام 1924. وقد حظي الحزب القومي السوري بتأييد العديد من الأقليات العرقية والدينية والمذهبية، وكانت له مكانة خاصة في نفوس العلويين والدروز والاسماعيليين والمسيحيين غير الكتائبيين.

قلبُ الهلال الخصيب عند أنطون سعاده كان لبنان

نادى بالعلمانية في محيط إسلامي من أجل حماية وبقاء المسيحية

نادى بسوريانية سوريا الممتدّة في جذورها إلى بدء الحضارات لكنّهم أرادوها على حجم زعاماتهم القزم

كتبوا عن أنطون سعاده الكثير ولكنّهم لم يعرفوا أنطون سعاده الزعيم وبقيوا دون معرفة مكنونات أنطون سعاده الدينيّة والوطنيّة

"لتحيا سوريا" من أجل "حياة لبنان" شعار أطلقه الزعيم لأن بقاء لبنان ببقاء سوريا والقضاء على سوريا هو القضاء على لبنان وقيام إسرائيل

قليلون هم الذين لا يزالون حتى اليوم على مبادئ الزعيم فكانت كلماته ولا زالت بالنسبة إليهم كتابا رابعا مُنزلاً بعد التوراة والإنجيل والقرآن

 






صورة ‏‎Jorj Saghbini‎‏.

صورة ‏‎Jorj Saghbini‎‏.

ليست هناك تعليقات: