2012/08/12

أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس الأب جورج صغبيني


أسبوع الصلاة من أجل وحدة الكنائس 


إن "اسبوع الصلاة من اجل وحدة الكنائس"، أصبح تقليدا سنويا وعالميا يجمع الكنائس المسيحية، الكاثوليكية والارثوذكسية والبروتستانتية، شرقا وغربا، من 18 الى 25 كانون الثاني، في صلاة واحدة موحدة من اجل الوحدة.
لكن الوحدة في هذا الأسبوع قد تحققت فعلا على صعيد المؤمنين وتنتظر قرار المسؤولين من رجال الدين.
فمنذ أكثر من مئة عام وفي اسكوتلندا بالتحديد بدأت الحركة المسكونية. واستمرت الصلاة، وباتت العلاقات بين الكنائس تتقارب، بعيدا عن الحوار والجدل.
الهدف تحقق... في ظل استمرار الخلافات العقائدية وبقاء رجال الدين على مواقفهم.
الأسبوع حقق الهدف الذي أقيم من اجله.
الهدف هو الوحدة،
والوسيلة هي الصلاة،
بمعنى انه ليس في حركة الصلاة من أجل الوحدة الكثير من المناقشات اللاهوتية وغيرها، إنما تقتصر على اللقاء والصلاة، وأحيانا، تلقى عظات تحت عنوان "ليكونوا واحدا" على أن يحقق المسيح هذه الوحدة كما يشاء".
إن "العلاقات بين مختلف الكنائس المسيحية، والمسيحيين ككل، خلال الأعوام المئة الماضية، أفضل بكثير مما كانت عليه في السابق، من ناحية التقارب في سبيل الوحدة".
هدف الحركة المسكونيّة جعل من الكنائس كنيسة واحدة، ولو بطوائف مختلفة.
فالمسيح ليلة آلامه صلى من أجل الوحدة: ليكونوا واحدا كما أنا وأنت أيها الآب واحد.
ومنذ عام 1740، بدأت رحلة "الصلاة من أجل كل الكنائس ومعها" من منطقة اسكوتلندا .
وعام 1820، من أجل الوحدة العامة للمسيحيين.
وبعد 20 عاما، عام 1840، كانت ولادة "إتحاد صلاة من أجل الوحدة".
كذلك، أصرت الجمعية العامة الأولى للأساقفة الأنغليكان في لامبث عام 1867 على صلاة من اجل الوحدة.
وفي سنة 1894، شجع البابا لاوون الثالث عشر على ممارسة "ثمانيّة أيام صلاة من اجل وحدة الكنائس في زمن العنصرة.
وللمرة الأولى، احتُفِل بها في غريمور في نيويورك عام 1908، من 18 كانون الثاني الى 25 منه، وقد اختير ما بين هذين اليومين لمصادفتهما بين عيدي "قيام كرسي بطرس" و"ارتداد بولس". ومنح البابا بيوس العاشر "ثمانية الصلاة" بركته الرسمية عام 1909.
وفي عام 1960، سمح المجمع الفاتيكاني الثاني بدخول الكنيسة الكاثوليكية الحركة المسكونية، وبإقامة تعاون بين الأمانة العامة لـ"إيمان ونظام" والأمانة العامة لوحدة المسيحيين في الفاتيكان. وأول ثمار الوحدة توجتتها تلاوة البابا بولس السادس وبطريرك القسطنطينية المسكوني اثيناغوراس معا صلاة الـ"أبانا" باليونانية واللاتينية في القدس في 5 كانون الثاني 1964.
فالجدل بين إله مثلث الأقانيم ونؤمن بالروح القدس المنبثق من الآب والإبن، وإله متسلسل الأقانيم ونؤمن بالروح القدس المنبثق من الآب بالإبن لا يمس وحدانية الله.
وحتى مع المسيحيين والمسلمين في لبنان بعد توحيد عيد البشارة في 25 آذار 2010، وجعله عيدا وطنيا للمسلمين والمسيحيين معا كمبادرة للوحدة الوطنية فإنه لا ضير في:
توحيد الصلاة المسيحية: باسم الآب والإبن والروح القدس،
مع صلاة المسلمين: باسم الله الرحمن الرحيم،
في صلاة واحدة هي: باسم الله الآب، والإبن الرحمان، والروح القدس الرحيم.
وإن كان توحيد الصلوات هذا أمر لا يَعتقدُ به البعض من رجال الدين. فلنعد بالمناسبة إلى الخوري عسيران الذي جمع في قداسه صلاة الآذان عند المسلمين بالصلوات المسيحية فكان ظاهرة فريدة سابقة لعصره.
نسير ببطء! نعم، لان الخلافات، تتطلب وقتا لتخطيها، لكن ليس حتى نهاية العالم.
"الشراكة حصلت الى حد ما بين بعض الكنائس. وعلى سبيل المثال ما حصل من تقارب وحوار بين الكاثوليك والأرثوذكس، ولا تزال هناك نقطة عالقة هي أوّلية البابا. وما الضير في أن يكون هناك مترئس بين الإخوة في البطريركيات الخمس: روما اللاتينية والقسطنطينية الأورثوذكسية وأنطاكية المارونية وأورشليم العربية والإسكندرية القبطية. بالإضافة إلى البروتستانتية والأنغليكانية... فالمسيح أطى سلطانه لجميع رسله وخصص بطرس بأن تكون في يده مفاتيح الحلّ والربط...
كان عيد الفصح المسيحي يأتي بعد الفصح اليهودي أو بعد هلـّة 14 نيسان، وفي بداية القرن الأول، كانت هناك اكثر من مناسبة للصلاة، ولم يتوحد عيد الفصح قبل عام 325، بقرار ملكي سياسي أكثر منه ديني، علما ان اختلافا في موعده حصل مجددا في القرن السادس عشر".
فالشعب لا تعنيه التواريخ بل يريد عيدا موحَّدا ولا زالت الأمور حتى اليوم عالقة في جوارير رؤساء الكنائس، رغم الصلوات الموسمية من أجل وحدة الكنائس.
إن الشعوب غالبا ما تسبق رؤساءها في مسيرة الحوار والتقارب وحتى في التزاوج والتحرر من تعقيدات القوانين الكنسية فينحو الناس إلى المنحى المدني الذي غالبا ما تعترف به الكنيسة لاحقا.
إن فاعلية الصلاة في هذا الأسبوع، وبالمشاركة التي تتم في لبنان من أناشيد وتراتيل طقسية من كل كنيسة ومع بعضها البعض، يحقق تقاربا، وهو مقدمة لوحدة الكنيسة. فلماذا لا تكون كل الأسابيع الإثنين والخمسون صلاة شكر للمسيح بعد تحقيق هذه الوحدة.
فمثلا في قبرص قررت الكنيسة المارونية الإحتفال بعيد الفصح مع الكنيسة اليونانية الأورثوذكسية، وبالمقابل فإن بطريرك الكنيسة الأورثوذكسية ورئيس جمهورية قبرص قرّرا، مقابل قيام الكنيسة المارونية بهذه المبادرة، أن يكون عيد مار مارون عيدا رسميا ويحضر رئيس الجمهورية والبطريرك الأورثوذكسي قدّاس العيد الذي يحتفل به الأسقف الماروني في قبرص.
فإن كان المبدأ، الأقلية تتبع الأكثرية. فالعيد في لبنان يصير على مثال المبادرة القبرصية أن يحتفل الإخوة الروم الأورثوذكس مع الإخوة الموارنة في عيد واحد وفي القدس يبقى العيد تابعا للطقس الأورثوذكسي لا اللاتيني بعد عيد اليهود مباشرة.
وإن كان المبدأ شرقا وغربا فليكن العيد الشرقي للشرقيين والغربي للغربيين ولكننا نعود من حيث ندري إلى كنيستين لنصلـّي من أجل وحدتهما.
وإن كان المبدأ أكثريا فلتتبع سائر الكنائس الكنيسة الأكثر عددا.
كلها تأويلات يتداولها أصحاب الشأن، ولكن متى نحظى بجواب عن هذه الوحدة.

محاولة توحيد عيد الفصح في بسكنتا
حادثة جرت يوم كنت مسؤولا عن خدمة راهبات دير مار ساسين 1982- 1989،  قمت بزيارة كهنة الرعايا الأب فرنسيس حبيقه خادم كنيسة السيدة ومار جرجس والخوري بشارة النجار خادم كنيسة مار أنطونيوس ومار روكز والخوري جورج والخوري نقولا خادمي كنيستي السيدة ومار جرجس للروم الأرثوذكس وكاهن رعية مار الياس للروم الكاثوليك والخوري بطرس خادم رعية بقعاته وراهبات دير مار ساسين وراهبات مدرسة البيزنسون وراهبات دير بقعاته للروم الكاثوليك، وبدأنا حينها بالدعوة لقيام زياح القربان في بلدة بسكنتا يوم خميس الجسد وكان التجاوب من كهنة بسكنتا وراهباتها وكان الزياح ينطلق كل سنة من كنيسة السيدة للروم الأرثوذكس إلى كنيسة دير مار ساسين وحين تسلمي خدمة رعية مار يوسف ومار بطرس سنة 1984، كان إجتماع دوري كل ثلاثة أشهر بين الكهنة والراهبات لتعزيز النشاطات في بلدة بسكنتا وقررنا قيام أسبوع صلاة من أجل وحدة الكنائس وتمّ الإتفاق على أن تغلق جميع كنائس بسكنتا طيلة أسبوع الوحدة ليقام قداس واحد وصلاة واحدة من أجل الوحدة، في كلّ كنيسة من كنائس بسكنتا مداورة وأن لا يقيم كاهن منّا الصلاة والقداس في كنيسته وتقاسمنا ككهنة الأدوار على أن أحتفل بالذبيحة الإلهية في كنيسة مار جرجس للروم الأرثوذكس والخوري نقولا بو حيدر في كنيسة مار يوسف والخوري فرنسيس في كنيسة السيدة للروم الأورثوذكس والخوري بشارة في كنيسة مار الياس للروم الكاثوليك والخوري جورج بو حيدر في كنيسة مار جرجس للموارنة... وهكذا أكملنا مداورة جميع كنائس بسكنتا وكهنتها وختمنا أسبوع الصلاة في كنيسة السيدة للموارنة... والمعروف أن بسكنتا تعيش هذه الوحدة في تزاوج أبنائها إذ لا ترى بيتا روميا أورثوذكسيا يخلو من إمرأة مارونية ولا بيتا مارونيا يخلو من إمرأة أورثوذكسية... المهمّ أن أسبوع الصلاة من أجل الوحد في الكنيسة انتهى بقرار من الكهنة جميعا أن يصار عيد الفصح التالي في كنيسة السيدة للموارنة على أن يتبعه العيد في السنة الثانية في كنيسة السيدة للروم الكاثوليك  وفي السنة الثالثة في كنيسة مار يوسف  وهكذا دواليك في كل سنة في كنيسة للموارنة أو الكاثوليك وفي السنة التي تليها في كنيسة للروم الأورثوذكس وكانت الفرحة تعمّ قلوب أبناء بسكنتا جميعا لهذا القرار.
القصّة هي أن سيادة المطران خضر أرسل مستدعيا الخوري نقولا بو حيدر ليسأله عما يحدث في بسكنتا فأخبره بواقع الأمر فأصرّ المطران جورج خضر أن لا يتكرر هذا الأمر وإنّ المطران هو من يقرر وحدة الكنيسة وأعيادها... وكان جواب الخوري نقولا لسيادته بأن الإحتفالات قد تمّت وإن نتائجها وحّدت أبناء البلدة أكثر فأكثر... لكن الأسقف أصرّ على موقفه.
وذات القصة كانت مع سيادة المطران مخايل ضوميط الذي التقيته في رياضة الكهنة فأشاد بخدمتي للراهبات في دير مار ساسين ولرعية مار يوسف ومار بطرس في بسكنتا وأضاف متسائلا كيف كان أسبوع الصلاة من أجل الوحدة؟ فكان جوابي: هذا بحسب توجيهات سيادتكم والصلوات التي توزعها الكنيسة طيلة هذا الأسبوع نصليها مع جميع أبناء بسكنتا موارنة وكاثوليكا وأوثوذكسا. فكان جوابه: لماذا أنت مستعجل على وحدة الكنائس.
وفهمت من صاحب السيادة كما فهم الخوري نقولا من أسقفه أن عملنا هذا سابق لأوانه وعلينا انتظار قرار الوحدة من رؤسائنا ومراجعنا الروحية. ورغم هذا القرار من المسؤولين الكنسيين فإن أبناء بسكنتا لا يزالون على وحدتهم خارج قرارات الكنيسة. وتوقـّف مشروعنا طاعة منّا لرؤسائنا، وبانتظار قرار الكنيسة، لتحقيق توحيد عيد الفصح، الذي لا تزال الكنيسة تدعو كل سنة للصلاة من أجله تحقيقه. ويبقى العيد عيدان ولا زلنا نصلي من أجل وحدة الكنيسة!؟...
                                      الأب جورج صغبيني





ليست هناك تعليقات: