2012/05/29

جامعة الدول العربية قمم ومؤتمرات2 الأب جورج صغبيني




 جامعة الدول العربية قمم ومؤتمرات الأب جورج صغبيني

من اتفاقية السلطان عبد الحميد إلى قمّة أنشاص عام 1946
يقول الدكتور إبراهيم حمامي[1] :" إن تاريخ صدور الوعد المشؤوم "وعد بلفور" كان في 02/11/1917، ولكن هل هذا صحيح؟ ربما هذا ما نعرفه جميعا، ولكن ما اكتشفته... هو أن الوعد له قصة وتاريخ ومؤامرات لا حصر لها تعود بجذورها إلى الوراء أكثر مما نتصور جميعا... وهو ما يثير تساؤلات عدة حول محاولات طمس الحقائق وتزوير التاريخ و"إنساء" المحطات النضالية لشعبنا وتغيير المبادئ، والتي صارت جميعها صفة وسمة واضحة لمن يدّعون قيادة شعبنا.
حاولت أن يكون نشر هذا الموضوع يوم 02/11/2004 ولأقول كغيري "تمت اليوم الذكرى 87 لوعد بلفور"، ولكن ما أن بدأت في قراءة التفاصيل وما جمعته من معلومات وقصاصات وكتابات حتى تيقنت أن الموضوع سيأخذ أكثر مما كنت أظن، فالوعد المذكور هو وعود بدأ منذ القرن الثامن عشر وعلى شكل جرعات صغيرة متتالية ومتوالية لم تتوقف، ومن أطراف عدة ضمن مخطط غربي عالمي يصل لمستوى الحملة الصليبية المدروسة، وهذا ليس مبالغة أو تبني لنظرية المؤامرة كما سيتضح لاحقا، لكنه مخطط بنفس طويل جدا للوصول إلى الوعد الذي نعرفه، وبإعداد محكم في ظل تغييب لإرادة الشعوب في المنطقة.
لن أسترسل أكثر من ذلك وسأبدأ بالقصة، ولكن بشكل معكوس غير ما ألفناه، ستكون القصة لفترة ما قبل الوعد المشؤوم، والمؤامرات التي سبقته من قبل الجميع بمن فيهم أبناء جلدتنا، لينتهي السرد بدلا من أن يبدأ بإعلان يوم 02/11/1917...

الموقف الفرنسي- البريطاني
ترجع البدايات الأولى لفكرة إنشاء وطن خاص باليهود، يجمع شتاتهم ويكون حارسًا على مصالح دول (أوروبا) الاستعمارية في الشرق إلى ما قبل الحملة الفرنسية على مصر، وظهرت أولى العلامات في وعد "نابليون" بإنشاء دولة لليهود، في فلسطين، حيث دعاهم "لإعادة بناء الهيكل باعتبارهم ورثة إسرائيل الشرعيين"، هذه الدعوة جاءت في شهر آذار/ مارس عام 1799 أي قبل أكثر من قرنين من الزمن.
كان نابليون يحلم بإقامة دولة تابعة له في فلسطين لتشكل شوكة في حلق غريمته انجلترا ولتصبح أداته في السيطرة على مصر وطرق المواصلات إلى الشرق، وبعد أن فشلت حملة نابليون إلى مصر عاد إلى أوروبا وحقق فيها انتصارات باهرة. وتألق تاج الإمبراطورية على رأسه ولكنه ظل يحلم بمشروعه وخشي أن يستفيد الإنجليز من فكرته ببناء دولة لليهود في فلسطين. ولكي يسد الطريق عليهم دعا عام 1807 إلى اجتماع السانهدرين وهو المجلس الكهنوتي الأعلى لليهود في أوروبا. وجعل الحاخامين يتخذون قرارا يعلنون فيه أن اليهود ينتمون إلى قوميات البلاد التي يعيشون فيها وان اليهودية هي دينهم فقط.
وقد وجدت هذه الدعوة صدى لها، لدى كثير من اليهود. فقد كتب المفكر اليهودي "موسى هوس" يقول: إن "فرنسا" لا تتمنى أكثر من أن ترى الطريق إلى "الهند" و"الصين" وقد سكنها شعب على أهبة الاستعداد لأن يتبعها حتى الموت... فهل هناك أصلح من الشعب اليهودي لهذا الغرض؟!
لقد التقت المصالح الاستعمارية الأوروبية في انتزاع فلسطين من الوطن العربي مع المصالح الصهيونية بإقامة وطن قومي لليهود، بل إن قادة أوروبا هم الذين عرضوا على اليهود إقامة وطن لهم في فلسطين، قبل أن تطرح الحركة الصهيونية الفكرة بسنوات طويلة، وعلى الأخص من جانب فرنسا وبريطانيا في محاولة للتخلص من المشكلة اليهودية في أوروبا وتحقيق مكاسب استعمارية من الدولة اليهودية .
كان التنافس الاستعماري بين بريطانيا وفرنسا واضحاً في الشرق الأوسط، حتى قبل قيام الحركة الصهيونية، وكان هدف كل منهما حماية مصالحه في المنطقة، وملاحقة الدولة الأخرى من أجل إيذائها أو منافستها على تلك المصالح، وإيجاد الوسائل المختلفة التي تحمي مصالحها واعتقدت بريطانيا بعد فشل نابليون بونابرت في مصر وبلاد الشام، أنه من المفيد إيجاد بدائل أخرى في الشرق الأوسط، لاستمرار تفوقها على فرنسا. وقد وجدت في فلسطين مكاناً ملائماً لبسط نفوذها بسبب الموقع الجغرافي الذي تتمتع فيه وسط الوطن العربي وباعتبارها البوابة التي تربط بين أسيا وأفريقيا، ولهذا فإن من مصلحة الاستعمار الأوروبي والبريطاني بالذات، فصل الجزء الآسيوي عن الجزء الأفريقي من الوطن العربي، وخلق ظروف لا تسمح بتحقيق الوحدة بين الجزئين في المستقبل.
بدأ الموقف البريطاني يتضح بعد حملة محمد علي باشا والي مصر إلى الشام، عندما أرسل ابنه إبراهيم باشا إلى المنطقة، مما أثار بريطانيا لأنها خشيت أن تتوحد مصر مع بلاد الشام في دولة واحدة، لهذا ساهمت بريطانيا مع الدولة العثمانية في إفشال حملة إبراهيم باشا على بلاد الشام .
وبعد تدخل بريطانيا، أرسل "بالمرستون" رئيس وزراء بريطانيا مذكرة إلى سفيره في استانبول في عام 1840، شرح فيها الفوائد التي سوف يحصل عليها السلطان العثماني من تشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين وقال:" إن عودة الشعب اليهودي إلى فلسطين بدعوة من السلطان وتحت حمايته يشكل سداً في وجه مخططات شريرة يعدها محمد علي أو من يخلفه".
وفي مارس / آذار 1840 وجه البارون اليهودي "روتشيليد" خطاباً إلى "بالمرستون" قال فيه:" إن هزيمة محمد علي وحصر نفوذه في مصر ليسا كافيين لأن هناك قوة جذب بين العرب، وهم يدركون أن عودة مجدهم القديم مرهون بإمكانيات اتصالهم واتحادهم، إننا لو نظرنا إلى خريطة هذه البقعة من الأرض، فسوف نجد أن فلسطين هي الجسر الذي يوصل بين مصر وبين العرب في آسيا. وكانت فلسطين دائماً بوابة على الشرق. والحل الوحيد هو زرع قوة مختلفة على هذا الجسر في هذه البوابة، لتكون هذه القوة بمثابة حاجز يمنع الخطر العربي ويحول دونه، وإن الهجرة اليهودية إلى فلسطين تستطيع أن تقوم بهذا الدور، وليست تلك خدمة لليهود يعودون بها إلى أرض الميعاد مصداقاً للعهد القديم، ولكنها أيضاً خدمة للإمبراطورية البريطانية ومخططاتها، فليس مما يخدم الإمبراطورية أن تتكرر تجربة محمد علي سواء بقيام دولة قوية في مصر أو بقيام الاتصال بين مصر والعرب الآخرين".
ذهبت أحلام نابليون إدراج الرياح، واصطدمت طموحات بالمرستون بالواقع، ذلك لان اليهود أنفسهم لم يكونوا معنيين ولا راغبين بما يطرح عليهم، فلقد كانت حركة الاندماج اليهودية (هسكلاه) في أوج نشاطها وكان مجرد دعوتهم لمغادرة أوطانهم ليذهبوا إلى بلاد أخرى لا تربطهم بها أية مصالح يضرّ بهم كمواطنين في البلاد التي ينتمون إليها.
إلا أن الفكرة لم تمت، ولم يستسلم خلفاء "بالمرستون" خاصة بعد افتتاح قناة السويس فعادوا للتمسك بمخططهم الصهيوني الاستعماري والدعوة لتوطين اليهود في فلسطين. ولقد تمكن "ديزرائيلي" رئيس وزراء بريطانيا من شراء حصة الخديوي من قناة السويس عام 1875 وكان "ديزرائيلي" ووزير خارجيته اللورد "سالزبري" يتبنيان مشروع "بالمرستون" فشجعا اللورد "لورنس أوليكانت" بالتفاوض مع الحكومة العثمانية حول ارض يمكن لليهود استيطانها، ولكن الأحداث تلاحقت ففي عام 1880 فاز حزب الأحرار في الانتخابات وتولى "غلادستون" مكان "ديزرائيلي"، وبحث الصهاينة اليهود عن صهاينة بريطانيا أمثال "بالمرستون وشافنسري وديزرائيلي وسالزبري…" فلم يجدوهم.

الموقف الأمريكي
قد يستغرب القارئ وجود دور أمريكي في سياق الحديث عن وعد ما، أو وعود "بلفور" بالذات، ولكن الحقيقة أن الجميع تآمر، ويمكن تلخيص الدور الأمريكي في النقاط التالية.
لقد كان المهاجرون البروتستانت الأوائل إلى أمريكا يؤدون صلواتهم باللغة العبرية ، ويطلقون على أبنائهم وبناتهم أسماء أنبياء بني إسرائيل، كما قاموا بفرض تعليم اللغة العبرية في مدارسهم، حيث شبهوا خروجهم من أوربا إلى أمريكا ، بخروج اليهود أيام موسى من مصر إلى فلسطين، وحيث نظروا إلى أمريكا على أنها- بلاد كنعان الجديدة والأرض الموعودة- فلسطين، ونظروا (أي اليهود) إلى الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين- على أنهم الكنعانيون العرب، وأنهم هم سكان فلسطين الأميركية الأصليين بحسب سند الملكية- الصكّ الإلهي- المعطى لهم للإقامة في الأرض التي وُعدوا بها!
وعندما أسسوا جامعة "هارفارد" عام 1636 كانت اللغة العبرية هي اللغة الرسمية للدراسة في الجامعة ، وفي عام 1642 نوقشت أول رسالة دكتوراه في جامعة "هارفارد" وكان عنوانها (اللغة العبرية هي اللغة الأم).
قامت أمريكا في عام 1844م بفتح أول قنصلية لها في القدس ، وهناك بدأت تقارير القنصل الأمريكي تتوالى على رؤسائه ، وقد كانت تتمحور حول ضرورة التعجيل في جعل فلسطين وطناً لليهود.
وفي عام 1891 قام القس "ويليام بلاكستون" بعد عودته من فلسطين برفع عريضة إلى الرئيس الأمريكي "بنيامين هاريسون"، دعاه فيها إلى الاقتداء بالإمبراطور الفارسي "قورش" الذي أعاد اليهود من السبي البابلي إلى فلسطين

الموقف الروسي - الألماني
ففي مواجهة دعاة الهجرة إلى أمريكا، من اليهود والذين كانوا يعتبرونها أرض صهيون ويعتبرون واشنطن بمثابة أورشليمهم، سعى "هرتزل" إلى التقرب من الإمبراطور "غليوم" لدعم مشروعه وقد تحقق له اللقاء على رأس وفد صهيوني مع الإمبراطور في مدينة القدس التي كان الإمبراطور يزورها عام 1898. وقد أكد الإمبراطور للوفد الصهيوني بان: "المساعي الصهيونية في فلسطين التي تحترم سيادة حليفته تركيا تستطيع أن تعتمد على رعايته الكاملة". وقد ترجم الإمبراطور وعده بهذه الرعاية بتوثيق العلاقة بين المستوطنين الصهاينة والمستوطنين الألمان من جماعة "هوفمان" الذين بدؤوا عام 1870 بإنشاء مستعمرات زراعية ألمانية في القدس وحيفا ويافا تنفيذا لمشروع القائد العسكري الألماني "مولتخه" لجعل فلسطين مستعمرة ألمانية.
وفي عام 1881 وقعت المذابح المعادية لليهود في روسيا اثر اغتيال القيصر. وقد نتج عن هذه المذابح هجرة واسعة من يهود روسيا إلى أوروبا الشرقية والغربية مما أسرع في انهيار حركة الاندماج. كما أن صدور قوانين أيار في روسيا عام 1882 والتي تضيق الخناق على حياة اليهود زادت في هذه الهجرة. وتشكلت مراكز يهودية متبنية دعوة "ليوبنسكر" في كتابه (التحرر الذاتي) وظهرت منظمة أحباء صهيون في أوكرانيا، الداعية إلى الهجرة إلى فلسطين والاستيطان فيها.
 حاول الصهاينة الألمان إدخال أطروحتهم القومية معلنين أنهم: "مرتبطين سوية بانحدارهم وتاريخهم المشترك إذ يؤلف يهود كافة الأقطار جماعة قومية. وهذا الاعتقاد لا يناقض بحال من الأحوال مشاعرهم الوطنية النشيطة وقيامهم بواجبات المواطنة وخاصة تلك التي يشعر بها اليهود الألمان حيال وطنهم الأم ألمانيا".
لقد كان مقر المنظمة الصهيونية في وقت اندلاع الحرب العالمية الأولى في برلين. وحاول قادتها، وجلهم من الصهاينة الموالين لألمانيا، أن يسخروها في خدمة أغراضهم ومطامعهم مدّة نصف قرن...  إلى حين حلول الحرب العالمية الثانية التي كانوا وقودها.

الموقف العثماني
حاول الحركيون اليهود بزعامة "هرتزل" - بدعم أوروبي شاركت فيه آنذاك ألمانيا وبريطانيا - الضغط على الخلافة العثمانية لانتزاع ميثاق من السلطان عبد الحميد الثاني يمنح اليهود حق الاستيطان في فلسطين والسماح بهجرتهم إليها، غير أن السلطان العثماني رفض الضغوط الأوروبية وإغراءات اليهود .
وفي الفترة بين عامي 1900- 1901 أصدر السلطان عبد الحميد بلاغاً يمنع المسافرين اليهود من الإقامة في فلسطين لأكثر من ثلاثة أشهر، كما أمر بمنع اليهود من شراء أي أرض في فلسطين، خشية أن تتحول هذه الأراضي إلى قاعدة لهم تمكنهم من سلخ فلسطين عن بقية الجسد المسلم .
وفي عام 1902 تقدم اليهود بعرض مغر للسلطان عبد الحميد يتعهد بموجبه أثرياء اليهود بوفاء جميع ديون الدولة العثمانية وبناء أسطول لحمايتها، وتقديم قرض بـ (35) مليون ليرة ذهبية لخزينة الدولة العثمانية المنهكة، إلا أن السلطان رفض العروض وكان رده كما جاء في مذكرات "ثيودور هرتزل" :" انصحوا الدكتور "هرتزل" ألا يتخذ خطوات جدية في هذا الموضوع، لأني لا استطيع أن أتخلى عن شبر واحد من الأرض، فهي ليست ملك يميني بل ملك شعبي، لقد ناضل شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمائه، فليحتفظ اليهود بملايينهم، وإذا تمزقت إمبراطوريتي يوماً فإنهم يستطيعون أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن، أما وأنا حيّ فإن عمل المبضع في بدني لأهون عليّ من أن أرى فلسطين قد بترت من الإمبراطورية الإسلامية، وهذا أمر لا يكون، فأنا لا استطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة.. ".
وعندما أيقن اليهود فشل جميع المحاولات الممكنة بدؤوا بالعمل على إسقاط الخلافة العثمانية، حيث استطاعوا التسرب عن طريق طائفة يهود "الدونمة" التي تظاهر أفرادها بالإسلام وحملوا الأسماء التركية، فدخلوا في جمعية "الاتحاد والترقي" ووصلوا إلى الحكم سنة 1907، وتصاعد النشاط الصهيوني في فلسطين بدعم من أنصار الاتحاد والترقي ويهود "الدونمة" الذين سيطروا على مقاليد السلطة في الأستانة، مما فتح الباب أمام المنظمات الصهيونية للبدء بالنشاط العملي على نطاق واسع في فلسطين.

الموقف العربي
كان العرب، قبل صدور الوعد مباشرة، مشغولون في قتال الدولة العثمانية- تركيا تحت شعار الثورة العربية. فتحالفوا مع بريطانيا تحديدا من أجل تحرير بلادهم من السلطنة العثمانية، فمارست بريطانيا بدورها سياسات الخداع والمراوغة والوعود البراقة بالاستقلال والحرية...
أما بخصوص ما نحن فيه فقد كان الناطق العربي الوحيد الذي له شأن وسلطة هو "فيصل بن الحسين" الذي قدم احتجاجاته بإلحاح، وقد نفض أولاً يديه، في رسالة رسمية إلى الحكومة البريطانية، بعد تسرّب معلومات من مصادر يهودية بأنه اعترف لهم بسياسة إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وقال في رسالته: "إن كل ما اعترفت به هو أن أؤمن حقوق اليهود في تلك البلاد بالقدر الذي أؤمن به حقوق السكان العرب المحليين". وأكد بأن فلسطين هي ضمن المناطق التي وعدت بريطانيا بمنحها الاستقلال وعبر عن ثقته بأن ذلك الوعد البريطاني لا يلغيه وعد لاحق للصهيونيين.
وأضاف أن والده "الشريف حسين" مخوّل، حتى بمقتضى اتفاقية "سايكس- بيكو"، أن يؤخذ رأيه بصدد مستقبل فلسطين، لكنه، ومما يثير للدهشة، لم يشر إلى الرسالة البريطانية إلى والده التي تلقاها بواسطة "هوغارت" والتي جعلت الوعد لليهود خاضعاً لحرية عرب فلسطين السياسية والاقتصادية. وختم فيصل رسالته قائلاً: إذا ما أمكن الإبقاء على وحدة سوريا وفلسطين، "فبوسعنا أن نتوصل إلى حل يؤمن مصالح جميع من يهمهم الأمر" .
أما الشريف حسين فقد غرق في الوعود والمراسلات التي عرفت بمراسلات "مكماهون- الحسين" في تشرين أول/أكتوبر 1915 والتي استطاعت بريطانيا من خلالها تخديره ومن معه من أجل تطبيق المخطط الرهيب.
في المقابل، يلاحظ أن الفلسطينيين، وبعكس معسكر الشريف حسين، في تلك الفترة كانوا يصرون على اعتبار فلسطين جزءاً من سورية الكبرى، ويرفضون تجزئة النضال، أو طرح مطالب إقليمية خاصة بهم، على الرغم من خصوصية قضيتهم لاختلاف الخطر عليهم عن بقية أبناء سورية الكبرى حيث إنهم كانوا مهددين بالهجرة اليهودية إلى بلادهم، بينما كانت بقية الأقطار العربية تعاني من الاستعمار البريطاني أو الفرنسي من دون أن تشكل الهجرة اليهودية أي تهديد مباشر ضدها.
استطاعت الحركة الصهيونية تحقيق المشروع الاستيطاني وانتزاع "وعد بلفور" وما تلاه عبر محطات ثابتة:
فرغم أن جذور إنشاء وطن لليهود سبقت بعقود الحركة الصهيونية إلا أن بدايات تنفيذ المشروع لم تتبلور إلا مع الحركة العنصرية الاستيطانية التي لم تترك بابا إلا طرقته ومشت حسب برنامج واضح وبخطوات لم تخلُ من الخلافات والنزاعات لتحقيق "الحلم" الصهيوني الذي وضعه "تيودور هيرتزل" (1860 ـ 1904)، اليهودي المجري، الذي نشر في سنة 1896 كتابه "دولة اليهود" ، وعرض فيه مفهومه لجذور "المسألة اليهودية"، وبالتالي وجهة نظره في حلها، عبر إنشاء "امة يهودية" مستقلة في فلسطين.
والمنظمة التي أسسها في المؤتمر الصهيوني الأول في "بازل" سنة 1897 كانت من اجل تحقيق هذا الهدف، ومن خلالها تحرك "هيرتسل" بين الجاليات اليهودية، كما على الساحة السياسية الدولية، داعياً إلى مشروعه.



[1] - الجزيرة- نت، تاريخ 08/11/2004.

ليست هناك تعليقات: