2012/08/23

الكلام المباح،ماذا يفيد الإنسان إن ربح العالم كله وخسر لبنان، الأب جورج صغبيني





ماذا يفيد الإنسان إن ربح العالم كله وخسر لبنان

نتكلّم دائما عن كلّ شيء 
وننسى أو نتناسى أن نتكلّم عن واقع حالنا
وكأنه الهروب من الذات
حتى لا نعرف آثامنا
وكأنه الهروب من المرآة
حتى لا نرى قباحاتنا
ونتوجّه لرجم الآخرين بالكلام
كما بحجارة الزنى
لنلفت نظر الناس إلى أخطاء المجدلية  بدلا من خطايانا
ونزيّن بالدعاية والإعلان صورتنا ومظهرنا
ونخفي عن الناس نتن داخلنا وأفكارنا ونوايانا في زينة قبور أجدادنا الكتبة والفرّيسيين المكلـّسة من الخارج والنتة من الداخل.
نتكلم عن الحرب المقدسة والجهاد وأفغانستان وفلسطين وطالبان وبن لادن  والأميركان.
وعن كل الناس
وعن كلّ الأوطان
إلا عن شعبنا في لبنان

شعبنا هذا الراتع في الظلم كما في الظلمة
جالس على أرصفة الشعوب الأجنبية والعربية  
يستعطي الأمن والرغيف اللذين فقدهما في وطنه وفي أرضه وفي بيته
ومقعد على مفارق الطرقات
ينتظر عجائب الشفاء
أو ينتظر طوبيا بارا
ينقله قبل موته
إلى مقبرة الغرباء.
شعبنا في لبنان جفّ حلقه من الإستغاثة
وليس من أحد يرطّب شفتيه بنقطة ماء.
والمياه في وطننا نبع الينابيع
مقطوعة من قساطل التجار
وملوّثة من نفايات قصور زعمائنا المزروعة على ينابيع الوطن

نحن شعب ضفدعي
قوّتنا في أحناكنا
وقد  ورثنا هذه الفضيلة
عن أجدادنا العرب.

نحن شعب هروب من الصعاب
يوم تدهمنا.
ونستحق مثل هؤلاء الذين يتولون علينا.
أن يزيدوا في ذلـّنا وقهرنا.

لأننا بتنا شعبا ساديّا يحب العذاب والألم
ونُوَلـِّي علينا زعماء متخصصين بأصناف فنون التعذيب
وقد أدمنّا عليهم بالوراثة
حتى ثمالة إبي نوّاس
فقبلنا بأن يستمرّوا في زعامة أولادهم وأحفادهم على أولادنا وأحفادنا.

نحن شعبٌ أبِيٌّ
نعم
وديموقراطيٌّ أيضا
لنا سيادتنا وحريتنا واستقلالنا
ثلاث كذبات كبيرة
نحلم بها في يقظتنا
نردّدها بهلوسة
ونسير تحت راياتها
إلى صناديق الإنتخابات النيابية والبلدية والإختيارية
لنقترع على أن لا سيادة لنا على أرضنا
ولا على شعبنا
ولا حتى على أنفسنا
ونقترع على تسليم ناصيتنا إلى عبودية العائلية والعشائرية والإستزلام
ونقترع على الإنتداب الدولي والإقليمي علينا وعلى مؤسساتنا الدستورية والمصرفية والتجارية وحتى التربوية واللاأخلاقية في مجمعاتنا المدنية.
ونطالب بإقتراع المغتربين
ورما سنصير كلنا مغتربين
وسبقنا المجنّسون لينتخبوا لنا وعنّا
وستسبقنا لعبة التوطين
فماذا يفيدنا إن ربحنا العالم كله وخسرنا لبنان

نحن وطن الـ 10452 وطنا
ونحن شعب الثلاثة ملايين ونصف المليون رأي
ونحن وطن " حارة كلّ من إيدو إلو"
ونحن وطن المافيا والعصابات التي فاقت مافيا وعصابات إيطاليا وسردينيا
ونحن وطن يجتمع فيه من لا وطن لهم.
ونحن وطن " الغالب والمغلوب" بالتوافق
ونحن وطن " اللاغالب واللامغلوب" بالقوة
ونحن شعب بلا وطن
ومن دون أن نخجل ونستحي
ننشد كلّ يوم كلّنا للوطن.

 الأب جورج صغبيني

ليست هناك تعليقات: