2012/05/29

جامعة الدول العربية قمم ومؤتمرات1 للأب جورج صغبيني



عن كتاب جامعة الدول العربية قمم ومؤتمرات للأب جورج صغبيني



معاهدة النبي (صلعم) مع اليهود
كان اليهود يسكنون المدينة فعقد معهم، رسول الإسلام حينما نزل المدينة، معاهدة قرر لهم فيها النصح والخير. وترك لهم فيها مطلق الحرية في الدين والمال، وأوجب نصر المظلوم‏ وكفّ يد الظالم وذلك من أجل توفير الأمن والسلام في الجمهورية الإسلامية التي أقامها في مكة.

قتال اليهود في غزوة بني قينقاع
‏روي ابن هشام عن أبي عون‏:‏ أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت. فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه. فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع‏. وحينئذ سار رسول الإسلام بجنود الله إلى بني قينقاع في سنة 2هـجرية، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم. ودام الحصار خمس عشرة ليلة. فنزلوا على حكم رسول الإسلام في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا،‏ وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام. فقلّ أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم، وذهب سادتهم إلى خيبر حيث كان أهلها يهودا فسودوهم عليهم‏.‏

معركة يهود خيبر
نقض يهود خيبر عهدهم مع الرسول، وسعوا لتوحيد قبائل العرب، على قتال المسلمين في غزوة الأحزاب. وبلغوا ذروة أذيتهم لرسول الإسلام عندما دسوا له السم في طعامه.
توّجه محمد (صلعم) إلى خيبر، ومعه ألف وستمائة مقاتل من المسلمين، في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري. وأحاط الرسول (صلعم) تحركه بسرية كاملة لمفاجئة اليهود. وحين وصل منطقة تدعى رجيع، تفصل بين خيبر وغطفان، حاصر المسلمون ليلا حصون خيبر، واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعركة، وكانت الحصون تسقط، الواحد بعد الآخر. حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي ابن أبي طالب (عليه السلام). عندها طلب اليهود من الرسول (صلعم) الصلح والبقاء في ديارهم، شرط أن يقدموا نصف محصولهم في كل عام إلى المسلمين.

صلح الحديبية
هو عقد في فترة صدر الإسلام، بين المسلمين بقيادة رسول الله محمد بن عبد الله، وبين قريش التي لم تكن تدين بالإسلام آنذاك. وكانت المدّة المقررة للاتفاق عشرة سنوات، فاوض قريش عليها عثمان بن عفان.
وفي أواخر شهر شوال (6هـ./628م.)، أعلن رسول الله أنه يريد المسير إلى مكة لأداء العمرة، وأذن في أصحابه بالرحيل إليها لأدائها معه، ففرحوا وطابت نفوسهم بزيارة الكعبة وقد حرموا منها، وكان أشدهم فرحا المهاجرون الذين اشتد شوقهم إلى ديارهم ومن خلفوا فيها من أهلهم. وسار رسول الله بألف وخمسمائة من المهاجرين والأنصار، لا يحملون من آلات الحرب إلا السيوف في القراب، ولبسوا لباس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة ولا يقصدون الحرب، وما حملوا من سيوف إنما كان للحماية مما قد يعترضهم في الطريق.
ولمّا وصلت قافلة المسلمين إلى قرية الحديبيّة القريبة من مكة، علمت قريش بقدوم رسول الله محمد (صلعم)  وصحبه، فرفضت السماح لهم بدخول مكة، وكان شهر ذي القعدة قد حلّ، وهو من الأشهر الحرم التي يمتنع فيها القتال.
فأرسل رسول الله عثمان بن عفان ليفاوض قريشا، وكان مقدما عندهم، وتأخرت عودته فأشيع أنه قتل. وهنا عزم رسول الله على دخول مكة عنوة، فإن قاتلته قريش وتجاوزت حرمة الشهر الحرام فقد أذن الله للمسلمين بقتالهم وصدّ عدوانهم. واستجاب المسلمون لما عزم عليه النبي وبايعوه على الموت، ودعيت هذه المبايعة بـبيعة الرضوان.
لم يقتل عثمان كما كان قد أشيع، وعاد إلى الحديبيّة، وكان قد تأخر في مفاوضة قريش، وفي إزالة مخاوفها. وكان المطلب الأساسي لقريش: أن يعود المسلمون ذلك العام، على أن يدخلوا مكة معتمرين في العام المقبل، لكي لا يقول العرب إن قريشا إستُذلـَّت للمسلمين، فيصيبها من ذلك معرّة. ووافق رسول الإسلام على مطلب قريش، وعلى أساسه عقد اتفاقا بينه وبين قريش عرف بصلح الحديبيّة، وبمقتضاه عقدت هدنة بين الطرفين مدتها عشر سنوات.

شروط  صّلح الحديبة
‌أن يرد المسلمون من يأتيهم من قريش مسلما بدون إذن وليه, وألا ترد قريش من يعود إليها من المسلمين.
وإن من أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه, ومن أراد أن يدخل في عهد محمد (صلعم)  من غير قريش دخل فيه.
أن لا تكون عداوة أو خيانة بين الطرفين.
أن يعود المسلمون ذلك العام، ليدخلوا مكة معتمرين في العام المقبل.

فتح مكة
عقد محمد (صلعم)  صلح الحديبية مع قريش، سنة 628 ميلادية، لمدة 10 سنوات. وبعد سنتين من عقد الصلح، حدث قتال بين خزاعة وبني بكر، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح، وقاتل معهم جماعة. فذهب عمرو بن سالم الخزاعي للاستنصار بمحمد (صلعم)، فخرجوا يردون قريش، فلما كان ذلك ذهب أبو سفيان ممثلاً عنهم، ليقوم بتجديد الصلح‏. وخرج أبو سفيان حتى أتى رسول الإسلام فكلمه، فلم يرد عليه شيئاً، وأمر بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة. ولعشر خلون من شهر رمضان سنة 8 هـ الموافقة سنة 630م، غادر رسول الإسلام المدينة، متجهاً إلى مكة، في عشرة ألاف من الصحابة. ونودي بمكة، من دخل منزله فهو آمن...
وفى صفر سنة 11 هـ. أصيب النبي محمد (صلعم) بالحمى واتقدت الحرارة.‏ وقد صلى رسول الإسلام بالناس، وهو مريض 11 يوما.ً وثقل برسول الإسلام المرض، وطلب من زوجاته أن يمرَّض في بيت عائشة، فانتقل إلى بيت عائشة يمشي، بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب.
وقبل يوم من وفاة النبي أعتق غلمانه، وتصدق بسبعة دنانير كانت عنده. وطفق الوجع يشتد ويزيد، وقد ظهر أثر السم الذي دسه له يهود خيبر في طعامه، حتى كان يقول‏:‏ "‏يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر... حتى مالت يده. وقع هذا الحادث حين اشتدت الضحى من يوم الاثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، وقد تمّ له ثلاث وستون سنة‏. وهذا يوافق 13 نيسان 571م.

جمع المصاحف وحدة للمسلمين
كانت مرحلة جمع المصاحف، بعد وفاة النبي، ذات أثر واضح في تاريخ القرآن. بعد أن أصبحت هناك نصوص عديدة للقرآن مختلفة متباينة، تفرَّق بين المسلمون الذين تشيَّعوا للنصوص. وقد بلغ الاختلاف أشده عندما تقاتلوا، وكفَّر بعضهم بعضاً، وتبادلوا التّهم. حتى بات الإسلام، ينقسم، في مهد رسالته، إلى ثلاثة وسبعين فرقة بحسب نبوءة الرسول.
عندها رأى عقلاء المسلمين بعد ما حدث من تفكك للمسلمين، اجتمعوا وعزموا على أن تُوَحَّدَ أحرف القرآن على حرفٍ واحد من أجل توحيد الكتاب المنزل. فقد روى أنس بن مالك: أن الناس اختلفوا في القرآن على عهد عثمان حتى اقتتل الغلمان والمعلـّمون، فبلغ ذلك عثمان. فقال: أعندي تكذبون وتلحنون فيه؟ فمَن نأى عنّي كان أشدّ تكذيباً ولحناً! يا أصحاب محمد (صلعم)  اجتمعوا فاكتبوا للناس إماماً.
وبعد أن جمع عثمان لجنة تتولـّى كتابة المصحف، أمر بغيره من المصاحف وغلى لها زيتاً وألقاها فيه. وهذا يثير لدى الباحثين الشكّ في مصداقية النصّ الذي بين أيدينا ولكنه بات قرآنا واحداً موحِّداً بين الناس.
ومن الحقائق التاريخية التي ستظل تثير شك الباحثين في تاريخ المصحف، هو كيف اختلف إبن مسعود في مصحفه عن غيره من الصحابة. فأنكر سورة الفاتحة وسورتي الفلق والناس، وكفّر من اعتبرها من كتاب الله؟! وإبن مسعود هذا ممّن أوصى محمد (صلعم) بالأخذ عنهم في قراءة القرآن. وقد رُوي عنه قوله: إني أعلم ما صغُر وما كبُر في القرآن.
 وعندما كُلـّف زيد بجمع القرآن من دونه، غضب واشتدّ حنقه على تكليف من لم يتجاوز العشرين من عمره، بهذه المهمّة التي كان هو أكثر المؤهَّلين لها. فقال مستنكراً تكليف زيد بجمع القرآن: "واللهِ لقد أسلمتُ وهو ما زال في صُلْب رجلٍ كافر!".

قرآن لا قرآنان
فالقرآن الكريم هو كتاب الله، ودستور الأمة الإسلامية سياسيا واجتماعيا ولغويا، في كل زمان ومكان. دعا الناس لطاعة الله، والخضوع لسلطانه. وقرّر حقوقهم المقدرة فأخذوا بأوامره، وحدّد واجباتهم فاجتنبوا نواهيه. ولقد جعل البشر سواسية مهما اختلفت أرومانهم ومشاربهم، بلا تفرقة عنصرية أو لغوية أو اجتماعية.
إذن نزل القرآن الكريم، بلسان عربي مبين، على الرسول. ويقال بسبعة أحرف (عدد لهجات قريش)، ليسهل للقبائل فهمه واستيعابه. وفي سنة 25 هجرية أيام خلافة عثمان، تنازع أهل الشام وأهل العراق حول قراءة آيات القرآن، لأنه بعدة لهجات، وحدث هذا في بعض الأمصار. فكان يكفّر بعضهم بعضا. فشكل لجنة، من كتبة الوحي أيام الرسول، لجمع القرآن... فوحّد المسلمين في قرآن واحد، ليجمع به المسلمين في إسلام واحد. وكانت هذه أول محاولة لجمع العرب المسلمين...

ليست هناك تعليقات: