2014/05/17

معبد ومزار سيدة لبنان حرصا الأب جورج صغبيني


سيدة لبنان حرصا

بدأت كنائس لبنان منذ عام 1908، تحتفل رسميّا بعيد سيّدة لبنان، في الأحد الأول من شهر آيار. وكان ذلك يوم تمّ قيام تمثال العذراء مريم فوق معبد جديد على تلة حريصا.
كانت فكرة التأسيس عام 1904 عندما احتفلت الكنيسة الجامعة باليوبيل الخمسيسني لإعلان البابا بيوس التاسع عقيدة الحبل بلا دنس (8 كانون الأول 1854). حيث فكر البطريرك الماروني مار الياس الحويك والقاصد الرسولي في لبنان وسوريا المطران كارلوس دوفال بانشاء أثر دينيٍ يخلّد ذكرى عقيدة الحبل بلا دنس، ومحبة شعب لبنان لـمريم على مر الأجيال.
وأطلقا لقب "سيدة لبنان على تلة حريصا التي كان فيها معبد على إسم سيدة حريصا، قد بناه بعض النازحين من منطقة تنورين تيمنا بسيدة حريصا التي كانوا يُكرّمونها في جرود تنورين، أقامه أجدادهم بين الجنائن ليحتفل المزارعون يوم الأحد بالقداس فيه في مواسم الصيف.
أما تمثال العذراء فهو من صنع فرنسا، من البرونز المسكوب طوله ثمانية أمتار ونصف، ويزن خمسة عشر طنًا. وهو فريد في جماله. وقاعدة التمثال مبنية من الحجر الطبيعي. علوها عشرون مترا، محيطها الأسفل أربعة وستون مترا، والأعلى إثنا عشر مترا. أما الصعود إلى قمتها، فيتم على درج لولبي من مائة وأربع درجات.
وقد تمّ إنجاز المعبد الصغير مع التمثال في أواخر عام 1907، على يد إبراهيم مخلوف من عين الريحانة، تحت إشراف رئيس عام جمعية المرسلين اللبنانيين الأب شكرالله خوري (مطران صور فيما بعد).
ومع إطلالة الأحد الأول مـن ايّار سنة 1908 بدأت الوفود تتقاطر بأعلامها وأخوياتها من كل أنحاء لبنان. وبدأ الإحتفال بمباركة القاصد الرسولـي فريديانو جيانيني لبناء المعبد والتمثال. ثم احتفل غبطة البطريرك بالقداس الحبّري يعاونه الأساقفة والكهنة، وناب عن متصرف جبل لبنان بربر الخازن أمير الجند اللبناني. واختتم الاحتفال بزياح أيقونة سيّدة لبنان فـي ساحة المعبد. وأعلن غبطته الأحد الأول من أيار عيداً سنويا لسيدة لبنان.
وأسندت خدمة معبد سيّدة لبنان وإدارته إلـى جمعيّة الـمرسلين اللبنانيين وتمّ التسليم الرسمي في دار القصـادة الرسولية فـي حريصـا, فـي الثالث من أيار سنة 1908. وذلك بشخص الرئيس العام أنذاك الاب يوسف مـبارك ومنذ أن تسلّـمت جـمعيّة الـمرسلين اللبنانيين الـموارنة إدارة الـمعبد، قامت فعلاً بإنشاءات عديدة بعد شراء عقارات قريبة اليه وأوصلته إلـى حالته الحاضـرة كمزار لبنانـي وعالـمي.

محجّا مقدّساً ومزاراً عالـمياً
الـمؤمنون يتهـافـتون من لبنان وسوريـا والأردن وفلسطين ومصر وإيران ومن البلدان الأوروبية والأميركية وغيرها مطوّبين إسمها طول الأجيال. وإن إسم "سـيدة لبنان" وتمثالها نقله المغتربون اللبنانيون إلى بلاد الإغتراب وسمّوا الكنائس والشوارع على إسمها.
وأهم الأحداث التي مرّت على مزار "سـيدة لبنان" كان اليوبيل الخمسيني لتشييده سنة 1954. وهي الذكرى الـمئوية لتحديد عقيدة الحبل بلا دنس. وفي هذا اليوبيل مثّل البابا بيوس الثاني عشر نيافة الكردينال أنجلو رونكلي الذي أصبح البابا القديس يوحنا الثالث والعشرين. كما وزار البابا القديس يوحنا بولس الثاني لبنان في 10 و 11 أيار 1997 لتسليم الإرشاد الرسولي المنبثق عن السينودوس "رجاء جديد من أجل لبنان". في بازيليك سيدة لبنان. وزار البابا بنديكتوس السادس عشر لبنان من 14 ولغاية 16 أيلول/ سبتمبر 2012. حيث وقّع في بازيليك القديس بولس في حريصا الإرشاد الرسولي من أجل الشرق الأوسط بعنوان: "الكنيسة الكاثوليكية في الشرق الأوسط، شركة وشهادة".
ومع إزدياد توافد الناس إلـى هذا الـمزار خصوصاً في شهر اّيار، عـمدَ القيّمون على إدارة الـمعبد إلى شراء مساحة من الأراضي الـمجاورة لبناء بازليك تتسع لألوف المؤمنين.
وقد وضع حجر الأساس للبناء الجديد البطريرك بولس الـمعوشي في 15 آب 1970، بعدما تمَّ اختيار تصميم البازيليك الـمهندس بيار فؤاد الخوري. حضر الاحتفال آنذاك رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والسفير البابوي وعدد كبير من الوزراء والنواب وأعيان البلاد وشعب غفير من كلّ لبنان. وتولّت جمعية المرسلين اللبنانيين الـموارنة الإشراف على الاعمال بشخص رئيسها العام الأب ساسين زيدان ومن بعده سنة 1971 خلفه الأب يوسف العنداري.
شيّد هذه المعبد بمعونة العذراء وبمساهمة الـمؤمنين ومنذ سنة 1990 بوشرت فيه الاحتفالات الدينية وهو يتسع لأربعة آلاف مؤمن يمكنهم الجلوس ومشاهدة تمثال العذراء من خلال واجهة زجاجيّة عرضها 20 متراً وعلوها 42 متراً. أمّا ارتفاع قبة الأجراس فيبلغ 62 متراً.
مزار العذراء مريم في سيّدة لبنان حريصا هو محجّة للمؤمنين من كلّ الطوائف والأديان يقصده اللبنانيون طيلة أيام السنة وخاصة قي أيام شهر أيار المبارك للصلاة من أجل لبنان والسلام في العالم وأصبح المقام محجّة وطنية بعد إعلان عيد بشارة سيدتنا مريم العذراء عيدا وطنيا في 25 آذار من كلّ عام.
صلاة العذراء سيدة لبنان تكون معنا جميعا. آمين.

تمثال سيدة لبنان في منطقة ليمنغتون Leamington أونتاريو Ontario في كندا شبيه بتمثال سيدة لبنان في حريصا.

ومعبد سيدة لبنان في منطقة حريصا بين الماضي واليوم
(‏5‏ صور)

ليست هناك تعليقات: