2012/05/28

رؤساء الجمهورية اللبنانية من شارل دباس إلى ميشال سليمان ثـَمَانُوْنَ عَامَاً مِنَ الإسْتِقلال الأب جورج صغبيني



الأب جورج صغبيني





رؤساء الجمهورية اللبنانية
من شارل دباس إلى ميشال سليمان
1926 -  2008

ثـَمَانُوْنَ عَامَاً مِنَ الإسْتِقلال



لبنان 2008








إهداء

إلى الأمير فخر الدين الذي كان أساس حلم الأمّة اللبنانية.
إلى الأمير بشير الشهابي وأبو سمرا غانم وطانيوس شاهين ويوسف بك كرم.
إلى شهداء أيار الذين كتبوا بدمائهم الإستقلال والحرية للوطن.
إلى البطريرك الياس الحويك صانع لبنان الكبير عام1920، ومن سبقه من البطاركة حتى يوحنا مارون.
إلى الرئيس شارل دباس أول رئيس جمهورية للبنان.
إلى البطريرك أنطوان عريضه راعي الميثاق الوطني اللبناني 1943.
إلى كلّ رؤساء ما قبل وما بعد الإستقلال ورؤساء المجالس النيابية ورؤساء المجالس  الوزارية الذين رحلوا إلى دنيا الحقّ والذين لا يزالون أحياء يرزقون.
إلى صبري بك حماده والمير مجيد إرسلان و...سليم  تقلا رافعي أول علم لبناني بعد الإستقلال.
إلى البطريرك نصرالله صفير راعي إتفاق الطائف والساهر على إنجاز الإرشاد الرسولي من أجل لبنان والداعي إلى المجمع الماروني للملمة شمل الموارنة المهاجرين والمهجرين على طول مساحة أنطاكية وسائر المشرق وبلاد الإغتراب.
إلى كل أبناء هذا الوطن الذين عملوا وقدّموا حياتهم ودماءهم فدية جيشا ومقاومة وشعبا من أجل بقاء لبنان سيدا حرّا مستقلا ورسالة قيم في هذا الشرق وللعالم.
إلى اللبناني الأول العماد ميشال سليمان الذي اختاره الشعب ووسائل الإعلام وممثلو دول العالم العربي والغربي، قبل المجلس النيابي رئيسا الجمهورية اللبنانية.
 أقدّم كتابي.
                                   الأب جورج صغبيني







تمهيد

إن العمل على تأريخ الدولة اللبنانية، لا يخلو من الحذر في الوقوع  خارج الموضوعية والواقعية. فيغدو البحث أحيانا ذا طابع فئوي أو حزبي أو حتى طائفي وعقائدي،  وقليلون هم الذين يسردون الحدث التاريخي بعيدا عن المؤثرات التي تطغى على بحثهم أحيانا دون علم منهم.
ونحن في بحثنا في رؤساء الجمهورية اللبنانية سنبقى قدر الإمكان ضمن إطار الواقعية التي اعتدنا عليه في كافة أبحاثنا التاريخية.
فالمؤرخ الذي يبحث في نشأة لبنان السياسي، لا يمكن إلاّ أن يضع نفسه مباشرة ضمن الإطار العام للحدث التاريخي، وان كانت نشأة لبنان، وإعلان استقلاله فضلا عن تنازع الولاءات التي تتجاذبه، يفرض ذاته على المؤرخ الحريص على الموضوعية.
إن الوقائع التاريخية للبنان تبرز الملامح الخاصة بشعب كان رائدا في تطلعاته المستقبلية، وبتجذّره التراثي والحضاري، وتمايزه الثقافي والروحي الذي تفرّد  به بين كافة بلدان العالم وخاصة البلدان المحيطة به.
إن التأمل في فسيفساء الطوائف التي اجتمعت في لبنان والهاربة من الاضطهاد الديني والسياسي والإجتماعي الممارس عليها في أكثر من مكان، وجدت على ارض لبنان ملجأ لها، حيث بقيت متمسكة بخصوصياتها  وحريصة على ذاتياتها، لتجتمع في مشروع وطني قادر على تأمين قواعد ثابتة لعيش مسالم، يحترم الجماعات على اختلافها. فكان لا بد من أن تتحمل إحدى هذه الجماعات المسؤولية المباشرة عنها وعن تبعاتها على نحو مثالي متفان. وكان لا بد من أن تحض شريكاتها على أن تحذو حذوها بانفتاحها وشموليتها الإنسانية.
ويبدو أن الجماعة المارونية كانت السباقة والمؤهلة لمثل هذه المهمة، بما لها من علاقات منذ نشاتها على أرض لبنان... وفي أيام سيطرة الحكم التركي وانتداب الدول الأوروبية وصولا إلى الإستقلال المنجز والتام.
هذه الجماعة المارونية التي كانت خلف نشأة وهوية هذا الوطن، كان لها مبادئ  تؤهلها للقيام بمثل هذا الدور الريادي، الذي هو في الأساس تراث روحي يشد الموارنة إلى الإنجيل وإلى المسيح الإله- المتجسد بالوسيط القديس مارون المثال  والقدوة في عيش وفاقي مع الإنسان الآخر مهما كانت الفروقات. وهو أيضا تراث حضاري يشد الموارنة إلى مسيحيي بطريركية إنطاكية، ومدرستها الفكرية الكبرى، ونهجها العقائدي في فهم شخصية المسيح الإله الكامل والإنسان الكامل.
وبفضل هذه العقيدة وهذا المفهوم الثنائي لطبيعة السيد المسيح الواحد، ارتبطت الكنيسة المارونية، بعد مجمع خلقيدونية سنة 451، بكنيسة روما دون أن تتخلى عن مشرقيتها،  فكانت المبادرة منطلقا لعلاقات، شكلت مع الزمن صفة مضافة إلى صفات المارونية تسمح لها بالانفتاح على التقدم الحضاري، والأخذ بالمفاهيم الجديدة من خلال انتشارها في بلاد الإغتراب تلملم شمل المهجّرين والمهاجرين ومنطلقا لعلاقاتها بالدول حيث تتواجد وبالشعوب التي تحيط بها.
فالمارونية إذا ليست مفهوما مدنيا ولا مفهوما دينيا صرفا، بل هي أحدى أنجح تجسدات الخط الحضاري الإنطاكي، والأمانة للإنسان في المطلق. فاستطاعت أن تكون، في الوقت نفسه، ممارسة دينية وأُمة منظمة من غير أن تدوّل الدين وتديِّن الدولة.
وإذا أوجزنا قلنا أن المارونية، هي من حيث النشأة، مذهب ديني ومدني معا، قبل أن تكون طائفة سياسية أطلقوا عليها إسم "المارونية السياسية" حسب المفهوم المتداول اليوم، دون أن تذوب في المحيط الذي تعيش فيه ودون أن تعيش في حلقات الفدرالية والكونفدرالية الطائفية من أجل البقاء.
فكما المارونية كذلك لبنان الذي طبع بطابعها والذي عبّر البابا يوحنا بولس الثاني بأمانة وصدق عن دور هذه الجماعة المارونية وهذا الوطن اللبناني حين وصفهما بأنهما رسالة قيم في محيطهما.

                                                      المؤلف

ليست هناك تعليقات: