2014/08/14

الأحد العاشر من زمن العنصرة الأب جورج صغبيني



الأحد العاشر من زمن العنصرة

في هذا الأحَد نَتَأمَّلُ في ما يَقولُ بولُسَ الرَّسولِ في رِسالَتِهِ إلى أهْلِ كورِنتُس: "فالمَواهِبُ الرُّوحِيَّة على أنْواع، وَلَكِنَّ الرُّوحَ الذي يَمنَحُها هو واحِد"...
وَنَتَأمَّلُ في إنْجيل القِدِّيس مَتَّى بقول يَسوعَ للفَرِّيسيين: "أمَّا إنْ كُنْتُ أنا بِروحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّياطين فَقَد وافاكُم مَلَكوتُ الله"...

رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 12/ 1- 11
1 أَمَّا في شَأْنِ الـمَوَاهِبِ الرُّوحِيَّة، أَيُّهَا الإِخْوَة، فلا أُريدُ أَنْ تَكُونُوا جَاهِلِين.
2 تَعْلَمُونَ أَنَّكُم، عِنْدَمَا كُنْتُم وَثَنِيِّين، كُنْتُم تَنْقَادُونَ مُنجَرِفِينَ إِلى الأَوْثَانِ البُكْم.
3 لِذـلِكَ أُعْلِنُ لَكُم أَنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ يَنْطِقُ بِرُوحِ الله، ويُمكِنُهُ أَنْ يَقُول: "يَسُوعُ مَحْرُوم!"؛ ولا أَحَدَ يَقْدِرُ أَنْ يَقُول: "يَسُوعُ رَبّ!" إِلاَّ بِالرُّوحِ القُدُس.
4 إِنَّ الـمَوَاهِبَ الرُّوحِيَّةَ عَلى أَنْوَاع، لـكِنَّ الرُّوحَ وَاحِد؛
5 والـخِدَمَ عَلى أَنْوَاع، لـكِنَّ الرَّبَّ وَاحِد؛
6 والأَعْمَالَ القَدِيرَةَ عَلى أَنْوَاع، لـكِنَّ اللهَ وَاحِد، وهوَ يَعْمَلُ في الـجَمِيعِ كُلَّ شَيء.
7 وكُلُّ وَاحِدٍ يُعْطَى مَوْهِبَةً يَتَجَلَّى الرُّوحُ فيهَا مِنْ أَجْلِ الـخَيْرِ العَام.
8 فوَاحِدٌ يُعْطَى بِالرُّوحِ كَلاَم الـحِكْمَة، وآخَرُ كَلاَمَ الـمَعْرِفَة، وَفْقًا لِلرُّوح عَيْنِهِ؛
9 وآخَرُ الإِيْمَانَ في الرُّوحِ عَيْنِهِ؛ وآخَرُ مَوَاهِبَ الشِّفَاءِ في الرُّوحِ الوَاحِد؛
10 وآخَرُ الأَعْمَالَ القَدِيرَة، وآخَرُ النُّبُوءَة، وآخَرُ تَمْييزَ الأَرْوَاح، وآخَرُ أَنْوَاعَ الأَلْسُن، وآخَرُ تَرْجَمَةَ الأَلْسُن.
11 كُلُّ هـذَا يَعْمَلُهُ الرُّوحُ الوَاحِدُ عَيْنُهُ، مُوَزِّعًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مَوَاهِبَهُ كَمَا يَشَاء.

فالرُّوح القُدُس وَاحِدٌ وإن تعدّدت وتنوّعت المواهب التي يفيضها على البشر.

إنجيل القدّيس متى 12/ 22- 32
22 حِينَئِذٍ قَدَّمُوا إِلى يَسُوعَ مَمْسُوسًا أَعْمَى وأَخْرَس، فَشَفَاه، حَتَّى تَكَلَّمَ وأَبْصَر.
23 فَدَهِشَ الـجُمُوعُ كُلُّهُم وقَالُوا: "لَعَلَّ هـذَا هُوَ ابْنُ دَاوُد؟".
24 وسَمِعَ الفَرِّيسِيُّونَ فَقَالُوا: "إِنَّ هـذَا الرَّجُلَ لا يُخْرِجُ الشَّيَاطِيْنَ إِلاَّ بِبَعْلَ زَبُول، رئِيسِ الشَّيَاطِين".
25 وعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُم فَقَالَ لَهُم: "كُلُّ مَمْلَكَةٍ تَنْقَسِمُ على نَفْسِها تَخْرَب، وكُلُّ مَدِينَةٍ أَو بَيْتٍ يَنْقَسِمُ على نَفْسِهِ لا يَثْبُت.
26 فَإِنْ كانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَان، يَكُونُ قَدِ انْقَسَمَ عَلى نَفْسِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟
27 وإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَ زَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطين، فَأَبْنَاؤُكُم بِمَنْ يُخْرِجُونَهُم؟ لِذلِكَ فَهُم أَنْفُسُهُم سَيَحْكُمُونَ عَلَيْكُم.
28 أَمَّا إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطين، فَقَدْ وَافَاكُم مَلَكُوتُ الله.
29 أَمْ كَيْفَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ القَوِيِّ ويَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبُطِ القَوِيَّ أَوَّلاً، وحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟
30 مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ. ومَنْ لا يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُبَدِّد.
31 لِذلِكَ أَقُولُ لَكُم: كُلُّ خَطِيئَةٍ سَتُغْفَرُ لِلنَّاس، وكُلُّ تَجْدِيف، أَمَّا التَّجْدِيفُ عَلى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَر.
32 مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلى ابْنِ الإِنْسَانِ سَيُغْفَرُ لَهُ. أَمَّا مَنْ قَالَ عَلى الرُّوحِ القُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لا في هـذَا الدَّهْر، ولا في الآتِي.

الفَرّيسيَّون... كعادتهم يريدون أن يبقى الإنسان أعمى، أخرَس وممسوسا أي يَسكُنه شَيطان، على أن يشفيه يسوع حتى يبقى هذا الإنسان تحت سلطانهم  لكن الجُموع صاحَت: هذا ابنُ داود الملك الموعود.
أما اليهود ولتتمَّ فيهم النّبوءة القائلة: "لقد تحجَّرَ قلبهم فسدّوا آذانهم وأغمَضوا عُيونهم"... في حين أن الأعمى، الأخرَس والممسوس قد شفيَ وبقيَ اليهود في خطيئتهم عُمياً، خُرساً وعبيداً لإبليس.

كُلُّ مَمْلَكَةٍ تَنْقَسِمُ على نَفْسِها تَخْرَب
جاء المسيح ليقسم مملكة اليهود بين مؤمن به وبرسالة السلام والمحبّة، وبين المقيّدين بشريعة موسى.
أتَى إبن الله إلى العالَم: ليبَحَثَ عَنِ النعجة المَفقودَة، ويردَّ الشَّارِدَة، ويُجبرَ المَكسورَة، ويقوِّيَ الضَّعيفَة. بحسب ما قرأه في أشعيا لأن روح الربّ عليه.
في حين بقيَ اليهود يعملون عَمَل أبيهم إبليس جاعلين من أنفسهم أدواته التي يُحَقّق بِها شَرَّهُ في هذا العالم.

في وطننا الأرضيّ، أرض الغربة التي نعبر فيها في مسيرتنا ما بين الولادة والموت. يبقى الرّوح حاضرًا معنا لأنّه الرّفيق الدّائم الذي يشرح لنا الكتب وموسى والأنبياء على طريق عمّاوس الحياة ليفتح عيون قلوبنا وينزع منّا الخوف والقلق والمرض الذي شوّه صورة الله في جسدنا بسبب أمراض الخطيئة التي لبسناها بالشريعة وبتعاليم اليهود لنبقى عبيدا لهم وللشيطان.
جاء المسيح ليحرّر آدم من شريعة ورقة التين التي يستر بها عورته، لكي يعود ويبصر مجد الله كما في الجنّة. وليُصلح في الإنسانٍ ما أفسده خُبثُ إبليس الذي أعمى الإنسان عن رؤية ومعرفة العَدل، وأخرِسَ لِسانَه عن قَولِ الحَقّ ليستر بأوراق التوراة خطيئته.
أمراضٌ مُستَعصِية، بالفكر والجسد والأخلاق تَفتُك بالصِغار والكِبار، ويعجز الفريسيّون وعلماء الشريعة في عصرنا عن فهمها ومداواتها.
أنت يا من أرسلك روح أبيك إلينا
لا تنتظر رأي الفريسيين بأعمالك
فمَنْ لَيْسَ مَعِك فَهُوَ عَلَيك وعلينا.
ومَنْ لا يَجْمَعُ مَعِك فَهُوَ يُبَدِّدنا ويفرّقنا.

ولأن روح الرب عليك  
مسحك لتبشّرنا نحن المساكين بملكوتك
وأرسلك لتشفينا نحن المنكسري القلوب برحمتك
ولتنادينا، نحن المأسورين لإغراءات العالم، بالاطلاق من أسرنا
وتشفينا نحن العميان من الظلمة فنرى صورة تجلّيك فينا
وترسلنا، نحن المنسحقين باستزلامنا لأتباع وعملاء الشيطان، إلى حرية أبناء الله.
أرسل روحك أيها المسيح ليثبّتنا في هذا الشرق بإيماننا في ظلّ المحن والتجارب التي لا قوّة لنا عليها بل لينجينا من الشرير وأتباعه. آمين.



ليست هناك تعليقات: