2012/05/31

كتاب المدرسة الوطنية في بلدة شكا 2 الأب جورج صغبيني



شكا بوابة بين الشمال وجبل لبنان
  
تحظى بلدة شكا بمنظر طبيعي فريد يتمثل برأس الشقعة الذي أطلق عليه الأقدمون اسم "وجه الله". وينتشر على هذه الهضبة الصخرية عدد من القرى التي ما زالت تحتفظ ببعض بناها القديمة. وتعتبر بلدة شكا باب الساحل ما بين منطقة الشمال ومنطقة بلاد البترون نحو الجنوب.
يُشرِف رأس الشقعة على البحر على هيئة جرف عموديّ يقطع الخط الساحلي بين البترون وطرابلس، ويشكّل بالتالي عائقاً يصعب تجاوزه. ومن خلال موقعه وما مرّ به من أحداث، يمكن تفسير بعض المسائل التاريخيّة العالقة في تاريخ البترون، ومن أبرزها مسألة جدار البحر الشهير وموضوع مرفأ البترون وإنشاء قلعة المسيلحة .
يروي مخايل السوري  [1]. كيف أن هزة أرضية عام 547 دمرت البترون وقذفت بقسم من رأس شكا في البحر أمام المدينة مما أنشأ "مرفأ رائعاً وفسيحاً قادراً على استقبال أكبر المراكب".  [2]
ويقول مؤلف ""Lignages: كان أول أمير للبترون، ريمون داغو Raymond d’Agout أو جوفروا داغو  Geoffroy d’Agout المذكور عام 1115 كمالك للحصن الذي يجب أن يكون غربي موضع بيي دو كونستابل Puy du Connétable (الهري El-Héry) على منحدرات رأس شكا Ras Chaqqa (رأس ثيوبروزوبون cap Théouprosopon)، في موضع برج وصفه ألبير ديكس Albert d’Aix عام 1099، والذي حلّ مكان قلعة دمرها بومباي Pompée في حملته على القراصنة "اللصوص".
لا بد أن قلعة المسيلحة Qal‘at el-Mseilha تحتل موضعاً قريباً من هذا المكان الإستراتيجي[3]. إن مثل هذا التعيين يسمح بموضعة أكيدة "للأرض الواقعة بين حصن جوفروا داغو والقلمون" بأنها سنيورة أنفة  Nephin  التي كان غليوم روستين Guilhem Rostaing وبونز ميدينيس Pons Medenes أول مالكيها.
رأس الشقعة، هو موقع مميز لجماله الطبيعي وتنوعه الجيولوجي. وترتفع الصخور عاموديا نحو 200 مترا، يجثم فوقها دير سيّدة النوريّة. [4]



بين فقش الموج وسفوح التلال
شكا بلدة ساحلية لبنانية، يغسل البحر أقدامها وتنتشر مساكنها من فقش الموج حتى سفوح التلال الرابضة على كتفها.
تقع هذه البلدة ضمن نطاق محافظة لبنان الشمالي وهي تتبع إدارياً قضاء البترون. تحيط بها من الناحية الشرقية مجموعة من القرى المعلّقة على هضباتها مثل: ذكرون وبدبهون وبرغون وكفرحزير، وقرى القويطع مثل: المجيدل وكفريا، ويحدها البحر غرباً وبلدة ألهري جنوباً، أما شمالاً فتتصل أراضيها بأراضي بلدة أنفة المتاخمة لها.
يمر الطريق العام الذي يصل طرابلس ببيروت في وسط شكا، وهي تبعد حوالي 17 كلم عن طرابلس لجهة الجنوب و13 كلم عن البترون لجهة الشمال و9 كلم عن أميون لجهة الشرق.
وشكا مركز مواصلات هام في منطقة الشمال، فهي تربض على شاطئ البحر وترتبط بالطرقات المؤدية إلى المناطق اللبنانية كافة، وذلك منذ زمن المتصرفية يوم وصلتها الطريق عبر نفق رأس الشقعة قبل أن يصل إليها الأوتوستراد الجديد من قلعة المسيلحة.


جزء من تربة شكا في كل بيت لبناني
تشتهر بلدة شكا بموقعها في السهل المنبسط الضيّق بين الجبل والبحر، على جمال لافت لتشكل جوناً طبيعياً بين رأس أنفة ورأس الشقعة. وهي البلدة التي تعتبر من أكبر قواعد الصناعة في لبنان. [5]
ولا يمكن الحديث عن شكا من دون ذكر صناعة مواد البناء على أنواعها، وخصوصاً صناعة الترابة "الإسمنت"، ويمكن القول مع المؤرخ جورج البرجي إن جزءاً من تراب شكا موجود في كل بيت على الأراضي اللبنانية.


[1] - Michel le Syrien (éd. Chabot, II, p. 246) 
[2] - موقع  http://www.kobayat.org./، 21 شباط (فبراير) 2011. مسائل في طوبوغرافيا طرابلس، جوزف عبدالله دكتوراه في العلوم الاجتماعية.
[3] - Albert d’Aix, p. 547; R. Dussaud, op. cit., p. 82; Strabon, éd. Teubner, p. 755 ; Pline l’Acien, idem, I, p. 395.   ويروي ميشيل السوري Michel le Syrien (éd. Chabot, II, p. 246)  كيف أن هزة أرضية عام 547 دمرت البترون وقذفت بقسم من رأس شكا في البحر أمام المدينة مما أنشأ "مرفأ رائعاً وفسيحاً قادراً على استقبال أكبر المراكب"
[4] - "سواحل لبنان" مجلد مصوَّر لكارل اسطفان صدر في بيروت، كتب مقدمته نجيب صعب.
[5] - مجلة الجيش، العدد 275 -  أيار  2008

ليست هناك تعليقات: