2014/05/05

قداس عيد الديرعلى اطلال وأنقاض كنيسة مار الياس 1996 الأب جورج صغبيني


قداس عيد الديرعلى اطلال وأنقاض كنيسة مار الياس 1996

بعض صور المناسبة

ما تبقـّى من الكنيسة

الأب يوحنا الحاج والأب الياس أندريا والأب جورج صغبيني وجوقة مار أنطونيوس الدوار

الوزير إيلي حبيقة يقرأ رسالة مساء عيد مار الياس

رهبان ونواب ومخاتير ورؤساء بلديات وأبناء المنطقة يشاركون أبناء الكحلونية في ليلة عيد مار الياس

كلمة الأب جورج صغبيني في افتتاح المهرجان برعاية وحضور معالي الوزير الياس حبيقه ليلة عيد مار الياس.

غيرةً غرتُ على بيتكَ. (2 ملوك 19/13)

معالي الوزير الياس حبيقه

حضرات السادة النواب الكرام

حضرات رئيسات ورؤساء الأديار والمدارس الأجلاّء

حضرات رؤساء البلديات والمخاتير الكرام

أيُّها الأخوة المؤمنون.

النبيُّ التشبيُّ،

المهجّرُ من جَنوبِ الجَنُوبْ

من حكومةِ آحابَ

التي قَتَلَتْ شعبَها لترثَ كَرْمَهُ،

لم يَنَلْهُ من ظَلامَةِ اليهودِ له ما نالَهُ من أبناءِ أرضه في لبنان.

هو صورةٌ

لجماعتِهِ المهجَّرةْ

نحو الشمالِ

لا صارِفَةَ صيدا

حيثُ لا أرملةٌ تُؤْوِي

ولا معجنٌ يفيض بالكفافِ.

ويأتي النبيُ

اليومَ

ليشاركَ في العودةِ

فيقاسمَ اليتيمَ المأوى بدونِ سَقفٍ

ويقاسمَ الأرملةَ قلقَها على الغدِ

قَلَقَها على مصيرِ وحيدِها وَطَنِها.

وإنِ انحَبَسَتِ السماءُ

على أيامِ النبيِّ

لسنواتٍ

هي رمزٌ للموتِ الذي تليه القيامةُ والبعثُ.

فبصلاةِ شعبٍ

انفتحَتِ السماءُ ونزلَ الصدِّيقُ

وانهطلَ الرجاءُ كما الندى على الطِّلِ

وفاضتِ الأرضُ بالغلالِ

ليعودَ حنينُ العنقودِ الى المعصرَةْ

ويعودَ حنينُ المعولِ الى الأرضْ.

ورمى النبيُّ سيفَهُ،

ليجعلَ من الآت الحرب محراثاً.

لأننا لم نَشَأْ أن يُغمدَ حتى في نحورِ أَعدائنا،

لئلا يُقتلَ به بريءٌ،

أو يراقَ بسببه دمٌ زكيٌّ.

ليسَ السيفُ من شيمِ القديسينَ،

ولا السلاحُ زينةَ الأولياءِ والأنبياءِ.

رمى النبيُّ سيفَه

رافعاً يدَهُ نحو العلاءِ

داعياً إلى الالهِ الواحدِ الأَحَدِ

داعياً الى الوطن الواحد الأحدِ.

داعياً اليوم أبناءَ هذه المنطقةِ،

أن يحتفلوا في كَنَفِ ردائهِ العجائبي،

الذي يهدُمُ كلَّ حاجزٍ،

من أجل التلاقي،

في كنف ردائه المظلّةِ الواحدةِ

يَجمَعُ تحتَه أبناء المنطقةِ الواحدة،

وأبناء البلدة الواحدة.

مع النبيِّ

ندعو اليوم إخوةً لنا في هذه المنطقة لنجتمعَ ونقيمَ معاً يوبيلَ الألف الأولِ للعيش المشتركِ في عائلةِ الوطنِ الواحد من قنوبين الى وادي التيم من الديمان الى الخلواتِ من الكسليك الى المختارة.

ألفُ سنةٍ مضت،

وهي كيوم أمسٍ الذي عبرْ.

ندعو لأن ننسى فيها أَلَمَ الجراحِ الثخانِ

يُكَفكِفُ الواحد للآخر الدموعَ

ننزعُ مَواطنَ الأَحقاد لنعودَ الى شِيَمْ وفضائل الأجداد

نغرُفَ منها حُسْن الجيرة والسِدقَ في المعاملة

عاملين بظلِّ قيادات روحية ومدنية حكيمة،

لنا في قراراتها ملءُ الثقةْ

فيأمنُ الضعيفَ لغَدِه

وينالُ المظلوم حقَّه.

كم نحن اليومَ

بحاجةٍ الى نبيّ

لا حاملاً سيفاً

لا حاملاً كفناً

ولا معزِّياً في مأتم الوطن

بل يشاركُ بفرحِ البناءِ

بفرحِ اللقاء.

نبيٌّ

نُريدُه قائداً

فيه أملُ المستقبل

لا ذكرياتِ الماضي

ولا البكاءُ على الطللِ

قائداً صورته في أحداقِ الشباب رجاء الغدِ

وصوته في زغردات الصبايا والصَدى

فيا معالي الوزير الياس حبيقه

ضَعْ يَدَك مع شفيعك في هذه المنطقة

لتنيرَ العتمةَ فيها وقد أنرتَ

لتتدّفق الينابيعُ من الأرض كما من السماء

بعد انحباسٍ

وقد فعلتَ في الأمس القريب

وسَلَكَتْ قبلِكَ الدروبُ لأنّك آتٍ

ونطلبُ المزيدَ من بحركَ الطامي

وننتظرُ أكثرَ من قولِ النَعَمْ.

هو الشبابُ همُّنا

هم مداميك رجالٍ مرصوفةٍ لا يخترقُها مُقاولٌ

هم الوسْطُ من عقدِ الجيدِ لا يباعون لتاجرِ كلامٍ

صلابُ العودِ

شُهُمُ الجباهِ

أُمناء على الوعد إن وعدوا

وأوفياء بالعهود إن عاهدوا

شبابُ الكحلونية وحارة حمزة وعين موفق وقتالة وراس الحرف والجوار من محيط دير مار الياس هُمُ الصخرةُ الصلدةُ التي ينحطمُ عليها كلُّ مقارعٍ

ولو أُثخنتِ فيهم الجراحُ

كما النبيُّ الواقفُ هنا في هذا المقامِ

ولم يَسقطْ ولم يقَعْ

مع ما أصابهُ بهِ الجهلُ.

كأبنائهِ

الذين لا سيف بيدهم

بل زهرةً لا شوكَ فيها

كأجدادهم الأُباة

أَتوا من عظائم الاعمالِ ويأتونَ ما يفخُرُ به الأحفادُ من بعدُ

يَدَكَ بيدهم يا معالي الوزير

فتمتلئُ، خوابي أفكارهم القلقة، طُمأنينةً

وجدارُ أجسادهم يزداد صلابةً وتصبحُ صَلْدَةً على غدرِ الزمنْ

وتفيضُ البركةُ في معاجنهمْ من ثمار عرق الجبينِ كفافاً

كشفيعك يا معالي الوزير

كَفْكِف ما بقيَ من دموع الذكريات في زوايا الأحقادْ

لَمْلِم الأطلالَ فتعلوا مداميك البناءْ

ولنا عليك اليوم عهدٌ ووَعدْ

أَن بدل الأطلال قريةً جديدةً

عسى حَجَرُ أساسها بساعِدِكَ يُثبَتُ

في مشروعِ التعاونيةِ السكنيةِ-الكحلونية

فلا يعودُ يتزعزعْ

وعسانا نراك في عهدٍ آتٍ على شِبْهِ نبيٍّ وأكثرَ من نائبٍ ووزير.

وما قَبلَ الختام

إنَّ الرهبانية في يوبيلها المئوي الثالث لتأسيسها تعود اليوم بعد أكثر من مئَتي عامٍ الى الكحلونية في ديرها مار الياس وكأنّها آتية للمرَّة الأولى كعام 1765.

تدعو معاليكم لتضعوا يدكم بيدها

فتُعيدوا الى المدرسةِ قرطاسها والقلمْ

وتعيدوا الى كنيستها جَرَسها والنغمْ

وتُعيدوا الى الدير عُهُوْده الخوالي

ولن نقدِّم لكَ مفتاح الدير

لا لأنَّ لا أبواب له،

منهدمٌ،

ولا لأنّك ضيفاً حللتَ فيه كريماً مع زُمَلائِكَ السادة النوّاب

بل لأنَّ المقام هذا هو بيتٌ من أحد بيوتك في أديار الرهبانية اللبنانية المارونية

وفي هذا المهرجان الأوّل بالذات

بحضوركم يا معالي الوزير وصَحْبِكم الكرام

الذي ليس هو مهرجاناً سياسياً

ولا هو مبايعةً من أبناء المنطقة للائحة معاليكمْ

بل نترك لشفيعك مار الياس صاحب هذا المقام

أن يكافئَكَ خيراً على ما أنرتَ فأبعدْتَ الظلالَ

وعلى ما عبَّدتَ من وَعْرٍ

وعلى ما أفضت من مياه بعد انحباس وجفاف

لِشفيعكَ صاحب هذا المقام وهذه القرى وأبنائها أن يُلْحِفَكَ بردائه العجائبي وهو أصدق مبايعة لك منه ومن الذين يكرّمونه في هذا اليوم.

وفي الختام

تهانينا لمعاليكم بالعيد ولرئيس هذا الدير الأب الياس أندريا ولجميع الذين تَسَمّوا باسم النبيّ من أبناء هذه الرعية وسائر البلدات الأقرباء والبعداء.

جَعَل الله هذا العيد خيراً على هذا المقام وعلى هذه المنطقة وشَمَلَ كلَّ لبنان بشفاعته. وكلُّ عيد وأنتم بخير.

 
 

ليست هناك تعليقات: