2014/08/15

قراءة في عودة الحريري: تسوية أم تفجير؟ الأب جورج صغبيني



قراءة في عودة الحريري: تسوية أم تفجير؟ 

عاد سعد الحريري. الكل دخل الآن في لعبة الحسابات المفتوحة.

لماذا عاد؟

من طلب منه العودة؟

هل سيبقى طويلا؟

أم حتى انتهاء مهمة صرف المليار دولار؟

هل تعني عودته تسوية سياسية داخلية ؟

ماذا عن قلقه من تعاظم نفوذ التيارات السلفية القريبة من تنظيم «داعش»؟

هل يخشى على قيادته لتياره السياسي من خصوم داخل التيار نفسه؟

هل بات وضع 14 اذار مرتبطاً بحضوره؟

ماذا عن رغبته في العودة الى رئاسة الحكومة؟

هل في يده ملفات متفجرة ضد فريق 8 اذار؟

وهل هو مكلف عملا تفجيريا ضد حزب الله داخلياً...

والكثير من الاسئلة تعكس حال المراوحة القائمة على اكثر من صعيد.


حتى اللحظة، يبدو أن بعض الأجوبة ممكنة:

1-      السعودية تثبّت الحريري، مرة جديدة، ممثلاً لها في لبنان. ومرشحها الاوحد لقيادة انصارها من سنّة لبنان، ومفتاح العلاقة معها بالنسبة إلى جميع اللاعبين اللبنانيين.

2-      ادارة الملفات الحساسة في الدولة، ومن بينها الملف الامني والعسكري، لا يمكن تركها لرئيس الحكومة تمام سلام، ولا حتى لممثلي التيار داخل الحكومة. وطالما ان ملف الدعم السعودي مرتبط بجدول سياسي يخص الرئاسة والنفوذ الامني والعسكري، فان سعد هو وحده من يتولى المهمة. لأن التغيير الحقيقي يتطلب استدارة كاملة تتصل بالأزمة السورية والموقف من حزب الله

3-      تيار المستقبل يعيش حالة نشوة بعودة زعيمه. كان التيار مصاباً بشلل كاد يعطله تماماً. لا هيئات تتيح تفعيل عمل التيار. والعائلة مرتبطة بما يقرره سعد، حتى ولو من باريس. مشاكل كبيرة على صعيد المناطق والقطاعات، وحالة بلبلة كبيرة في صفوف المناصرين، ولا سيما في صيدا وطرابلس والبقاع الاوسط. نقص حاد في السيولة، وتعطل كل انواع المشاريع. وجاء شهر رمضان ليمثل فضيحة بالنسبة إلى تيار يقوم اساسا على مبدأ «الصدقة».

4-      ستبقى الامور الاخرى مجرد تخمينات وتكهنات. وحتى اللحظة، لم ينقل عن الرجل كلاماً يفيد بمفاجآت سياسية او غير سياسية، بل على العكس، يبدو ان الانتخابات النيابية غير حاصلة، والخلاف حول سلسلة الرتب والرواتب مستمر، والمبارزة في شأن الرئاسة مفتوحة. اما ما يطرأ من تداعيات الازمة السورية، فلا يعالج خارج الاطار الاكبر. اي إنه ليس هناك علاج لبناني لأي مشكلة تتصل بالازمة السورية. ومفتاح الكلام هنا، هو العودة الى علاقة السعودية بإيران حتى بخصوص العلاقة مع حزب الله.

5-      ليس متوقعا من الحريري، او من السعودية، اجراء مراجعة تتيح تعديلا جوهريا في الموقف كما فعل وليد جنبلاط. وللاخير حساباته الخاصة التي تمنحه الهامش الذي يجعله يقول ما قاله عن خطر «داعش»، وعن دور حزب الله في سوريا، لكن الحريري بات يعرف أن الكلام الذي صدر في ضوء المواجهة التي جرت في عرسال بين الجيش اللبناني ومسلحي التيارات السلفية المتطرفة، لم يكن يصدر من قبل عن بيئة قريبة جدا من تيار المستقبل. ولا على لسان المتحدثين باسمه، او في نصوص كتَبَته، التي تظهر في سلوك وسائل اعلامه وسياسييه ورجال الدين الدائرين في فلكه.

الخوف هو من أن يكون الحريري السعودي عامل إنفجار أكثر من الحريري اللبناني عامل تهدئة، فيجدر ابداء الحيطة جدياً، من ان يقدم على خطوات تؤدي الى انتحار سياسي، مصحوب بدماء كثيرة من أجل إسقاط هيكل حزب الله. وهنا مصدر القلق!

ابراهيم الأمين. عن الأخبار، العدد ٢٣٦٥ الاثنين ١١ آب ٢٠١٤ بتصرّف.

ليست هناك تعليقات: