2014/05/03

كتاب دير ومدرسة مار الياس - الكحلونية يوبيل 250 سنة على تأسيسه الأب جورج صغبيني


كتاب دير ومدرسة مار الياس - الكحلونية يوبيل 250 سنة على تأسيسه

الأب جورج صغبيني

تاريخ

دير ومدرسة

مار الياس - الكحلونية

1765- 2015

يوبيل 250 سنة على تأسيسه

لبنان 2015

إهداء

الى الرهبا ن الأوَّلين الذين جاؤوا الى مزرعة الكحلونية فجعلوها ديراً ومدرسة وكروما وجنائن...

الى الشركاء الأوائل اللذين بمعية الرهبان جعلوا من المزرعة بلدة.

الى الأميرين موسى وشديد اللمعين اللذين باعا مزرعة الكحلونية الى الاب العام اقليموس الكفرذبياني .

الى ابناء هذه المنطقة من الكحلونية وحارة حمزة ورأس الحرف وقتاله وعين موفق والعبادية الذين اعطوا الرهبانية والكنيسة كهنة ورهبانا وراهبات وعملوا من اجل عمران هذه المنطقة ومن اجل خير الوطن.

الى الذين ماتوا في ارض الكحلونية فتشاركوا في مدافنها بعد موتهم كما في جرن عماد كنيسة شفيعهم النبي ايليا بعد ان عاشوا من خيرات منتوجات عرق جبينهم وجهد سواعدهم.

إلى الشهداء الذين سقطوا ذودا عن البلدة من رهبان وعلمانيين عبر تاريخها...

الى الاحفاد الذين سيحفظون الوديعة كما الاجداد الذين أورثوها...

الى العائدين بعد تهجير قسري فرض عليهم طوال عشرات السنين ليجدوا ما تركوه من بيوت وجنائن لم تعد في الوجود.

الى الذين ولدوا في الشتات بانتظار العودة إلى جذورهم.

اقدم كتابي هذا دليلا لهم يقرأون فيه ماضيهم وتاريخهم من اجل صناعة مستقبل أفضل ومن اجل عدم السقوط في تجربة النسيان وامِّحاء الذاكرة.

الأب جورج صغبيني

تمهيد

ليس بين ايدينا الكثير الكثير من المراجع والمعلومات عن دير مار الياس الكحلونية وذلك بسبب فقدان معظمها في حرب الجبل 1983 حين نُهب الدير وفُجِّرً وهُدِّم بمجمله مع كنيسته ومدرسته وقطع أشجار جنائنه وكرومه.

واننا إذ نجمع بعض البقايا من الكتب والمحفوظات في السجلات. فإنَّما غايتنا هي لنبقي على ذكرى هذا الدير والذين سكنوه منذ تأسيسه وحتى اليوم. دلالة على استمرارية الارادة الرهبانية في البقاء رغم ما اعترى هذا البقاء من اخطار من الداخل والخارج ومن هدم ونهب وحرق ممتلكات وقتل رهبان .

إن غاية الرهبانية حيث تجذرت هي ان تكمل مسيرتها التي ابتدأتها منذ تأسيسها. تجبل الأرض بعرق الجبين والدم وتجمع من حول الأديار ابناءَها شركاء الصلاة ولقمة العيش ونبع الماء، فاتسعت الرقعة الجغرافية وازداد عدد المقيمين في جوار الدير وكتبوا تاريخ بلدة دير مار الياس الكحلونية وعرف الدير باسم أهل وبلدة دير الكحلونية وتمازج الإسمان ليشيرا إلى جماعة رهبانية علمانية نمت مع نصوب الزيتون والصنوبر والكرمة والتين وكأنّ الدير ناطور على البيوت المجاورة له ومخزن أهراء فيض المواسم ليوم الضيق.

في جوار الدير نشأ أبناء بلدات الكحلونية وحارة حمزة وعين موفق وقتالة والعبادية وبعلشميه وراس الحرف وفي حضنه الدير ترعرعوا بالقامة والنعمة والفهم:

بالقامة نموا بما حصلوه من كفاف بتعب الجبين

وبالنعمة نموا من بركة جرن العماد ومذبح القرابين

وبالفهم نموا من مدرسة الدير التي فتحت أبوابها منذ نشأة الدير لتعلِّم الأولاد على الصلاة والقراءة، على لغة الله ولغة الناس...

حمل الدير مشعل التعايش في الوطن حين جعل في هذه المنطقة من مزرعةٍ قريةًً ومن أطلالٍ ديراً، ودفع ثمن هذا التعايش دماء رهبانه وأبناء القرى المحيطة به فكرسّت ارتباطهم وتجذرهم بهذه الأرض والتزامهم وانتماءهم الى الوطن الذي هم من أسّسه ودعائمه.

إنّ دير مار الياس الكحلونية هو كسائر أديار الرهبانية الشوفية التي أصابها ما أصاب شعبها من ويلات ودمار ودفع ضريبة الدم في معارك لا ناقة لهم غيها ولا جمل بل كانوا هم دائما ضحيتها.

إنّ دير مار الياس إذ ينفض رماد المحنة عن أجنحته ليعود فيبني صروح المستقبل من مداميك الارادة الصلبة في العودة الى الديار لمتابعة المسيرة التي شاء له المؤسسون.

هذا الدير الذي شاء مؤسسوه أن يبنوه على شفاعة إيليا النبي وقد صوروه في حنية كنيسة الدير رامياً سيفه أرضاً رافعاً يده داعياً لوحدانية الله يجدد دعوته اليوم أيضاً الى وحدانية الوطن في أرضه وشعبه.

وما صفحات هذا الكتاب التي نجت وبقيت من تاريخ هذا الدير الذي نُهِب وأُحرِق مراراً وقُتِل رهبانه وهُدِمت مداميكه إلاّ قصة لدوره الوطني والديني،الروحي والثقافي، الإجتماعي والزراعي في هذه المنطقة.

فعسى رفات الأجداد المبعثرة من حول مقابر الدير والبلدة تكون خير بذارٍ للعودة من أجل التجذر في العقيدة والأرض ووحدة الرأي والقرار لعدم الدخول في تجربة من تجارب الزمن الآتي.

الأب جورج صغبيني
 

 

ليست هناك تعليقات: