2012/08/23

الكلام المباح،مجلة الأميرة،ضريبة ألـ "ت.ف.أ." (T.V.A ) الأب جورج صغبيني




ضريبة ألـ "ت.ف.أ." (T.V.A )  [1]  

الضريبة من ضرب يضرب ضربا وجمعها ضرائب أي الجزية
ضرب الجزية عليهم: أوجبها
والضريبة هي موقع الضرب من الجسد
وضرب بنفسه الأرض أي أقام فيها
ومنها أضرب في المكان أي أقام فيه
وأضرب العامل عن العمل أي أعرض وانقطع منه قصدا لغاية
والإضراب هو أن يعلن أشخاص متحالفون على شروط محددة بينهم، بوقف الأعمال والامتناع عن مواصلتها، توصلا لمطالب يبتغونها
والضريبة المضافة المتعارف عليها بالـ ت.ف.أ. هي عنوان أطلقته وزارة المالية بالذكاء الإقتصادي الذي به تعرف كيف تؤكل حتى عظام أكتاف الفقراء.
والناس في وطني ينطبق عليهم القول "محرج أخاك لا بطلا "
وبين النكتة الكبيرة والمزحة الصغيرة لا فرق فكل كلام الساسة عندنا وكأنهم في بداية شهر نيسان
ونعود إلى القاعدة لا في أفغانستان  بل في وزارة المالية التي فيها تتكاثر المواليد الضرائبية رغم صراخ الناس الذين باتوا لا حول لهم ولا قوّة على إيقاف استنزافهم وقد تآمر عليهم الذين يمثّلونهم.
إن الضريبة على القيمة المضافة والتي أضحت حديث الناس وستبقى حتى ما بعد أول شباط بداية استحقاقها وهي 10% على أسعار السلع سيكون بالطبع  تأثيرها على المستهلك اللبناني وعلى ذوي الدخل المحدود وخصوصا على الذين لا دخل لهم وكأنها مصل وترياق في جسد الخزينة إلا أنها بالتالي فقدان المناعة من جسد الطبقة العاملة الكادحة
وإن كانت ضامنة إلى حدّ ما لمكاسب الصناعيين والتجار فإنها بكل تأكيد هي عبء على المواطنين.
فهل هذه الضريبة وما سبقها وما سيليها تسدّد العجز الحاصل في الخزينة على مدى الأعوام الخوالي والمتراكمة وعلى ازدياد مّما يضطرّ إلى إجرائات جذرية لخفض الإنفاق بدلا من زيادة الضريبة على الأرزاق والأعناق
فالضريبة المعروفة بالـ ت.ف.أ. سيدفعها الناس بدون شك صاغرين بوصولات الـ "ت.ف.و." والـ "ت.ف.ي." بكل طيبة خاطر لملْ الخزينة والتعويض عن الديون المستحقّة لصناديق الدول العربية والأجنبية على السواء
إن الشعب اللبناني الذي يعلن الإضراب ضدّ القرارات التعسفية  والضرائب الظالمة لا بنزوله إلى الشارع بل يبقى قابعا في بيته ليشاهد المسلسلات المكسيكية لإسقاط وزير أو حكومة أو زعيم يملأ خزائنه وخزينته من أموال المنكوبين والمهجّرين والمساعدات العربية والدولية
هذا الشعب هو شعب يستحقّ أكثر من هذه الضرائب التي لا تؤمّن له لا استشفاء ولا شيخوخة ولا تعليما مجانيا ولا عيشا كريما ولا موتا هنيئا
فلو يعتذر المسؤولون في وطني من شعبهم ويستقيلون من إدارة مزرعة الوطن البشرية التي لم تعد تلك البقرة الحلوب بعد إصابتها بمرض الجنون ليتفرّغوا لإدارة مزارعهم  الحيوانية والنباتية
وإذا كان قادة شعب وطني هم جزّاروه فإلى من يلتجئ خراف هذا الوطن إلاّ إلى التيه في بلاد العالم هائمين على  وجوههم خلف طلب الرزق ولقمة العيش
وأتعجب من بلد بهذا القدر من الجمال كيف تكون أرضه لا تنبت إلا القطرب والقناب
وأتعجب من وطن بهذا القدر من بساطة شعبه كيف يكون قادته بهذا القدر من العسف والظلم.
إن هذه الدولة التي تفرّدت عن سائر دول العالم ببدعة الضرائب التي تقع على عاتق الطبقة الفقيرة لتزيدها فقرا لصالح الطبقة الغنية لتزداد غنى هي دولة بالطبع لا قيام لها
فلما لا تقام ضريبة مثلا على المجنّسين وعلى العمال والمستثمرين العرب والأجانب وعلى كلّ لبناني يرغب بالسفر خارج وطنه حتى ولو على سبيل السياحة والإستجمام.
ولماذا لا توضع هذه الضريبة بالذات مضافة على المضافة على النواب والوزراء ليكونوا قدوة ومثالا لشعبهم بدلا من إعفائهم من الموجَب عليهم.
كم هو مؤلم أن نعرف واقع الحال ولا نستطيع تغييره.

آذار 2002  الأب جورج صغبيني




[1] -  عدد 11  آذار 2002



ليست هناك تعليقات: