2014/05/03

البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون الأب جورج صغبيني


البابا القديس يوحنا الثالث والعشرون Ioannes XXIII هو البابا الواحد والستون بعد المئتين (261) من 28-10- 1958 إلى 3-6-1963

هو آنجلو جوزيبي رونكالي، اختار إسم يوحنا الثالث والعشرون وهو إسم قد سبق واستعمله في السابق أحد الباباوات غير المعترف بهم، وبهذه الطريقة أعلن عن عدم قانونية البابا "يوحنا الثالث والعشرون" في فترة ما بين (1410 - 1415).

ولد آنجلو في 25 تشرين الثاني 1881، في بلدة "سوتو ايل مونتيه" قرب برغام، في عائلة من القرويين البسطاء. سيم كاهناً سنة 1904، ثم عينه البابا بيوس الحادي عشر وسامه اسقفاً سنة 1925 وارسله "زائراً رسولياً" الى بلغاريا، وفي سنة 1935 اصبح الخور اسقف رونكالي رئيس اساقفة، ومفوضاً رسولياً في تركيا وفي اليونان. وسنة 1945 ارسله بيوس الثاني عشر الى باريس بصفة قاصد رسولي، وهناك قابل الجنرال ديغول رئيس الحكومة وقت ذاك، بقي في فرنسا سبع سنوات، زار خلالها كل فرنسا تقريباً، وفيها كان يهدئ النزاع بين المتخاصمين ويولد الثقة في النفوس؛ ومن اقواله: "أشكر الله اني لم اعقّد الامور بل حللت الامور المعقّدة". التقى اثناء زيارته لبلدة أميان في فرنسا، بجماعة من الفلاحين الذين احاطوا به، فقال لهم: "أنتم ابناء الحقول وانا ايضاً ابن الحقول فأهلي فلاحون مثلكم".

وفي 30 تشرين الثاني 1952 تسلم قبعة الكردينالية، في فرنسا، من يد الرئيس اوريول رئيس جمهورية فرنسا الرابعة (1947-1954) الذي قال له: "إن فرنسا ممتنة لك وتأسف لتركك اياها". فأجابه الكردينال بكل تواضع: "اتمنى ان تقول عني. كان كاهناً اميناً لكهنوته ومسالماً وبكل مناسبة نراه صديقاً مخلصاً لفرنسا". ومع الكردينالية أُعطِيَ لقب بطريرك البندقية.

ترك باريس في 23 شباط 1952 الى روما، ثم الى دير براغليا حيث اختلى مدة وبعدها دخل باحتفال الى ابرشيته في 15 آذار، حيث استقبله الجميع بكل احترام وظنّ انه سيموت في البندقية.

احتفل في بلدته بيوبيله الذهبي، سنة 1954 لمرور خمسين عاماً على سيامته الكهنوتية. كان كثير الاسفار، وقد طلبه البابا ليكرس كنيسة القديس بيوس العاشر في لورد، لم يخبئ فرحه في ذلك ولا سيما تلك السنة التي هي المئوية الاولى لظهور العذراء لبرناديت. ولم يكن احد يشك بأن هذا الكردينال ذو الابتسامة الحلوة والقلب الطيب سيكون عما قريب رأساً للكنيسة.

وهنت صحة البابا بيوس الثاني عشر وتوفي في 9 تشرين اول 1958، في حين كان الكردينال رونكالي يمضي فترة استراحة في قريته لدى اهله، يبارك اكليل احد ابناء اخوته قبل عودته الى البندقية. فذهب، بعد رجوعه الى البندقية مع نائبه المطران لورس كابوفيلا، لحضور المجمع الانتخابي.

قال اثناء المجمع قبل ان ينتخبه الكرادلة: "عندما نسحق الكبرياء تحت اقدامنا، ونضع في قلوبنا المحبة عندها نستطيع ان نقبل ما يطلبه منا الله ونحفظ السلام في قلوبنا". وما ان انتهى الاقتراع حتى كانت الاصوات كلها تقريباً تؤيّد انتخابه. فقال: ادعى يوحنا، واني اضع ذاتي تحت حماية يوحنا المعمدان ويوحنا الانجيلي، ثم تذكر ايضاً ان اباه يدعى يوحنا. وقد بقي في الباباوية كما كان قبلها ذلك الرجل العادي المتواضع البسيط.

في مساء اليوم الذي توّج فيه حبراً اعظم في 4 تشرين الثاني 1958، قال لأمين سره: "اني افكر ببلدي سوتو ايل مونته وبابي وامي".

وفي ساعة تتويجه فقد افتتح خطابه بكلمة من الكتاب المقدس، قالها يوسف الصديق عندما جاءه اخوته، وكان هو قد اصبح وزيراً للفرعون: "انا يوسف، أخاكم".

كان يقوم بمهام اسقف لروما، يزور المرضى في المستشفيات ويتحدث معهم بتلك الابتسامة الحلوة كما كان يطوف في القرى ويزور سجناء روما.

له رسالة عامة بعنوان: "امٌ ومعلمة" استقبلها العالم بأسره على غاية ما يكون من الاحترام والاجلال، أوضح فيها معالم الكنيسة بكل ابعادها والتزاماتها، والتزام كل انسان تجاه ضميره...

اما امنيته الكبيرة فهي وحدة الكنيسة، فكم كان يردد، في رسالته الاخيرة: "السلام على الارض" والتي كان لها الصدى البعيد، فهذه الرسالة اضافت اليه لقباً جديدا هو: "بابا السلام" مضافاً الى لقبه: "بابا الوحدة وبابا المجمع". بعد أن دعا الى المجمع في 11 آب 1959، وقال للمنفصلين عن روما: هيا تعالوا عودوا وخذوا اماكنكم التي كانت لآبائكم، هيا تعالوا نتلاقى معاً فالطريق مفتوح... وقابل جميع الوفود الآتية من جميع اصقاع الارض من الطوائف المنفصلة: الانكليكان والارثوذكس والبروتستانت والجميع بكل محبة.

افتتح المجمع الفاتيكاني الثاني بذاته في 11 تشرين الأول سنة 1962، وراح يتتبع الجلسة الاولى من غرفته بواسطة جهاز تلفزيون، وكان في كل ذلك يضرع الى الله الروح القدس لينير الجميع ويفتح قلوبهم الى الوحدة الشاملة.

بعد ان نال جائزة نوبل للسلام وقيمتها مليون فرنك سويسري قال: ان هذا المبلغ هو مخصص لإنشاء مكان يضم ضحايا الثورات والحروب".

قال في مرضه: "ان هذا السرير هو مذبح، والمذبح يطلب ذبيحة وها انا ذا الذبيحة". قال طبيبه كاسباريني: "كنت اسمعه يردد دائماً: لتكن مشيئة الله. ثم قال لي: ايها الطبيب، لا تهتم كثيراً لمرضي فإن حقائبي حاضرة، واني مهيّأ للسفر، ساعة يصل القطار".

وفي ليلة 30-31 ايار 1963 طلب ان يمنحوه الاسرار الاخيرة، واستقبل الكردينال كوشينياتي، الذي ناوله القربان الاقدس، بهذه الآية الداودية: "فرحت بالقائلين لي الى بيت الرب نذهب" ثم بعد تناوله القربان: صرّح بإيمانه بكل هدوء ورزانة، ثم نال المسحة الاخيرة.

مات في 3 حزيران وتمّ دفنه في كنيسة القديس بطرس حيث يرقد سلفاؤه، ليلاقي جزاء الراعي الصالح. وقد أكمل بعده البابا بولس السادس المجمع الفاتيكاني الثاني الذي اختتم بتاريخ 8 ديسمبر/كانون الأول 1965، وحضره أكثر من 2600 أسقف من مختلف أنحاء العالم. وفي 5 كانون الأوّل سنة ۱۹٦٥، رأَسَ البابا بولس السادس حفلة تطويب الأب شربل في اختتام المجمع الفاتيكاني الثّاني.

وها هو البابا يوحنا الثالث والعشرون اليوم، يُعلن قدّيسا في 27 نيسان 2014 مع البابا يوحنا بولس الثاني. رزقنا الله شفاعتهما. آمين.

 
 

ليست هناك تعليقات: