2012/08/23

الكلام المباح،طائرة كوتونو صورة عن الوطن، الأب جورج صغبيني





طائرة كوتونو صورة عن الوطن

طائرة شبيهة بواقع هذا الوطن
لا صيانة فيها
وقد أحيلت على التقاعد
وقبطانها لا يعرف قدرة مركبته
فيحمّلها من البشر والمتاع فوق طاقتها
ظنّا منه أنّه إذا ما وضع جناحين للفيل طار

طائرة هوت قبل أن تقلع
ووقعت على المدرج
وتناثرت أشلاؤها بمن فيها
وأصبحت الطائرة نعشا جماعيا

والوطن لبنان طائرة
يلزمه سهر عمّال صيانة
ودراية قائد يدبر دفّته
لينهض بطائرة الوطن
فلا تسقط وتتحطّم
وليعبر البحر بسفينة الوطن
فلا تغرق ويبلعها اليمّ

صَعْبٌ على المهجّرين
العودة إلى قراهم وبيوتهم
ولو على الأطلال للبكاء
على أيام خوالٍ
ضاعت
بفعل قذيفة أو صاروخ جامح
أو بفعل يد الهدم
التي لم تُبقي إلا على أشلاء صورة في الذاكرة.
وهذا حال المهاجرين عن الوطن
والحنين يجذبهم إليه
وهم غرباء فيه وعنه.

وبات الوطن
مرقد العنزة
بدون ماعز
ولو حملوا جنسيات متعدّدة...
ولو ساحوا في آفاق الدنيا الواسعة
فهم مهجّرون
شعب كامل مهجّر ومقتلع من ارضه
حتى كاد أن يصبح الوطن بدون شعب
وحتى كاد أن يصبح الغرباء فيه مستوطنين ومجنسين
شعبا بديلا عن شعبه
طائرة الوطن لبنان أصبح إسمها في كلّ محاضرمؤتمرات الجامعة العربية ومقرّرات الأمم المتحدة.

طائرة لبنان تعجز عن الإقلاع
لأن فيها ثمانية عشر قائدا طائفيا
وأضعافا مضاعفة  زعماء أحزاب
وثلاثين وزيرا بدون وزارات
ومئة وثمانية وعشرون كرسيا نيابيا شاغرا
فكيف يستطع الوطن الإقلاع

طائرة كوتونو كقصّة وطني الذي لم تسقطه الحرب طيلة ثلاثين سنة بل يسقط  بسبب جهل قادة وطني.
لبنان مثل طائرة كوتونو ستتفكّك أوصاله  بسبب نزاع السياسيين والطائفيين والحزبيين فيه على مصالحهم ومكاسبهم ومغانمهم.
لبنان مثل طائرة كوتونو يهوي إلى الجحيم لأن الزعماء فيه يجلسون على طاولة حوار ولا يتفاهمون.
زعماء وطني بيزنطيّو الجدال وشارون الفاتح اليهودي حول أسوار الحدود يجول ويصول.

فمن يجمع شمل زعماء وطني
فيجتمع شمل أبناء وطني.

ومتى يعتبر الزعماء في وطني
فلا يجعلونه أشلاء أوطان كونتونات طائفية
أو إدارات مدنيّة حزبية
أو يقدّمون مفاتيح أبوابه الجنوبية لأحفاد شارون.

 الأب جورج صغبيني


ليست هناك تعليقات: