الحاكم بأمر الله وحلّ مشكلة الغلاء والفساد في لبنان الأب جورج صغبيني

الحاكم بأمر الله وحلّ مشكلة الغلاء والفساد في لبنان

بعد المظاهرات والتهديد بها في النقابات والشوارع... ونظراً للفساد المستشري في كل دوائر الدولة والمؤسسات... واحتماء المستزلمين بزعمائهم وبأحزابهم... نعود إلى حادثة في أيام الحاكم بأمر الله نذكرها لأخذ العبرة منها.

كان فى عهد الحاكم بأمر الله وبالتحديد سنة 398هـ، أن لحقت بالناس شدائد، وكان الناس فى تلك الأثناء يعانون الجوع وامتلأت نفوسهم بالغيظ بسبب الحالة التى كانوا عليها... فتجمعوا فى ساحة بين القصرين واستغاثوا بالحاكم فى أن ينظر إليهم، وسألوه أن لا يهمل أمرهم وأن يولي تلك الأزمة الخانقة كل عنايته واهتمامه... ونظير هذا الضغط الشعبى الهائل لم يملك الحاكم بأمر الله إلا أن يركب حماره ويخرج إلى الناس قائلا: أنا ماضٍ إلى جامع راشدة وأقسم بالله لئن عدت فوجدت فى الطريق موضعًا يطؤه حمارى مكشوفا من الغلة لأضربنّ رقبة كل من يقال لي إن عنده شيئا منها ولأحرقنّ داره وأنهبنّ ماله".
وبعد أن عاد الحاكم، آخر النهار، وجد أن الغلال والحبوب قد حملت من البيوت وألقيت فى الطرقات بشكل منظم... فأمر الحاكم بأن يأخذ كل واحد من الناس بقدر ما يحتاج فى اليوم على أن يكون الدفع مؤجلا وبفائدة بسيطة للغاية... وفرض الحاكم ذلك على أصحاب الغلال وخيَّرهم فى أن يبيعوا بالسعر الذى يقرره هو بما فيه الفائدة المحتملة لهم، وبين أن يمتنعوا فيختم على غلاتهم ولا يمكِّنهم من بيع شىء منها إلى حين دخول الغلة الجديدة فاستجابوا لقوله وأطاعوا أمره كارهين، فارتفع الضرر ومرت الأزمة.