2014/05/05

خاتمة كتاب دير ومدرسة مار الياس الكحلونية الأب جورج صغبيني


الخاتمة

إن الرهبانية اللبنانية المارونية جعلت نصب عينيها أن مسيرتها مع شعبها لا تقوم على التغنّي بأمجاد الماضي ولا بالتغافل عن الأخطاء التي حصلت بل بالاستفادة من الماضي لوضع برنامج مستقبلي لإعادة النهضة في الرهبانية روحياً وتربوياً واقتصادياً ومالياً وزراعياً واجتماعياً ... على جميع الصعد في كافة أديار الرهبانية في لبنان وبلاد الإغتراب.

والرهبانية العائدة الى بلدة الكحلونية كما عادت الى سائر الأديار الشوفيّة وكأنّها آتية للمرّة الأولى لتبني ما تهدّم وتزرع ما قُطِع وتفلح ما بار وتلملم شمل من هرب من قساوة الاجتياح والدمار.
ولتصلي على من مات شهيد إيمانه وأرضه ووطنه.
إلى بلدة الكحلونية تعود الرهبانية لتعيد معها أبناء القرى المجاورة إلى الدير محور البلدة وقرى الجوار، وتفتح أبواب المدرسة لتجمع الأطفال في بوتقة روحانية الدير وثقافة العلم الحديث، ولبناء الكنيسة لتعمّد وتوزع فيها الأسرار وتُزوّج وترافق منها الراحلين إلى مقرّهم الأخير، وتعود أيضا لبناء الدير ليعود إليه جمهور الرهبان فتنهض الحركة الراعوية والرسولية، وتخضّر الأرض من جنى عمل الأيدي وعرق الجبين، ويعود للدير دوره في محيطه.
وإن كانت العودة إلى البلدات المجاورة لدير مار الياس خجولة إلاّ أنّها ستتحقق بفضل مساعي الرهبان القائمين على الدير وأبناء بلدات الكحلونية وحارة حمزة وراس الحرف وعين موفق وقتالة والعبادية وكلّ قرى منطقة بحمدون وبعلشميه، إذ بدون هؤلاء لا معنى لوجود الدير وإعادة بنائه، وبدون عودة الرهبان إلى الدير لا طمأنينة لهؤلاء بالعودة إلى المجهول.
فالرهبانية عبر تاريخها كانت، وستبقى اليوم، علامة الزمن لشعبها ومحيطها وكلّما أسرعت في العودة الى دير مار الياس الكحلونية بنهضة عمرانية تربوية روحية تَعْمُر المنطقة من حول الدير مع الأمل بتخطيط لا يقوم على الأفراد بل على القيّمين على السلطة في الرهبانية. ضمن سياسة راعية مبرمجة وواعية فاعلة على جميع الأصعدة ليتمكّن دير مار الياس بدوره أن يقدم الخدمات على أنواعها لمحيطه كما هو حال كلّ دير من أديار الرهبانية.
فالرهبان الذين جعلوا من دير الكحلونية في الزمن الغابر محطة انطلاقة الى جميع القرى المجاورة في حمانا وراس المتن والشبانية وبحمدون والعبادية...
هل يعودون اليوم لينشروا من جديد من الدير الذي بنى جميع المدارس والأديار من حوله في المنطقة...
أو سيبقى دير مار الياس في فترة هروب الى ضفاف نهر كَرِيت يقتات من فضلات غراب وينام في العراء ويلتحف القلق مع انحباس السماء من النعم الى يوم يشاء الله؟

ليست هناك تعليقات: