2014/08/25

الأحد الثاني عشر من زمن العنصرة المرأة الكنعانية الأب جورج صغبيني

الأحد الثاني عشر من زمن العنصرة المرأة الكنعانية 

 

يُخاطِبُ بولس الرَّسول الأُمم أي الوثنيين الذينَ صاروا مَسيحيين.

إذ جُعِلَ شاوول اليهودي المتعصّب للتوراة والأصولي الذي يلاحق أتباع يسوع الناصري.

جُعِلَ بولُس، ليس بإختيار منه بل المسيح اختاره إناء مختارا، ليكون رَسولاً للأمم.

وتُرَكِّز رسالة يسوع في الإنجيل إلى الوثنيين، مِن خِلالِ إيْمانِ المَرأة الكنعانِيَّة.

"ما أعظَمَ إيْمانَكِ أيَّتُها المَرأة، فَلْيَكُن لَكِ كَما تُريدين".

وٱسْتَجابَ الرَّبُّ إيْمانَها ٱلعَظيم وَشَفَى ٱبْنَتَها.

ففي شخص المَسيح يَسوع، أصبح الله لجميع الناس وليس حِكراً على اليهود دون سواهم.

فالمسيح أتى إلى الخراف الضالة من إسرائيل وأتى إلى بيته فلم يقبلوه...

فكانت دَعوَة الشُّعوب الوَثَنِيَّة كُلّها إلى الخَلاص. دون سلوك التوراة والشريعة والختان...

رسالة بولس الرسول إلى أفسس 3/ 1- 13

1 لِذلِكَ أَنَا بُولُس، أَسِيرَ الـمَسيحِ يَسُوعَ مِنْ أَجْلِكُم، أَيُّهَا الأُمَم...

2 إِنْ كُنْتُم قَدْ سَمِعْتُم بِتَدْبِيرِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي مِنْ أَجْلِكُم،

3 وهوَ أَنِّي بِوَحْيٍ أُطْلِعْتُ على السِرّ، كَمَا كَتَبْتُ إِلَيكُم بإِيْجَازٍ مِنْ قَبْل،

4 حِينَئِذٍ يُمْكِنُكُم، إِذَا قَرَأْتُمْ ذلِكَ، أَنْ تُدْرِكُوا فَهْمِي لِسِرِّ الـمَسِيح،

5 هـذَا السِّرِّ الَّذي لَمْ يُعْرَفْ عِنْدَ بَنِي البَشَرِ في الأَجْيَالِ الغَابِرَة، كَمَا أُعْلِنَ الآنَ بِالرُّوحِ لِرُسُلِهِ القِدِّيسِينَ والأَنْبِيَاء،

6 وهُوَ أَنَّ الأُمَمَ هُم، في الـمَسِيحِ يَسُوع، شُرَكَاءُ لَنَا في الـمِيرَاثِ والـجَسَدِ والوَعْد، بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيل،

7 ألَّذي صِرْتُ خَادِمًا لَهُ، بِحَسَبِ هِبَةِ نِعْمَةِ اللهِ الَّتي وُهِبَتْ لي بِفِعْلِ قُدْرَتِهِ؛

8 لي أَنَا، أَصْغَرِ القِدِّيسِينَ جَمِيعًا، وُهِبَتْ هـذِهِ النِّعْمَة، وهِيَ أَنْ أُبَشِّرَ الأُمَمَ بِغِنَى الـمَسِيحِ الَّذي لا يُسْتَقْصى،

9 وأَنْ أُوضِحَ لِلجَمِيعِ مَا هُوَ تَدْبِيرُ السِّرِّ الـمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ في اللهِ الَّذي خَلَقَ كُلَّ شَيء،

10 لِكَي تُعْرَفَ الآنَ مِن خِلالِ الكَنِيسَة، لَدَى الرِّئَاسَاتِ والسَّلاطِينِ في السَّمَاوات، حِكْمَةُ اللهِ الـمُتَنَوِّعَة،

11 بِحَسَبِ قَصْدِهِ الأَزَلِيِّ الَّذي حَقَّقَهُ في الـمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا،

12 الَّذي لَنَا فيهِ، أَيْ بِالإِيْمَانِ بِهِ، الوُصُولُ بِجُرْأَةٍ وثِقَةٍ إِلى الله.

13 لِذلِكَ أَسْأَلُكُم أَنْ لا تَضْعُفَ عَزِيْمَتُكُم بِسَبَبِ الضِّيقَاتِ الَّتي أُعَانِيهَا مِنْ أَجْلِكُم: إِنَّهَا مَجْدٌ لَكُم!

أسير يَسوع المَسيح في سَبيل البِشارَة، يعلن لجَميع المَدعوّين، اليَهود واليونانيين والسامريين والوثنيين... ليكونوا في جَسَد المَسيح الذي هو الكَنيسَة... التي لا فَضلَ فيها لمسِيحي على يَهودي، وَلا تَمييز فيها بين وثني ومسلم إلا بإيمانه: عظيم إيمانك.

كَيفَ نَتَعامَل نحن مَعَ الآخَرين؟

هل نصدّهم عن الإقتراب من المسيح

أو يزعجنا صوت صلاتهم

أو نَلومهُم لأنَّهُم لَيْسوا مِثلنا؟

أو نسجُن أنفُسنا بِأفْكارِنا اليهودية وَنُصبِح عَبيدًا لَها

فَنَتَحَزَّب لبولس أو لأفلو أو لبطرس

ونَتَعَصَّب وَنَرفُض الآخَرين...

أو نحنُ مَدعوون أن نَعمَلَ على وحدة جسد المَسيح الذي تتآلف خلاياه من كلّ البشر.

إنجيل متى 15/21-28

21 ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ مِنْ هُنَاك، وانْصَرَفَ إِلى نَواحِي صُورَ وصَيْدا،

22 وإِذَا بِامْرَأَةٍ كَنْعَانِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ النَّواحي خَرَجَتْ تَصْرُخُ وتَقُول: "إِرْحَمْني، يَا رَبّ، يَا ابْنَ دَاوُد! إِنَّ ابْنَتِي بِهَا شَيْطَانٌ يُعَذِّبُهَا جِدًّا".

23 فَلَمْ يُجِبْهَا بِكَلِمَة. ودَنَا تَلامِيذُهُ فَأَخَذُوا يَتَوَسَّلُونَ إِلَيْهِ قَائِلين: "إِصْرِفْهَا، فَإِنَّهَا تَصْرُخُ في إِثْرِنَا!".

24 فَأَجَابَ وقَال: "لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلى الـخِرَافِ الضَّالَّةِ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيل".

25 أَمَّا هِيَ فَأَتَتْ وسَجَدَتْ لَهُ وقَالَتْ: "سَاعِدْنِي، يَا رَبّ!".

26 فَأَجَابَ وقَال: "لا يَحْسُنُ أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ البَنِين، ويُلْقَى إِلى جِرَاءِ الكِلاب!".

27 فقَالَتْ: "نَعَم، يَا رَبّ! وجِرَاءُ الكِلابِ أَيْضًا تَأْكُلُ مِنَ الفُتَاتِ الـمُتَسَاقِطِ عَنْ مَائِدَةِ أَرْبَابِهَا".

28 حِينَئِذٍ أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: "أيَّتُهَا الـمَرْأَة، عَظِيْمٌ إِيْمَانُكِ! فَلْيَكُنْ لَكِ كَمَا تُريدِين". وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ شُفِيَتِ ابْنَتُهَا.

لا يُعطى خُبْزِ ٱلبَنين للكلاب.

كلام جارح ومؤلم من رجل،

في بلاد غير بلاده

من حوله الحرّاس والمؤيدون

يحمونه من طلب حاجة.

تلاميذه، إنزعجوا من صراخها.

فطلبوا من الربّ أن يصرفها

ويريحهم من لجاجتها

كلام جارح ومؤلم

يتوجّه به إلى إمرأة أرملة...

هي تعرفه،

إنه إبن داوود،

ولم تقرأ التوراة يوما ولا النبوءات.

وهو يعرفها أيضاً

أيتها المرأة

ناداها كما ينادي أمه

في عرس قانا الخمر ... ما لي ولك يا امرأة

وفي عرس صليب الدمّ ... يا امرأة هذا إبنك

وبقوله: لا يُعطى خُبْزِ ٱلبَنين للكلاب.

يريد يسوع أن يُسمع اليهود، الذين يعتبرون الوثنيين حيوانات وبهائم...، أن إيمان الوثنيين الكلاب أفضل من إيمان اليهود الأبناء.

يا امرأة، عَظِيْمٌ إِيْمَانُكِ! فَلْيَكُنْ لَكِ كَمَا تُريدِين"

يَسوع يَخْرُجُ مِن المُجْتَمَعِ ٱليَهودي المُغْلَق، لِيَتَوَجَّهَ في رِسالَتِهِ إلى النَّاسِ أجْمَعين، إلى كُلِّ ٱلأمَمِ غَيرِ اليَهودِيَّة التي لا يَصُحُّ عادَةً للشَّعب اليَهودِيِّ، شَعب إسْرائِيل، الذي ٱخْتارَهُ اللهُ، أنْ يَتَنَجَّسَ بِمُخالَطَتِها...

فاليَهود يَعتَقِدون أنَّ الخَلاصَ لا يَأتي إلاَّ مِنْهُمْ وَلَهُم.

فالمَحَبَّة التي أظْهَرَها يَسوع للمَرأةِ الكنعانِيَّة التي كانَ يَعْتَبِرُها بَنو بَيْتِهِ إمرَأةً نَجِسَة، مُحْتَقَرَة، وَحَتَّى أدْنَى مُسْتَوَى مِنهُم.

لم أُرسَل إلاّ إلى الخراف الضّالّة... لكن يسوع استقبل خارج تقاليده وطريقة عيشه كيهودي، امرأة كنعانية من ثقافةٍ مختلفة... آخر شيءٍ يمكن تخيّله هو أن تحظى تلك المرأة الوثنية بالنعمة، وأن تكون أكثر قرباً مع الله من أبنائه.

إمرأةٌ لها من الجرأة أن تنتزع الشّفاء من "الرّب، ابن داوود". تقدّمت ، طلبت، حاورت بجرأة وإيمان وبإصرارها في الطّلب. كان جواب الله لها: عظيم إيمانك يا امرأة.

وخبز البنين هو جسد إبن الله النازل من السماء، هو الإفخارستيّا في جماعة كنيسة المسيح، التي بات الجميع مدعوّين للخلاص بها بعيدا عن اللغة واللون والمعتقد والهويّة... فلا حدود مع المسيح ولا قوانين وشرائع ووصايا ورجال يحرسونه يمكنها أن تعطّل إيماننا به.

فصَوتِ المرأة الكنعانيّة التي مِن بلادِنا، لا يزال يتردّد على شفاهنا:

"إِرْحَمْنا، يَا رَبّ، يَا ابْنَ دَاوُد!

إِنَّ لبناننا وشرقنا فيِه شَياطينٌ تُعَذِّبُه. فسَاعِدْنِا، يَا رَبّ!". آمين.

 

ليست هناك تعليقات: