2014/05/17

الكردينال مار بشاره بطرس الراعي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق إلى الأرض المقدسة في فلسطين المحتلّة الأب جورج صغبيني


الكردينال مار بشاره بطرس الراعي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق إلى الأرض المقدسة

البطريرك بشارة الراعي بعد زيارته الى سوريا في شباط عام 2013، لأبناء رعيته هناك التي تضم ثلاث أبرشيات، وشارك في عيد مار مارون وكذلك شارك في حفل تنصيب البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريركا على أنطاكية وسائر المشرق للروم الأورثوذكس، يشارك في أيار 2014 بزيارة البابا فرنسيس الى الأراضي المقدسة في فلسطين المحتلة.

من المعروف أن وجود عدد من أديار الرهبانيات المارونية في الاراضي الأراضي المقدسة أو فلسطين المحتلّة أو إسرائيل كما يسمّيها البعض، ووجود أبرشية مارونية يرعاها المطران موسى الحاج وكان عليها سابقا المطران بولس صياح لفترة 16 عاما، بعد أن كانت تابعة لمطرانية صور والأراضي المقدسة في أيام المطران يوسف الخوري وأسلافه... وقد أسس البطريرك الياس الحويّك النيابة البطريركية المارونية في القدس حين كان أسقفا، لخدمة الموارنة الموجودين فيها وفي القرى المسيحية في فلسطين منذ ما قبل العهود العثمانية.

وكانت الزيارات تحصل بشكل طبيعي ودون أي تعليقات سياسية... وكذلك هي زيارة البطريرك الماروني في هذا السياق وليست الزيارة كما يحلو للبعض من المعلّقين على هذه الزيارة فحسبوها اعترافاً بالكيان الإسرائيلي أو تطبيعاً معه.

فالبطريرك الراعي هو البطريرك الذي زار الجميع في لبنان مسيحيين ومسلمين ودروزا ودول العالم في الإغتراب... وذات الأبواق علّقت على بعض زياراته لتلبسها طابعا سياسيا في حين مضمونه لا يتعدّى الطابع الكنسي. ولا يمكن أن تمر زيارة البطريرك بشارة الراعي الى القدس في أيار المقبل مرور الكرام عند بعض المعلّقين ليدلوا بدلوهم حتى في الشؤون الدينية المحض.

فإن كان الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير لم يرافق البابا يوحنا بولس الثاني في رحلته الى الاراضي المقدسة وإلى سوريا فليست هذه قاعدة المسيحية رغم وجود ممثلين عن البطريرك في الأراضي المقدسة ورغم إنشاء مركز للبطريركية في القدس من قبل البطريرك يوحنا الحاج... فالزيارة ليست سياسية كما وليست تطبيعا للعلاقات اللبنانية الإسرائيلية فهناك دولة في لبنان تقوم بهذا الدور السياسي.

إن أبعاد زيارة الكردينال الراعي للأراضي المقدسة تتخطى السياسة والنزاعات، ويقول النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم: إن الذهاب الى القدس لا يعني الاعتراف باسرائيل، فموقف البطريركية المارونية معروف. ولكن هناك واجبات تجاه البابا وزيارته أولا وتجاه أبناء الرعية في فلسطين ثانيا. وعلى الرغم من أن البابا فرنسيس ليس أول حبر أعظم يزور القدس، يعتبر مظلوم الزيارة مناسبة تاريخية تفرض على الراعي أن يكون موجودا. ويدعو الى عدم إعطاء الموضوع أكبر من حجمه، لا علاقة للموضوع بالتطبيع، فالبطريرك ليس سلطة سياسية، هو يزور رعاياه لا أكثر. وستبقى اسرائيل في نظر بكركي دولة مغتصبة، محتلة، حرمت شعبا من وطنه واعتدت على لبنان. أما بالنسبة لرفض صفير هذه الزيارة فلانه لديه وضع مختلف، والظروف اليوم بنظر الراعي مغايرة. كما وإن العرب يقدمون لها أكثر بكثير... والراعي يزور الرعايا وليس الدولة، على غرار زياراته لباقي البلدان وخاصة سوريا.

وتساؤلات البعض هي من باب التخوين والعمالة بالتأكيد. وليست تساؤلاتهم بريئة بالطبع. ولكن ورغم مواقف وعلاقة بعض حكام العرب بإسرائيل فهذا البعض يريد توريط زيارة الكاردينال الراعي المحصورة بالرعايا الموارنة بالسياسة. وذهاب البطريرك الراعي إلى القدس... من 24 الى 26 أيار 2014.في زيارة رعوية ليست تطبيعاً مع اسرائيل... والقدس وبيت لحم ليستا حكراً على اسرائيل.

وإنّ التقارب الجغرافي بين موارنة لبنان ووموارنة فلسطين المحتلّة ليست أكثر من التقارب بين دروز لبنان ودروز إسرائيل... وإن الفلسطينيين يتعاملون مع اسرائيل كأمر واقع، وتربط بعض الدول العربية بمعاهدات سلام ولإسرائيل فيها سفراء.

فالبطريرك الراعي يسعى من خلال شعاره "شركة ومحبّة" تخطّي كل العوائق والحدود، وحركته الدائمة وزياراته الخارجية تؤكد أنّ الكنيسة تتّبع نهجاً جديداً غير الإنغلاق والعزلة مع العِلم أن عدم ذهابه لا يُحرّر فلسطين وذهابه لن يكون تطبيعا مع إسرائيل.

فالذين يريدون تعكير المياه والصيد في الوحول لن يكون صيدهم موفّقا وسيعودون بخفّي حنين حين تهدأ الزوبعة الإعلامية.

يقول النائب البطريركي العام المطران بولس صياح: إن البطريرك الراعي سيزور الأراضي المقدّسة ضمن الوفد الذي سيرافق البابا، ففي فلسطين رعية مارونية تستحق زيارته. وهي زيارة رعوية والراعي ليس ذاهباً لهدف سياسي او للتطبيع مع اسرائيل، ومن حقّ أيّ مسيحي في الشرق زيارة الاراضي المقدّسة لأنّ القدس وبيت لحم ليستا حكراً على اسرائيل بل هما لجميع المؤمنين في العالم، وهذا الأمر ينسحب على مسيحيّي لبنان ومسلميه... وإنّ أي صوت تخوينيّ قد يصدر، يعبّر عن حقد دفين، وينمّ عن أهداف سياسية غير بريئة. فالموارنة يقفون الى جانب القضية الفلسطنية، وإنّ لبنان هو آخر بلد عربي يوقّع معاهدة سلام مع اسرائيل.

موارنة فلسطين

يهدف الراعي من خلال زيارته الى اعطاء موارنة فلسطين أملاً بتمسّكهم بأرضهم أكثر. مع العلم إلى أن الوجود الماروني في فلسطين يتكوّن من نائب بطريركي يقيم عادة في القدس منذ عام 1895، لخدمة الفلسطينيين الموارنة الذين يسكن معظمهم مدن الجليل وقراه في شمالي فلسطين.

ويعيش في القدس 44 عائلة مارونية، تقيم داخل أسوار القدس القديمة قرب باب الخليل. وينتشر الموارنة، وفق آخر إحصاء نشره مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، في المناطق الشمالية القريبة من الحدود اللبنانية، ويقارب عددهم 7 آلاف ماروني بقدر عددهم تواجدهم في قبرص.

ويصل عدد الموارنة في حيفا وحدها الى 3500 نسمة، وهو أكبر حضور ماروني في فلسطين. وتشير الوثائق المارونية إلى أنهم قدموا إلى حيفا من لبنان عام 1677.

ويتواجد الموارنة في مدينة عكا منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي، وقد مارسوا طقوسهم الدينية في بقايا مبنى صليبي قديم يعود بناؤه إلى القرن الثالث عشر. ويبلغ عددهم هناك نحو 300 نسمة.

وتفيد الوثائق المارونية والفلسطينية أنّ الموارنة هم أقدم سكان الناصرة المسيحيين، حيث استدعاهم الرهبان اللاتين من لبنان عام 1630، لمساعدتهم في تعمير الناصرة، واستعانوا بهم في بناء الدير والكنيسة. وقد ورد في سجل الطائفة، المحفوظ في الكنيسة المارونية، فقرة يعود تاريخها إلى عام 1769، تشير الى أنّ كاتبها سافر إلى جبل لبنان، وقابلَ البطريرك يوسف الغسطاني وأخبره عن حال الطائفة، وطلب منه أن يرسل لهم كاهناً، فاستدعى رجلاً إسمه لويس، رسمه وأرسله مع الكاهن إلى الناصرة. وطلب هذا الخوري بواسطة إبراهيم الصباغ، رئيس كتَّاب ضاهر العمر، مَحلاً للعبادة، وهكذا كان. ويبلغ عدد الموارنة في الناصرة اليوم نحو ألف شخص.

... وَضعنا هنا كوَضع كلّ المسيحيين

يقول رئيس أساقفة حيفا والأراضي المقدسة للموارنة المطران موسى الحاج عن وضع الموارنة في فلسطين: يبلغ عددنا نحو 7500 نسمة، عدا عن اللبنانيين الذين تركوا بلدهم قسراً عام 2000 ويقدّرون بـ 2500 نسمة، مؤكداً أن لا هجرة لافتة للموارنة، بل على العكس هم موجودون ويريدون العودة الى قراهم المهجّرة منذ عام 1948، أي الى كفربرعم والمنصورة.

وإن زيارة البطريرك الراعي ستكون رعوية في الدرجة الأولى للموارنة خصوصاً وللمسيحيين عموماً. وإنّ هذه الزيارة ستحمل الأمل والرجاء لمَن يؤمنون بدَور بكركي، وبشخص غبطة البطريرك المعروف بمواقفه على نصرة المظلوم والمقهور والمعذّب. فالجميع ينتظرونه لأنّها المرة الأولى لزيارة بطريركٍ ماروني إلى الاراضي المقدسة.

 
2

ليست هناك تعليقات: